سعد الحوطي لـ «الشرق الأوسط» : لا توجد «خلطة سرية» لتفوق الكويت في كأس الخليج

النجم الكبير قال إن «تصريحات فهد الأحمد» كانت محفزاً معنوياً هائلاً للأزرق

منتخب الكويت في السبعينات والثمانينات كان بطلاً لا يُجارى (أرشيفية)
منتخب الكويت في السبعينات والثمانينات كان بطلاً لا يُجارى (أرشيفية)
TT

سعد الحوطي لـ «الشرق الأوسط» : لا توجد «خلطة سرية» لتفوق الكويت في كأس الخليج

منتخب الكويت في السبعينات والثمانينات كان بطلاً لا يُجارى (أرشيفية)
منتخب الكويت في السبعينات والثمانينات كان بطلاً لا يُجارى (أرشيفية)

كشف سعد الحوطي نجم منتخب الكويت في السبعينات والثمانينات الميلادية السابقة أنه لا توجد أي «أسرار» وراء التفوق الكبير لمنتخب بلاده في بطولات كأس الخليج، مبينا أن هناك جوانب تتعلق بالجانب النفسي أكثر من الجانب الفني في الكثير من الأحيان، وهذا ما جعل البطولة تشهد تفوقا كويتيا كبيرا في البطولات الماضية.
وبين أن المنتخب الأزرق لم يكن ضعيفا في البطولات التي حققها، بل إنه كان يملك مجموعة كبيرة من اللاعبين المميزين والموهوبين على العكس في السنوات الأخيرة، حيث تراجعت المواهب والكمية من اللاعبين القادرين على صنع منجز جديد، وهذا ما يجعل المنتخب الحالي حظوظه أقل في الفوز بالنسخة المقبلة المقررة في البصرة العراقية بعد أيام معدودة.
وشدد على أن «التصريحات المثيرة» التي عادة ما يطلقها الراحلان الشيخ الشهيد فهد الأحمد والشيخ عيسى بن راشد، ومنها الحديث أنه لا يمكن أن يتفوق أحد على الكويت في هذه البطولة إلا في حال تحولت الكرة إلى «مربعة» وهذا مستحيل حصوله، هو جانب من الدعم المعنوي للكويت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وتذكر الحوطي المرة الأولى التي نجح فيها المنتخب الكويتي من امتلاك كأس الخليج بعد إحراز لقب البطولة الثالثة التي أقيمت في الكويت أيضا، وكان الفوز فيها كبيرا على المنتخب السعودي برباعية في النسخة الثالثة، مشيرا إلى أنه كان موجودا ضمن ذلك المنتخب الذي حقق ذلك المنجز.

منتخب الكويت يتدرب تحت زخات المطر في إطار التحضيرات لكأس الخليج (موقع الاتحاد الكويتي الرسمي)

