لبنان يتعهّد محاسبة المعتدين على قوات «يونيفيل» في الجنوب

جثة الجندي الآيرلندي وصلت إلى دبلن... و«حزب الله» يتحدث عن مصاب مدني

جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)
جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)
TT

لبنان يتعهّد محاسبة المعتدين على قوات «يونيفيل» في الجنوب

جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)
جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)

تعهّد وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، موريس سليم، بأن لبنان «سيحاسب كل من أقدم» على الاعتداء على قوات حفظ السلام (يونيفيل) في منطقة العاقبية جنوب لبنان، ليل الأربعاء الماضي، فيما تحدث «حزب الله»، للمرة الأولى، عن مصاب لبناني في الحادث، مشيراً إلى أنه تعرض لدهس قبل إطلاق النار على حافلة «يونيفيل» في تلك الليلة.
وقُتل جندي آيرلندي ليل الأربعاء - الخميس خلال انتقاله من جنوب لبنان إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أثناء مطاردة آلية عائدة لـ «يونيفيل» في منطقة العاقبية الواقعة بين مدينتي صيدا وصور في الجنوب، ومحاولة توقيفها بإطلاق النار عليها. وأصيب معه ثلاثة جنود آخرين أحدهم حالته حرجة. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن جثمان الجندي الآيرلندي القتيل، شون روني، أُعيد إلى دبلن أمس، مشيرة إلى أن الطائرة التي أقلّت النعش حطّت بعيد الساعة الثامنة والنصف صباحاً في مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل الواقعة في ضواحي العاصمة الآيرلندية، في جو ماطر. وكان في استقبال النعش الأبيض المغطى بالعلم الآيرلندي ثلة من حرس الشرف، وقد حمله عسكريون. ومن المقرر تشريح الجثة قبل تسليمها لعائلة العسكري.
وخلال مراسم تأبين أقيمت الأحد في لبنان، قال القائد العام للقوة الدولية اللواء أرولدو لاثاردو إن روني «قدّم أصعب تضحية يمكن لجندي أن يفعلها: بذل حياته أثناء خدمة السلام الدائم في لبنان».
وقوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» قوامها عشرة آلاف عنصر، وهي منتشرة منذ عام 1978 في إطار إقامة منطقة عازلة بين لبنان وإسرائيل، علما بأن البلدين لا يزالان تقنياً في حالة حرب.
وأفاد شهود عيان تحدثت إليهم وكالة الصحافة الفرنسية في العاقبية باعتراض مواطنين آلية تابعة لـ «يونيفيل» لسلوكها طريقاً غير اعتيادي. ولدى محاولة سائقها المغادرة كاد أن يدهس أحد المعترضين، ما أدى إلى حالة من التوتر. وتحدث شهود آخرون عن سماع دوي رشقات نارية وانحراف العربة عن مسارها.
وزار وزير الدفاع اللبناني، موريس سليم، مقر الوحدة الآيرلندية في الجنوب لتقديم واجب العزاء بالجندي القتيل، واجتمع مع القائد العام لليونيفيل الجنرال أرولدو لاثاردو وقائد الكتيبة الآيرلندية. ثم انتقل إلى مستشفى حمود في صيدا، حيث زار الجنود الجرحى الثلاثة. وأكد سليم أن «التحقيقات جارية في حادثة العاقبية والأجهزة الأمنية تقوم بدورها»، آملاً «انتهاء التحقيقات بالوصول لتحديد المسؤول وعندئذ لكل حادث حديث»، مؤكداً أنه «سيُحاسب كل من أقدم على مثل هذا الفعل».
وقال الوزير سليم خلال زيارته التفقدية للجرحى، ترافقه السفيرة الآيرلندية نوالا أوبراين، إن الجندي المصاب إصابة «دقيقة» يتجاوب حالياً مع العلاج في حين أن المصابين الآخرين تعافيا نسبياً.
