الموت يغيب يحيى الرخاوي «أديب الطب النفسي» في مصر

ألّف عشرات الكتب أشهرها «حكمة المجانين»

الرخاوي (فيسبوك)
الرخاوي (فيسبوك)
TT

الموت يغيب يحيى الرخاوي «أديب الطب النفسي» في مصر

الرخاوي (فيسبوك)
الرخاوي (فيسبوك)

عن عمر ناهز 89 عاماً، غيب الموت مساء الأحد د. يحيى الرخاوي الذي كان يلقبه كثيرون في مصر بـ«أديب الطب النفسي»، نظراً لتميزه في مجالي الطب النفسي والأدب، على حد سواء.
وحسب أدباء وأطباء من أصدقاء وتلاميذ الراحل، فإن نقطة تميزه الأساسية كانت تكمن في «قدرته الهائلة على تبسيط المعلومة والتعامل الذكي مع المرضى مستنداً إلى خلفيته أديباً، وقراءته في شتى ألوان المعرفة مثقفاً موسوعياً».
ونعته نقابة الأطباء المصرية قائلة في بيان لها الاثنين، «رحل العالم والأب بجسده... ويبقى علمه وإنسانيته إلى آخر الدهر».
ونعاه د. محمد المهدي أستاذ الطب النفسي، قائلاً: «كان الرخاوي طبيباً وفيلسوفاً وأديباً وحكيماً وصاحب مدرسة في الطب النفسي ومتأملاً ومتصوفاً، عاش معلماً لأجيال عديدة، فجر الوعي والإبداع في نفوس أبنائه بأنحاء الوطن العربي، كان محذراً من الاختزال والتسطيح وخداع الأرقام، شكل ضمير المهنة الذي لا يباع ولا يُشترى، وكان وسيظل من القلائل الذين فهموا النفس البشرية في مستوياتها المتعددة فهماً عميقاً أصيلاً، كما كان دائم التجدد، في حالة مخاض إبداعي طول الوقت حتى وهو في آخر أيامه»، مضيفاً في منشور على صفحته بموقع «فيسبوك»، أنه «استطاع أن يحتفظ بالطفل الحر المتمرد والمتكيف في آن واحد بداخله، وترك تراثاً هائلاً في تلاميذه ومريديه ومحبيه، وتراثاً عظيماً قيماً متفرداً في صفحات كتبه».
يحيى توفيق الرخاوي المولود عام 1933 بالقاهرة تخرج في كلية طب قصر العيني طبيب باطنة عام 1957، لكنه سرعان ما تحول إلى الطب النفسي وحصل على دبلومة التخصص في الأمراض النفسية والعصبية، ثم الدكتوراه 1963، ليصبح الأكثر شهرةً ونبوغاً وقرباً للجمهور في هذا المجال عبر أسلوب سهل قريب من العامة وغير المتخصصين.
قادته شهرته إلى أن يشارك في تأسيس الجمعية الملكية للأطباء النفسيين، كما كان مستشاراً في الطب الشرعي لدى بعض المحاكم في مصر والسعودية والسودان.
أدبياً ظل الرجل أحد أبرز الوجوه الأدبية في المنتديات والملتقيات، لا سيما بعد حصوله على جائزة الدولة التشجيعية 1979 عن روايته «المشي على الصراط»، كما كان عضواً أساسياً في الجلسات الخاصة التي يعقدها أديب نوبل نجيب محفوظ أسبوعياً. وتردد أنه تولى مهمة تدريب محفوظ على العودة إلى الكتابة بيديه بعد تعرض أديب نوبل لحادث الطعن بالسكين عام 1994، إلا أن الرخاوي نفى ذلك في أحد لقاءاته التلفزيونية، قائلاً: «ما حدث كان العكس تماماً، حيث إن نجيب محفوظ هو من عالجني وضمد جراحي وأحاطني بحب وأبوة نادرة، بينما كان كل دوري يقتصر على متابعة ما يكتب من محاولات تستهدف تدريب أصابعه على مدار 4 سنوات».
وتنوعت مؤلفات الرخاوي ما بين التخصص الطبي والإبداع والنقد الأدبي والتأملات الفلسفية التي تستهدف الحكمة، «بأسلوب يتسم بالسلاسة والعفوية، ويتجنب التعقيد، والقدرة على النفاذ إلى قلب وعقل القارئ سريعاً»، حسب وصف نقاد.
ومن أبرز عناوينه الغزيرة التي تعد بالعشرات في هذا السياق: «حكمة المجانين»، «مثل وموال - قراءة في النفس الإنسانية»، «تبادل الأقنعة - قراءة في سيكولوجية النقد»، «دليل الطالب الذكي في علم النفس والطب النفسي».
ويؤكد د. أحمد الخميسي، الأديب والقاص، أن الرخاوي «تحرك في ثلاث دوائر هي العلم والإبداع والناس، حيث كانت كل دائرة تتفاعل مع الأخرى على نحو فريد واستثنائي، فعاش نموذجاً للعالم والأديب المشغول بفهم النفس الإنسانية واستيعاب تناقضاتها»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «تعرف عليه على المستوى الشخصي، واقترب منه على المستوى الإنساني، فوجد أن الإنسان والعالم والأديب بداخله لا يطغى أحدهم على الآخر، بالتالي تحولت معرفته الشخصية إلى قيمة في حد ذاتها لا تقل عن مطالعة علمه ورؤاه».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».