وتحدث الحوطي عن العديد من الأمور التي تخص بطولات الخليج ماضيها ومستقبلها في ثنايا هذا الحوار مع «الشرق الأوسط»:
> بداية كيف ترى بطولات الخليج؟ وما أسباب التفوق الكويتي الكبير فيها وتحقيق رقم قياسي قد يستحيل كسره على المدى القريب؟
- بكل تأكيد بطولات الخليج من البطولات التي لا ترتبط فقط بالجانب الفني، بل إنها لتقوية العلاقات وتعزيز الأخوة والترابط بين الأشقاء... وأنا أعتقد أن بطولة الخليج هي أساس كل البطولات لمنتخبات هذه المنطقة في الخليج العربي، ولذا أرى أن هذه البطولة مهمة وقيمة من كافة النواحي، وساهمت بشكل مؤكد في تطور الكرة الخليجية، والرفع من قيمة المنتخبات وتحقيقها أفضل المنجزات على الصعيدين القاري والدولي.
> لكن هناك من يرى أن هذه البطولة لم تعد لها أي قيمة من الناحية الفنية على الأقل، بل إنها تزيد الأعباء على الروزنامة لبعض المنتخبات التي باتت تشارك منتخباتها وأنديتها بشكل كبير على الصعيدين القاري والدولي… هل توافق هذا الرأي؟
- لا أبدا لا أوافق... بطولات الخليج هي الأساس الذي تقوم عليه الكرة الخليجية، هناك في السبعينات لم تكن أي بطولات ومنجزات للمنتخبات الخليجية فتم إيجاد هذه البطولة من أجل تنظيم المنافسات الكروية وتعزيز أواصر الأخوة والمحبة بين الأشقاء، وكان لهذه البطولة دور كبير في تطور المنتخبات والوصول إلى المنافسة في البطولات القارية والتأهل لكأس العالم أيضا ومن بينها المنتخب الكويتي وأيضا المنتخب العراقي وكذلك الإماراتي وحتى السعودي، وبقي لهذه البطولة فضل مثل المساهمة بشكل مباشر في بناء وتشييد المنشآت الرياضية، وتطور المنتخبات من الجانب الفني، والكثير من الأمور التي تجعل لبطولة الخليج قيمة عالية كانت ولا تزال وستبقى.
* ما سر التفوق الكويتي في هذه البطولة حيث يحمل الأزرق الرقم القياسي في عدد الكؤوس «10 ألقاب»... هل هناك «خلطة سرية كويتية» كما أكد ذلك عدد من المسؤولين في الكويت والخليج؟
- الجانب الفني والنفسي له الدور الأكبر في التفوق الكويتي، لا توجد «خلطة سرية» ولا غيرها، ما يقال في هذا الجانب وخصوصا «التصريحات الرنانة» والمثيرة للجدل من قبل الشهيد فهد الأحمد أو الشيخ عيسى بن راشد رحمهما الله لا تعدو كونها مجرد تصريحات، وفي الحقيقة التفوق الكويتي كان فنيا ونفسيا، وتتحكم فيه أمور عدة، ومن بينها وفرة الأسماء البارزة في الكويت، ولذا كان التفوق الكويتي الكبير.

سعد الحوطي من ألمع نجوم الكرة الخليجية (الموقع الرسمي لسعد الحوطي)