ووصف سليم العلاقة القائمة بين «يونيفيل» وبين الجيش اللبناني بأنها «علاقة تعاون»، مشدداً على أن «يونيفيل تقوم بدور مهم جداً لحفظ الاستقرار والهدوء في جنوب لبنان». كما أكد أن «العلاقة بين يونيفيل والمواطنين وأهالي البلدات والقرى (في الجنوب) هي علاقة عمرها عقود وتتسم بالثقة والصداقة والمحبة والتعاون، ولا يوجد أي مشاعر سلبية بينهما، وهذه الثقة بين الطرفين ستستمر وستكون أقوى، لأن المواطنين يعرفون أن وجود القوة الدولية في الجنوب هو كي تقوم بعمل خير وإيجابي يصب في مصلحة المنطقة والبلد».
وفيما يستكمل الجيش اللبناني التحقيقات في الحادثة، تحدث «حزب الله» أمس للمرة الأولى منذ يوم الخميس الماضي، عن وجود جريح مدني في المنطقة تعرض للدهس بسيارة «يونيفيل» قبل إطلاق النار. وقال عضو كتلة الحزب البرلمانية (كتلة الوفاء للمقاومة) النائب حسين جشي إن «بعض الذين يدعون السيادة يطالعنا بإدانات وشجب بموضوع مقتل الجندي الآيرلندي العامل ضمن نطاق (يونيفيل)، وبالتالي، فعلى هؤلاء أن يعلموا أن التحقيق بهذه الحادثة لم ينته بعد، كما أن هناك مواطناً لبنانياً دهسته سيارة (يونيفيل) ونقل إلى المستشفى». وسأل: «هل هناك من سأل عنه؟ أم أن المواطن اللبناني ليس له قيمة عند هؤلاء، علماً أن عملية الدهس حصلت قبل حادثة مقتل الجندي الآيرلندي». وأشار جشي إلى «أن البعض في لبنان وعند وقوع أي حادثة سواء كانت صغيرة أم كبيرة، تكون التهم لديه جاهزة، لأنها تشكل بالنسبة إليهم مصدراً للارتزاق».
وجاء كلامه في وقت تتصاعد الانتقادات لـ«حزب الله» بوصفه الطرف الذي يتمتع بنفوذ في منطقة الجنوب. وتزامن ذلك مع اتهامات للحزب بالقيام بنشاط وتعديات في أراضٍ تابعة لبلدة حدودية تسكنها أغلبية مسيحية في جنوب لبنان هي بلدة رميش. وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك أمس: «بين اغتيال جندي يونيفيل وتجريف رميش، (حزب الله) المرتبك من المتغيرات يقول: حيث أوجد من خلال السلاح والديموغرافيا هو لي وحدي، مِن تومات نيحا إلى القمّوعة في عكار مروراً بالبقاع ولاسا والضاحية، وحيث الدولة بتنوعها أنا الآمر الناهي وليسقط الطائف والجمهورية». وكان يشير إلى قرى وبلدات ينشط فيها الحزب ومناصروه.
وكان النائب السابق في حزب «القوات اللبنانية»، إيلي كيروز، قال في بيان إن «الوكيل الشرعي» للمرشد الأعلى الإيراني في لبنان الشيخ محمد يزبك هاجم القوات الدولية «بعد التعديل الذي أزعج (حزب الله) والذي أدخلته الأمم المتحدة على مهام قواتها بموجب القرار 2650». وأضاف «لا بد من التذكير لأن الشيء بالشيء يُذكر، أن الكتيبة الإسبانية في الجنوب هوجمت بعبوة ناسفة قتلت خمسة جنود وجرحت آخرين بعد أشهر قليلة من صدور القرار 1701 في عام 2006». وأضاف متحدثاً عن ملف بلدة رميش: «أعبّر عن تضامني مع أهالي رميش الجنوبية حيال ما تتعرض له وللمرة الثانية من استباحة وتهديدات وتعديات على يد عناصر من (حزب الله)، في ناسها وأملاكها وأحراجها على مرأى ومسمع القوى الأمنية اللبنانية وفي منطقة خاضعة للقرار الدولي 1701». وقال إن «(حزب الله) وجرياً على عادته، يستمر في التصرف بالجنوب وبأهالي الجنوب خلافاً لمنطق الدولة والقرار 1701 وصيغة العيش المشترك». وسأل: «هل يريد (حزب الله) العودة إلى منطقه في الثمانينات عندما أراد تهجير مسيحيي مشغرة بسبب قربها من الجبهة مع إسرائيل وبذريعة قيامها من العدو مقام الثغر؟». ورأى كيروز أن «ما حصل في العاقبية ورميش يندرج في إطار مسلسل منهجي يعتمده (حزب الله) لاستجرار الفتنة وتبرير وجود سلاحه بحجج واهية»، مضيفاً أن «هذه الأحداث المفتعلة تصب كلها في خانة إصراره على تقويض الدولة والمؤسسات وصولاً إلى استكمال ضرب علاقات لبنان الدولية بعد تخريب علاقاته العربية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
TT

