بعد يوم من عزل العمدة ستيفاني رولينغز بليك قائد الشرطة من منصبه، الأسبوع الماضي، قال رجل يبيع أسطوانات مدمجة على طاولة أمام كنيسة معمودية غرب بالتيمور: «يجب عزلها هي أيضًا». وعلى بعد بناية من ذلك المكان كانت هناك صيدلية تذكرنا بأعمال الشغب التي حدثت في أبريل (نيسان) الماضي، حيث لا تزال نوافذها مغطاة بألواح الخشب، وطوبها الأحمر يحمل بقع دخان أسود. ومع ذلك كان الحديث أمام منصة بيع الأسطوانات يعبر عن الشعور بالصدمة هنا، حيث دفعت الزيادة في جرائم القتل، الذي جبر الأمهات نحو عدم السماح لأطفالهم بالخروج.
وهناك إجماع في هذا الحي، الذي يحمل ندوب جراح ما شهده من أعمال للشغب، على أن العمدة، وليس أنتوني باتس، قائد الشرطة المعزول من منصبه، هو المسؤول. وصرح وودي جيمس عامل يبلغ من العمر 50 عامًا وهو يفحص الأفلام قائلا: «لقد كان باتس هو كبش الفداء. لقد طردته العمدة من أجل إنقاذ نفسها». وقال توني مورس، عامل مبيعات لأسطوانات الـ«دي في دي»، وهو في يوم إجازته: «يجب عزلها هي أيضًا». وعرفت رولينغز بليك، البالغة من العمر 45 عاما، وتنتمي إلى الحزب الديمقراطي، منذ فترة طويلة أن كونها من أصل أفريقي لا يحميها من الانتقاد في هذه المدينة التي أغلب سكانها من ذوي الأصول الأفريقية. وحتى قبل أن يشعل موت فريدي غراي، جراء إصابته الخطيرة في العمود الفقاري، وهو رهن احتجاز الشرطة، الاضطرابات خلال شهر أبريل الماضي، كانت تعمل على تحقيق التوازن في محاولة لإصلاح ما سمته «علاقة مكسورة» بين السكان والشرطة.
وجعلت الزيادة في معدل الجرائم العنيفة، حيث ارتفعت جرائم القتل في بالتيمور منذ يوم الأربعاء الماضي إلى 155 خلال العام الحالي، بعد أن كان عددها 105 في الفترة نفسها من العام الماضي، محاولات العمدة أكثر صعوبة. هل يمكنها كبح جماح الشرطة بتاريخها العدائي الطويل، والذي أحيانا كان يشمل انتهاكات، مع السيطرة على الجريمة في الوقت ذاته؟
وتعد رولينغز بليك، التي أصبحت خلال الشهر الماضي أول رئيسة من أصل أفريقي لمجلس العمد الأميركي، بالكاد العمدة الأميركية الوحيدة التي تواجه مثل هذه المسألة. وفي الوقت الذي أثار فيه مقتل مواطنين عزل من أصل أفريقي بعد مواجهات مع الشرطة على مدى العام الماضي جدلا بشأن استخدام الشرطة للقوة في أنحاء البلاد، ارتفع معدل جرائم العنف أيضا في الكثير من المناطق.
وازداد عدد جرائم القتل مقارنة بالعام الماضي في نيويورك، وشيكاغو، وفيلادلفيا، وميلواكي، وسانت لويس، وغيرها من المدن. مع ذلك على عكس أكثر تلك المدن، تحمل بالتيمور أثار جروح مادية ومعنوية بفعل الاضطرابات. لذا يعد التحدي، الذي تواجهه رولينغز، التي من المقرر أن تخوض الانتخابات عام 2016، أكثر تعقيدا.
وقال إدوارد ريزينغر، نائب رئيس مجلس المدينة: «أعتقد أن التحدي الأكبر الذي تواجهه هو إثباتها أن العمدة ستيفاني رولينغز بليك هي زعيمة مدينة بالتيمور، وأنها قادرة على إدارة المدينة». وكان ريزينغر قد دعا إلى عزل باتس يوم الأربعاء الماضي قبل ساعات من عزلها له. وأضاف قائلا: «بالنسبة لي، لقد كانت تقوم بالأمر الصائب، لكن بالنظر إلى الاضطرابات في المدينة، أعتقد أن أسهمها وحظوظها قد تراجعت». وتقول رولينغز إنها أثبتت بالفعل قدرتها على جعل المدينة أكثر أمانا، وتحسين العلاقات بين الشرطة وأهل المدينة. وبلغ عدد القتلى عام 2011 خلال فترة إدارتها في بالتيمور 197 وهو أقل عدد منذ عشر سنوات. وصرح مكتبها بانخفاض عدد الشكاوى من الأعمال الوحشية. وهي ترى تحديها في إطار مختلف، حيث قالت في مقابلة قصيرة يوم الخميس الماضي بعد حضور مباراة لدوري كرة السلة: «يتمثل التحدي في إعادة بناء الأمل، وإعادة بث الروح في المجتمع الذي تعرض لصدمات».
