عون يربط تفعيل عمل مجلس النواب اللبناني بحل أزمة «آلية عمل» الحكومة

سلام: لن أسهم في التعطيل.. وسأعطي مساحة لبحثها في الجلسة المقبلة

عون يربط تفعيل عمل مجلس النواب اللبناني بحل أزمة «آلية عمل» الحكومة
TT

عون يربط تفعيل عمل مجلس النواب اللبناني بحل أزمة «آلية عمل» الحكومة

عون يربط تفعيل عمل مجلس النواب اللبناني بحل أزمة «آلية عمل» الحكومة

يربط رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، الطامح للرئاسة اللبنانية، موافقته على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بحل أزمة الحكومة وبالتحديد آلية عملها التي وعد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام يوم أمس الاثنين بأنّه سيكون منفتحا على الحوار بشأنها في الجلسة الحكومية المقبلة والتي حدد موعدها الأسبوع المقبل.
ويدفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري باتجاه تفعيل العمل التشريعي من خلال مرسوم يجول على الوزراء، ومن شأنّه في حال وقّع عليه 13 وزيرا (النصف زائدا واحدا)، أن يسمح بفتح دورة استثنائية بعدما كانت انقضت الدورة العادية بجلسة تشريعية واحدة لرفض معظم الكتل المسيحية السير بمبدأ التشريع في ظل غياب رئيس الجمهورية الذي يعجز مجلس النواب عن انتخابه منذ أكثر من سنة، وتشديدهم على أنّه ومنذ شغور سدة الرئاسة في مايو (أيار) 2014 تحول البرلمان لهيئة ناخبة.
وأشار عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب فريد الخازن إلى أن تكتله «لا يمانع في فتح دورة استثنائية لمجلس النواب والعودة للتشريع، إلا أنّه يربط أي قرار بهذا الشأن بالتوصل لتوافق حول آلية عمل الحكومة»، متحدثا عن «شروط للموافقة على التوقيع على مرسوم تفعيل العمل التشريعي»، بإشارة إلى تحديد البنود التي سيتم بحثها، والتي يشدد تيار عون كما حزب «القوات» الذي يرأسه سمير جعجع على وجوب حصرها ببندي قانون الانتخاب واستعادة الجنسية.
وقال الخازن، لـ«الشرق الأوسط»: «أي خطوة باتجاه حل الأزمة التي نحن فيها تبدأ بإعادة توضيح الآلية التي يعمل على أساسها مجلس الوزراء والتي يجب أن تستمر على ما كانت عليه لجهة اتخاذ القرارات بالتوافق والإجماع»، لافتا إلى أن «هناك من يمارس عمليات استفزاز، مما ينم عن إرادة واضحة لإقصائنا، وهو ما لن نسمح به». وأضاف «التعاطي الفوقي معنا أمر مرفوض، والتنصل من الاتفاقات بات للأسف يخضع لمراهنات على الوضع الإقليمي، مما يزيد من التأزيم الداخلي».
ويأخذ عون على حليفه بري عدم الوقوف معه في معركته داخل الحكومة، ولذلك لا يبدو أنه سيتساهل بموضوع عمل مجلس النواب إلا في حال تمت تلبية جزء من مطالبه الحكومية.
وجدد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام يوم أمس الدعوة إلى «الهدوء والابتعاد عن المناكفات حماية للاستقرار في البلاد»، مؤكدا أنه سيكون في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء «منفتحا على الحوار حول مقاربة العمل الحكومي، على أن يتم ذلك تحت عنوان عدم تعطيل عمل مجلس الوزراء».
وقال سلام خلال استقباله وفدا من «هيئة الدفاع عن حقوق» في السراي الحكومي في بيروت: «أنا اليوم لست مؤتمنا على رئاسة مجلس الوزراء فقط، بل مؤتمن على الوطن خصوصا في الشغور الرئاسي. وإذا اضطررت إلى اعتماد بعض المقاربات التي تضمن استمرارنا في ملء هذا الشغور استثنائيا فأنا مضطر لاعتمادها، ولكن سأقول وبكل موضوعية إن المادة 64 في الدستور تنص على أن مجلس الوزراء يتخذ قراراته بالتوافق أو بالنصف زائدا واحدا أو بالثلثين».
وشدّد سلام على أنّه لن يسهم في التعطيل «وسأكون على استعداد في الجلسة المقبلة لإعطاء مساحة لبحث موضوع مقاربة عمل مجلس الوزراء باعتبار أن الوضع اليوم هو أمانة في أعناقنا جميعا والمطلوب الهدوء».
وكان مناصرو عون لجأوا إلى الشارع الأسبوع الماضي للدفع باتجاه تلبية مطالب وزراء تكتل «التغيير والإصلاح» وعلى رأسها إتمام التعيينات الأمنية وبالتحديد تعيين قائد جديد للجيش.
وبعكس فريق عون السياسي الذي لا يبدو متمسكا ببقاء الحكومة في حال لم تقم بما يقول إنّها «واجباتها»، يقوم حزب الله بمساع شتى لاحتواء الأزمة الحكومية، وهو ما عبّر عنه رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين الذي شدّد على أن «الحزب مع بقاء الحكومة بآلية معتمدة مبنية على التوافق». وقال في بيان «الحل الوحيد لأي مشكلة وأزمة في لبنان هو بالحوار، وإننا في الداخل يجب علينا أن نحفظ بلدنا بالحوار والتلاقي، وأن تعالج الأزمات والمشاكل من خلال الوصول إلى الحد الأدنى من المشتركات التي تحفظ لنا لبنان، الذي يكفيه ما فيه من تنازع غرائزي ومذهبي وطائفي وعصبيات».
وطالب وزير الصناعة، المحسوب على حزب الله، حسين الحاج حسن، تيار المستقبل بـ«عدم التنصل من نتائج الحوار بينه وبين التيار الوطني الحر». وقال الحاج حسن، في احتفال تأبيني في منطقة البقاع شرق لبنان، لأحد عناصر الحزب الذين سقطوا في سوريا «المطلوب اليوم من تيار المستقبل أن يتحمل مسؤوليته تجاه الحكومة والمجلس النيابي والتيار الوطني الحر واللبنانيين، وليس القيام بحوار والوصول إلى نتائج والتنصل والتراجع، لأن الحكومة في أزمة ومسؤولية حلها عند تيار المستقبل وليس عند بقية أفرقاء الحكومة والتيار. لذلك قلنا إننا وقفنا مع التيار وإلى جانبه وسنقف معه».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم