ماهي العلامة 162 التي تطالب الكويت بترسيم الحدود البحرية مع العراق بعدها؟

الوساطة الأممية توقّفت عند القرار (833) واتفاقية «خور عبد الله» ساهمت في تقدم محدود

الوساطة الأممية لترسيم الحدود الدولية استُبدلت بها لجنة وزارية من البلدين في 2011 لكنها لم تنجح في التوصل لاتفاق لما بعد العلامة 162 (أ.ف.ب)
الوساطة الأممية لترسيم الحدود الدولية استُبدلت بها لجنة وزارية من البلدين في 2011 لكنها لم تنجح في التوصل لاتفاق لما بعد العلامة 162 (أ.ف.ب)
TT

ماهي العلامة 162 التي تطالب الكويت بترسيم الحدود البحرية مع العراق بعدها؟

الوساطة الأممية لترسيم الحدود الدولية استُبدلت بها لجنة وزارية من البلدين في 2011 لكنها لم تنجح في التوصل لاتفاق لما بعد العلامة 162 (أ.ف.ب)
الوساطة الأممية لترسيم الحدود الدولية استُبدلت بها لجنة وزارية من البلدين في 2011 لكنها لم تنجح في التوصل لاتفاق لما بعد العلامة 162 (أ.ف.ب)

تعتبر مسائل ترسيم الحدود بين الكويت والعراق مسائل مصيرية عبر التاريخ بالنسبة لكلا الطرفين، نظراً لما اكتنفها من تطورات تاريخية نالت طابع الشد والجذب، وساهمت فيها التجاذبات التي سادت علاقات البلدين الجارين، طبقاً لمراقبين، ووصلت هذه التجاذبات ذروتها في أغسطس (آب) 1990 بالغزو العراقي للكويت، واستمرار آثاره من القضايا الثنائية العالقة حتى اليوم.

أول اتفاق حدودي
وبحسب المراسلات الرسمية بين البلدين فإن أول اتفاق ثنائي بشأن الحدود بين البلدين جاء في إطار تبادل رسمي للرسائل في عام 1932، قبل أن يعود العراق في عام 1961 عن الاتفاق مطالباً بضم الكويت دفعةً واحدة واعتبارها أرضا عراقية، ثم تبدّل الموقف مجدداً بحلول عام 1963 بُعيد اعتراف العراق بالكويت دولةً مستقلة، وإعادة التأكيد على اتفاق الحدود في مراسلات عام 1932 بين البلدين.

ذوبان قضية الحدود في الغزو العراقي للكويت
وفي صبيحة الثامن من أغسطس (آب) من عام 1990، عقب أسبوع من اندلاع الغزو العراقي للكويت، أعلن مجلس قيادة الثورة العراقي اندماجاً شاملاً وأبديًّاً بين العراق والكويت، كما أعلن العراق من طرف واحد ضم الكويت وأنها أصبحت المحافظة العراقية التاسعة عشرة، لتذوب مسائل الحدود بكل أشكالها في غياهب الغزو.

قرار أممي بترسيم الحدود
ولعبت الأمم المتحدة دور الوسيط الأساسي في العلاقات بين البلدَين، حيث طُلب منها في عام 1991، بعد العملية العسكرية التي آلت إلى خروج القوات العراقية من الكويت، ترسيم الحدود رسميًا بين البلدين، ليأتي التأكيد من جانب الأمم المتحدة على الترسيم في عام 1993بموجب قرار مجلس الأمن رقم 833، بيد أن ترسيم الأمم المتحدة للحدود البحرية توقّف عند النقطة المعروفة بـ «العلامة 162»، أي النقطة الأخيرة التي عيّن الكويتيون والعراقيون حدودها في المراسلات البينية التي سبقت مرحلة الغزو العراقي للكويت.
فما هي العلامة 162 التي توقف عندها ترسيم الحدود الكويتية – العراقية من جانب الأمم المتحدة لتترك شأنه لمفاوضات الجانبين؟
هي النقطة التي توقف عندها ترسيم الحدود الدولية الصادر من مجلس الأمن في عام 1993 برقم (833) والذي اعتبر «خور عبد الله» خطاً حدوديّاً بين الدولتين، ويقع خور عبد الله شمال الخليج العربي بين جزيرتي (بوبيان، ووربة) الكويتيتين، و(شبه جزيرة الفاو) العراقية.
بيد أن التوتر حول هذه العلامة بدأ في عام 2010 عندما وضعت الكويت حجر الأساس لبناء ميناء مبارك على الضفة الغربية للخور، في الوقت نفسه وضعت بغداد حجر الأساس لإنشاء ميناء الفاو الكبير في الضفة المقابلة، فيما اعتبر في حينه ردًا على الخطوة الكويتية.

