احتفالات «الميلاد» في العالم... فرحة أقوى من الأزمات

ساحة كنيسة بيت لحم عشية عيد الميلاد (أ.ف.ب)
ساحة كنيسة بيت لحم عشية عيد الميلاد (أ.ف.ب)
TT

احتفالات «الميلاد» في العالم... فرحة أقوى من الأزمات

ساحة كنيسة بيت لحم عشية عيد الميلاد (أ.ف.ب)
ساحة كنيسة بيت لحم عشية عيد الميلاد (أ.ف.ب)

يستقبل مسيحيو العالم الذين يتبعون التقويم الغربي، عيد الميلاد المجيد اليوم، باحتفالات عمّت شرقه وغربه، بعد تحضيرات استمرت لأيام بين شراء الهدايا وتجهيز أطباق الميلاد التي تتنوع وتختلف حسب تقاليد الشعوب وثقافتهم.
وبعد عامين من جائحة «كورونا» التي شلت عصب الحياة، وحرمت تجمع الأهل والأحبة في جميع المناسبات، تأتي الأعياد اليوم خجولة؛ لأسباب اقتصادية كئيبة طرأت على العالم وعلى أوروبا تحديداً، بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا وتداعياته السلبية. ورغم كل الظروف الصعبة يحاول الناس سرقة لحظة فرح من عيد أو مناسبة، ورسم ابتسامة على وجوه أطفالهم وأحبائهم. فمن فلسطين إلى لبنان الذي لم تغب عنه مظاهر العيد رغم الانهيار الاقتصادي الذي يعاني منه، إلى دول أوروبا تحديداً بريطانيا، والصين التي لا تزال ترزح تحت وطأة الرعب من تفشي كورونا، بقيت بعض مدنها سجينة الفيروس، فكما السنتين الماضيتين، حثّت سلطات شنغهاي السكان على البقاء في منازلهم لتقليل المظاهر الاحتفالية بعيد الميلاد في المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان مع زيادة الإصابات «بكوفيد-19» على مستوى البلاد بعد رفع القيود الصارمة.
ودعا فرع من لجنة الصحة ببلدية شنغهاي، أمس (السبت)، الشبان تحديداً إلى تجنب التجمعات الحاشدة التي يسهل خلالها انتقال العدوى في ظل انخفاض درجات الحرارة.

شجرة عيد الميلاد في مدينة جبيل اللبنانية (الشرق الأوسط)

فكيف حلّ العيد؟ وهل تستطيع أضواء الميلاد وترانيمه محو ملامح الحزن والفقر والخوف التي تعصف بغالبية شعوب العالم؟
من أرض فلسطين، ومن بيت لحم تحديداً مهد السيد المسيح، التي ارتدت ثوبها الجديد إيذاناً ببدء احتفالاتها، من خلال مظاهر الزينة التي تجلت بأبهى صورها في ساحة المهد وشوارعها وأحيائها المختلفة، انطلقت يوم أمس (السبت) الاحتفالات بالعيد حسب التقويم الغربي، بوصول موكب الميلاد من بطريركية اللاتين في باب الخليل بالبلدة القديمة في مدينة القدس إلى ساحة كنيسة المهد في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، حيث احتشد مئات المواطنين في ساحتها التي تزينها شجرة الميلاد، وسار المئات من أفراد فرق الكشافة بأزياء مختلفة وآلات موسيقية متعددة وهم يعزفون ترانيم عيد الميلاد.
وقال حنا حنانيا، رئيس بلدية بيت لحم لوكالة «رويترز» للأنباء، خلال وجوده في ساحة الكنيسة: «عادت الحياة إلى مدينة بيت لحم بعد جائحة (كورونا)، ونقول للجميع إن المدينة آمنة، وترحب بالجميع وتدعوهم إلى القدوم إليها للاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة، وزيارة كنيسة المهد وباقي المواقع الدينية والتاريخية فيها».
سحر الميلاد في بريطانيا
رغم التضخم الاقتصادي في بريطانيا، ومعاناة الآلاف من المواطنين من الفقر، فإن للعيد في لندن سحراً خاصاً، ففي هذه الفترة من السنة تطغى أضواء الميلاد على كآبة الجو المظلم والبارد، وتتحول المدينة إلى أرض عجائب شتوية، تتلألأ بأضواء العيد وأشجاره المزينة بشكل رائع. وتنتشر أسواقه في كل زاوية من زوايا العاصمة، وتصدح أغانيه الميلادية عالياً في سمائها.
أنشطة عديدة في لندن تجعلك تشعر بروح الأعياد، من التجول في «سوق الميلاد» التي تجذب سكان العاصمة والسائحين من جميع أنحاء العالم، إلى أكبر حلبة للتزلج على الجليد في الهواء الطلق في بريطانيا، والكثير من أكشاك الطعام بأطباقها المتنوعة تأتيك من جميع أنحاء العالم، والعديد من الفعاليات الميلادية والأنشطة التي يحبها الصغار والكبار.

