انقلابيو اليمن يواصلون اختلاق أسماء للجبايات وفرض الإتاوات

عقوبات ميدانية تصل إلى القتل ضد من يرفض الدفع

متظاهرون في تعز اليمنية يطالبون باستكمال تحرير المدينة من الحوثيين (أ.ف.ب)
متظاهرون في تعز اليمنية يطالبون باستكمال تحرير المدينة من الحوثيين (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يواصلون اختلاق أسماء للجبايات وفرض الإتاوات

متظاهرون في تعز اليمنية يطالبون باستكمال تحرير المدينة من الحوثيين (أ.ف.ب)
متظاهرون في تعز اليمنية يطالبون باستكمال تحرير المدينة من الحوثيين (أ.ف.ب)

تواصل جماعة الحوثي ابتكار أنواع جديدة من الجبايات، وتطوير وسائل إجبار المستهدفين على دفعها دون مقاومة، وفي سبيل ذلك؛ أقدم مسلحون حوثيون على قتل شاب والتمثيل بجثته في محافظة إب جنوب العاصمة صنعاء، بعد رفضه دفع الجبايات المفروضة على المحل التجاري الذي يعمل به، ولم يكتفوا بقتله؛ بل ومثلوا بجثته.
الحادثة وقعت في مدينة يريم التابعة لمحافظة إب (139 كيلومتراً جنوب صنعاء)، عندما كان قيادي حوثي يدعى أبو حرب غلاب، يقود حملة لجمع الجبايات في المدينة، ووفق مصادر محلية في محافظة إب؛ فإن الشاب رفض الاستجابة لمطالب القيادي الحوثي ومسلحيه، بحجة أن المعني بالأمر هو صاحب المحل.
وقوبلت الواقعة برد فعل غاضب في مدينة يريم وضواحيها، حيث تجمع مئات المواطنين في مظاهرة مستنكرة تطالب برحيل الميليشيات الحوثية عن المدينة، ووقف الممارسات الشبيهة، وحملات الجبايات، وإيقاف القيادي أبو حرب وإحالته إلى المحاكمة. إلا إن «الميليشيات تعاملت مع المظاهرات بنوع من المرونة، وحاولت تفريقها بالترهيب والترغيب، خشية اتساعها»؛ وفق ما ذكرته المصادر.
غير أن مصادر حقوقية أفادت بأن الميليشيات واجهت المحتجين بالقمع، وأنها استدرجت قادة المظاهرة ومنظميها من الشخصيات الاجتماعية والأعيان ومواطنين آخرين، واحتجزتهم في إدارة الأمن التي تسيطر عليها.
وأدانت «الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان» مقتل الشاب على يد القيادي الحوثي أبو حرب، والتمثيل بجثته، وقمع المتظاهرين الغاضبين واعتقالهم.
ورغم ذلك؛ فإن الغضب الشعبي استمر في الأيام التالية، مما دفع بالميليشيات إلى محاولة الالتفاف على الجريمة، بالادعاء أن مرتكبها قاصر لم يتجاوز 15 عاماً، وهو المبرر الذي رفضه مواطنو المدينة الذين استغربوا تمكين أبو حرب وأمثاله من حمل السلاح وقيادة مجاميع من المسلحين الحوثيين، ثمّ تبرير جرائمهم بقصور أعمارهم.
ونفى المواطنون في يريم أن تكون الميليشيات أودعت القاتل ومرافقيه السجن كما زعمت الميليشيات، مؤكدين أنهم ما زالوا طلقاء ويحظون بحماية القيادي الحوثي المكنى «أبو عطان» والمعين من قبل الميليشيات مديراً لأمن مديرية يريم. ويتداول المواطنون معلومات عن احتماء «أبو حرب» ومرافقيه في منزل «أبو عطان» لبضعة أيام، قبل أن يتم نقلهم إلى العاصمة صنعاء.

