جوليا قصار: إبداع الفنان اللبناني يولد من رحم المعاناة

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الأمل رسالة فيلمها «ع مفرق الطريق»

جوليا قصار (من مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
جوليا قصار (من مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
TT

جوليا قصار: إبداع الفنان اللبناني يولد من رحم المعاناة

جوليا قصار (من مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
جوليا قصار (من مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

أكدت الفنانة اللبنانية جوليا قصار، أن «إبداع الفنان اللبناني يولد من رحم المعاناة». وأضافت، أن «الأمل رسالة فيلمها (ع مفرق الطريق)». وأعربت الفنانة اللبنانية عن سعادتها لعرض فيلمها اللبناني الجديد «ع مفرق الطريق» في الدورة الثانية من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الذي استضافته مدينة جدة السعودية.

وقالت جوليا لـ«الشرق الأوسط»: «انتابتني سعادة (غامرة) حينما علمت بعرض فيلمي الجديد (ع مفرق الطريق) ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي، الذي أراه مهرجاناً وُلد عملاقاً في الوطن العربي، وسعادتي زادت حينما جئت إلى جدة وشاهدت المبدعين والسينمائيين الكبار في أرجاء المهرجان كافة».

وذكرت الفنانة اللبنانية «أُجسّد في الفيلم شخصية الراهبة بولا، التي تعيش في منطقة بعيدة مع عدد من الراهبات في حياة هادئة بعيدة عن صخب الحياة العامة، تتأمل في الطبيعة، وتنتظر عودة ابنة شقيقها من باريس، من أجل ممارسة الرياضة الروحية، وخلال الأحداث يأتي شخص على مفرق الطريق يضطر إلى الجلوس مع الراهبات، يتسبب في تغير حياة الراهبة بولا والراهبات الأخريات، وتحاول الراهبة بولا أن تتعامل بحكمة مع التغيرات التي ستصير مع الراهبات الأخريات، لتظهر العديد من المواقف الكوميدية».

وترى جوليا قصار، أن «أصعب أنواع الكوميديا، هي كوميديا الموقف، كما أن رسالة الفيلم الأساسية، هي التأكيد على أن لبنان ما زالت (جميلة)، وأن المواطن اللبناني ما زال لديه (قيم إنسانية كبيرة)».

من مهرجان البحر الأحمر السينمائي

وأشادت جوليا بصناع فيلمها الجديد، قائلة، إنّ «أبرز ما يميز فيلم (ع مفرق الطريق) هو أنه يضم عدداً كبيراً من نجوم الفن اللبناني في المسرح والتلفزيون، وفنانين لهم تاريخ وباع طويل مع التمثيل. وكانت مفاجأة لي أنّ المخرجة لارا استطاعت جمع هؤلاء الفنانين جميعاً في عمل واحد، وأتمنى أن يجذب الفيلم المشاهدين حينما يُطرح في دور العرض السينمائية، ويضحكون من قلبهم، مثلما عشنا نحن خلال كواليس الفيلم أياماً رائعة بسبب المواقف الكوميدية التي كنا نقع فيها أثناء التصوير».

وقالت الفنانة اللبنانية «حينما بدأنا التحضير للفيلم، كانت جائحة (كورونا) قد احتاجت العالم، ووقت التصوير جاء انفجار مرفأ بيروت الذي يعد ثالث أكبر انفجار في العالم، لكن صممنا على استكمال الفيلم؛ لأنّ مهنتنا هي بث روح التفاؤل والأمل للناس والمشاهدين، ولا بد من أن نشجع اللبنانيين على أن الحياة مستمرة رغم كل الصعوبات التي نواجهها من مشاكل وأزمات».

وتشير جوليا قصار إلى أنّ «السينما اللبنانية بخير، والأفلام اللبنانية دوماً ما تشق طريقها لحصد أهم وأكبر الجوائز العالمية؛ وذلك بسبب أنّ الفنان اللبناني يولّد إبداعه من رحم المعاناة، دوماً ما يبدع اللبناني حينما تكون موجودة وتشعره بأنه في حاجة إلى إثبات وجوده، فنجده يقدم روائع فنية».

وكشفت الفنانة اللبنانية عن أنها تنتظر خلال الفترة المقبلة عرض مسلسلها الجديد «روح» مع المخرج سامي كوجان، وتُحضّر لفيلم جديد مع المخرجة ماريا ايفانونا بعنوان The Anger.

وفيلم «عا مفرق الطريق» فكرة وبطولة شادي حداد، وكتابة جوزفين حبشي، ويشارك البطولة مع جوليا قصار، شادي حداد، زبيتي توتل، وميرنا مكرزل. وتدور أحداث الفيلم حول فنان شاب مشهور يشعر بالإحباط من ضغوط العمل وتدني مستوى الفن، فيقرّر الهروب من كلّ شيء. وهو في الطريق إلى قريته بشمال لبنان، تصطدم سيارته بفتاة، ويلتقي بعدها بأربع راهبات في دير مجاور بوادي قنوبين، ليتلقى دعوة بأن يقضي عطلته وتجربة الخلوة في الدير نفسه، وتتوالى الأحداث في إطار كوميدي رومانسي. 



«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
TT

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

في كل مرة يُعلن فيها عن الإفراج عن دفعة من المعتقلين السوريين، تتزيّن بطلة فيلم «سلمى» وتهرع مع والد زوجها، علّها تعثر على زوجها «سجين الرأي» الذي اختفى قبل سنوات في ظروف غامضة، متمسكة بأمل عودته، رافضة إصدار شهادة وفاته، ومواصلة حياتها مع نجلها ونجل شقيقتها المتوفاة.