وأعتقد أن بطولات الخليج لا تتعلق بالتفوق الفني فقط، بل الجانب النفسي له دور فعال، ففي بعض البطولات شارك المنتخب الكويتي ولم يكن في كامل الاستعدادات قياسا بباقي المنتخبات، ولكنه في النهاية حقق اللقب، وهذا حصل في أكثر من نسخة.
أرى أن بطولة الخليج لها جوانب عديدة تتعلق بها وتساعد على التفوق، ومن بينها بكل تأكيد الجانب الفني، وهذا حضر فعليا في بعض النسخ، حيث كان الأفضل فنيا هو من يكسب.
> الكرة الكويتية تمر بمصاعب عديدة في العقد الأخير ولا تشارك كثيرا على المستويين القاري والدولي، وقد تقتصر المشاركات على البطولة الخليجية، هل تعتقد أن الجيل الحالي من اللاعبين قادر على تعزيز هذا التفوق من خلال الفوز بالبطولة التي ستقام في البصرة؟
- نعم صحيح الكرة الكويتية تمر بالعديد من المصاعب في السنوات الأخيرة، والمنتخب الحالي قد يفقد جوانب عديدة لكي يتفوق، ومن بينها الجانب المتعلق باللاعبين ووفرة الأسماء البارزة واللاعبين الصاعدين من الفئات السنية وحتى في جوانب إدارية، ولا أرى أنه مهيأ للمنافسة بقوة على حصد اللقب، ولكن أتمنى أن يكون لهذا المنتخب بصمة واضحة في النسخة القادمة.
> لك صولات وجولات مع المنتخبات الكويتية التي شاركت في بطولات الخليج والبطولات القارية والدولية… ما أهم الذكريات والأهداف التي لا تزال عالقة في ذهنك كلما كان الحديث عن بطولات الخليج؟
- فعلا كانت ذكريات جميلة، ولا يمكن أن تغادر الذاكرة، ومن أبرزها هدف جاسم يعقوب على العراق في النسخة الرابعة، وهذا الهدف لا يمكن أن تغادره الذاكرة لقيمته الكبيرة والجمال الذي سجل به الهدف، وكان هذا الفوز المهم أيضا سببا في المحافظة على اللقب بعد تنافس كبير.
> في البطولة القادمة هناك عودة للبطولة للعراق بعد غياب طويل، هل تعتقد أن المنافسة ستكون أكبر بين المنتخبات أم أن المنتخب العراقي المستضيف سيكون المرشح الأقرب للفوز باللقب واستغلال عاملي الأرض والجمهور عدا كونه يضم أسماء بارزة في صفوفه؟
- أعتقد أن المنتخب العراقي بناء على الظروف المذكورة سيكون الأقرب، ولكن هناك منافسة ستحضر بكل تأكيد من المنتخب السعودي وإن كانت النية في المشاركة بالمنتخب الرديف، ولكن السعودية تضم عددا كبيرا من المواهب والأسماء القادرة على تقديم أفضل صورة فنية والمنافسة على اللقب، وهذا ما حصل في النسخة الماضية حينما وصل للنهائي بالمنتخب الرديف وخسر أمام منتخب البحرين الذي توج للمرة الأولى باللقب.
كما أن المنتخب القطري العائد من المشاركة الأولى في كأس العالم التي اختتمت في قطر الشقيقة مؤخرا، وإن كان لن يشارك بالفريق الأساسي، ولكن لديه أسماء من اللاعبين الذين يسعون لإثبات جدارتهم قبل دخول معترك المنافسة على المحافظة على اللقب القاري في النسخة القادمة التي ستقام بعد أشهر في الدوحة كذلك.
هناك منتخبات خليجية أخرى مستقرة مثل البحرين وعمان وحتى الإمارات قد تنافس، ولذا لا أعتقد أن البطولة ستكون سهلة على أي منتخب.
> كلمة أخيرة تود قولها؟
- أتمنى أن تحقق البطولة القادمة المزيد من الأهداف، وأن تشهد حضورا جماهيريا كبيرا، وتكون كل الأمور مهيأة من أجل أن تحقق بطولة «خليجي 25» النجاح المنشود.


مقالات ذات صلة

مانشيني لـ«الشرق الأوسط»: الأخضر سيذهب إلى الكويت بالأساسيين للفوز بكأس الخليج

رياضة سعودية الإيطالي روبرتو مانشيني المدير الفني للمنتخب السعودي في المؤتمر الصحافي (الشرق الأوسط)

مانشيني لـ«الشرق الأوسط»: الأخضر سيذهب إلى الكويت بالأساسيين للفوز بكأس الخليج

كشف روبرتو مانشيني المدير الفني للمنتخب السعودي أنه سيبحث عن تحقيق كأس الخليج العربي لكرة القدم «خليجي 26» التي ستقام في الكويت ديسمبر (كانون الأول) المقبل

سلطان الصبحي (الرياض )
رياضة عربية لوغو كأس الأندية الخليجية (الشرق الأوسط)

كأس الخليج للأندية تعود للواجهة من جديد بعد توقف 9 أعوام

ستعود منافسات كأس الأندية الخليجية لكرة القدم للواجهة من جديد بعد توقف دام نحو 9 سنوات.

سعد السبيعي (الدمام)
رياضة عربية الاتحاد الكويتي لم يوضح أي سبب للتأجيل (منصة إكس)

تأجيل انطلاق «خليجي 26» في الكويت 8 أيام

أعلن الاتحاد الكويتي لكرة القدم، اليوم (الثلاثاء)، تأجيل انطلاق كأس الخليج «خليجي 26» لمدة 8 أيام، لتبدأ في 21 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة عربية العراق هو البديل للكويت في حال تعذر الاستضافة لأي سبب (غيتي)

«خليجي 26» بالكويت ديسمبر المقبل... والعراق «البديل»

أكد اتحاد كأس الخليج العربي أن النسخة المقبلة من البطولة (خليجي 26) ستقام في الكويت كما تقرر سابقا، بينما سيكون العراق هو البديل في حال تعذر ذلك لأي سبب.

