سامر المصري مع نور الدين اليوسف: «من القلب» والعقل والنفس

حدَّثه في المهنة والحياة

سامر المصري مع نور الدين اليوسف: «من القلب» والعقل والنفس
TT

سامر المصري مع نور الدين اليوسف: «من القلب» والعقل والنفس

سامر المصري مع نور الدين اليوسف: «من القلب» والعقل والنفس

تقاطع حضور الفنان سامر المصري مع عنوان برنامج نور الدين اليوسف: «من القلب» في تلفزيون «أبوظبي»، فأتى بعض حديثه صريحاً. البعض الآخر أضاف إليه اعتزازاً بالنفس تجاوز الحد قليلاً. فالممثل والكاتب والمنتج السوري يتحدث انطلاقاً من إدراكه قيمة نفسه.
حين سأله مُحاوره: أي ذكريات جميلة تبقى عالقة منذ ما قبل عام 2011 في سوريا؟ ردّ بأنها تلك المتعلقة بالأهل والبيت، ومَن فعل خيراً من أجلهم أو أوصلهم إلى النجومية.
أراد منح النفس تنويهاً يراه مستحقاً، فلم يتردد في وضعها في مكان مرتفع. هو اسم أدَّى أدواراً للذاكرة؛ لكن الأجدى ترك الحديث عن صناعة الخير وخدمة الناس لما بعد انطفاء الكاميرا. مهما يبلغ حجم الفنان، شأنه الأكبر في تواضعه. وقد يكون المصري متواضعاً؛ لكن الإفراط في الإشادة بالنفس ينقلب إلى ضدّه.
يضعه مُحاوره أمام أسئلة من دون مَحاور. محطات من هنا وهناك، تبدأ من المهنة لتحط في الحياة، ثم تعود مجدداً إلى المهنة وهكذا. اسم برنامجه «من القلب»، فتأتي الأسئلة من الجهات كلها، لتخرج -كما هو مُنتظر- من قلب الضيف.
المصري في الحوار كان عقلاً ونفساً يُمليان عليه الإجابة. ترك القلب يتحرَّك ضمن مواجع الحنين: إلى الأم التي لم يرها منذ 11 سنة، وإلى سوريا قبل المعارك.
تلوُّعه مما سمَّاه الغدر، جعله يحصر علاقات الوسط الفني بالزمالة أو الصداقة المرحلية، أما الأصدقاء الحقيقيون فقلة. يعطي الممثلَيْن جهاد سعد وأيمن رضا مثالَيْن لما يبقى بعد مغادرة مواقع التصوير. أعاده مُحاوره إلى خلافه مع المخرج الراحل بسام الملا، بعد دوره الجماهيري «العقيد أبو شهاب» في «باب الحارة». «فظاعة الموت تبدِّد الخلافات»، ردّ بما يشبه الحسرة على فراقه الدنيا وهما على زعل.
كانت شخصية «أبو جانتي» من كتابته وإنتاجه، أيضاً مما علَّم. يقول لمُحاوره إنّ الممثل يحتاج إلى الخروج من الدور الناجح والدخول في آخر، فظلال الأدوار أحيانا ثقيلة: «كتبتُ (أبو جانتي) لحاجتي إلى نفض غير أدوار عني، فأقول للناس: كما نجحتُ هنا، سأنجح هناك في النقيض. إنه تحدٍّ أخوضه مع نفسي».
عنوان شخصيته الفنية هو التنوُّع، فلا تقتصر أدواره على صنف، أو يفني العمر بانتظار الدور المناسب. تغيب العروض المُنتظرة، فتحلُّ البدائل: «أعمل في الكتابة والإنتاج، ولدي مشروعات إخراجية. هذه هي السوق، وأنا ضليع في فهمها والتعامل معها».
يبالغ نور الدين اليوسف في الاعتذار قبل طرح السؤال، ويضع احتمال حذفه بالمونتاج إن لم يرُق ضيفه: «هل لأنكَ طيب تستحق نجومية أكبر، بينما آخرون أقل منكَ صفات حميدة وخبرة قد يضاهونك نجومية؟». سُرَّ المصري للسؤال، هو الذي جارى مزاجاً فنياً يرى نقطة ضعفه في قلبه الطيب وإكثار أفعال الخير. ردّه بأنه خدوم ومفعم بالطيبة، وهذه من علامات الضعف، جواب «كليشيه» يحفظه الفنانون. المصري يملك ذكاء يكفي ليعقِّب بأنه بدأ يتيقَّظ إلى أنّ الطيبة المفرِطة مؤذية، وسيضع الحد فيعطي كل إنسان حجمه.
يكتفي اليوسف بمدَّة 10 سنوات كسقف لاحتمال انطفاء الشغف، فيطرح السؤال: «هل يمل الفنان بعد عقد على النجاح؟». ليته قال ثلاثة عقود مثلاً، فما العقد سوى مسار على درب الاختمار الحقيقي. المصري حين يتكلم في عِبَر المهنة، يرفع متعة الإصغاء. يقول إنَّ الشغف لا ينطفئ، فهو كالنواة في المرء، إما أن يوجد أو لا. ومتى وُجد تلاشى الملل.
يُكمل أنه «استسهل» التمثيل في العالم العربي، فراح يبحث عن التجديد في مكان آخر. كجورجيا مثلاً؛ حيث أدّى دور زعيم «مافيا» عربي، فتعلَّم لغة أهل البلاد وتحدَّث بجُمل طويلة. «شغفي أن أشاهد نفسي على الشاشة بطريقة جديدة»، يختزل بعض مزايا الفنان المجتهد.
يرجو مُحاوره إجابة صريحة، ويشدِّد على الصراحة، قبل السؤال: «أيهما تفضل: دور المُجدِّد على الشاشة أم دوراً يأسر قلوب الجمهور؟». يختار الأول. بدا واثقاً من إجاباته، لا يرمي أياً منها بالخطأ. وحين ردّ على «تنازلات» يقدِّمها الفنان العربي لدى المشاركة في فيلم أجنبي، بيَّن عن نضج: «لن يحصل على دور أول، وهذا بديهي. في أميركا أو أوروبا، لا يعرف الجميع سامر المصري. الفنان يتطوَّر، وكما تطلَّب الأمر وقتاً للانتشار العربي، فالامتداد الأجنبي يشترط الوقت. من الصعب أن تصبح بطلاً في الغرب عن طريق الفجأة».
بين المال والشهرة، يجيب أيضاً بصراحة: «عليهما التلازم. في السابق كان الدور يتقدَّم الأجر، أما اليوم فينبغي أن يتناسبا. أنا في مرحلة الاحتراف والنضج. هذا الجهد يتطلّب هذا المبلغ، وإلا الاعتذار».
عذبُ الكلام قاله عن ابنته. هو أب لثلاثة أبناء، ياسمين ابنته الوحيدة. لعلَّه حين ينطق باسمها يتذكر دمشق وشوارعها، رائحة الأرض والعطر الفوَّاح من الزهر. يحب الصبيين؛ لكن حب البنت شاعري: «لطافة وهضامة واهتمام هائل بالأب». لم تعرف بعد سوريا، فالإمارات بالنسبة إليها المكان البديل الآمن. وُلدت في بيروت، وتكبر على حكايات وطن يتألم.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
TT

