تتطلع شبكة «نتفليكس» العالمية لتوفير جسر للمحتوى العربي إلى العالم؛ من خلال البحث عن القصص والرواة في الوطن العربي، حيث تعمل على تزويدهم بالأدوات التي يحتاجون إليها لسرد أفضل نسخة عن قصصهم، وذلك وفقاً لنهى الطيب رئيسة الاستحواذ وترخيص المحتوى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا.
الطيب قالت خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» إن مفهوم الشبكة «يتضمن البحث في العالم عن أجمل القصص وأعظم الرواة، ومن العمل كجسر تواصل بين هذه القصص ومحبيها من أعضاء الشبكة حول العالم». وأردفت: «نحن نعتقد أنه من خلال توفير نافذة عالمية تطرح قصصاً من جميع البلدان سواءً من كوريا الجنوبية أو البرازيل أو المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة أو فرنسا أو العالم العربي، فإننا نمنح الناس فرصة لمشاهدة محتوى مميز وفريد لا يمكن العثور عليه في مكان آخر، وفي الوقت عينه توفير منصة للمواهب العربية وصانعي الأفلام لاكتساب معجبين من حول العالم».
وتابعت الطيب: «إننا نسعى لأن نكون منصة عالمية للسينما العربية، حيث يمكن لأي شخص في العالم مشاهدة أروع القصص العربية، كما نضع التنوع والتمثيل في صميم المحتوى الذي نقدمه لمنح مزيد من الأشخاص فرصة لرؤية قصصهم على الشاشة. ولقد أثبتت تجربتنا أن القصص التي تمثل شرائح مختلفة تلقى صدى وانتشاراً واسعين. ونحن راهناً نعمل مع مواهب جديدة ومتمرسة من العالم العربي لسرد مزيد من القصص، بالتعاون مع شركائنا في هذا القطاع لدعم المواهب الإبداعية، بالإضافة إلى منح رواة القصص من الإناث المساحة الكافية لتحقيق مزيد من المساواة».
صانعو المحتوى والأفلام في المنطقة
وحول وجود المواهب في العالم العربي، بالتحديد في منطقة الخليج، قالت نهى الطيب: «العالم العربي غنيّ بالمواهب الفريدة والمتميزة التي لا تشبه غيرها. ولقد عملنا بالفعل مع المواهب وصانعي الأفلام من جميع أنحاء المنطقة لإيجاد أرضية مشتركة تُثري هذا التنوع. ومن خلال عملنا مع المواهب الجديدة والمتمرّسة من المنطقة، وجدنا أن القصص التي تطرح مواضيع عالمية تلقى استحسان الجمهور من جميع أنحاء العالم، وإن كانت تحمل بصمة عربية بامتياز». وأضافت: «من الأمثلة المشرقة على ذلك؛ تعاوننا مع استوديوهات (ميركوت) و(تلفاز 11) و(سيني وايفز) في السعودية. إذ أظهرت أعمال مثل سلسلة أفلام ومسلسلات (مسامير) و(6 شبابيك في الصحراء) ومجموعة أفلام (مواهب سعودية واعدة) مدى غنى وتنوع المجتمع الإبداعي العربي. ورأينا كيف نجحت أعمال أخرى مثل (مدرسة الروابي للبنات) و(البحث عن علا) في إعلاء صوت الفئات الأقل تمثيلاً على الشاشة، بينما تطرّقت لمواضيع عالمية مهمة».
واستطردت الطيب شارحة: «غايتنا أن نستفيد من حضور (نتفليكس) وقوتها وتأثيرها بتوفير منصة تتيح للمواهب وصانعي الأفلام العرب إمكانية الوصول إلى العالمية، وكسب قلوب المشاهدين... إن مسلسل (مدرسة الروابي للبنات)، على سبيل المثال، حصد لمخرجته تيماء الشوملي كثيراً من التقدير، لما تركه من بصمة خارج العالم العربي، وما أثاره من حوارات بنّاءة داخل المنطقة. أما سلسلة مسلسلات وأفلام (6 شبابيك في الصحراء) و(مسامير)، فقد خلقت مساحة للمبدعين السعوديين لسرد قصصهم أمام الجمهور العالمي. ونحن بلا شك فخورون بالشراكات التي بنيناها مع رواة القصص من المنطقة بمرور السنوات».
