محمد الحرز يطل مجدداً بـ «انكسار الجرة»

محمد الحرز يطل مجدداً بـ «انكسار الجرة»
TT

محمد الحرز يطل مجدداً بـ «انكسار الجرة»

محمد الحرز يطل مجدداً بـ «انكسار الجرة»

صدرت مؤخراً للشاعر والناقد السعودي محمد الحرز، دراسة بعنوان «انكسار الجرة وتفرق مياه الكتابة» عن دار «خطوط وظلال» للنشر والتوزيع (الأردن).
يقع الكتاب في مائتي صفحة، وهو عبارة عن مقالات ودراسات تشكل حصيلة الكتابة الأسبوعية لأكثر من سنتين، وفي مجملها تتطرق إلى الأدب والفكر وتشعباته وصلاته بقضايا اللحظة الراهنة. في المقدمة، يقول الحرز: «لا يبقى بعد انكسار الجرة سوى المياه التي تنساب كيفما اتفق في كل الاتجاهات والنواحي، ولا يبقى أيضـاً سـوى صوت الانكسار ذاته يتردد صداه في المسامع، وما بين الصوت والانسياب تتشكل الكتابة وتتحدد ملامحها في هذا الكتاب. وبهذه الصورة المجازية التي ظلت تحتل مساحة في تفكيري وشعوري ليست بالقليلة، أردت أن أضع تحت مناخها جملة المقالات والدراسات التي تضم هذا المؤلف، وتعطيه الإيحاء الذي أريد به أن يصل إلى ذهن القارئ. فالذي يبدو للوهلة الأولى أن خلف هذه الإضمامة مواضيع ومضامين لا يربطها رابط ولا تضمها فكرة جامعة مانعة، ولا منهج محدد تسير عليه أو تترصده. فهي ما أن تبدأ في مقاربة فكرة محددة؛ حتى تتوقف، ومن ثم تشرع في فكرة أخرى، وهكذا دواليك. وكأن القارئ الفطن يتنبه إلى أن الكاتب هنا مثل البائع المتجول، دائماً ما يعرض بضاعته على عجل تحسباً لأي طارئ».
يتكون الكتاب من فصلين: الأول يضم مقاربات لبعض الظواهر الثقافية والاجتماعية والأدبية المستجدة والمرصودة في المشهد السعودي، وذلك عبر تحولات الأزمنة الحديثة، وهي مقاربات خاضعة للشروط التي تفرضها مساحة المقالة من جهة، وللظاهرة نفسها من جهة موقعها وأهميتها للمجتمع والثقافة.
ويضيف المؤلف: «حاولت أن أنبه إلى أن مثل هذه المقاربات تفتح الطريق إلى إثارة المزيد من الأسئلة حول تلك الظواهر، وإعطائها المزيد من الاهتمام أو الالتفات قدر الإمكان».
أما الفصل الآخر، فيتناول جملة من القضايا الفكرية والفلسفية والثقافية. في إطار أشمل: عربي وعالمي، مشمولة بالمنهج المقارن الذي يضع القارئ أمام ثقافته وفكره إزاء الآخر والأثر الذي تركه في تكوينه التاريخي.



«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي
TT

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

عن مؤسسة أبجد للنشر والترجمة والتوزيع صدر حديثاً كتاب «أقلمة سرد الحيوان» للدكتورة نادية هناوي ويأتي استكمالاً لمشروعها في «الأقلمة السردية»، وكانت قد بدأته بكتابها «أقلمة المرويات التراثية» وأتبعته بكتابين هما «الأقلمة السردية من العصور الوسطى حتى القرن التاسع عشر» و«الأقلمة السردية: مخابرها الغربية - مناشئها الشرقية».

