ما حدود التدخل الأميركي في نزاع «السد الإثيوبي»؟

القاهرة تنشد مساعدة واشنطن... وأديس أبابا مُصرّة على «الرعاية الأفريقية»

سد النهضة (أ.ف.ب)
سد النهضة (أ.ف.ب)
TT

ما حدود التدخل الأميركي في نزاع «السد الإثيوبي»؟

سد النهضة (أ.ف.ب)
سد النهضة (أ.ف.ب)

ينشد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساعدة الولايات المتحدة للضغط على إثيوبيا من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن «سد النهضة»، المشروع الكهرومائي الضخم على نهر النيل، والذي ترى فيه القاهرة «تهديداً وجودياً». ورغم المطالبة المصرية المتكررة، والتي تصطدم برفض إثيوبا، المصرة بدورها على استمرار رعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات، إلا أنه لم يتضح بعد مدى حجم استجابة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، للرغبة المصرية.
ولا يتوقع مراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تغلغلا أميركيا «لافتا» في حل النزاع، بخلاف الضغط لحل دبلوماسي، من خلال المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا، أو عبر الاتحاد الأفريقي.
ومنذ أبريل (نيسان) 2021، تجمدت المفاوضات بين الدول الثلاث، التي تجرى برعاية الاتحاد الأفريقي، بعد فشلها في الحل، الأمر الذي دعا مصر للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للاحتجاج، والمطالبة بالضغط على إثيوبيا عبر الشركاء الدوليين للقبول باتفاق يرضي جميع الأطراف.
وفي زيارته إلى واشنطن لحضور القمة الأميركية - الأفريقية، طلب السيسي الأربعاء مساعدة واشنطن للضغط على إثيوبيا. فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن «شدد على أهمية التوصل إلى تسوية دبلوماسية تحمي مصالح جميع الأطراف».
وأكد السيسي للوزير الأميركي أن «هذه مسألة حيوية ووجودية للغاية بالنسبة لنا. ونشكر الولايات المتحدة على دعمها واهتمامها». مضيفا أن «التوصل إلى اتفاق ملزم قانوناً يمكن أن يحقق شيئاً جيداً وفقاً للمعايير والأعراف الدولية. ولا نطلب أي شيء آخر غير ذلك». وتابع «نحتاج إلى دعمكم في هذا الشأن».
وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان عقب الاجتماع، أن بلينكن «شدد على أهمية التوصل إلى تسوية دبلوماسية تحمي مصالح جميع الأطراف».
وسيكون السد المقام على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، الأكبر في أفريقيا وتبلغ قيمته 4.2 مليار دولار.
وتخشى مصر التي تعتمد على النهر بنسبة 97 في المائة في مياه الري والشرب، أن يقلل السد من إمداداتها المائية الشحيحة أصلاً.
وعادة ما تعول مصر على دور أميركي لإجبار إثيوبيا على توقيع اتفاق يمنع الإضرار بدولتي المصب (مصر والسودان)، ويحقق لإثيوبيا رغبتها. ولا يبدو أن إدارة بايدن، ترغب في التدخل بالقضية بشكل «حاسم»، بعكس إدارة دونالد ترمب السابقة، التي كانت تولي الملف اهتماماً لافتاً.
ويرى السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن القاهرة ترغب في إظهار مزيد من الضغط الأميركي على إثيوبيا، أيا كانت وسائل هذا الضغط، حيث تمتلك الإدارة الأميركية الأدوات المتنوعة حال أرادت الحل.
ولا يتوقع الدبلوماسي المصري، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، تدخلا أميركيا قويا في الملف، حيث تفضل إدارة بايدن الحل الأفريقي، بينما لا تمانع مصر من ذلك شرط استئناف مفاوضات جديدة برغبة إثيوبية حقيقية تفضي إلى حل يؤمّن مصالح الدول الثلاث.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد قد وعد بمواصلة المحادثات بشأن السد، لكنه مضى قدماً في خطة ملء بحيرة السد على ثلاث مراحل سنوية حتى الآن، كما أعلن عن تشغيل توربينين لتوليد الكهرباء.
الجدير بالذكر أن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أقامت وساطة مباشرة، لم تسفر عن اتفاق، كما قطعت المساعدات عن إثيوبيا بعدما اتهمت أديس أبابا بعدم التعامل بحسن نية في هذا الملف.
وواجه ترمب انتقادات حين لمح إلى أن مصر يمكن أن تهاجم السد، وهو احتمال رفضته القاهرة علناً.
ويؤكد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام، أن مصر تدرك أهمية «قوة دور الولايات المتحدة لحل النزاع»، في ظل تأثير مصالحها بأي توترات مستقبلية»، وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «رغبة أميركية صادقة يمكنها دفع الأطراف المتنازعة للتعاون، والوصول لتفاهمات لإبرام اتفاق قانوني».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.