ارتفاع إصابات «كورونا» يثير المخاوف في الصين

دراسة تتوقع أكثر من مليون وفاة... وإغلاق مدارس في شنغهاي وضغوط على محارق بكين

عمال ينقلون جثة شخص توفي في دار للمسنين ببكين أمس (رويترز)
عمال ينقلون جثة شخص توفي في دار للمسنين ببكين أمس (رويترز)
TT

ارتفاع إصابات «كورونا» يثير المخاوف في الصين

عمال ينقلون جثة شخص توفي في دار للمسنين ببكين أمس (رويترز)
عمال ينقلون جثة شخص توفي في دار للمسنين ببكين أمس (رويترز)

يثير الانتشار السريع لإصابات «كوفيد - 19» في الصين قلقاً محلياً ودولياً، بعد تخلي بكين عن سياسة تصفير الإصابات ورفعها القيود بشكل مفاجئ مطلع الشهر الحالي.
وفيما اعترفت السلطات بأنه «من المستحيل» إحصاء عدد الحالات، أفادت توقعات جديدة من معهد القياسات الصحية والتقييم، مقره الولايات المتحدة، بأن رفع القيود قد يؤدي إلى انفجار في عدد الإصابات ووفاة أكثر من مليون شخص خلال العام المقبل.
ووفقاً لتوقعات متباينة، فإن عدد الحالات في الصين سيصل إلى ذروته في أبريل (نيسان)، وستصل الوفيات إلى 322 ألفاً على الأقل.
وقال كريستوفر موراي، مدير المعهد، إن نحو ثلث سكان الصين سيكونون قد أصيبوا بالعدوى بحلول ذلك الوقت، وفق وكالة «رويترز». ولم تسجل لجنة الصحة الوطنية في الصين أي وفيات رسمية بـ«كوفيد - 19» منذ رفع القيود. وكان قد تم الإعلان عن آخر وفاة رسمية في الثالث من ديسمبر (كانون الأول). ووصل إجمالي الوفيات الناجمة عن الجائحة إلى 5235.
ورفعت الصين بعضاً من أشد القيود التي فرضت لمكافحة «كوفيد - 19» بالعالم في ديسمبر، بعد احتجاجات عامة غير مسبوقة، وباتت تشهد الآن ارتفاعاً في عدد الإصابات مع مخاوف من أن يصيب فيروس كورونا 1.4 مليار نسمة خلال عطلة العام القمري الجديد الشهر المقبل. وقال موراي، لدى نشر توقعات المعهد الجمعة: «لم يعتقد أحد أنهم سيتمسكون بسياسة صفر كوفيد مثلما فعلوا». وأضاف أن سياسة تصفير كوفيد ربما تكون فعالة في السيطرة على الفيروس، لكن قابلية التحول العالية لمتحورات «أوميكرون» تجعل من المستحيل الاستمرار في تطبيق تلك السياسة.
وأظهرت وثيقة نشرت، الأربعاء، على موقع «ميدريكسيف» الطبي أن الخبراء في مجال الأمراض بجامعة هونغ كونغ يتوقعون أن يؤدي رفع القيود وإعادة فتح المقاطعات في آن واحد، في ديسمبر ويناير (كانون الثاني) 2023، إلى حدوث 684 حالة وفاة من بين كل مليون شخص خلال هذا الإطار الزمني. وبناء على عدد سكان الصين البالغ 1.41 مليار نسمة، ودون اتخاذ تدابير مثل التطعيم الجماعي بعين الاعتبار، فإن العدد قد يصل إلى 964400 وفاة.