الجدير بالذكر أنه عقب المباراة أطلق ضباط شرطة وعمال إطفاء النار على مراهقين.
عمدة بالتيمور وتغيير في جهاز الشرطة
أعلنت العمدة ستيفاني رولينغز أنها قررت استبدال أنطوني باتس، قائد شرطة المدينة؛ واختارت كيفين ديفيس، ليكون القائد المؤقت. وقالت إن ما وجه إليها من انتقادات لا يمثل مفاجأة بالنسبة إليها، حيث قالت: «هناك ندوب، وغضب، لقد مررنا بأوقات عصيبة جدا».
ونشأت رولينغز في دوائر السياسة، والحقوق المدنية، فوالدها هو هيوارد رولينغز، الذي يعرف باسم بيت، والذي كان ناشطًا في مجال الحقوق المدنية، وأكثر الشخصيات النافذة في الهيئة التشريعية لولاية ميريلاند. وفي سن الخامسة والعشرين، وبمساعدته، أصبحت أصغر عضو في مجلس المدينة في تاريخ بالتيمور. وفي عام 2010، عندما تم عزل العمدة شيلا ديكسون، على خلفية فضيحة، أصبحت ستيفاني، التي كانت رئيسة المجلس، العمدة. وظلت في المنصب بعد فوزها بانتخابات عام 2011. ومع ذلك تحاول ديكسون العودة إلى الساحة مرة أخرى وصرحت بأنها سوف تنافس العمدة في الانتخابات الأولية بالحزب الديمقراطي العام المقبل. ولا ترى رولينغز أن ديكسون تمثل أي تهديد، فهي لن تصبح قادرة على الهروب من ماضيها. مع ذلك يعد دعم ديكسون في بالتيمور كبيرا وله جذور.
ومن أسباب ذلك النظر إلى ديكسون كسيدة قريبة من الناس. مع ذلك يحمل الناس العمدة مسؤولية تباطؤ استجابة الشرطة لأعمال الشغب، وكوارث المدينة، واستمرار الفقر، والمشكلات التي تعود إلى الفترة السابقة لإدارتها للمدينة.
وليس هذا هو رد الفعل الذي تصورته رولينغز عام 2012 عندما عينت باتس، رئيس الشرطة السابق في أوكلاند، ولونغ بيتش، بولاية كاليفورنيا، والذي يحب أن يصف نفسه بـ«عنصر تغيير».
وتمت الاستعانة به رغم اعتراضات براندون سكوت، أحد حلفاء العمدة المقربين في مجلس المدينة. وكان سكوت يفضل أنتوني باركسديل، الذي أشرف على عمليات الإدارة عندما كان معدل الجريمة في انخفاض. وتقاعد باركسديل العام الماضي. وبنهجه القاسي الصارم في التعامل مع الوضع الداخلي، ومبادرات سكان المدينة، حيث دعا ضباطه إلى ارتداء كاميرات في ملابسهم، وهو من أصل أفريقي أيضًا. وبدأ دعمه لمجتمع المدينة في التراجع عقب أعمال الشغب، حيث سرعان ما طالبه عدد من الوزراء البارزين بالاستقالة، وقال: «لن يحدث هذا». ورغم ارتفاع معدل جرائم القتل، حيث وقعت نصف جرائم القتل في بالتيمور خلال العام الحالي بعد شهر مايو (أيار) الماضي، استمرت العمدة في دعمه، لكن تزايد الضغط عليها خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وأشعلت حركة «شمس بالتيمور» يوم الاثنين الماضي الحماس بمقال رأي كتبه رجل تمت مهاجمته، بينما كان يقود عجلته، ووجد قسم الشرطة مغلقا أثناء الليل عندما توجه إليه من أجل الإبلاغ عن الأمر. ووصفه ريزينغر، نائب رئيس المجلس، بـ«الغبي». وفي صباح يوم الأربعاء، طالب ائتلاف من سكان المدينة برأس باتس. وبدأ مجلس المدينة في نشر خطاب يطالب العمدة بعزله عن منصبه. وأصدر اتحاد الشرطة تقريرًا يصف أعمال الشغب بأعمال «يمكن تفاديها». وبعد الظهيرة كان باتس، البالغ من العمر 55 عاما، قد غادر منصبه.
وقالت رولينغز، إن باتس أصبح «مصدر تشويش» يعرقل المهمة الأكثر أهمية وهي مكافحة الجريمة. ويتساءل بعض المنتقدين عما سيغيره عزل باتس حقا.
* خدمة: «نيويورك تايمز»