ابتكار أسماء للجباية
وتواصل الميليشيات الحوثية أعمال الجباية وفرض الإتاوات بأسماء مختلفة ومبتكرة، وتعاقب من يتخلفون عن دفعها بعقوبات مختلفة، تاركة الحرية لأفرادها المسؤولين عن التحصيل باتخاذ الإجراءات العقابية وابتكارها. وخلال الأيام الماضية؛ أجبرت ملاك المحال التجارية على إصلاح الطرقات في العاصمة صنعاء.
ووفق وثيقة صادرة عن أمانة العاصمة التي تديرها الميليشيات؛ فإن على ملاك المحال التجارية المساهمة في رصف الطرقات وإعادة تأهيل البنى التحتية، في موعد أقصاه أسبوع من تاريخ صدور الوثيقة التي تضمنت تهديداً «باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد» من يتقاعس عن السداد.
ومن الإجراءات العقابية التي منحت الميليشيات عناصرها حرية ارتجالها؛ اختطاف أصحاب المحال واحتجازهم في مقارها وأقسام الشرطة التي تديرها وسجونها الخاصة، والسطو على المحال وأخذ المبالغ المطلوبة بالقوة والإكراه؛ بما في ذلك الاعتداء على ملاك المحال والعاملين فيها، إضافة إلى نهب السلع والبضائع والأصول، في حال عدم توفر سيولة نقدية في المحال.
وأغلقت الميليشيات الحوثية أخيراً أكثر من 25 مقراً لشركات تجارة المواد الغذائية وكبار التجار؛ من بينها مقر شركة «ناتكو» التابعة لـ«مجموعة هائل سعيد أنعم»، بعد أن استهدفت «مصنع السعيد» التابع للمجموعة ذاتها في محافظة الحديدة، مبررة إجراءها بمخالفة التسعيرة التي أقرتها وزارة التجارة في حكومة الميليشيات غير المعترف بها.

ابتزاز كبريات الشركات
وتقول مصادر تجارية في العاصمة صنعاء إن الميليشيات الحوثية استحدثت نقابة جديدة تحت اسم «نقابة تجار المواد الغذائية والمنزلية»، بغرض ابتزاز كبريات الشركات والمجموعات التجارية، وإجبارها على تعويض التجار التابعين للميليشيات. وإنه يجري الابتزاز بادعاء أن المواد الغذائية التابعة لهذه الشركات تالفة وأن بياناتها مزورة.
وتتخذ الميليشيات هذه الإجراءات في وقت تشهد فيه المناطق الواقعة تحت سيطرتها ركوداً اقتصادياً وبطئاً في الحركة التجارية بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين وضعف قدرتهم الشرائية الناجمة عن سياسات الميليشيات التي أدت إلى الإفقار والتجويع، وفي توقيت يحاول فيه التجار ورجال الأعمال الوفاء بالتزاماتهم ومراجعة حساباتهم قبل نهاية العام.
الجبايات والإتاوات التي تفرضها الميليشيات تنوعت كثيراً خلال الأشهر الأخيرة، وبين الحين والآخر تعلن عن نوع جديد منها.
ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي فرضت إدارة شرطة المرور في العاصمة صنعاء، والتي تديرها قيادات حوثية؛ رسوماً جديدة للمخالفات المروية، وضاعفت من مبالغ الغرامات الخاصة بالمخالفات، ومنحت أفراد الشرطة التابعين لها نسبة من تحصيل تلك المبالغ.
ومنحت الميليشيات أفراد شرطة المرور مهلة يومين لاستنفاد استمارات دفاتر المخالفات المرورية، واستبدال أخرى بها، مما يعني توثيق مخالفات وهمية، وتحميل سائقي السيارات مبالغ كبيرة دون أسباب حقيقية.
وسبق ذلك رفع الرسوم الخاصة باستخراج الرخص والوثائق وتنفيذ المعاملات في إدارات المرور بنسبة 700 في المائة.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.