رياضة عربية بنيتو (د.ب.أ)

البرتغالي بينتو مدرباً لمنتخب الإمارات

قال الاتحاد الإماراتي لكرة القدم إنه تعاقد مع البرتغالي باولو بينتو لتدريب المنتخب الأول بعقد يمتد لثلاثة أعوام اليوم (الأحد).

«الشرق الأوسط» (دبي)

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
TT

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)

حققت الأفغانية مانيزها تالاش حلمها بالأداء خلال مسابقات «أولمبياد باريس 2024» المقامة في العاصمة الفرنسية، ضمن فريق اللاجئين، بعد هروبها من قبضة «طالبان».

وترقص تالاش (21 عاماً) «بريك دانس»، وكانت أول راقصة معروفة في موطنها الأصلي (أفغانستان)، لكنها فرَّت من البلاد بعد عودة «طالبان» إلى السلطة في عام 2021. ومع ظهور رقص «البريك دانس» لأول مرة في الألعاب الأولمبية في باريس، ستصعد تالاش إلى المسرح العالمي لتؤدي ما هي شغوفة به.

وتقول تالاش في مقابلة أُجريت معها باللغة الإسبانية: «أنا أفعل ذلك من أجلي، من أجل حياتي. أفعل ذلك للتعبير عن نفسي، ولأنسى كل ما يحدث إذا كنت بحاجة إلى ذلك»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

ترقص تالاش «بريك دانس» وهي في عمر السابعة عشرة (حسابها الشخصي - إنستغرام)

شبح «طالبان»

يرفض العديد من الأفغان المحافظين الرقص، وفكرة مشاركة النساء محظورة بشكل خاص. وفي ظل حكم «طالبان»، مُنعت النساء الأفغانيات فعلياً من ممارسة العديد من الأنشطة الرياضية. منذ عودة الجماعة إلى السلطة قبل 3 سنوات، أغلقت الحكومة مدارس البنات، وقمعت التعبير الثقافي والفني، وفرضت قيوداً على السفر على النساء، وحدَّت من وصولهن إلى المتنزهات وصالات الألعاب الرياضية.

مقاتل من «طالبان» يحرس نساء خلال تلقي الحصص الغذائية التي توزعها مجموعة مساعدات إنسانية في كابل (أ.ب)

وقال تقرير للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان هذا العام إن «عدم احترام (طالبان) للحقوق الأساسية للنساء والفتيات لا مثيل له في العالم». منذ اليوم الذي بدأت فيه تالاش الرقص، قبل 4 سنوات، واجهت العديد من الانتقادات والتهديدات من أفراد المجتمع والجيران وبعض أفراد الأسرة. وقالت إنها علمت بأنها إذا أرادت الاستمرار في الرقص، فليس لديها خيار إلا الهروب، وقالت: «كنت بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة».

فريق اللاجئين

سيضم الفريق الذي ظهر لأول مرة في ألعاب «ريو دي جانيرو 2016»، هذا العام، 36 رياضياً من 11 دولة مختلفة، 5 منهم في الأصل من أفغانستان. وسيتنافسون تحت عَلَم خاص يحتوي على شعار بقلب محاط بأسهم، للإشارة إلى «التجربة المشتركة لرحلاتهم»، وستبدأ الأولمبياد من 26 يوليو (تموز) الحالي إلى 11 أغسطس (آب). بالنسبة لتالاش، التي هاجرت إلى إسبانيا، تمثل هذه الألعاب الأولمبية فرصة للرقص بحرية، لتكون بمثابة رمز الأمل للفتيات والنساء في أفغانستان، ولإرسال رسالة أوسع إلى بقية العالم.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

وفي فبراير (شباط) الماضي، تدخلت صديقة أميركية لتالاش، تُدعي جواركو، بالتقديم إلى عناوين البريد الإلكتروني الأولمبي لمشاركة الفتاة الأفغانية، وفي اليوم التالي، تلقت رداً واحداً من مدير فريق اللاجئين الأولمبي، غونزالو باريو. وكان قد تم إعداد فريق اللاجئين المتوجّه إلى باريس، لكن المسؤولين الأولمبيين تأثروا بقصة تالاش وسارعوا إلى تنسيق الموارد. وافقت اللجنة الأولمبية الإسبانية على الإشراف على تدريبها، وكان المدربون في مدريد حريصين على التطوع بوقتهم.

