زاد الظرف السياسي المرتبك في ليبيا من حساسية بعض الأطراف تجاه النشاط الملحوظ لسفارات أجنبية بالبلاد، على خلفية تسليم المواطن أبو عجيلة مسعود المريمي إلى الولايات المتحدة، ومثوله للتحقيق في قضية تفجير طائرة «لوكربي».
وبدا مستغرباً لبعض الليبيين أن البعثات الدبلوماسية لفرنسا وإيطاليا وألمانيا، بجانب أميركا، تنوِّع من نشاطها الاجتماعي في البلاد، بالإضافة إلى لعب دور في المسألة السياسية، من خلال لقاءات مكثفة بقيادات السلطة التنفيذية، ومكونات اجتماعية قبائلية.
ويربط عدد من السياسيين الليبيين بين هذا الدور الدبلوماسي، وقضية تسليم أبو عجيلة، بالنظر إلى «ما لعبته الدبلوماسية الأميركية، على سبيل المثال، في هذا الاتجاه».
وقال سياسي ليبي بشرق البلاد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما أفصح عنه أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، في أعقاب الكشف عن وصول المواطن المخطوف أبو عجيلة، وثنائه على جهود بلاده، وضَعَنا أمام تفاصيل تعاني منه ليبيا منذ عقد من الزمان، وطرح تساؤلاً عن مدى حدود تدخل السفارات الأجنبية في الشأن الداخلي».
وثمّن بلينكن على جهود وزارة العدل الأميركية «على عملها الدؤوب في ملاحقة أبو عجيلة». وقال، في حينها: «سوف نتذكر دائماً ضحايا هذا العمل الشنيع».
ويعتقد السياسي الليبي أن «جُل السفراء الأجانب في ليبيا يعملون لصالح أجندات دولهم، بعيداً عن الأعراف المتبَعة للدبلوماسية». ومضى يقول: «الجميع يريد استغلال حالة الضعف والتشظي التي تعيشها بلادنا، باللعب على وتر الانقسام السياسي لترتيب أوضاع معلَّقة من عقود».
ورأى السياسي الليبي، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، «فرنسا تكرّس جهودها في جنوب ليبيا بداعي مكافحة الإرهاب. والقوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) لا تتوقف عن اختراق سمائنا، بالرصد والمراقبة»، لافتاً إلى أن السفير الفرنسي مصطفى المهراج يبذل نشاطاً ملحوظاً في كل الاتجاهات، لكن تظل هناك علامات استفهام عديدة بشأن مقابلته مؤخراً وفداً من أعيان ومشايخ يمثلون قبائل من غرب وشمال وجنوب ليبيا.
وعبّر السياسي الليبي عن اعتقاده أيضاً بأن «الجهود التي يبذلها المبعوث والسفير الأميركي ريتشارد نورلاند، مع حكومة وخارجية عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة، أثمرت عن تسليم أبو عجيلة»، متابعاً «جميعهم يخططون لمكاسب نفطية، والاستحواذ على ما تبقّى من أرصدة الأموال الليبية في الخارج، بزعم تعويض ضحاياهم».
وسبَق للسفير الفرنسي القول: «زارني وفد من أعيان وشيوخ ووجهاء يمثلون عدة قبائل من كل الأنحاء في السفارة وقدّموا لي رؤيتهم ومشروعهم للوصول إلى الانتخابات».
وطرحت هذه المقابلة، في حينها، عدداً من التساؤلات من سياسيين ومتابعين ليبيين، حول طبيعة هذه الزيارة، ومدى التزام السفراء بالدبلوماسية، بعيداً عن التدخل في السياسة الداخلية.
وكان السفير الفرنسي قد قال إن بلاده «ستلعب دوراً إيجابياً في استقرار ليبيا»، معلناً، قبل أسبوع، عن تمويل بلاده 7 مشروعات تتبع المجتمع المدني في ليبيا بنحو 3.5 مليون يورو، وغرّد، على حسابه على موقع «تويتر»: «فرنسا نشطة في دعم المجتمع المدني».
وتُبدي غالبية السفارات الأجنبية في ليبيا اهتماماً بالموضوعات الاجتماعية والثقافية، كما لا يجد سفراؤها أية غضاضة في مشاركة المواطنين في احتفالاتهم، واحتساء القهوة بين الجمهور في العاصمة طرابلس.
في شأن آخر، علّقت السفارة الليبية لدى أوكرانيا، أمس الأحد، العمل بالقسم القنصلي إلى حين تحديد المقر المؤقت الجديد للسفارة، وقالت، في تصريح صحافي: «بناءً على التعليمات الواردة إلينا، ونتيجة الظروف الأمنية والحياتية الصعبة التي تمر بها الساحة، تقرر تعليق العمل، وسنوافي الليبيين بأوكرانيا بالعنوان المؤقت وأرقام الهواتف، وآلية التواصل الممكنة لتقديم الخدمات اللازمة».
ما هي حدود تدخل السفارات الأجنبية في الشأن الليبي؟
وسط نشاط سياسي واجتماعي لبعضها
ما هي حدود تدخل السفارات الأجنبية في الشأن الليبي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة