ما التأثيرات الإعلامية لاعتماد «جيل زد» «تيك توك» مصدراً للأخبار؟

رسم بياني يوضح استخدام «تيك توك» مصدراً للأخبار (معهد رويترز لدراسات الصحافة)
رسم بياني يوضح استخدام «تيك توك» مصدراً للأخبار (معهد رويترز لدراسات الصحافة)
TT

ما التأثيرات الإعلامية لاعتماد «جيل زد» «تيك توك» مصدراً للأخبار؟

رسم بياني يوضح استخدام «تيك توك» مصدراً للأخبار (معهد رويترز لدراسات الصحافة)
رسم بياني يوضح استخدام «تيك توك» مصدراً للأخبار (معهد رويترز لدراسات الصحافة)

لم يعد دور «منصة» أو تطبيق - «تيك توك» مقتصراً على الترفيه، بل امتد أيضاً إلى الإعلام والإخبار، إذ كشفت نتائج دراسة حديثة، أعدها معهد رويترز لدراسات الصحافة، «اعتماداً متزايداً» على «تيك توك» بوصفه مصدراً للأخبار، خاصة بين فئة الشباب، وتحديداً «جيل زد». وفي الوقت الذي اعتبر خبراء هذه النتيجة «أمراً طبيعياً»، في ظل تزايد شعبية المنصة بين المراهقين، فإنهم أثاروا مخاوف من تزايد «المعلومات الزائفة»، مؤكدين على ضرورة وجود وسائل الإعلام التقليدية على منصات التواصل الاجتماعي، لتقديم أخبار «موثوقة».
الدراسة التي نشرها معهد رويترز لدراسات الصحافة، في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ذكرت أنه بينما يستخدم 40 في المائة من الشباب من سن 18 إلى 24 سنة «تيك توك» في أغراض متنوعة، فإن 15 في المائة من الفئة العمرية نفسها يستخدمون المنصة مصدراً للأخبار. كذلك أشارت الدراسة إلى أن «تيك توك»، التي أطلقتها شركة «بايت دانس» الصينية عام 2018. كمنصة ترفيهية تعتمد على مقاطع الفيديو القصيرة، لديها الآن أكثر من مليار مستخدم نشط، وكانت التطبيق الأكثر تحميلاً على الهواتف المحمولة خلال عام 2020. إلا أن، جائحة «كوفيد - 19» كانت «نقطة تحول» بالنسبة للمنصة الصينية، لا سيما مع سياسات الإغلاق التي دفعت كثيرين للبقاء في منازلهم، ومشاركة تجاربهم عبر مقاطع «الفيديو القصيرة»، بحسب الدراسة، التي أشارت أيضاً إلى أن الأزمة الروسية - الأوكرانية، بدورها، عززت سمعة «تيك توك» كمصدر للأخبار، لا سيما مع توثيق عدد من الشباب الأوكراني لتجربتهم مع الحرب، وبثها عبر «تيك توك». ونقل التقرير عن أحد مستخدمي «تيك توك» من البرازيل قوله إن «(تيك توك) انطلقت كمنصة للرقص والترفيه، لكن هذا لم يعد الحال اليوم، حيث باتت مهمة في نشر وتقديم المعلومات الفورية والسريعة».
رامي الطراونة، رئيس وحدة المنصات الرقمية في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية، وصف نتائج الدراسة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأنها «طبيعية ومنطقية»، لا سيما أن «تيك توك» استهدفت منذ انطلاقها فئة صغار السن كقاعدة أساسية لمتابعيها، وطوّعت كل الأدوات للاستحواذ على أكبر قدر من اهتمام تلك الفئة. وأضاف الطراونة أنه رغم عدم استهداف «تيك توك» للجانب الإخباري والإعلامي، فإن «احتياجات مستخدميها لمتابعة الأخبار والتقلبات المحلية والعالمية، التي باتت تمس الصغير والكبير، إضافة إلى كثافة استخدام (تيك توك) وسرعة انتشاره، جعلت كثيرين يطوعونه كمصدر للأخبار».
أيضاً لفت الطراونة إلى أن نموذج «تيك توك» في مقاطع الفيديو القصيرة أصاب بقية المنصات الأكثر تخصصاً في مجال الأخبار، مثل «يوتيوب» و«إنستغرام» و«تويتر»، بنوع من «العدوى» التي جعلتها جميعاً تتبنى النموذج ذاته. واعتبر هذا الأمر «تحوّلاً في صناعة الإعلام وتقنياته»، وتابع: «اتجه كثيرون لبناء خططهم الإعلامية، وفقاً للأدوات والنماذج الجديدة التي تقدمها تلك المنصات، وبخاصة مقاطع الفيديو القصيرة، أملاً في مزيد من الانتشار بين الكبار والصغار».
