الاقتصاد العالمي بين ناري الحروب... والصراعات الجيوساسية

أصبح أكثر عرضة للتهديد من حيث المخاطر النابعة من الولايات المتحدة والصين ومناطق الصراع والمنافسة العالمية

يودع لبنان 2022 بأكثر الأزمات الاقتصادية سوءاً وسيصادف مارس (آذار) 2023 مرور ثلاث سنوات على تخلف لبنان عن سداد ديونه الخارجية (أ.ف.ب)
يودع لبنان 2022 بأكثر الأزمات الاقتصادية سوءاً وسيصادف مارس (آذار) 2023 مرور ثلاث سنوات على تخلف لبنان عن سداد ديونه الخارجية (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد العالمي بين ناري الحروب... والصراعات الجيوساسية

يودع لبنان 2022 بأكثر الأزمات الاقتصادية سوءاً وسيصادف مارس (آذار) 2023 مرور ثلاث سنوات على تخلف لبنان عن سداد ديونه الخارجية (أ.ف.ب)
يودع لبنان 2022 بأكثر الأزمات الاقتصادية سوءاً وسيصادف مارس (آذار) 2023 مرور ثلاث سنوات على تخلف لبنان عن سداد ديونه الخارجية (أ.ف.ب)


ثمة مقولة شهيرة مفادها أنه «عندما يعطس الاقتصاد الأميركي، تصاب الأسواق الناشئة بالبرد». قد يكون الاقتصاد العالمي الآن أكثر تعقيداً، فهو أكثر مرونة من حيث المناطق التي ينشأ فيها نمو اقتصادي جديد، لكنه أصبح أكثر عرضة للتهديد من حيث المخاطر النابعة من الولايات المتحدة والصين، وأيضاً مناطق الصراع والمنافسة الجيوسياسية.
التضخم هو الخطر المباشر، لكن توقعات النمو العالمي تبدو أكثر تفاوتاً، حيث تواجه المحركات التقليدية للابتكار والاستثمار من الغرب الآن انحساراً ديموغرافياً طويل الأمد، إلى جانب المشاعر القومية المتزايدة، والسياسات التجارية والصناعية الحمائية. إن جائحة «كوفيد - 19»، وروسيا التي تشن حرباً في أوروبا، وعدم الثقة في النموذج الاقتصادي للصين، تؤثر جميعها على التقييمات الاستراتيجية الغربية، لكن الخط البياني لتراجع النمو والإنتاجية بات جلياً منذ زمن ليس بالقصير. ففي العالم الغني، بين عامي 1980 و2000، نما نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً في المتوسط بنحو 2.25 في المائة، لكن في العشرين عاماً الماضية انخفض هذا النمو إلى النصف.

تحديات المنطقة العربية

فيما يخص المنطقة العربية، سيجلب عام 2023 مجموعة من التحديات الجديدة لتحقيق التوازن بين فرص تحقيق عائدات موارد مرتفعة، والضغوط التضخمية الهيكلية المتزايدة، واتساع الفجوة بين مستوردي ومصدري الطاقة. الجانب الإيجابي هو أن الوقت الحالي يمثل فرصة هائلة لبعض الدول العربية لتولي أدوار قيادية في الاستثمار الإقليمي والعالمي لتسريع التقنيات الجديدة لتلبية بعض احتياجاتنا الملحة من الطاقة.
فيما يتعلق بالمستثمرين، ستستمر الحرب في أوكرانيا في فرض تداعياتها على الاقتصاد العالمي، سواء فيما يخص تدفقات الطاقة أو الإمدادات الغذائية. ومن شأن التوترات بين الولايات المتحدة والصين أن تضيف سيناريوهات محتملة لتصعيد المخاطر، فضلا عن فشل مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران والواقع الجديد لسباق التسلح النووي في الشرق الأوسط. بالنسبة للولايات المتحدة، يجب أن تتغير سياستها في الشرق الأوسط، مما يستلزم نوعاً جديداً من المشاركة الاقتصادية والأمنية في جميع أنحاء المنطقة العربية.