وقال ديفيد فينتو، المدير الفني للمنتخب الإسباني: «شعرت بأنه يتعين علينا بذل كل ما في وسعنا. في شهر مارس (آذار)، حصلت تالاش على منحة دراسية، مما سمح لها بالانتقال إلى مدريد والتركيز على الاستراحة. وبعد بضعة أسابيع فقط، وصلت الأخبار بأنها ستتنافس في الألعاب الأولمبية». يتذكر جواركو: «لقد انفجرت في البكاء، وكانت تبتسم».

وقالت تالاش: "كنت أبكي بدموع الفرح والخوف".وجزء من مهمة الألعاب الأولمبية المعلنة هو "دعم تعزيز المرأة في الرياضة على جميع المستويات" وتشجيع "مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة". ولهذا السبب، كانت العلاقة بين الحركة الأولمبية وأفغانستان مشحونة منذ فترة طويلة. وقامت اللجنة الأولمبية الدولية بتعليق عمل اللجنة الأولمبية في البلاد في عام 1999، وتم منع أفغانستان من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني.

شغفها حقق هدفها

لم يغِب عن تالاش أن موسيقى «البريك» و«الهيب هوب»، المحظورة في موطنها، أعطتها هدفاً لحياتها، وساعدت أيضاً في إنقاذ عائلتها. وقالت: «هذا أكبر بكثير من أي حلم حلمت به من قبل أو حتى يمكن أن أفكر فيه»، مضيفة: «إذا قالت (طالبان) إنها ستغادر في الصباح، فسوف أعود إلى منزلي بعد الظهر».

ويحكي جواد سيزداه، صديق تالاش وزعيم مجتمع «الهيب هوب» في كابل: «إذا سألت الأجانب عن أفغانستان، فإن الشيء الوحيد الذي يتخيلونه هو الحرب والبنادق والمباني القديمة. لكن لا، أفغانستان ليست كذلك». وأضاف: «أفغانستان هي تالاش التي لا تنكسر. أفغانستان هي التي أقدم فيها بموسيقى الراب، ليست الحرب في أفغانستان وحدها».

وعندما كانت تالاش في السابعة عشرة من عمرها، عثرت على مقطع فيديو على «فيسبوك» لشاب يرقص «بريك دانس» ويدور على رأسه، في مشهد لم يسبق لها أن رأت شيئاً مثله. وقالت: «في البداية، اعتقدت أنه من غير القانوني القيام بهذا النوع من الأشياء». ثم بدأت تالاش بمشاهدة المزيد من مقاطع الفيديو، وأصابها الذهول من قلة الراقصات. وأوضحت: «قلتُ على الفور: سأفعل ذلك. أنا سوف أتعلم».

وقامت بالتواصل مع الشاب الموجود في الفيديو (صديقها سيزداه) الذي شجعها على زيارة النادي المحلي الذي تدرب فيه، والذي كانت لديه محاولة لتنمية مجتمع «الهيب هوب» في كابل، ولجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة جميع الأعمار والأجناس للرقص وموسيقى الراب. كان هناك 55 فتى يتدربون هناك. كانت تالاش الفتاة الأولى.

وقال سيزداه (25 عاماً): «إذا رقص صبي، فهذا أمر سيئ في أفغانستان وكابل. وعندما ترقص فتاة، يكون الأمر أسوأ. إنه أمر خطير جداً. رقص الفتاة أمر غير مقبول في هذا المجتمع. لا توجد إمكانية لذلك.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

كنا نحاول أن نجعل الأمر طبيعياً، لكنه كان صعباً للغاية. لا يمكننا أن نفعل ذلك في الشارع. لا يمكننا أن نفعل ذلك، كما تعلمون، في مكان عام»، وفقا لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

كانت تالاش أول فتاة تنضم إلى نادي الرقص «Superiors Crew» في كابل.