إغلاق المدارس
في هذا السياق، قررت مدينة شنغهاي إغلاق معظم المدارس مرة أخرى، بدءاً من بعد الاثنين، في عودة إلى أحد عناصر الإجراءات الصارمة لاحتواء فيروس كورونا في الصين، حيث إن التخفيف السريع للقيود أدّى إلى ارتفاع في عدد حالات الإصابة بالفيروس.
ودعت هيئة التعليم في أكبر مدينة صينية في منشور على موقع التواصل الاجتماعي «وي تشات»، السبت، الطلاب في جميع الفصول الدراسية، فيما عدا طلاب المدارس المتوسطة والثانوية، الذين سيتخرجون الصيف المقبل، بمواصلة الدراسة في المنزل، بدءاً من الأسبوع المقبل، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء أمس (السبت). وأضاف الإعلان أنه سيتم أيضاً إغلاق دور الحضانة.

محارق مكتظة
ذكر عاملون في محارق جثث ببكين، الجمعة، أن المحارق مكتظة بسبب موجة غير مسبوقة من الإصابات بـ«كوفيد - 19»، يُتوقع أن تصل قريباً إلى المناطق الريفية، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن السلطات. وقال عامل في محرقة للجثث للوكالة الفرنسية: «نحرق 20 جثة في اليوم، معظمها لكبار في السن. أصيب كثير من الناس بالمرض أخيراً». وأضاف: «نحن مجبرون على العمل بشكل كثيف! من بين 60 موظفاً، هناك أكثر من 10 حالات (كوفيد) إيجابية، لكن لا خيار لدينا، هناك كثير من العمل في الآونة الأخيرة».
وأشار عمّال في اثنتين من دور إقامة الجنازات ببكين، إلى أنّ مؤسستيهما تعملان الآن على مدار الساعة، وتقدّمان خدمات حرق الجثث في اليوم ذاته لتلبية الطلب المتزايد. وأفادت محرقة جثث أخرى بأنّ لديها الآن قائمة انتظار مدّتها أسبوع.
ورغم ذلك، لا تشير الأرقام الرسمية إلى أي وفيات مرتبطة بكوفيد منذ الرابع من ديسمبر.

تفشٍ في الأرياف
دعت الهيئة المسؤولة عن مكافحة «كوفيد - 19»، الجمعة، الحكومات المحلية، إلى زيادة المراقبة والرعاية الطبية للعائدين إلى عائلاتهم في المناطق الريفية، مع اقتراب العام الصيني الجديد في يناير.
ويتسبب هذا الحدث كل عام بأكبر حركة انتقال في العالم. ومن المتوقّع أن يزداد الطلب هذا العام بعد رفع القيود المفروضة على السفر بين المقاطعات.
في هذه الأثناء، قلّلت وسائل الإعلام الحكومية والخبراء الصينيون من خطورة المتحوّرة أوميكرون في الأيام الأخيرة، فيما اقترح خبير أمراض الجهاز التنفسي زونغ نانشان إعادة تسمية كوفيد بـ«زكام فيروس كورونا». غير أنّ البلاد تضمّ ملايين المسنّين المعرّضين للخطر لأنّهم لم يتلقّوا لقاحاً، بينما باتت اختبارات «بي سي آر» والأدوية المخفّضة للحرارة غير متوافرة في كثير من الصيدليات.

مستشفيات مزدحمة
أبلغ مديرو 5 دور لرعاية المسنّين الصحافة المحلية بأنه لم يعد بإمكانهم الحصول على اختبارات «بي سي آر»، أو على الأدوية، بسبب النقص في هذه المواد. وقالوا إنه ليست لديهم خطة طوارئ في حال ازدياد الحالات.
على الصعيد الوطني، يواصل كثير من دور رعاية المسنّين عملها في إطار «دائرة مغلقة»، أي إجراء حجر يفرض على العمّال النوم في الموقع، وفقاً لما نُشر على مواقع في الأيام الأخيرة. لكن افتقار الصين إلى عيادات الأطباء يعني أنّ الناس يميلون إلى الذهاب إلى المستشفى حتى في حال وجود مشكلة بسيطة، الأمر الذي يؤدي إلى ازدحامات. وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمصابين بـ«كوفيد - 19» يجلسون على مقاعد خارج مستشفيات مزدحمة ويتلقّون حقن المحلول الملحي.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.