السلطات القضائية الفرنسية ترفض وصف عملية القتل الثلاثية ﺑ«الإرهابية»

الجالية الكردية حاولت الضغط عليها لكنها فشلت

احتجاج في باريس أمس على اغتيال 3 أكراد بفرنسا يوم الجمعة رفع فيه المشاركون صور الضحايا (د.ب.أ)
احتجاج في باريس أمس على اغتيال 3 أكراد بفرنسا يوم الجمعة رفع فيه المشاركون صور الضحايا (د.ب.أ)
TT

السلطات القضائية الفرنسية ترفض وصف عملية القتل الثلاثية ﺑ«الإرهابية»

احتجاج في باريس أمس على اغتيال 3 أكراد بفرنسا يوم الجمعة رفع فيه المشاركون صور الضحايا (د.ب.أ)
احتجاج في باريس أمس على اغتيال 3 أكراد بفرنسا يوم الجمعة رفع فيه المشاركون صور الضحايا (د.ب.أ)

لم تنجح الضغوط التي مارستها الجالية الكردية في فرنسا وعدد من السياسيين المصنفين إلى يسار الخريطة السياسية في دفع القضاء الفرنسي إلى توصيف عملية قتل 3 أكراد، وجرح 3 آخرين أحدهم في حال الخطر، بأنها عملية «إرهابية» وليست عملية قتل مردها فقط الكراهية العنصرية... فلا النيابة العامة ولا قاضي التحقيق؛ الذي مثل أمامه أمس الجاني «ويليام.م»، قبلا الحجج التي ساقها مسؤولو الجالية الكردية.
كذلك؛ فإن وزير العدل إريك دوبون موريتي، الذي استقبل وفداً من «المجلس الديمقراطي الكردستاني» للحديث باسم الجالية الكردية، لم يتجاوب مع طلبه، متذرعاً بحجة أساسية وهي أن القضاء في فرنسا «مستقل»، وبالتالي ليست لديه القدرة على التأثير عليه. وترك دوبون موريتي الباب مفتوحاً أمام إمكانية حدوث تغير لاحقاً؛ لأن التحقيق مع الجاني لم ينته بعد، وستكون مهمة المحققين من الشرطة الجنائية، تحت إشراف قاضي التحقيق، أن يلقوا كامل الضوء على خلفيات عملية القتل الجماعي التي تذكر بما أصاب هذه الجالية قبل 10 سنوات.
ففي 9 يناير (كانون الثاني) عام 2013، وقعت عملية اغتيال 3 مناضلات كرديات داخل «مركز الإعلام الكردي» في شارع «لافاييت» بـ«الدائرة العاشرة» من باريس، وعلى بعد مئات الأمتار من مكان مقتلة الجمعة الماضي. والجاني كان اسمه عمر غونيه، وهو رجل تركي الجنسية توفي في السجن قبل شهر واحد من انطلاق محاكمته.
وخلال التحقيق، برزت مؤشرات ودلائل ترجح دوراً للمخابرات التركية في التخطيط لعملية الاغتيال الثلاثية التي وقعت في وضح النهار. وإلى جانب وظيفته عامل تنظيف في «مطار رواسي - شارل ديغول»، كان غونيه يعمل سائقاً للنساء الثلاث اللاتي اغتالهن؛ وأبرزهن ساكين كنزيس، وهي مناضلة تركية معروفة ورفيقة درب عبد الله أوجلان زعيم «حزب العمال الكردستاني» غير المنازع، الذي يعدّه الاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.
ولأن الأمر على هذا النحو؛ فإن الجالية الكردية تنظر إلى ما حدث يوم الجمعة الماضي على أنه «اغتيال سياسي»، وترى وجود رابط بين العمليتين؛ الأمر الذي دفع بها إلى تنظيم «مسيرة بيضاء» أمس (الاثنين) بين موقعي عمليتي الاغتيال للتأكيد على الرابط القائم بينهما وهو الدور التركي. وسعى محامو الجالية إلى دفع السلطات الفرنسية إلى رفع طابع السرية عن التسجيلات التي بحوزتها والتي من شأنها، على ما يعتقدون، أن تبيّن الرابط بين المخابرات العسكرية التركية وبين القاتل. وبعد أن دفن الملف مع وفاة عمر غونيه بداء سرطان الدماغ، أعيد فتحه في عام 2019. ولكن حتى اليوم لا جديد فيه يذكر.
من هذه الزاوية؛ يمكن فهم غضب الجالية الكردية والاشتباكات التي وقعت بين أعضاء منها وبين رجال الشرطة الفرنسية. وإضافة إلى ما سبق؛ فإن مسؤولي الجالية من أعضاء «المجلس الديمقراطي الكردستاني»، يأخذون على السلطات الفرنسية العجز عن حمايتها رغم التهديدات المباشرة التي يتلقاها أعضاء بارزون فيها بشكل متواصل؛ وفق ما يؤكدون.
وهكذا؛ وحتى بروز ما يغير رؤية القضاء، فإن المقتلة تُقدَّم على أنها من فعل شخص بعينه تغلبت عليه «كراهية مرضية» للأجانب، وأنه لم يتقصد الجالية الكردية تحديداً، ودليل القضاء على ذلك أنه سعى صبيحة يوم الجمعة لارتكاب جريمته في ضاحية سان دونيس الواقعة شمال باريس حيث تعيش جاليات أجنبية متعددة. إلا إنه، وفق اعترافاته، عدل عن مشروعه، لعدم وجود أشخاص كثر في الشوارع في وقت مبكر. ثم عاد إلى منزله ليتوجه لاحقاً إلى شارع «أنغين» الذي يعرفه؛ لأنه لا يبعد كثيراً عن منزل والديه حيث يبيت منذ أن خرج من السجن قبل 11 يوماً. واللافت أن من بين الأسباب «الغريبة» التي حفّزته على مهاجمة المركز الكردي، وفق ما أشارت إليه المدعية العامة، أنه «غاضب» من الأكراد لأنهم لم يعمدوا إلى تصفية أفراد تنظيم «داعش» الذين وقعوا في أيديهم.
يبقى أن هذه الحادثة قد تسببت في شبه أزمة دبلوماسية بين باريس وأنقرة التي استدعت أمس هيرفيه ماغرو، السفير الفرنسي المعتمد لديها، «للتعبير عن حنق السلطات التركية» على ما عدّته «حملة من دوائر (حزب العمال الكردستاني) ضد بلدنا تستخدم الحكومة الفرنسية وعدداً من السياسيين وسيلة لدعايتها». وحتى ظهر اليوم، لم تكن باريس قد ردت على هذه المزاعم.