تقدّم عبر اتفاقية «خور عبد الله»
ووفقاً للجانب الكويتي، فقد طالبت الحكومة الكويتية نظيرتها في العراق، غير ذي مرة، بالنظر في تسوية قضية الحدود البحرية، وبدأت هذه المطالبات منذ عام 2005 بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.
ومع أن البلدين لم يتوصّلا إلى أي اتفاق بهذا الشأن، فإن تطوراً حصل لاحقاً بعد اتفاق الجانبين في 29 من أبريل (نيسان) لعام 2012 على تنظيم الملاحة البحرية في «خور عبد الله» المشترك بينهما، وصودق على الاتفاقية في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام التالي 2013 بعنوان (اتفاقية الخطة المشتركة لضمان سلامة الملاحة في خور عبد الله)، نتيجةً لعقد اللجنة الوزارية الكويتية - العراقية المشتركة أولى اجتماعاتها في عام 2011 في الكويت، حيث أكد الجانب العراقي خلالها التزامه بكل القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، لا سيما القرار (833) الخاص بترسيم الحدود بين البلدين.

احتجاج عراقي رسمي لدى مجلس الأمن
من جانبها، فقد أعلنت الحكومة العراقية في مطلع عام 2017 استكمال التزامها بتنفيذ الاتفاقية، قبل أن يوجه العراق شكوى رسمية إلى مجلس الأمن، في السابع من أغسطس 2019 ضد ما اعتبره قيام الكويت بإحداث تغييرات جغرافية في المنطقة البحرية الواقعة بعد «العلامة «162 في خور عبدالله، من خلال تدعيم منطقة «فشت العيج» الضحلة وإقامة منشأة مرفئية عليها من طرف واحد دون علم وموافقة بغداد، الأمر الذي نفاه مسؤول كويتي، مؤكّداً أن «المنطقة البحرية وعلاماتها وترسيمها، كانت حاضرة في كل الاجتماعات الثنائية، وأن منشاة فشت العيج تقع ضمن مياه الكويت الإقليمية».
وعادت أزمة ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين إلى السطح مجدّداً بعد كلمةٍ ألقاها رئيس الوزراء الكويتي، الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، الأربعاء، خلال مؤتمر «بغداد 2» في الأردن قال فيها «إننا مطالبون بالعمل على إغلاق كل الملفات العالقة بما في ذلك ترسيم الحدود البحرية بعد العلامة 162 لننطلق معا في الانتقال بعلاقاتنا إلى آفاق جديدة».

تضامن خليجي مع سيادة الكويت
وكانت القمة الخليجية المنعقدة في دورتها الماضية بالعاصمة السعودية الرياض، قد شدّدت في بيانها الختامي على أهمية التزام العراق بسيادة دولة الكويت وعدم انتهاك قرار مجلس الأمن رقم (833)، كما دعا المجلس العراق إلى استكمال ترسيم الحدود البحرية مع الكويت لما بعد العلامة 162، معبّراً عن رفضه القاطع لأي انتهاك يمس سيادة الكويت واحتفاظها بحقها في الرد وفق القنوات القانونية.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

«البنتاغون» يعلن إطلاق عملية ضد «داعش» في سوريا رداً على هجوم تدمر

عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«البنتاغون» يعلن إطلاق عملية ضد «داعش» في سوريا رداً على هجوم تدمر

عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث، الجمعة، إطلاق عملية عسكرية ضد تنظيم «داعش» في سوريا رداً على هجوم في تدمر أودى بحياة ثلاثة أميركيين.

وقال هيغسيث في منشور على منصة «إكس»: «بدأت القوات الأميركية عملية +ضربة عين الصقر+ في سوريا للقضاء على مقاتلين وبنى تحتية ومواقع تخزين أسلحة لتنظيم داعش، في رد مباشر على الهجوم الذي استهدف قوات أميركية في 13 ديسمبر (كانون الأول)».

وأفادت صحيفة ‌«نيويورك تايمز»، ‌نقلاً ‌عن ⁠مسؤول ​أميركي ‌طلب عدم الكشف عن ⁠هويته، ‌أن ‍الجيش الأميركي ‍شن ‍غارات جوية على ​أهداف عدة لتنظيم «داعش» في سوريا اليوم الجمعة.