إدارة الديون المصرية ستشكل في 2023 ضغوطاً مستمرة ولن تتم تسويتها من خلال  الاتفاق مع صندوق النقد الدولي فقط. الصورة لسفينة تجارية تعبر قناة السويس في 2022. (أ.ف.ب)

في الأسواق، ما يحدث في الولايات المتحدة وقرارات «لجنة السوق المفتوحة» التابعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، سيستمر في التأثير على التكاليف العالمية للاقتراض. وبالنسبة للاقتصادات العربية التي ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي، فإن قوة الدولار الأمريكي، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، تخلق بعض التحديات أمام السيولة المصرفية المحلية. أما الاقتصادات العربية الأضعف، فستشكل القدرة على تحمل الديون تحديا ملحا أمام حكوماتها، وستغير علاقاتها مع المؤسسات المالية الدولية، وكذلك مع جيرانها الخليجيين المستعدين لتوفير ودائع البنوك المركزية ومقايضات العملات والتزامات الاستثمار الأجنبي المباشر.

النفط والأسواق

لا تزال النجاعة الاقتصادية للمنطقة العربية مرتبطة بأهواء أسواق السلع العالمية، خاصة النفط والغاز. ولا نعلم حقا الى أي مدى سيكون التباطؤ الاقتصادي العالمي في المستقبل، أو مدى تأثيره على الطلب على الطاقة عام 2023. فيما يرتبط بالنفط، لا نعلم مدى سرعة تعافي الطلب في الصين، لكن الخبر السار أن أسعار النفط لا تزال في وقتنا الحالي عند مستويات تتجاوز المستويات المالية لدول مجلس التعاون الخليجي ومستويات التعادل. كانت السياسة المالية أكثر تقييدا مما كانت عليه خلال موجات المكاسب غير المتوقعة السابقة، كما أن الجهود الجديدة في تحصيل الضرائب ونمو نشاط قطاع السياحة والخدمات في دول مجلس التعاون الخليجي تخفف من احتمال حدوث انهيار على الجانب الآخر من هذا التأرجح في سوق النفط.
ولعل الأهم من ذلك التحول في الأصول الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي، إذ لم يشهد نطاق الاستثمار الخليجي اتساعا وتحولا في الاقتصاد العالمي كما يحدث الآن. وبحسب تقديرات أحد البنوك الاستثمارية الرائدة، من المتوقع حدوث سيناريو تصاعدي ترتفع فيه أسعار نفط برنت بشكل مطرد على مدى السنوات الثلاث المقبلة إلى 120 دولارا للبرميل، وقد تصل قيمة الأصول الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي إلى 6 تريليونات دولار. إلا أنه حتى مع سيناريو انخفاض أسعار النفط بشكل كبير إلى مستويات 40 دولارا للبرميل، فإن قيمة الأصول في دول مجلس التعاون الخليجي ستستقر عند مستوى كبير للغاية يبلغ حوالي 5 تريليونات دولار.
كذلك أخذ إنتاج النفط العالمي في التحول مع تغير منحنى التكلفة للقيود المالية والتنظيمية، ما يخلق ميزة للمنتجين الخليجيين المهيمنين الراغبين في الاستثمار في الإنتاج. كما أنه يجعل سياستهم في التعاون مع أعضاء أوبك أكثر تعقيدا، بالإضافة الى الولايات المتحدة التي تعد أكبر منتج للنفط في العالم. وفي الوقت ذاته، جذبت توقعات الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المنتجين العرب من شمال أفريقيا، وبلاد الشام، والخليج باتجاه أوروبا.

تكاليف الطاقة

فيما يتعلق بالمنطقة العربية، فإن التضخم وارتفاع تكاليف الطاقة يزيد من التحديات الأوسع نطاقا التي تواجه التنمية البشرية. ويكشف تقرير صدر حديثاً عن «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» تراجعا حقيقيا في مؤشرات التنمية. ولا تزال الثقة في كيفية استجابة الحكومات للتحديات الاقتصادية الخارجية منخفضة ومتراجعة في المنطقة - سواء كانت هذه التحديات ناشئة عن جائحة أو ركود عالمي مقترن بضغوط تضخمية. وكشف استطلاع للرأي أجراه «الباروميتر العربي» مؤخرا أن 30 في المائة فقط ممن شملهم الاستطلاع أفادوا بوجود قدر كبير من الثقة في حكوماتهم، وفي قدرتها على الاستجابة لاحتياجات مواطنيها، وإن كان هذا لا يمنع وجود بعض الاستثناءات المحدودة. ووجد استطلاع أجراه مؤشر «إيدلمان ترست باروميتر» أن دولتين من المنطقة العربية - المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - من بين سبع دول من أصل 27 دولة شملها الاستطلاع، تتمتعان بمستويات عالية من ثقة الجمهور.
سيكون وجود الثقة أمر حتمي في جميع الدول العربية عام 2023 في وقت تتعامل الحكومات مع مجموعة متزايدة من سيناريوهات المخاطر والتحديات الاقتصادية. في دولتين وهما، مصر ولبنان، نرى مدى تراجع الثقة، بدءا من السياسات النقدية وجهود الإصلاح المتأخرة وانتهاء بالاختلال الوظيفي العام في الحكومة.