ويدور كتاب «أقلمة سرد الحيوان» في إطار النظرية السردية وما يجري في العالم من تطور في مجال دراسات الأقلمة، بغية الإفادة منها في دراسة تراث السرد العربي بكل ما فيه من نظم وتقاليد وأساليب وتقنيات، ترسيخاً لدوره التأصيلي في السرد الحديث والمعاصر، وتدليلاً على عالميته التي ترى المؤلفة أنها قد «حجبت بستر التبعية، بكل ما في الاتباع من تقريع الذات ودفن قابلياتها والتشكيك في قدراتها».

ويدخل هذا النوع من الدراسات في إطار نزعة ما بعد الإنسان التي ساهم بعض المفكرين والنقاد في تعزيزها. وممن تناولهم الكتاب بالدراسة الفيلسوف جاك دريدا بمقالته «الحيوان الذي أكون» وفيها رأى أن الحيوان يملك وجوداً متجانساً ومتناغماً مثلنا، وأن الملايين من الكائنات الأخرى تتطلب منا أن نبدأ في التعامل معها بجدية. واستعاد دريدا ما قاله ميشال دي مونتيني (1533 - 1592) حين كتب اعتذاراً إلى ريموند سيبوند، متسائلاً عن علاقته بقطته. فالقطة كيان حقيقي وتحديقها فيه تأمل وله معنى. أما جان فرنسوا ليوتار فطرح أسئلة كثيرة حول علم الأجناس وما هو غير إنساني وتساءل: «ماذا لو كان البشر بذاك الإدراك الحسي الإنساني في عملية إكراهية لتحويلهم إلى غير البشر؟ ماذا لو كان ما نعرف أنه مناسب للبشر قد أصبح ملائماً لغير البشر؟». ومن جهته افترض فرانسيس فوكوياما في كتابه «مستقبلنا ما بعد البشري» أن الإنسان في أصل تكوينه حيوان ثقافي، ومن المستحيل أن نتحدث عن حقوق الإنسان، وبالتالي عن العدالة والسياسة والفضيلة بصورة أكثر عمومية من دون أن يكون لدينا مفهوم ما عن ماهية البشر كنوع حي. فالبشر أحرار في صوغ سلوكياتهم الخاصة لأنهم حيوانات ثقافية قادرة على تعديل الذات، ومثلما أن الحيوانات تتصارع من أجل البقاء والاعتراف بالغلبة فكذلك البشر يتصارعون.

وتؤكد المؤلفة أن تبني المدرسة الأنجلوأميركية لنزعة ما بعد الإنسان، هو الذي وسّع مدارات علوم السرد ما بعد الكلاسيكية باتجاهات بشرية وغير بشرية، ويعد علم سرد الحيوان واحداً من تلك العلوم المستجدة وميداناً بحثياً يُختبر فيه كل ما هو نظري وإجرائي له صلة بعلاقة الإنسان بالحيوان من جهة ويتقارب أو يتداخل من جهة أخرى مع ميادين علمية أخرى، لعل أهمها علم البيئة من ناحية ما للإنسان من دور رئيس في دمار الطبيعة وتهديد نظامها الإحيائي النباتي والحيواني. ويساهم في ذلك كله ظهور جمعيات ومنظمات تدافع عن البيئة وتدعو إلى الرفق بالحيوان.

في السياق نفسه، صدر حديثاً عن المؤسسة نفسها كتاب آخر للدكتورة نادية هناوي بعنوان «العبور الأجناسي: الأشكال - الأنواع - القضايا»، ويعد الكتاب السادس فيما بحثته المؤلفة في هذه النظرية من قضايا وتفريعات بعد كتبها «نحو نظرية عابرة للأجناس» 2019 و«الطائر المكدود في البحث عن اليقين المفقود لعبد الرحمن طهمازي» 2021 و«غاليانو صياد الكلام والعبور الأجناسي» 2022 و«قصيدة النثر العابرة في مطولات الشاعر منصف الوهايبي» 2024 و«السونيت في شعر حسب الشيخ جعفر» 2023.