وتأتي هذه ‌الهجمات ⁠بعد ​أن ‌تعهد الرئيس دونالد ترمب، بالرد بعد هجوم على جنود أميركيين نهاية الأسبوع الماضي في سوريا من قبل شخص يشتبه في ⁠انتمائه لتنظيم «داعش».

وذكر ‌الجيش الأميركي، أن ‍اثنين ‍من أفراده ومترجم مدني قتلوا، ‍السبت، في مدينة تدمر وسط سوريا على يد مهاجم استهدف قافلة للقوات الأميركية ​والسورية قبل أن يُقتل بالرصاص. وأصيب ثلاثة جنود أميركيين ⁠آخرين في الهجوم.

ونفذ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضربات جوية وعمليات برية في سوريا استهدفت المشتبه في انتمائهم لتنظيم «داعش» في الشهور القليلة الماضية، وغالباً ما كان ذلك بمشاركة قوات ‌الأمن السورية.


الرئيس السوري يهنئ الشعب برفع عقوبات «قيصر» ويؤكد بدء مرحلة البناء

الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)
TT

الرئيس السوري يهنئ الشعب برفع عقوبات «قيصر» ويؤكد بدء مرحلة البناء

الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)

رحّب الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الجمعة، برفع الولايات المتحدة نهائياً العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة تمهّد لعودة الاستثمارات إلى البلاد بعد سنوات من الحرب.

وقال، في كلمة مصورة، هي أول منشور له عبر منصة «إكس»: «اليوم هو أول يوم وسوريا دون عقوبات بفضل الله عزّ وجلّ، ثم بجهودكم وصبركم لأربعة عشر عاماً».

وتوجه بـ«الشكر الجزيل والخاص للرئيس دونالد ترمب، رئيس الولايات المتحدة الأميركية، على استجابته لدعوة هذا الشعب السوري، وتقدير أعضاء الكونغرس لتضحيات الشعب السوري وتلبيتهم لدعوته برفع العقوبات عن سوريا».

وأضاف: «الشكر الجزيل لكل من ضحى وصبر خلال فترة الثورة السورية المباركة، لكل من استنشق الكيماوي، ولكل من هاجر وغادر أرضه، ولكل من غرق في البحار، ولدماء الشهداء التي روت هذه الأرض المباركة، حتى وصلنا إلى هذا النصر العظيم الذي توج برفع القيود عن سوريا بشكل كامل».

كما شكر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وكانت وزارة الخارجية السورية أكدت في وقت سابق أن رفع العقوبات «مدخل لمرحلة إعادة البناء والتنمية»، داعية «جميع السوريين، في الداخل والمهجر، إلى الإسهام في جهود النهوض الوطني».

وعلّق ترمب مرّتين تطبيق العقوبات على سوريا استجابة لمناشدات سعودية وتركية. لكن الشرع سعى إلى وضع حد نهائي للعقوبات خشية دفعها المستثمرين المتخوفين من تداعياتها القانونية في الولايات المتحدة للابتعاد عن سوريا.

وأقرّ الكونغرس الأميركي، الأربعاء، الرفع النهائي للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق بشار الأسد عبر «قانون قيصر».


ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
TT

ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة، كان أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم غير مكترثين بالإسمنت الشاهق الذي بات جزءاً من المشهد، حتى جاء قرار إسرائيلي بهدم المنشأة التي تحوّلت إلى متنفس نادر لسكان المخيم المكتظ قرب بيت لحم.

يقول عبد الله عدنان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وهو يستعد لتدريبات المنتخب الفلسطيني لكرة القدم، إن «هذا الملعب منَحَني فعلاً القدرة على التدريب»، مضيفاً: «لولاه، لَما كانت لديّ هذه الفرصة لأمثّل المنتخب».

وُلد عدنان ونشأ في «عايدة»، على غرار شبان كثيرين من المخيّم أدّوا أولى مراوغاتهم هنا.

في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عثر أطفال جاءوا للعب على مذكرة للجيش الإسرائيلي عند مدخل الملعب، أحضروها إلى مهند أبو سرور، المدير الرياضي لنادي شباب عايدة.

طفل فلسطيني يتدرب على حراسة المرمى بملعب كرة قدم في مخيم عايدة بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

يقول أبو سرور: «فوجئنا عندما اكتشفنا أنها قرار بهدم ملعب كرة القدم في مخيم عايدة».

ويضم هذا الملعب، الذي تُعادل مساحته نصف ملعب كرة قدم، وفق المعايير الرسمية، أكثر من 500 طفل يتدربون على أرضيته.

