العراق: «سرقة القرن» تراوح مكانها بعد انتهاء مهلة الأسبوعين للمتهم الرئيس

مئات العراقيين يظاهرون ضد الفساد في بغداد أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
مئات العراقيين يظاهرون ضد الفساد في بغداد أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

العراق: «سرقة القرن» تراوح مكانها بعد انتهاء مهلة الأسبوعين للمتهم الرئيس

مئات العراقيين يظاهرون ضد الفساد في بغداد أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
مئات العراقيين يظاهرون ضد الفساد في بغداد أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

انتهت، أول من أمس (الأربعاء)، مهلة الأسبوعين التي منحها القضاء العراقي للمتهم الرئيسي فيما سُميت بـ«سرقة القرن»، مقابل إعادة المبالغ التي بحوزته، البالغة نحو مليار دولار من أصل أكثر من ملياري دولار أميركي. وفي الوقت الذي لم يصدر بعد (حتى ساعة كتابة التقرير) موقف من القضاء بشأن ما إذا كان أعيد المتهم الرئيسي بالسرقة، نور زهير، إلى السجن، أم تم التمديد لعملية إطلاق سراحه بكفالة لمدة أخرى، فإن «لجنة تقصي الحقائق» التي شكلها البرلمان العراقي أعلنت، أمس (الخميس)، نتائج عملها.
وأصدرت رئيسة اللجنة عضوة البرلمان العراقي، حنان الفتلاوي، بياناً جاء فيه أن «(لجنة تقصي الحقائق) حول موضوع سرقة الأمانات الضريبية المشكّلة في لجنة النزاهة البرلمانية أكملت تقريرها وتقديمه لرئاسة مجلس النواب وإرسال نسخة منه إلى السلطة القضائية ولرئيس مجلس الوزراء ولهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية». وأضافت الفتلاوي: «عقدت اللجنة 37 اجتماعاً استضافت فيها 33 شخصية ممن يُتطلب الاستماع لأقوالهم أو تدقيق الأوليات معهم»، وزادت: «اللجنة تضع تقريرها الذي يتضمن حقائق كثيرة ومهمة أمام أنظار السلطة القضائية والجهات التنفيذية المعنية، كما يتضمن التقرير عدداً من التوصيات التي ارتأتها اللجنة من أجل محاسبة المقصرين وإعادة المبالغ المسروقة، وكذلك منع أي سرقات مستقبلية مماثلة». وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أعلن، يوم السابع من الشهر الماضي، استرداد مبلغ قدره 182 مليار دينار عراقي من أموال ما عُرفت بـ«سرقة القرن» (نحو 125 مليون دولار أميركي)، مبيناً في الوقت نفسه أن القضاء العراقي أصدر قراراً تم بموجبه إطلاق سراح المتهم الرئيسي بالسرقة، نور زهير، لمدة أسبوعين، على أن يتم استرداد كامل المبلغ الذي بحوزته، والذي اعترف هو بسرقته، البالغ نحو تريليون دينار عراقي (ما يقرب من مليار دولار أميركي).
وبينما أكد السوداني، خلال مؤتمره الصحافي الذي أعلن فيه استرداد تلك الأموال التي ظهرت إلى جانبه، أن لجنة التحقيق باشرت إجراءاتها لرصد المخالفات والمقصرين بتسهيل الاستيلاء على أموال الأمانات، موضحاً أن هناك جهات داخل هيئة الضرائب وأخرى رقابية ومسؤولة سهَّلت عملية سرقة الأمانات، ومتعهداً في الوقت نفسه بـ«الإعلان عن الجهات التي سهلت سرقة الأمانات بعد إكمال التحقيقات»، فإنه، وقبل يوم من انتهاء مهلة الأسبوعين التي تم بموجبها إطلاق المتهم الرئيسي بكفالة، أعلن المكتب الإعلامي للسوداني عن استرداد الوجبة الثانية من الأموال المسروقة، البالغة هذه المرة 134 مليار دينار عراقي.
وقال بيان للحكومة إنه «بمتابعة مباشرة مع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وبالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى، تواصل الجهات المتخصّصة بقضايا النزاهة، عمليات استرداد الأموال الخاصة بالأمانات الضريبية التي جرى الاستيلاء عليها ضمن ما يُعرف بـ(سرقة القرن)».
وأضاف أنه «تم استرداد الدفعة الثانية من تلك الأموال، بمبلغ قدره 134 ملياراً و455 مليوناً و600 ألف دينار، وتم إيداعه بشكل أصولي في الحساب المصرفي المفتوح لـ(مصرف الرافدين) الفرع الرئيسي، ليكون مجموع المبالغ المستردة 317 ملياراً و535 مليوناً و536 ألفاً و525 ديناراً».
وتابع أن «عمليات استرداد الأموال وملاحقة المطلوبين مستمرة، وبإشراف مباشر من رئيس مجلس الوزراء، وذلك تنفيذاً للبرنامج الحكومي الذي يضع مكافحة الفساد في مقدمة الأولويات». وطبقاً لما تم استرداده من الأموال المسروقة، التي لا تتعدى ما نسبته 3 في المائة من مجموع المبالغ، واستناداً لما ورد في تقرير لجنة تقصي الحقائق والإيضاحات التي أصدرتها رئيسة اللجنة، فإنه لا توجد حتى الآن أي مؤشرات على إمكانية إعادة باقي الأموال.
ففي الوقت الذي لا يزال مصير المتهم الرئيسي غامضاً لجهة إعادة اعتقاله أو إطلاق سراحه، فإن المتهمين الآخرين الذين ينتمون إلى ثلاث شركات أخرى من مجموع الشركات الوهمية الخمس التي تولت عملية السرقة، لا يزالون مجهولي الإقامة، باستثناء واحد منهم جرت عملية اعتقاله في إقليم كردستان، ولكن لم يتم تسليمه بعد إلى الحكومة المركزية.
وطبقاً للإيضاحات التي أصدرتها الفتلاوي، أمس (الخميس)، فإن عملية السرقة الكبرى هذه ما كان يمكن أن تتم لولا «تسهيلات رسمية من قبل هيئة الضرائب وبعض المصارف الحكومية، فضلاً عن كتاب رسمي لا تزال دوافعه مجهولة؛ بإلغاء دور الرقابة المالية في عمليات تسهيل سحب الأموال».
وطبقاً للفتلاوي، فإن «الأمانات الضريبية عبارة عن أموال يجري إيداعها من قِبَل أصحاب الشركات التي تنفذ أعمالاً في هيئة الضرائب بنسب معينة من أصل المبلغ الكلي للمشروع، على أن يجري سحبها بعد مرور 5 سنوات على تنفيذ المشروع، مع استقطاع نِسَب معينة منها بوصفه إيراداً للحكومة»، مبينة أن «الشركات التي تولت سحب مبالغ الأمانات هي شركات وهمية؛ قسم منها تأسس العام الماضي، وهو ما يعني أن عملية السرقة عبارة عن جريمة منظمة تواطأت من أجل القيام بها جهات عديدة من داخل مؤسسات الدولة».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