من احتفالات العيد في لبنان

فرحة الأعياد في لبنان
هذه المرة الأولى بعد انجلاء الوباء، تعود الحياة فيها إلى بيروت، وكأنما أحب اللبنانيون أن يضعوا كل أزماتهم وراء ظهورهم ويحتفلوا. مكبرات الصوت تبث أغنيات العيد في كل مكان، وأسواق الميلاد تستقبل آلاف الزائرين في المناطق وبيروت. الحفلات، الترانيم، قرع أجراس، وسانتا كلوز ينتظرك ليستقبلك أينما توجهت. لم يشهد لبنان ازدحاماً للسير منذ سنوات مشابهاً للذي عاشته بيروت هذه الأيام، بين حركة المشترين والمغتربين والسائحين، فاضت الشوارع بالسيارات التي تستمر حتى الليل، والأسواق بالمشاة.
شجرة مدينة جبيل التي تلقى كل سنة شعبية واسعة وحظيت بجوائز عالمية في السنوات السابقة، عادت بحلة جديدة. وأضيئت شجرة العيد في الشارع الروماني وسط المدينة، وعادت العائلات إلى مدينة الحرف في النزهة السنوية الميلادية التي لا تفوت.
لكل مدينة سوقها وشجرتها الميلادية واحتفالاتها. في ضبية فيلدج ارتفعت شجرة شاهقة، ولم تتوقف الاحتفالات غناء ورقصاً وتبضعاً، كذلك هو الحال في «فوروم دو بيروت»، حيث أقيم معرض «كريسمس إن أكشن»، واستمتع الرواد بما وصف بأنها أكبر سوق لعيد الميلاد، وأغلقت أبوابها قبل يومين. نُصبت هذه السوق الكبيرة والمتنوعة والغنية في نسختها العاشرة، بالتعاون بين عدة جهات، بينها سوق الأكل ووزارة السياحة.
ومع ارتفاع سعر صرف الدولار عشية الميلاد إلى ما يقارب 47 ألف ليرة، وهو سعر قياسي تاريخياً لليرة اللبنانية، ازداد إحساس اللبنانيين بوطأة الأسعار. ومع ذلك أصر الناس على استكمال أفراحهم كل حسب مقدرته، مع تغيير نوعية الهدايا، وأنواع الأطعمة على مائدة العيد عند البعض، قام كل بما يستطيعه كي تمضي المناسبة كما يتمنونها.

