التونسيون ينتخبون غداً برلماناً «من دون صلاحيات فعلية»

تقاطعها غالبية الأحزاب السياسية... ويرفض المواطنون معرفة نتائجها

جانب من حملات المرشحين لانتخاب البرلمان التونسي على حائط أحد شوارع العاصمة (أ.ف.ب)
جانب من حملات المرشحين لانتخاب البرلمان التونسي على حائط أحد شوارع العاصمة (أ.ف.ب)
TT

التونسيون ينتخبون غداً برلماناً «من دون صلاحيات فعلية»

جانب من حملات المرشحين لانتخاب البرلمان التونسي على حائط أحد شوارع العاصمة (أ.ف.ب)
جانب من حملات المرشحين لانتخاب البرلمان التونسي على حائط أحد شوارع العاصمة (أ.ف.ب)

يُدعى الناخبون التونسيون غدا السبت لانتخاب برلمان جديد من دون صلاحيات فعلية في انتخابات تشريعية، تقاطعها غالبية الأحزاب السياسية المعارضة، وتمثل مرحلة جديدة في النظام السياسي الرئاسي، الذي أسس له الرئيس قيس سعيّد منذ احتكاره السلطات في 2021.
ويتكون البرلمان الجديد من 161 نائبا، ويحلّ محل البرلمان الذي جمّد سعيّد أعماله في 25 من يوليو (تموز) 2021، قبل أن يحلّه لاحقا، كما قرّر آنذاك احتكار السلطات في البلاد، معلّلا قراره بعدم فاعلية البرلمان السابق ومعلنا انطلاق «عهد جديد».
ويرى مراقبون أن البرلمان الجديد سيكون من دون صلاحيات فعلية، على اعتبار أن البرلمان السابق كان معززا بصلاحيات حكم فعلية وواسعة، بينما سيكون البرلمان المقبل مجرّداً منها بموجب الدستور الجديد، الذي أقرّه الرئيس، وتمّ إقراره إثر استفتاء شعبي لم يحظ بمشاركة واسعة في 25 من يوليو الماضي.
ويرى الخبير السياسي حمادي الرديسي أن «الهدف هو تحقيق أجندة» تم وضعها من طرف الرئيس سعيّد، مشيراً إلى أنها «استكمال للمسار الذي بدأ في 25 من يوليو». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذا البرلمان «لن تكون لديه صلاحيات كثيرة لأنه لن يكون قادراً على مساءلة الحكومة، أو توجيه اللوم إليها»، لأنه من الصعب تحقيق الشروط المعقدة التي ينص عليها الدستور في هذه الحالات.
وبحسب الدستور الجديد، يمكن للبرلمان اقتراح مشاريع قوانين، على أن تُقدّم من جانب عشرة نواب على الأقل، مع إعطاء الأولوية للنصوص التي يقدّمها الرئيس، وسيعلن في 20 من مارس (آذار) المقبل عن تركيبة البرلمان النهائية، بعد تنظيم الدورة الثانية للانتخابات التشريعية ما بين شهري فبراير (شباط) ومارس المقبلين. وينص القانون الانتخابي الجديد على الاقتراع الفردي ويحل محل انتخاب اللوائح، ما يضعف من مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات، وقد نتج عن ذلك ترشح شخصيات غير معروفة، غالبيتهم من دون انتماءات سياسية.
وبالنسبة للرديسي فإن «الهدف، رغم كل عيوب هذه الانتخابات ونواقصها، هو زيادة شرعية الرئاسة»، معتبراً أن الانتخابات ستنتج «برلماناً مرذّلاً بلا صلاحيات».
وتقاطع غالبية الأحزاب السياسية هذه الانتخابات، وفي مقدمتها حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية المعارض الأول لسعيّد، والذي كان أكبر الأحزاب المهيمنة على البرلمان طوال عشر سنوات، إذ إنه يعتبر ما يقوم به الرئيس «انقلاباً على الدستور وعلى الثورة»، التي فتحت طريقا للديمقراطية الوحيدة في العالم العربي.