أعمال في السعودية
على صعيد متصل، شددت الطيب، التي تشمل مسؤولياتها في الاستحواذ وترخيص المحتوى عموم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، على أنه في السعودية، مثلاً، حيث قطاع الترفيه في بداية نشأته ولديه الكثير ليقدمه، تبحث «نتفليكس» عن مواهب جديدة لديها قصص فريدة تروى. وفي مسلسل «وساوس»، كانت هناء العمير تطمح لإنتاج أول مسلسل تشويق ودراما في السعودية، «وحقاً، تخطى المسلسل كل التوقعات وتفوق في أسلوب سرد الأحداث وتقديم الشخصيات النسائية بطريقة فريدة وغير تقليدية».
ثم قالت إنه «في الآونة الأخيرة، عملنا مع (سيني وايفز) لتقديم مجموعة (مواهب سعودية واعدة)، ودعم وعرض المواهب الصاعدة من السعودية، لتصل أعمالهم إلى شريحة أوسع من المشاهدين. وأما في البلدان التي تمتلك إرثاً في مجال السرد القصصي، كالكويت ومصر، فنحن نعمل مع بعض من ألمع المواهب في المنطقة لتقديم قصص استثنائية من العالم العربي إلى أعضاء شبكتنا من حول العالم. إننا نعمل فعلياً على دفع حدود فن السرد القصصي في العالم العربي للوصول إلى آفاق جديدة. وبدا هذا جلياً من خلال الإعلان عن الموسم الثاني من (البحث عن علا) لهند صبري، ومسلسلي (القفص) و(الصّفقة) من بطولة عدد من المواهب اللامعة والمعروفة في الكويت».
جدير بالذكر أن «نتفليكس» كانت قد أعلنت في وقت سابق، عن مجموعة من الأعمال من المنطقة، بما في ذلك «محافظة مسامير 2» و«الخلاط» و«الصّفقة» و«الخطّابة» و«دبي بلينغ». وفي هذا الجانب قالت الطيب: «نتطلع لرؤية ما ستتركه هذه الأعمال من صدى داخل المنطقة وخارجها».
مستقبل العمل الإبداعي
من جانب آخر، حول مستقبل العمل الإبداعي في المنطقة تحديداً في السعودية، قالت الطيب: «كما سبق أن قلت... العالم العربي غني بالمواهب والمبدعين، وفعلاً سنرى مزيداً ومزيداً منهم في السنوات المقبلة. وهناك كثير من قصص المبدعين، من المنطقة ككل والسعودية تحديداً، التي تنتظر أن تبصر النور، وأنا على ثقة بأنهم يمتلكون المهارة والقدرات اللازمة لطرح هذه القصص بأساليب جديدة وفريدة من نوعها، ومن تقديم المملكة بصورة جديدة لم نعهدها». وتابعت: «إن ما تطمح إليه نتفليكس هو المساهمة بدور محوَري في المجتمعات الإبداعية بالمنطقة، وهذا يعني تطوير مجموعة المواهب ودعم الجديدة منها... ولا يمكن أن يحدث هذا إلا من خلال مضافرة الجهود والاستثمار في تنمية وتطوير المواهب، وتبادل المعارف عبر تقديم برامج تطوير المهارات، التي يدعمها فريق عملنا في قسم تطوير واستثمار المواهب الإبداعية». ومن ثم، استطردت موضحة: «نحن نسعى جاهدين لبناء شبكة قوية من المواهب لقطاع الترفيه العربي وخلق فرص جديدة للكتاب العرب وصانعي الأفلام وفرق العمل (تحت خط الإنتاج)، سواءً من خلال تقديم برامج التدريب أو الدعم المالي أو عقد الشراكات مع مؤسسات رائدة في القطاع أو مساهمتنا في المهرجانات السينمائية الإقليمية».