إدارة الديون المصرية ستشكل في 2023 ضغوطاً مستمرة ولن تتم تسويتها من خلال  الاتفاق مع صندوق النقد الدولي فقط. الصورة لسفينة تجارية تعبر قناة السويس في 2022. (رويترز)

مصر ولبنان

في مصر، سيتطلب اتفاق صندوق النقد الدولي على تسهيلات مالية ممتدة بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا، مزيدا من المرونة في سعر الصرف من البنك المركزي والحكومة للحد من ملكية الأخيرة داخل الاقتصاد، وذلك لإفساح المجال للمزيد من مكاسب القطاع الخاص. مع هذا الاتفاق، يأتي المزيد من الدعم الخليجي، والذي شمل أيضا مزيدا من عمليات الشراء للشركات المدرجة في البورصة. في مصر، فإن أي جهود لتعويم العملة وإشراك المستثمرين الأجانب بشكل أكثر نشاطا على قدم المساواة مع الدولة سوف تتطلب أيضا جهودا لإدارة عوامل خارجة عن سيطرة الدولة، مثل السياحة من الخارج (وخاصة روسيا) وأسعار الطاقة والتحويلات. وستمثل إدارة الديون، بطبيعة الحال، ضغوطا مستمرة ولن يتم تسويتها من خلال هذا الاتفاق الوحيد لصندوق النقد الدولي.
بالنسبة للبنان، سيصادف مارس (آذار) 2023 مرور ثلاث سنوات على تخلف لبنان عن سداد ديونه الخارجية، وهناك ثقة محدودة من جانب المواطنين أو الدائنين تجاه قدرة الدولة على التخفيف من تبعاتها. وتقلص النشاط الاقتصادي بمقدار النصف، وارتفع التضخم إلى متوسط 200 في المائة العام الماضي، وانخفضت قيمة العملة بواقع 95 في المائة من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي. وتضاعفت معدلات الفقر لتشمل 82 في المائة من السكان بين عامي 2019 و2021.
غير أن اتفاقا لبدء التنقيب عن الغاز الطبيعي وإنتاجه تحت سطح البحر بين إسرائيل ولبنان يمثل نقطة مضيئة في قدرة لبنان على كسب العملات الأجنبية من الصادرات المستقبلية، ورؤية إمكانية إدارة التوتر بين الفصائل السياسية في لبنان. وستعتمد الثقة في طول مدة هذا الاتفاق أيضا على عوامل خارجة عن سيطرة لبنان، بما في ذلك سياسات الحكومة الجديدة في إسرائيل.

ارتفاع الفائدة

في عام 2023، سيؤدي تهديد الركود الاقتصادي العالمي إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة إلى توسيع الفجوة بين من «يملك ومن لا يملك» في المنطقة العربية. ولكن الأهم من ذلك، سيتم اختبار الحكومات في إدارتها للمخاطر الخارجية وقدرتها على التواصل مع مواطنيها ومع شركائها الإقليميين حول المسار الذي يختارونه. لم يعد اقتصاد المنطقة يتأثر بما يحدث في الولايات المتحدة أو سياستها النقدية، وستندمج المخاطر الجيوسياسية والركود التضخمي والتحول الديموغرافي طويل الأمد في الغرب مع مجموعة ناشئة من الفرص للمستثمرين من دول الخليج والاقتصادات الإقليمية.
* كارين إي يونغ، حاصلة على درجة الدكتوراه وباحثة بارزة في «مركز سياسة الطاقة العالمية» بجامعة كولومبيا، ومؤلفة كتاب «فن الحكم الاقتصادي لدول الخليج العربي»، الذي سيكون متاحاً في الأسواق في يناير (كانون الثاني) 2023.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.