«مساحة مفتوحة»

يضيف أبو سرور أن «هذا الملعب هو المساحة المفتوحة الوحيدة التي نملكها. وإغلاقه يشكل انتكاسة لحلم الأطفال وإسكاتاً للشعب الفلسطيني وطموحه أن يكون جزءاً من هذه الرياضة».

ويشير عدنان، البالغ 18 عاماً، إلى أن الملعب «طوق نجاة»، إذ إنه لو لم يكن موجوداً لاضطر إلى اللعب في الشارع أو ترك اللعبة نهائياً.

وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967 وتهدم، بشكل متكرر، منازل أو منشآت فلسطينية بحجةِ بنائها بلا ترخيص.

طفل فلسطيني يتدرب على كرة القدم في ملعب بمخيم عايدة قررت السلطات الإسرائيلية هدمه وتظهر خلفه أجزاء من جدار الفصل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

واطّلعت «وكالة الصحافة الفرنسية» على مذكرة الجيش، الصادرة عن «كوغات»، هيئة وزارة الدفاع المسؤولة عن الشؤون المدنية الفلسطينية، والتي تقول إن الملعب بُني «دون ترخيص».

لكن أنطون سلمان، رئيس بلدية بيت لحم وقت إنشاء الملعب في 2021، يؤكد أن الموقع قانوني تماماً.

ويشير إلى أن البلدية استأجرت الأرض من الكنيسة الأرمنية المالكة لها، قبل أن تتولى اللجنة الشعبية للمخيم إدارتها، الأمر الذي أكده رئيس اللجنة سعيد العزة.

وردّاً على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الجيش الإسرائيلي إنه «على طول السياج الأمني (الجدار الفاصل)، هناك أمر مصادرة وأمر يحظر البناء، وبالتالي فإن البناء في المنطقة نُفّذ بصورة غير قانونية»، مضيفاً أن طعناً قدّمته الكنيسة الأرمنية ما زال قيد النظر.

وكغيره من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، أنشئ «مخيم عايدة» لإيواء جزء من مئات الآلاف الذين فرّوا أو أُجبروا على مغادرة منازلهم عام 1948 عند قيام إسرائيل. ومع مرور الوقت، تحولت مدن الخيام إلى أحياء إسمنتية مكتظة.

جنود إسرائيليون يُوقفون فلسطينياً ووُجّه إلى الحائط لتفتيشه في مخيم نور شمس قرب طولكرم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

ويقول العزة إن «أكثر من سبعة آلاف شخص يعيشون على هذه القطعة من الأرض. الشوارع ضيقة، وليس لدينا مكان آخر للتنفس!».

«فرنسا أسهل من نابلس»

يعرض أبو سرور بفخرٍ ما قدّمه الملعب للسكان، إذ تمكنت مجموعات شبابية من السفر إلى الخارج للمشاركة في لقاءات رياضية، في متنفس نادر، مقارنة بالحصار المفروض على الضفة الغربية.

ويقول: «الذهاب للعب في فرنسا أسهل من الذهاب للعب في نابلس» (على بُعد أقل من مائة كيلومتر شمال الضفة الغربية).

وبعد الهجوم غير المسبوق لحركة «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي أطلق شرارة حرب ضروس في قطاع غزة، أقامت السلطات الإسرائيلية مئات الحواجز الإضافية في الأراضي الفلسطينية.

يضم ملعب مخيم عايدة الذي تُعادل مساحته نصف ملعب كرة قدم وفق المعايير الرسمية أكثر من 500 طفل يتدربون على أرضيته (أ.ف.ب)

وبات التنقل بين المدن أكثر تعقيداً بفعل شبكات طرق مخصّصة للمستوطنين، يُحظر على الفلسطينيين استخدام أجزاء منها، ما يَفرض عليهم الالتفاف لمسافات طويلة.

وفي الآونة الأخيرة، احتاج فريق كرة قدم من رام الله، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً، إلى ست ساعات للوصول إلى مخيم عايدة، وفق أبو سرور.

وعلى هامش تدريب يضم نحو خمسين طفلاً بين الخامسة والعاشرة، يأمل المدرب محمود جندية أن يُبقي القرارُ الملعب قائماً.

ويقول: «نعم، الجدار موجود، نشعر بأننا في سجن. لكن رغم ذلك، الأهم أن يبقى الملعب وأن يواصل الأطفال اللعب. إذا هُدم الملعب، فإن كل أحلام الأطفال ستُهدم».