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري في مركز «سوبر دوم جدة»، بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة، موزعة على نحو 450 جناحاً، مع جهات حكومية وهيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية.

ويشتمل المعرض على برنامج ثقافي ثري، يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة، تتخللها محاضرات وندوات وورش عمل، يقيمها نحو 170 متخصصاً، إضافة إلى منطقة تفاعلية مخصصة للأطفال، تقدم برامج ثقافية موجهة للنشء بمجالات الكتابة والتأليف والمسرح، وصناعة الرسوم المتحركة، وأنشطة تفاعلية مختلفة.

برنامج ثقافي ثري يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة (هيئة الأدب)

ويتضمن المعرض ركناً للمؤلف السعودي، معرِّفاً الحضور على آخر إصداراته، ومهيأ للزوار منطقة خاصة بالكتب المخفضة، التي تأتي ضمن جهوده في الحث على القراءة، وإتاحتها للجميع عبر اختيارات متعددة، معززة بمناطق حرة للقراءة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد اللطيف الواصل، مدير إدارة النشر بالهيئة، أن المعرض يعكس اهتمامهم بدعم وتطوير ونشر الثقافة والأدب في السعودية، مؤكداً دوره الريادي، حيث يسلط الضوء على جهود الأدب والأدباء المحليين والعرب والعالميين، عبر فعاليات وأنشطة مجتمعية بمعايير عالمية، وإيجاد فرص تفاعلية لزواره في قوالب فنية وأدبية متنوعة، وصولاً إلى تعزيز مكانة جدة بوصفها مركزاً ثقافيّاً تاريخيّاً.

المعرض يعكس الاهتمام بدعم وتطوير ونشر الثقافة في السعودية (هيئة الأدب)

ويحتفي المعرض بـ«عام الإبل 2024»، لما تُمثِّله من قيمة ثقافية في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ، حيث خصص جناحاً للتعريف بقيمتها، وإثراء معرفة الزائر عبر جداريات عدة بأسمائها، ومواطن ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقصائد شعرية تغنَّى بها العرب فيها على مر العصور.

ويستقبل «معرض جدة للكتاب» زواره يوميّاً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 مساءً، ما عدا الجمعة من الساعة 2 ظهراً إلى 12 مساءً.

المعرض يُعزز جهوده في حث الزوار على القراءة عبر اختيارات متعددة (هيئة الأدب)

ويُعد ثالث معارض الهيئة للكتاب خلال 2024، بعد معرض «الرياض» الذي اختتم فعالياته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومعرض «المدينة المنورة» المنتهي في أغسطس (آب).