محتوى متوافق مع ثقافة المنطقة
وعن بعض تفاصيل خطط «نتفليكس» لإنتاج محتوى يتوافق مع الثقافة في المنطقة، قالت نهى الطيب: «نحن نتفهم حقيقة أن القيم الثقافية تختلف من بلد لآخر، ونعمل مع المبدعين والمواهب من مختلف أنحاء العالم لسرد القصص التي تمثل الناس من مختلف مشارب الحياة. وأيضاً نعمل مع كثير من رواة القصص العرب لمساعدتهم في سرد قصصهم بأسلوبهم وتصويرها هنا في هذه المنطقة. إننا نعتقد أن القصص الرائعة يمكن أن تأتي من أي مكان وتلقى إعجاب الناس في كل مكان... وكما ذكرت... رأينا ذلك يحدث مع بعض أعمالنا العربية مثل عمل (مدرسة الروابي للبنات)، وعمل (البحث عن علا). إننا ندرك تماماً أن لكل مجتمع أو أسرة خصوصيات ومعايير خاصة، ولذا نركز على تقديم مزيد من الخيارات لمتابعينا والقدرة على التحكم في المحتوى الذي يشاهدونه، كما نعمل على توسيع مكتبتنا الخاصة بالمحتوى المناسب للعائلة، ونقدم أيضاً أدوات الرقابة الأبوية لمساعدة الأهل في اتخاذ قرارات مناسبة بشأن ما تشاهده عائلاتهم».
وعن الأعمال المقبلة، أفادت الطيب: «نخطط لتقديم مجموعة رائعة من الأعمال العربية، منها مسلسلات وأفلام من السعودية والكويت والأردن ومصر، بينها مسلسل رسوم متحركة كوميدي، وفيلم يعكس حياة الشباب، ومنها أعمال تشويقية ودراما تاريخية... لدينا حقاً مجموعة متنوعة من أفضل المحتويات العربية ليستمتع بها المشاهدون في جميع أنحاء العالم».
ثم قالت: «في السعودية، نتطلع إلى إطلاق فيلم (الخلاط) العام المقبل، وهو مستوحى من مسلسل الخلاط الذي بدأ عرضه عام 2017، وهو من إنتاج استوديو (تلفاز 11)، وحصد المسلسل نحو 1.5 مليار مشاهدة على (يوتيوب)، ومواقع التواصل الاجتماعي. ويطرح الفيلم 4 مشاكل اجتماعية في 4 أماكن مختلفة، ليقدم أجمل ما في هذا العمل (السعودية). كذلك نعمل مع (تلفاز 11) على فيلم (الخطّابة)، وهو فيلم رعب وتشويق تدور أحداثه في مدينة العلا، ويروي قصة مشوقة عن الخيانة والانتقام... وسيعرض هذا الفيلم في مطلع عام 2023. بالإضافة إلى الموسم الثاني من المسلسل الكوميدي الشهير (محافظة مسامير)، الذي يطرح التحولات التي تحدث في المجتمع السعودي بأسلوب كوميدي شيق، عبر 8 حلقات وسيعرض عام 2023». واختتمت نهى الطيب جولتها، بالإشارة إلى أنه «سيصار إلى إطلاق مسلسل (القفص)، ومسلسل (الصّفقة) مطلع عام 2023، وهو مسلسل كويتي، يعرض قصة رائدتي أعمال تعطلان شبكة فساد في القطاع المصرفي بالكويت، في مسلسل درامي تدور أحداثه في حقبة أواخر الثمانينات. أيضاً عن مواسم جديدة من مسلسلي (مدرسة الروابي للبنات) و(البحث عن علا)، وعن توسيع نطاق الخيارات الترفيهية المتاحة أمام الأعضاء من خلال الاستثمار في الألعاب». وبحلول نهاية العام، ستتوافر 50 لعبة على «نتفليكس»، وجارٍ حالياً العمل على 55 لعبة أخرى من أجل مواصلة مساعي الشبكة العالمية في إثراء تجربة المشاهدة بأكملها.