وحقاً، من بين النتائج اللافتة للانتباه في دراسة معهد رويترز، اعتماد مستخدمي «تيك توك» على حسابات لأفراد على المنصة، كمصادر للمعلومات والأخبار، أكثر من اعتمادهم على حسابات تابعة لصحافيين أو مؤسسات إعلامية. إذ ذكرت الدراسة أن 36 في المائة من مستخدمي «تيك توك» يعتمدون على حسابات شخصيات الإنترنت كمصادر للأخبار، بينما يعتمد 23 في المائة على حسابات أفراد عاديين، وتأتي حسابات المؤسسات الإعلامية في المرتبة الثالثة بنسبة 15 في المائة فقط. وبالفعل، يثير اعتماد المستخدمين على «تيك توك» بوصفه مصدراً للأخبار مخاوف مراقبين بشأن انتشار الأخبار والمعلومات الزائفة. وهنا يرى الطراونة أن «حال (تيك توك) لا يختلف عن حال باقي منصات التواصل الاجتماعي، في مواجهة تحدي الأخبار الزائفة»، مشيراً إلى أن «هذا التحدي أدخل عمالقة التكنولوجيا أروقة المحاكم خلال السنوات الماضية». وشدد على أن «مواجهة هذا التحدي مسؤولية مشتركة، حيث يتوجب على (تيك توك) العمل على إيجاد حلول مناسبة لإبراز المنصات والمصادر الإخبارية الموثوقة، وفي المقابل تقع مسؤولية التحقق من المعلومات على المستخدم، وإعمال الشك للتمييز بين الصواب والخطأ».
من جهة ثانية، تثير «تيك توك»، بين الحين والآخر، تساؤلات بشأن خصوصية بيانات المستخدمين، لا سيما مع الاتهامات التي تتحدث عن «ارتباطها» بالحكومة الصينية. ويأتي هذا بموازاة الكلام عن «خطرها» على الشباب، في أعقاب انتشار بعض ألعاب التحدّي التي تسببت في أضرار نفسية وبدنية للمستخدمين في بعض الدول. غير أن هذا الكلام لم يقلل من نموها، فبحسب دراسة نشرها مركز «بيو» الأميركي للأبحاث، مؤرخة بيوم 10 أغسطس (آب) الماضي، فإن «تيك توك» تحتل المرتبة الثانية بعد «يوتيوب» كأكثر المنصات استقطاباً للمراهقين في الولايات المتحدة الأميركية، عام 2022.
وهنا، أوضح شرح أحمد عصمت، المدير التنفيذي لمنتدى الإسكندرية للإعلام واستشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي في مصر، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» أسباب اعتماد «جيل زد» على «تيك توك» مصدراً للأخبار، فقال إن «جيل زد، منفتح بشكل أكبر على التغيير، ولديه تصور واسع عن الترويج الذاتي، ويجيد البحث عما يريد على شبكة الإنترنت... وهو مهتم بالترفيه، إلى جانب السرعة في عرض وتلقي المعلومات، وهو ما توفره منصة (تيك توك)». وأردف أن «ميزة (تيك توك) تكمن في تقديمها للأخبار في صورة قصيرة وموجزة، وهو ما يجذب جيل زد». وللعلم، يصنف مركز «بيو» الأميركي للأبحاث «جيل زد» بأنه ذلك الجيل المولود في الفترة ما بين عامي 1997 و2012.
كذلك، يرى عصمت أن على وسائل الإعلام أن «تكون حاضرة بشكل أكبر على المنصات التي يحضر فيها الجمهور لكي تقدم له الخبر بصورته الحقيقية»، بيد أنه يشترط أن «تعتمد وسائل الإعلام الأسلوب المناسب لكل منصة، بمعنى أن تقدم المحتوى الإخباري بأسلوب موجود وقصير، لتجتذب جيل زد، حتى وإن شكل ذلك عبئاً تحريرياً وإنتاجياً على مؤسسات ومنتجي الإعلام». وهنا تابع فيقول إن «هذه المنصات باتت المكان الأكثر جذباً لجيل الشباب، وهم يستخدمونها في الترفيه، والتعبير عن الذات، والبحث، والحصول على المعلومات».
ختاماً، في وقت سابق من العام الحالي، بدا أن «تيك توك» قد أصبحت «منافساً» لمحرّكات البحث على الإنترنت، وذلك في أعقاب تصريح لبرابهاكار راغافان، النائب الأول لشركة «غوغل»، خلال مؤتمر تقني شهر يوليو (تموز) الماضي، إذ قال إن «40 في المائة من الشباب يستخدمون (تيك توك) و(إنستغرام) للبحث عن مكان لتناول الطعام مثلاً، بدلاً من الاستعانة بنظام البحث في (غوغل)، أو ترشيحات (خرائط غوغل)».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.