وجدد أحمد نجيب الشابي، رئيس «جبهة الخلاص»، وهي تكتل لأحزاب معارضة، في مؤتمر صحافي أمس «مقاطعة الانتخابات وعدم الاعتراف بنتائجها»، وقال إن «نداءنا الأخير لعامة المواطنين بأن يمسكوا عن المشاركة في انتخابات يوم السبت» لأن «البرلمان سيكون مسخا دون صلاحيات».
أمّا الاتحاد العام التونسي للشغل، النقابة العمالية الرئيسية في البلاد، والذي قبل بقرارات الرئيس يوم 25 يوليو 2021 دون منحه «شيكا على بياض»، فقد أظهر في الأيّام الأخيرة موقفا مختلفا، وأكثر حدة تجاه مشروع سعيّد السياسي. واعتبر أمينه العام نور الدين الطبوبي في خطاب أمام أنصار «الاتحاد» أن الانتخابات القادمة «لا طعم ولا لون لها»، وهي نتاج «دستور لم يكن محلّ توافق».
وعلاوة على رفض الأحزاب، تطرح «التمثيلية» مشكلة أخرى في هذا الاقتراع، من خلال مشاركة منخفضة للنساء (122 مرشحة، أقل من 15 في المائة)، بينما تشكل النساء نصف سكان البلاد تقريبا (12 مليونا). وفي هذا السياق يبدي الرديسي مخاوفه من رؤية «برلمان من دون نساء»، بينما كانت المساواة إلزامية في القوائم الانتخابية في السابق.
وترشح للانتخابات 1085 شخصاً غالبيتهم غير معروفين من قبل الرأي العام التونسي. ووفقاً «للمرصد التونسي للانتقال الديمقراطي»، فإن نصف المرشحين أساتذة (نحو 26 في المائة) وموظفون حكوميون، ذوو مستوى متوسط (نحو 22 في المائة). وستكون نسبة المشاركة في هذه الانتخابات رهانا كبيرا، وإن كان جل الخبراء يقدرون أن تكون ضعيفة. وقد حصل كل المرشحين على أكثر من 400 ألف توقيع تأييد، «لكن حتى وإن تمت مضاعفة الرقم بمرتين أو ثلاث، فسيكون ذلك فشلا ذريعا، علما بأنه في الاستفتاء السابق كما في الانتخابات الرئاسية (في العام 2019)، سجلت مشاركة 2,5 مليون ناخب»، بحسب الرديسي.
وبالنسبة لحجم مشاركة الشباب، قال عدد منهم لوكالة الصحافة الفرنسية إنهم ليسوا معنيين بالاقتراع الذي سيفرز «برلماناً دمية»، مؤكدين أنهم «لا يرغبون في معرفة أي شيء عن المرشحين». كما تحدثت وسائل الإعلام في تونس كثيرا عن «لامبالاة» التونسيين بهذه الانتخابات، وعن عدم اهتمامهم بالحملات الانتخابية للمرشحين، وتحدثت أيضا عن مواصلتهم في المقابل لمواجهة النقص المتكرر في الحليب والأرز والسكر، وارتفاع التضخم الذي اقترب من 10 في المائة، في حين تغرق البلاد المثقلة بالديون، في أزمة اقتصادية تفاقمت بسبب تداعيات وباء (كوفيد - 19) ثم الحرب في أوكرانيا.
في سياق ذلك، بدأ التونسيون في الخارج، أمس، الاقتراع لانتخاب ممثلين لهم في البرلمان، في ظل افتقاد غالبية الدوائر الانتخابية لمرشحين. وفتحت مكاتب الاقتراع من الساعة الثامنة صباحا واستمرت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي لبلد الاقتراع، وتستمر العملية الانتخابية حتى بعد غد السبت، تاريخ بدء الاقتراع داخل تونس.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.