أضواء متجر هارودز تتلألأ في حي نايتسبردج اللندني (الشرق الأوسط)

وبقيت الطائرات التي تحمل المسافرين تصل إلى مطار بيروت ممتلئة، حتى ساعة متأخرة من مساء أمس. فقد حرص عدد كبير من المغتربين على قضاء العيد مع عائلاتهم، وهو ما ساهم جزئياً في إنقاذ الوضع الاقتصادي، وزيادة إشغال الفنادق، والدفع بحركة المطاعم بشكل ملحوظ.
ويبقى الميلاد مناسبة عائلية، فيما يرى السائحون في مناسبة الأعياد، فرصة لزيارة الجبال والإقامة هناك لعدة أيام.
لبنان من شماله إلى جنوبه احتفى بالميلاد. ففي بلدة القبيات شمال لبنان استضاف معمل الحرير التراثي، القرية الميلادية التي أطلقتها مؤسسة «إنسان» وأمنت كل المتطلبات اللوجستية والإدارية لهذا المهرجان المستمر على مدى أسبوع كامل، ابتداء من 19 وحتى اليوم، حيث تباع المنتوجات القروية والحرفية المتعددة وسوق الأكل، من إنتاج أبناء بلدة القبيات، إضافة إلى أنشطة ترفيهية يومية للأطفال.
وفي الشمال أيضاً، عمت العديد من البلدات العكارية، سلسلة احتفالات إحياءً لعيد الميلاد، حيث أُنيرت أشجار الميلاد وسط الساحات، وافتتحت العديد من القرى الميلادية التي أتاحت الفرصة للمشاركة العائلية لأبناء القرى. وأضيئت زينة العيد على الكورنيش البحري في مدينة صور، على أنغام الترانيم الميلادية التي عزفتها موسيقى الدفاع المدني، وشارك الأهالي بشكل جماعي بهذه المناسبة.

طفلتان تلتقطان صورة مع سانتا كلوز في هونغ كونغ (رويترز)

مقالات ذات صلة

يوميات الشرق فنان العرب محمد عبده خلال حفله بالقاهرة (المنظمون)

محمد عبده يطرب جمهور القاهرة في ليلة «رأس السنة»

ليلة صاخبة عاشتها مدينة القاهرة، في ليلة رأس السنة الجديدة 2023، حيث شهدت 10 حفلات غنائية لمطربين مصريين وعرب، استمرت حتى ساعات الصباح الأولى من فجر الأحد. ففي أحد الفنادق الكبرى المطلة على نهر النيل، أطرب «فنان العرب» محمد عبده جمهور القاهرة، في حفل بداية العام الجديد، الذي يعد الأول له بمصر بعد فترة غياب دامت ما يقرب من 3 سنوات، والثاني له بعد الأزمة الصحية التي تعرض لها، حيث كان قد أحيا قبل مجيئه للقاهرة بساعات حفلاً غنائياً بمدينة العلا السعودية. قدم عبده خلال الحفل 14 أغنية من أهم وأشهر أغنياته التي اشتهر بها في العالم العربي ومنها «شبيه الريح»، و«أنا حبيبي»، و«اعترفلك»، و«اختلفنا»، و«أيو

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق إطلاق المفرقعات النارية احتفالاً بالعام الجديد في كمبالا (أ.ف.ب)

9 قتلى بحادث تدافع خلال احتفالات العام الجديد في أوغندا

لقي تسعة أشخاص على الأقل حتفهم في تدافع بمركز تسوّق في العاصمة الأوغندية، اليوم (الأحد)، خلال احتفالات بحلول العام الجديد، حسبما أعلنت الشرطة. وبعد إطلاق المفرقعات النارية أمام مركز «فريدوم سيتي» في كمبالا، «حصل تدافع نجم عنه وفاة خمسة أشخاص على الفور وإصابة آخرين بجروح»، وفق الشرطة التي أضافت أن «فرق الطوارئ وصلت إلى المكان ونقلت المصابين إلى المستشفى، حيث تم تأكيد وفاة تسعة أشخاص»، حسبما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (كمبالا)
يوميات الشرق الألعاب النارية تضيء السماء فوق جسر ميناء سيدني الشهير (أ.ف.ب)

