600 ضحية لحوادث المرور في المحافظات اليمنية خلال شهر

عناصر من شرطة المرور في صنعاء يتلقون دورة تعبئة طائفية (إعلام حوثي)
عناصر من شرطة المرور في صنعاء يتلقون دورة تعبئة طائفية (إعلام حوثي)
TT

600 ضحية لحوادث المرور في المحافظات اليمنية خلال شهر

عناصر من شرطة المرور في صنعاء يتلقون دورة تعبئة طائفية (إعلام حوثي)
عناصر من شرطة المرور في صنعاء يتلقون دورة تعبئة طائفية (إعلام حوثي)

قاد التدهور الملحوظ في الطرق الرابطة بين المحافظات اليمنية الخاضعة للميليشيات الحوثية، وتهالك الشوارع داخل المدن بفعل استمرار أعمال النهب والإهمال المتعمد، إلى تسجيل 600 حالة وفاة وإصابة بصفوف السكان من مختلف الفئات والأعمار بسبب حوادث مرورية خلال شهر واحد.
وكانت ما تسمى بالإدارة العامة للمرور الخاضعة للانقلاب الحوثي في صنعاء، اعترفت بأن نحو 600 شخص توفوا وأصيبوا إثر حوادث مرورية شهدتها العاصمة المختطفة صنعاء ومحافظات أخرى خلال شهر.
وبحسب اعتراف عناصر الميليشيات، أدت الحوادث إلى وفاة 83 شخصاً وإصابة 515 آخرين، بينهم 213 شخصاً إصابتهم بليغة، جراء تسجيل 371 حادثاً مرورياً تنوعت بين صدم ودهس وانقلاب وسقوط... وغيرها، وسط تقديرات بوقوع خسائر مادية بلغت نحو مليار و388 مليون ريال (الدولار نحو 560 ريالاً).
ويشير ناشطون حقوقيون في صنعاء إلى حزنهم الشديد حيال ذلك التصاعد الذي وصفوه بـ«المقلق» في أعداد الضحايا من المواطنين، وكذا الخسائر المادية الناجمة عن الحوادث المرورية التي شهدتها مختلف المناطق تحت سيطرة الجماعة.
ويقول عدنان، وهو مسؤول سابق في شرطة المرور، إن هذا التصاعد في أرقام الضحايا يأتي نتيجة تغاضي سلطة الجماعة الحوثية عن القيام بحملات توعية وتثقيف مروري، وانشغالها بفرض مزيد من حملات الجبايات والإتاوات بحق ملاك المركبات داخل المدن وفي نقاط التفتيش المستحدثة على خطوط السير الرابطة بين المحافظات.
وينتقد السكان في مناطق سيطرة الميليشيات إهمال الأخيرة وتعسفها، ويقولون إن ذلك «يندرج ضمن الحروب المتعددة الطرق والأساليب التي تشنها الجماعة الحوثية منذ انقلابها بحق اليمنيين في جميع مناطق سيطرتها».
ومع زعم الميليشيات الحوثية، أن أسباب الحوادث تعود إلى «ضعف الوعي المروري والسرعة الزائدة وإهمال السائقين والمشاة والتجاوز وقيادة صغار السن وعكس الخط»، إلا أنها تتجاهل أهم معضلة تؤرق اليمنيين وتهدد حياتهم، وهي تتمثل بتهالك الطرق وتغاضي الميليشيات عن القيام بأي إصلاحات أو أعمال صيانة لها.
وعلى مدى الأعوام الماضية من عمر الانقلاب الحوثي، ارتفعت نسبة حوادث السير بمناطق سيطرة الميليشيات إلى أرقام غير مسبوقة، بسبب ما تعانيه الطرق من تلف وتدمير شبه كلي، وتغاضي الميليشيات عن القيام بمسؤوليتها في أعمال الصيانة.
ويؤكد السائقون في مناطق سيطرة الميليشيات، أن ارتفاع أعداد ضحايا حوادث السير في الطرقات يومياً سببه الطرقات المتهالكة في المدن وخطوط السفر الطويلة التي تربط بين المحافظات، ويشيرون إلى تفاقم المشكلة منذ انقلاب الجماعة وشن حربها المصحوبة بممارسات النهب والسرقة والابتزاز بحق اليمنيين ومؤسساتهم، لا سيما في ظل توقف أعمال ترميم وصيانة الطرقات بشكل تام.
وكان مسافرون وسائقون يمنيون عبّروا عن شكواهم من تعرضهم للمعاناة والمخاطر الحقيقية في أثناء سفرهم في الخطوط الرئيسية الرابطة بين المدن، وتحديداً تلك التي تربط العاصمة صنعاء بمدنهم نتيجة تدهور خطوط السير، خصوصاً الخط الواصل بين صنعاء وتعز. وأكدوا أن غالبية تلك الطرق باتت مدمرة بشكل شبه كلي، خصوصاً في مداخل ومخارج المدن التي تمر الطرق عبرها.
ودعا المسافرون والسائقون قادة الانقلاب إلى تحمل مسؤولياتهم وتسخير جزء من الأموال التي نهبوها من القطاعات والصناديق الحكومية الإيرادية لترميم الطرق، خصوصاً طريق (صنعاء – تعز) الذي يربط بين العديد من المحافظات ذات الكثافة السكانية.
وبحسب مختصين في المؤسسة العامة للطرق والجسور، الخاضعة للانقلاب في صنعاء، فقد ارتفع عدد الحفر والمطبات المستحدثة في طريق (صنعاء – تعز) إلى أكثر من 4 آلاف و620 مطباً وحفرية.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.