ما دلالة نشر «القاعدة» مقطع فيديو منسوباً للظواهري؟

بعد مرور 6 أشهر على مقتله واستمرار الغموض حول الزعيم الجديد

أيمن الظواهري زعيم «القاعدة» الذي أُعلن مقتله في كابل (أ.ب)
أيمن الظواهري زعيم «القاعدة» الذي أُعلن مقتله في كابل (أ.ب)
TT

ما دلالة نشر «القاعدة» مقطع فيديو منسوباً للظواهري؟

أيمن الظواهري زعيم «القاعدة» الذي أُعلن مقتله في كابل (أ.ب)
أيمن الظواهري زعيم «القاعدة» الذي أُعلن مقتله في كابل (أ.ب)

ما دلالات نشر تنظيم «القاعدة» الإرهابي مقطع فيديو منسوباً للإرهابي البارز أيمن الظواهري؟ بات تساؤلاً أثار جدلاً خلال الساعات الأخيرة، عقب بث الفيديو «غير المؤرخ»، بعد مرور ما يقرب من 6 أشهر على إعلان واشنطن مقتل الظواهري في العاصمة كابل، وسط استمرار الغموض حول اختيار الزعيم الجديد للتنظيم.
ونشر تنظيم «القاعدة» الإرهابي (ليل الجمعة) مقطع فيديو للظواهري. وذكر موقع «سايت» الاستخباراتي المعني برصد منشورات «التنظيمات الإرهابية»، أن «تنظيم (القاعدة) نشر فيديو مدته 35 دقيقة يزعم أنه بصوت الظواهري». ولم يشر مقطع الفيديو إلى إطار زمني محدد لتوقيته.
وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا في تصريحات سابقة إن «الولايات المتحدة قتلت الظواهري بصاروخ أطلقته طائرة مُسيَّرة، بينما كان يقف في شرفة منزل يختبئ فيه، في أواخر يوليو (تموز) الماضي، في أكبر ضربة للتنظيم منذ أن قتلت قوات خاصة من البحرية الأميركية أسامة بن لادن، قبل أكثر من عقد من الزمن».
وقال الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، إن «هناك دلالات وراء نشر (القاعدة) مقطع فيديو منسوباً للظواهري: أولها أن التنظيم فشل في الإعلان عن (بديل للظواهري) إلى الآن، وأراد أن يشغل الجميع حول العالم بفيديو الظواهري، بعيداً عن الحديث حول (اختيارات) الزعيم الجديد (المتعثرة)، وثانيها أن التنظيم أراد إرسال رسالة بأنه ما زال قوياً وقادراً على صٌنع الأحداث»، لافتاً إلى أن «إظهار المقطع الصوتي من (القاعدة) الآن، ليُحدِث التنظيم حالة من الجدل حول: هل قتل الظواهري أم لا؟».
ودلَّل أديب على حالة الجدل التي أرادها التنظيم، بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن «الفيديو لم يشر إلى موعد محدد، حتى يُحدِث حالة من الغموض بشأنه، وليعطي فرصة للتساؤل حول مصير الظواهري... وكان أولى بالتنظيم أن يُعلن خليفة جديداً بدلاً من نشر فيديو قديم للظواهري».
ووفق تصريحات سابقة لمسؤول في الإدارة الأميركية، فإن «عملية تحديد مكان الظواهري وقتله، كانت نتيجة عمل (دقيق ودؤوب) من جانب وكالات (مكافحة الإرهاب والاستخبارات)». في حين أشار الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، في أغسطس (آب) الماضي، إلى أن «الحركة لم تعثر على جثمان الظواهري، وتواصل التحقيقات». وذكرت «طالبان»، في بيان لها، أنها «ليست لديها أي معلومات عن مجيء الظواهري وإقامته في كابل».
وعلى الرغم من تردد أسماء كثيرة كانت مرشحة لخلافة الظواهري؛ فإن الاختيار لم يحسم إلى الآن. ويعد المصري محمد صلاح زيدان الذي يحمل الاسم الحركي «سيف العدل»، من أبرز المرشحين. ويُرجح أنه يبلغ من العمر 60 عاماً تقريباً، وبفضل خبرته العسكرية والإرهابية، يُعد تقريباً من قدامى المحاربين في التنظيم الإرهابي الدولي. وصنفه مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي واحداً من أكثر «الإرهابيين» المطلوبين في العالم، بمكافأة تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار.
وكانت صورة قد انتشرت لـ«سيف العدل»، في وقت سابق، رجَّحت معها احتمالية قيادته لـ«القاعدة». واعترف «سيف العدل» في رسالة كتبها باسمه الحركي الثاني «عابر سبيل» أخيراً، بأن «وجوده في إيران جاء بناءً على (تحالف مصالح) وأن الخروج منها بمثابة (القفز من السفينة إلى القبر)» على حد قوله.
ويشار إلى أنه في عام 2014 ظهرت وثيقة حددت الشخصيات المرشحة لـ«خلافة الظواهري»، وتضمنت أبو الخير المصري، وأبو محمد المصري، وسيف العدل، وأبو بصير الوحيشي؛ إلا أن المتغير الذي طرأ على هذه الوثيقة، هو أنه لم يبق على قيد الحياة من هذه الأسماء؛ إلا «سيف العدل»؛ لكن «هذا لم يحسم الأمر لصالحه إلى الآن».
وخلال الأشهر الماضية، تم تداول أسماء مرشحة لقيادة «القاعدة»، مثل محمد أباتي المكنى «أبو عبد الرحمن المغربي»، وكان الشخصية الأقرب للظواهري، كما أنه كان مسؤولاً عن تأمين اتصالات الظواهري، والإشراف على إرسال الرسائل «المشفرة» إلى القواعد التنظيمية حول العالم. وخالد باطرفي، زعيم فرع «القاعدة» في شبه جزيرة العرب. وأبو عبيدة يوسف العنابي، (المعروف باسم يزيد مبارك) وهو زعيم «القاعدة في بلاد المغرب»، فضلاً عن عمر أحمد ديري، ويعرف باسم أحمد عمر، أو أبو عبيد، وهو زعيم حركة «الشباب» الصومالية. وأبو همام الشامي، أمير تنظيم «حراس الدين» فرع «القاعدة» في سوريا. وأيضاً أبو عبد الكريم المصري.
وحسب مراقبين، فإن «التنظيم يفتقر لـ(الكاريزما التنظيمية والشرعية) التي كانت موجودة عند بن لادن، ومن بعده بدرجة متفاوتة في الظواهري، والأسماء التي ترددت منذ مقتل الظواهري يبدو أنها ليس عليها إجماع تنظيمي؛ خصوصاً أن بعض هذه القيادات (المرشحة) موجودة في دول معينة، ما يثير الشكوك حول أن هذه الدول قد تكون المُسيطرة على التنظيم».
عودة إلى أديب الذي أشار إلى أنه «لو افترضنا أن ما بثه تنظيم (القاعدة) فيديو جديد للظواهري، فلماذا لم يشر إلى توقيته، أو يعلق فيه الظواهري على أي حدث جديد في العالم، بدلاً من ذكر حدث قديم؟»، لافتاً إلى أن «أغلب التقارير الدولية التي نشرت خلال ديسمبر (كانون الأول) الجاري، تتحدث عن انحسار (تنظيمات العنف والتطرف)، وأن تنظيم (داعش) قُتل له زعيمان في عام 2022: أبو إبراهيم القرشي، في فبراير (شباط) الماضي، وأبو الحسن الهاشمي القرشي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، و(القاعدة) قتل زعيمها الظواهري»، مرجحاً أن «يكون تنظيم (القاعدة) قد أخرج فيديو الظواهري؛ لكي يرد على أحاديث انحسار التنظيم». وهنا أشار أديب إلى أن «التنظيم لم ينعَ الظواهري حتى الآن، ويبدو أن التنظيم يرى أنه لو نعاه، فهذا اعتراف منه بأن الظواهري قُتل، وحينها سيكون مضطراً لإعلان زعيم جديد لـ(القاعدة)».