مقالات ذات صلة

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

أوروبا منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية، إذ تعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق الشرطة ألقت القبض على سارات رانجسيوثابورن في بانكوك عام 2023 (إ.ب.أ)

مدينة لهم بالمال... الإعدام لتايلاندية متهمة بقتل 14 من أصدقائها بـ«السيانيد»

حُكم على امرأة في تايلاند بالإعدام، بعدما اتُّهمت بقتل 14 من أصدقائها بمادة السيانيد.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا ماريوس بورغ هويبي نجل ولية العهد النرويجية الأميرة ميته ماريت (أ.ف.ب)

توقيف نجل أميرة النرويج بشبهة الاغتصاب

أعلنت الشرطة النرويجية، الثلاثاء، توقيف نجل ولية العهد الأميرة ميته ماريت للاشتباه في ضلوعه في عملية اغتصاب.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية عائلات الأطفال ضحايا عصابة حديثي الولادة في وقفة أمام المحكمة في إسطنبول رافعين لافتات تطالب بأقصى عقوبات للمتهمين (أ.ف.ب)

تركيا: محاكمة عصابة «الأطفال حديثي الولادة» وسط غضب شعبي واسع

انطلقت المحاكمة في قضية «عصابة الأطفال حديثي الولادة» المتورط فيها عاملون في القطاع الصحي والتي هزت تركيا منذ الكشف عنها وتعهد الرئيس رجب طيب إردوغان بمتابعتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا شرطيان إيطاليان (رويترز - أرشيفية)

توقيفات ومصادرة 520 مليون يورو في تحقيق أوروبي بشأن المافيا والتهرب الضريبي

ألقت الشرطة في أنحاء أوروبا القبض على 43 شخصاً وصادرت 520 مليون يورو، في تحقيق أوروبي بمؤامرة إجرامية للتهرب من ضريبة القيمة المضافة.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

إردوغان بعد مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالانت: «قرار شجاع»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
TT

إردوغان بعد مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالانت: «قرار شجاع»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)

رحّب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتَي توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، مؤكداً أنه «قرار شجاع».

وقال إردوغان في خطاب بإسطنبول: «ندعم مذكرة التوقيف. نرى أن من المهم تنفيذ هذا القرار الشجاع من جانب كل الدول المعنية بالاتفاق (معاهدة روما) بهدف تجديد ثقة الإنسانية بالنظام الدولي».