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» في هذا الإطار، وقد جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» في «مهرجان القاهرة السينمائي» في دورته الـ45، وتلعب الفنانة السورية سلاف فواخرجي دور البطولة فيه إلى جانب المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد الذي يؤدي دور والد زوجها. وقد أُهدي الفيلم لروحه.

تتعرض «سلمى» للاستغلال من أحد أثرياء الحرب سيئ السمعة، لتبدأ بنشر معلومات دعائية لشقيقه في الانتخابات على خلفية ثقة السوريين بها للعبها دوراً بطوليّاً حين ضرب زلزال قوي سوريا عام 2023، ونجحت في إنقاذ عشرات المواطنين من تحت الأنقاض، وتناقلت بطولتها مقاطع فيديو صورها كثيرون. وتجد «سلمى» نفسها أمام خيارين إما أن تتابع المواجهة حتى النهاية، وإما أن تختار خلاصها مع عائلتها.

ويشارك في بطولة الفيلم كلٌ من باسم ياخور، وحسين عباس، والفيلم من إخراج جود سعيد الذي يُعدّه نقاد «أحد أهم المخرجين الواعدين في السينما السورية»، بعدما حازت أفلامه جوائز في مهرجانات عدة، على غرار «مطر حمص»، و«بانتظار الخريف».

سُلاف تحتفل بفيلمها في مهرجان القاهرة (القاهرة السينمائي)

قدّمت سُلاف فواخرجي أداءً لافتاً لشخصية «سلمى» التي تنتصر لكرامتها، وتتعرّض لضربٍ مُبرح ضمن مشاهد الفيلم، وتتجاوز ضعفها لتتصدّى لأثرياء الحرب الذين استفادوا على حساب المواطن السوري. وتكشف أحداث الفيلم كثيراً عن معاناة السوريين في حياتهم اليومية، واصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على بعضِ السلع الغذائية، وسط دمار المباني جراء الحرب والزلزال.

خلال المؤتمر الصحافي الذي نُظّم عقب عرض الفيلم، تقول سُلاف فواخرجي، إنه من الصّعب أن ينفصل الفنان عن الإنسان، وإنّ أحلام «سلمى» البسيطة في البيت والأسرة والكرامة باتت أحلاماً كبيرة وصعبة. مؤكدة أن هذا الأمر ليس موجوداً في سوريا فقط، بل في كثيرٍ من المجتمعات، حيث باتت تُسرق أحلام الإنسان وذكرياته. لافتة إلى أنها واحدة من فريق كبير في الفيلم عمل بشغف لتقديم هذه القصة. وأضافت أنها «ممثلة شغوفة بالسينما وتحب المشاركة في أعمال قوية»، مشيرة إلى أن «شخصية (سلمى) تُشبهها في بعض الصّفات، وأن المرأة تظل كائناً عظيماً».

من جانبه، قال المخرج جود سعيد، إن هذا الفيلم كان صعباً في مرحلة المونتاج، خصوصاً في ظل غياب عبد اللطيف عبد الحميد الذي وصفه بـ«الحاضر الغائب».

مشيراً إلى أن قصة «سلمى» تُمثّل الكرامة، «وبعد العشرية السّوداء لم يبقَ للسوريين سوى الكرامة، ومن دونها لن نستطيع أن نقف مجدداً»، وأن الفيلم يطرح إعادة بناء الهوية السورية على أساسٍ مختلفٍ، أوّله كرامة الفرد. ولفت المخرج السوري إلى أن شهادته مجروحة في أداء بطلة الفيلم لأنه من المغرمين بأدائها.

الفنان السوري باسم ياخور أحد أبطال فيلم «سلمى» (القاهرة السينمائي)

ووصف الناقد الأردني، رسمي محاسنة، الفيلم بـ«الجريء» لطرحه ما يقع على المسالمين من ظلمٍ في أي مكان بالعالم؛ مؤكداً على أن كرامة الإنسان والوطن تستحق أن يُجازف المرء من أجلها بأمور كثيرة، وتابع: «لذا لاحظنا رفض (سلمى) بطلة الفيلم، أن تكون بوقاً لشخصية تمثّل نموذجاً للفساد والفاسدين رغم كل الضغوط».

وأوضح رسمي محاسنة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الفيلم قدّم شخصياته على خلفية الحرب، عبر نماذج إنسانية متباينة، من بينها تُجار الحرب الذين استغلوا ظروف المجتمع، ومن بقي مُحتفّظاً بإنسانيته ووطنيته، قائلاً إن «السيناريو كُتب بشكل دقيق، وعلى الرغم من دورانه حول شخصية مركزية فإن المونتاج حافظ على إيقاع الشخصيات الأخرى، وكذلك الإيقاع العام للفيلم الذي لم نشعر لدى متابعته بالملل أو بالرتابة».

سُلاف والمخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد في لقطة من الفيلم (القاهرة السينمائي)

وأشاد محاسنة بنهاية الفيلم مؤكداً أن «المشهد الختامي لم يجنح نحو الميلودراما، بل اختار نهاية قوية. كما جاء الفيلم دقيقاً في تصوير البيئة السورية»؛ مشيراً إلى أن «المخرج جود سعيد استطاع أن يُخرِج أفضل ما لدى أبطاله من أداء، فقدموا شخصيات الفيلم بأبعادها النفسية. كما وفُّق في إدارته للمجاميع».

واختتم محاسنة قائلاً: «تُدهشنا السينما السورية باستمرار، وتقدّم أجيالاً جديدة مثل جود سعيد الذي يتطوّر بشكل ممتاز، وفي رأيي هو مكسبٌ للسينما العربية».