تجدّدت الغارات الإسرائيلية، الجمعة، على الأحياء المسيحية المقابلة لضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء خمسة أبنية، يقع أحدها في شارع مكتظ.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارتين، بعد ظهر الجمعة، على مبنيين يقعان على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية في منطقة الشياح المعروفة باسم «طريق صيدا القديمة»، التي تفصل الشياح عن عين الرمانة، وهي خطوط التماس القديمة، خلال الحرب اللبنانية. كما قصف، مساء، مبنى يقع خلف خط بولفار كميل شمعون، الذي يفصل الضاحية الجنوبية عن المناطق ذات الغالبية المسيحية التي يقع فيها المبنى المستهدف.

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

ويضمّ المبنى، في طوابقه الأربعة الأولى، مؤسسات تجارية عدة ونادياً رياضياً ومختبراً، بينما الطوابق السبعة الأخرى سكنية. واستهدف الصاروخ القسم السكني من المبنى، ما أدى إلى انهياره، بينما صمدت الطوابق الأولى. وجاء استهداف المبنيين بعد إنذار إسرائيلي لسكانهما ومحيطهما بالإخلاء، قالت الوكالة الوطنية إنه أسفر عن «حركة نزوح ملحوظة» من منطقة عين الرمانة المتاخمة للشياح، والتي تقطنها غالبية مسيحية. وجاءت الضربات بعد غارات مماثلة استهدفت، صباح الجمعة، ثلاثة أبنية في منطقتي الحدث وحارة حريك، بعد إنذار إسرائيلي.

وأظهر البث المباشر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، سحب دخان وغبار تتصاعد على أثر الغارات الثلاث على المنطقة. وأفادت الوكالة بأن غارتين شنّهما «الطيران الحربي المُعادي» استهدفتا منطقة الكفاءات في الحدث، مشيرة إلى «تصاعد الدخان بشكل كثيف من محيط الجامعة اللبنانية». وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أن مقاتلاته الحربية «أتمّت جولة جديدة من الضربات» على ضاحية بيروت الجنوبية.

امرأة وأطفال ينزحون من موقع قريب لمبنى دمرته غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وجاءت غارات الجمعة، غداة شنّ إسرائيل سلسلة غارات كثيفة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان وشرقه. وشنت إسرائيل ضربات على مناطق عدة في جنوب لبنان، بعد أوامر إخلاء للسكان شملت مبنى في مدينة صور الساحلية، وبلدتين في محيطها. وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان، منذ إنهاء المبعوث الأميركي آموس هوكستين زيارته إلى بيروت، الأربعاء، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل. وللمرة الأولى منذ بدء عملياتها البرية، توغّلت القوات الإسرائيلية إلى داخل بلدة دير ميماس، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية، مشيرة إلى أن «طائرة استطلاع معادية» حلقت فوق البلدة، وهي «تطلب من المواطنين عدم الخروج من منازلهم». وأعلن «حزب الله»، الجمعة، استهدافه، مرتين، جنوداً إسرائيليين عند أطراف كفركلا، «بقذائف المدفعية».