العالم يودّع عام 2022 المضطرب ويستقبل آخر بالتمنيات

استقبل أمس (السبت)، 8 مليار شخص حول العالم سنة 2023 مودعين عاماً كثُرت فيه الاضطرابات الأمنية والاقتصادية، حمل ليونيل ميسي منتخب بلاده إلى الفوز بمونديال قطر. بالنسبة لكثيرين، ستكون تلك مناسبة للتخلّص من ذكريات مرتبطة بمعدّلات التضخم القياسية في جميع أنحاء العالم، وبأزمة «كوفيد - 19» الذي يصبح رويداً رويداً في طي النسيان من دون أن يختفي فعلياً. سيدني في «مشهد الألوان» استقبلت سيدني العام الجديد بعرض واسع النطاق للألعاب النارية أطلق عليه اسم «مشهد الألوان» في ميناء المدينة الأسترالية. كان قوس قزح المضيء أبرز ما في العرض، الذي تسلل من أعلى لأسفل مثل الشلالات من جسر هاربور. وكان من المتوقع أن يتد

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من استعدادات الأمن المصري لتأمين احتفالات الأعياد (وزارة الداخلية)

مصر: تدابير أمنية استعداداً لاحتفالات العام الجديد

كثفت السلطات المصرية من «التشديدات الأمنية في ربوع البلاد استعداداً لاحتفالات العام الجديد وعيد الميلاد المجيد». وأكدت وزارة الداخلية المصرية «اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة بمناسبة احتفالات المصريين بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
TT

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية» ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو» على أنه تراث مشترك بين 16 دول عربية.

ويأتي الملف التراثي نتيجة تعاون مشترك بين وزارتي الثقافة والخارجية المصريتين وسائر الدول العربية التي تعد الحناء من العناصر الثقافية الشعبية المرتبطة بمظاهر الفرح فيها، كما تمثل تقليداً رئيساً لمظاهر احتفالية في هذه المجتمعات وهي: السودان، مصر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، العراق، الأردن، الكويت، فلسطين، تونس، الجزائر، البحرين، المغرب، موريتانيا، سلطنة عمان، اليمن، وقطر.

وتعقد اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي اجتماعاً يستمر منذ الاثنين الماضي وحتى الخميس 5 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في أسونسيون عاصمة باراغواي، للبت في إدراج 66 عنصراً جديداً رُشحَت على أنها تقاليد مجتمعية، وفق «اليونيسكو».

وذكّرت المنظمة بأن الحنّة (أو الحناء): «نبتة يتم تجفيف أوراقها وطحنها ثم تحويلها إلى عجينة تُستخدم في دق الوشوم وتحديداً تلك التي تتلقاها المدعوات في حفلات الزفاف، وتُستعمل أيضاً لصبغ الشعر أو جلب الحظ للأطفال».

الحنة تراث ينتقل بين الأجيال (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

وعللت «اليونيسكو» إدراج الحنّة في قائمة التراث الثقافي غير المادي بأنها «ترمز إلى دورة حياة الفرد، منذ ولادته وحتى وفاته، وهي حاضرة خلال المراحل الرئيسة من حياته، وترافق طقوس استخدام الحنّة أشكال تعبير شفهية مثل الأغنيات والحكايات».

من جهته أعرب الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، عن اعتزازه بهذا الإنجاز، مشيراً إلى أن تسجيل الحناء يُعد العنصر التاسع الذي تضيفه مصر إلى قوائم التراث الثقافي غير المادي منذ توقيعها على اتفاقية 2003، بحسب بيان للوزارة.

وأكدت الدكتورة نهلة إمام رئيسة الوفد المصري أن الحناء ليست مجرد عنصر جمالي، بل تمثل طقساً اجتماعياً عريقاً في المجتمعات العربية؛ حيث تُستخدم في الحياة اليومية والمناسبات المختلفة، كما أشارت إلى «ارتباط استخدام الحناء بتقاليد شفهية، مثل الأهازيج والأمثال الشعبية، وممارسات اجتماعية تشمل زراعتها واستخدامها في الحرف اليدوية والعلاجية».