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

قال المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا، الجمعة، إن هناك تقارير عن عمليات نزوح واسعة من مناطق في ريف حلب الغربي ومناطق داخل المدينة مع إعلان فصائل مسلحة دخولها مدينة حلب.

وأضاف المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا أن بعض العائلات نزحت من حلب وإدلب إلى أماكن إيواء جماعية في حماة.

وأشار المكتب إلى أنه تم إغلاق مطار حلب الدولي، وتعليق جميع الرحلات، مضيفاً أن «الوضع الأمني في حلب يتدهور بشكل سريع».

وسيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة أخرى على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، في إطار هجوم واسع تشنّه في شمال سوريا دخلت خلاله مدينة حلب.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أهمية سراقب (شمال غربي) أنها تمنع أي مجال للنظام من التقدم إلى حلب، وتقع على عقدة استراتيجية تربط حلب باللاذقية (غرب) وبدمشق».

دخلت مجموعات مسلحة بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا، الجمعة، مدينة حلب في شمال سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد قصفها في سياق هجوم مباغت وسريع بدأته قبل يومين على القوات الحكومية، هو الأعنف منذ سنوات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لكبرى مدن الشمال السوري.

وأضاف أنّها سيطرت على خمسة أحياء في ثانية كبرى مدن البلاد، مشيراً إلى أنّ الجيش السوري «لم يبدِ مقاومة كبيرة».

وهي المرة الأولى التي تدخل فيها فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعاد الجيش السوري السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.

وأفاد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حلب بوقوع اشتباكات بين الفصائل، والقوات السورية ومجموعات مساندة لها.

كذلك، قال شاهدا عيان من المدينة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا مسلحين في منطقتهما، وسط حالة من الهلع.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 277 شخصاً، وفقاً للمرصد، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 28 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم الجيش في المعركة.

وبدأ الهجوم خلال مرحلة حرجة تمر بها منطقة الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب الجيش النظامي في سوريا.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل سيطرت على أكثر من خمسين بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد السوري، في أكبر تقدّم منذ سنوات تحرزه المجموعات المسلحة السورية.

وكان المرصد أفاد، الخميس، بأنّ مقاتلي «هيئة تحرير الشام» وحلفاءهم تمكّنوا من قطع الطريق الذي يصل بين حلب ودمشق.

وتعرّض سكن جامعي في مدينة حلب الجمعة للقصف، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، بحسب وكالة «سانا» الرسمية.

وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر (51 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورمايات مدفعية وأحياناً أصوات طائرات»، مضيفاً: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا».

وقال ناصر حمدو البالغ (36 عاماً) من غرب حلب، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتابع الأخبار على مدار الساعة، وقطع الطريق يثير قلقنا اقتصادياً لأننا نخشى ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان بعض المواد».

ووصلت تعزيزات من الجيش إلى حلب، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري.

وقبل إعلان المرصد دخول «هيئة تحرير الشام» إلى المدينة، أشار المصدر الأمني إلى «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب». وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل ولن تتعرض لأي تهديد».

وتابع: «لم تُقطع الطرق باتجاه حلب، هناك طرق بديلة أطول بقليل»، متعهداً بأن «تفتح كل الطرق قريباً».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، وفق المرصد السوري، أدّت إلى مقتل شخص.

بدوره، أعلن الجيش الروسي، الجمعة، أن قواته الجوية تقصف فصائل «متطرفة».

عناصر تتبع فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

ونقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا قوله إن «القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين»، موضحاً أنها «قضت» على 200 مسلح خلال الـ24 ساعة الماضية.

ودعت تركيا، الجمعة، إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة في شمال غربي البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، عبر منصة «إكس»، إنّ الاشتباكات الأخيرة «أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية».

أطراف دولية

يعد القتال الناجم عن هذا الهجوم، الأعنف منذ سنوات في سوريا، التي تشهد منذ عام 2011 نزاعاً دامياً عقب احتجاجات شعبية أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودفع الملايين إلى النزوح، وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.

وفي عام 2015، تدخلت روسيا إلى جانب الجيش السوري، وتمكنت من قلب المشهد لصالح حليفها، بعدما خسر معظم مساحة البلاد.

وخلال شهرين من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، كثّفت الدولة العبرية ضرباتها للفصائل الموالية لإيران في سوريا.

وقدمت هذه الفصائل، وأبرزها «حزب الله»، دعماً مباشراً للقوات السورية خلال الأعوام الماضية، ما أتاح لها استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد.

والجمعة، عدّ المتحدّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الوضع في حلب «انتهاك لسيادة سوريا». وأعرب عن دعم بلاده «للحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

في إدلب، عدّ رئيس «حكومة الإنقاذ» التي تدير مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» محمد البشير، الخميس، أن سبب العملية العسكرية هو حشد النظام «في الفترة السابقة على خطوط التماس وقصفه مناطق آمنة، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الآمنين».

وتسيطر «هيئة تحرير الشام» مع فصائل مسلحة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة، وأعقب هجوماً واسعاً شنّته القوات السورية بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.

وشاهد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، مقاتلين من فصائل عدة في مدينة الأتارب يتقدمون إلى مشارف مدينة حلب، في ظل انسحاب الجيش ودخول دبابات وآليات تابعة للفصائل المعارضة.

وقال مقاتل ملثّم، لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا مُهجَّر منذ خمس سنوات، والآن أشارك في المعارك، وإن شاء الله سنعيد أرضنا وبلدنا اللذين أخذهما النظام، وندعو إخوتنا الشباب الجالسين في منازلهم للانضمام إلينا كي نعيد البلد».