تهديدات بالقتل

بعد استيلاء «طالبان» على السلطة، فرَّ أعضاء النادي إلى باكستان. وفي أحد الأحداث الجماعية الأولى للفريق في النادي الصغير، انفجرت سيارة مفخخة في مكان قريب. ووقعت إصابات في الشارع، لكن الراقصين بالداخل لم يُصابوا بأذى. ومع انتشار أخبار بأن تالاش كانت ترقص، بدأت تتلقى تهديدات بالقتل.

مقاتل من «طالبان» يقف في الحراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل يوم 26 ديسمبر 2022... وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المزدادة على حقوق المرأة بأفغانستان (أ.ب)

كان من المفترض أن يكون النادي مكاناً آمناً، ولكن في أحد الأيام دخل رجل مدعياً أنه راقص يريد التعلم. وبدا مريباً لباقي الأعضاء، ووفقاً لتالاش وسيزداه، سرعان ما داهمت قوات إنفاذ القانون النادي، وألقت القبض على الرجل الذي كان يحمل قنبلة. قال سيزده: «إنهم قالوا إنه عضو في (داعش). لقد أراد فقط أن يفجِّر نفسه».

رحلة الهروب للنجاة!

وبعد بضعة أشهر من الواقعة، غادرت قوات «حلف شمال الأطلسي» والجيش الأميركي أفغانستان، وعادت «طالبان» إلى السلطة في 2021، وقال سيزداه إن مالك العقار اتصل به وحذره من العودة، وإن الناس كانوا يبحثون عن أعضاء الفريق، وقال سيزداه: «هناك أسباب كثيرة» للمغادرة. «الأول هو إنقاذ حياتك».

وقام العشرات من أعضاء نادي «الهيب هوب» بتجميع ما في وسعهم وتحميلهم في 3 سيارات متجهة إلى باكستان. أخذت تالاش شقيقها البالغ من العمر 12 عاماً، وودعت والدتها وأختها الصغرى وأخاً آخر.

وقالت تالاش: «لم أكن خائفة، لكنني أدركت أنني بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة. كان هذا مهماً بالنسبة لي. لم أغادر قط لأنني كنت خائفة من (طالبان)، أو لأنني لم أتمكن من العيش في أفغانستان، بل لأفعل شيئاً، لأظهر للنساء أننا قادرون على القيام بذلك؛ أنه ممكن». اضطرت تالاش إلى ترك والدتها في أفغانستان، وتحقق الحلم الأولمبي ولم شمل الأسرة.

لمدة عام تقريباً، عاشوا بشكل غير قانوني في باكستان دون جوازات سفر وأمل متضائل. لم يشعروا بالأمان في الأماكن العامة، لذلك قضى 22 شخصاً معظم اليوم محشورين معاً في شقة. لم يكن هناك تدريب أو رقص. تلقت تالاش كلمة مفادها أن مسؤولي «طالبان» اتصلوا بوالدتها في كابل للاستفسار عن مكان وجود الفتاة الصغيرة. وقالت: «أحياناً أتمنى أن أنسى كل ذلك»، ثم تواصل أعضاء نادي «الهيب هوب» مع السفارات ومجموعات المناصرة والمنظمات غير الحكومية للحصول على المساعدة. وأخيراً، وبمساعدة منظمة إسبانية للاجئين تدعى People HELP، تم منحهم حق اللجوء في إسبانيا.

انقسم الفريق، وتم نقل تالاش وشقيقها إلى هويسكا، وهي بلدة صغيرة في شمال شرقي إسبانيا. كانت لديها وظيفة تنظيف في صالون محلي، ورغم عدم وجود استوديو أو نادٍ مخصص للاستراحة، فقد وجدت صالة ألعاب رياضية تسمح لها بالرقص بعد ساعات العمل. بعد سنوات من الانفصال، تم لم شمل تالاش وعائلتها أخيراً حيث يعيشون الآن في نزل للاجئين بمدريد.