مقالات ذات صلة

رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية محمد البشير: خزائن الدولة خاوية

المشرق العربي حوار رئيس حكومة تصريف الأعمال السوري محمد البشير لصحيفة «كوريري دي لا سيرا» الإيطالية

رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية محمد البشير: خزائن الدولة خاوية

في أول حديث يدلي به إلى وسيلة إعلام غربية، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال لصحيفة «كوريري دي لا سيرا» الإيطالية، إن خزائن الدولة خاوية بعد أن التهم النظام كل شيء.

شوقي الريّس ( روما)
المشرق العربي مقاتل من «هيئة تحرير الشام» يتابع القصف المستمر على قرى في ريف حلب الغربي (أ.ف.ب) play-circle 00:20

«تحرير الشام» تتقدم في حلب وإدلب والجيش السوري يحاول وقفها بمساعدة روسية

سيطرت قوات «تحرير الشام» وفصائل «غرفة عمليات الفتح المبين» على 10 بلدات وقرى في محافظة حلب بشمال غربي البلاد، كانت خاضعة لسيطرة الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

إلى جانب الحربين اللتين تصدَّرتا عناوين الأخبار خلال عام 2024، في الشرق الأوسط وأوكرانيا، تستمر نزاعات لا تحظى بالقدر نفسه من التغطية الإعلامية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

الجيش الباكستاني يبذل جهوداً كبرى لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين.

عمر فاروق (إسلام آباد)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.