وسلط الملف الذي قُدم لـ«اليونيسكو» بهدف توثيقها الضوء على أهمية الحناء بأنها عنصر ثقافي يعكس الروح التقليدية في المجتمعات المشاركة، وكونها رمزاً للفرح والتقاليد المرتبطة بالمناسبات الاحتفالية وفق الدكتور مصطفى جاد، خبير التراث الثقافي اللامادي بـ«اليونيسكو»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تمثل الحناء واحدة من أهم عناصر تراثنا الشعبي، فهي مرتبطة بمعظم مفردات التراث الشعبي المصري والعربي الأخرى؛ وهي وثيقة الارتباط بالنواحي الجمالية والتزيينية، وأغاني الحناء، فضلاً عن الأمثال والمعتقدات الشعبية، والاستخدامات والممارسات الخاصة بالمعتقدات الشعبية، وتستخدم الحناء في الكثير من طقوسنا اليومية، المتعلقة بالمناسبات السعيدة مثل الزواج والأعياد بشكل عام».

الحنة تراث عربي مشترك (بكسيلز)

وأكد جاد أن التعاون العربي تجاه توثيق العناصر التراثية يعزز من إدراج هذه العناصر على قوائم «اليونيسكو» للتراث اللامادي؛ مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وقال: «تثمن (اليونيسكو) عناصر التراث الشعبي المشتركة بين الدول، وقد سبق تسجيل عناصر النخلة، والخط العربي، والنقش على المعادن المشتركة بين مصر وعدة دول عربية؛ مما يؤكد الهوية العربية المشتركة».

وأضاف: «نحن في انتظار إعلان إدراج عنصر آخر مشترك بين مصر والسعودية على القوائم التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بـ(اليونيسكو) اليوم أو غداً، وهو آلة السمسمية الشعبية المعروفة».

وكانت بداية الحناء في مصر القديمة ومنها انتشرت في مختلف الثقافات، خصوصاً في الهند ودول الشرق الأوسط، حتى صارت ليلة الحناء بمثابة حفل «توديع العزوبية» في هذه الثقافات، وفق عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأدلة الأثرية والتحاليل العلمية وثقت دور الحنة باعتبارها مادة أساسية ذات أهمية كبيرة في الحياة اليومية للمصريين القدماء»، وتابع: «بخلاف استخدامها في الأغراض التجميلية مثل صبغ الشعر، فقد تمت الاستعانة بها في الطقوس الجنائزية؛ إذ يعتقد استخدامها في التحنيط، كما كانت جزءاً من الممارسات الروحية لتحضير المومياوات للحياة الآخرة، فضلاً عن صبغ الأقمشة والجلود».

ارتبطت الحناء بالمناسبات والأعياد (بكسيلز)

الفنان العُماني سالم سلطان عامر الحجري واحد من المصورين العرب الذين وثقوا بعدستهم استخدام الحنة في الحياة اليومية، وسجّل حرص الجدات على توريثها للأجيال الجديدة من الفتيات الصغيرات، يقول الحجري لـ«الشرق الأوسط»: «الحنة في سلطنة عمان هي رمز للفرحة، ومن أهم استخداماتها تزيين النساء والأطفال بها في عيد الفطر، حيث عرفت النساء العربيات منذ القدم دق ورق الحناء وغربلته ونخله بقطعة من القماش وتجهيزه، مع إضافة اللومي اليابس (الليمون الجاف)، لمنحها خضاب اللون الأحمر القاتم، وذلك قبل العيد بعدة أيام، ثم يقمن بعجن الحناء المضاف له اللومي الجاف بالماء، ويتركنه لفترة من الوقت، وقبل النوم يستخدمن الحناء لتخضيب اليدين والرجلين للنساء والفتيات».