البرهان: سنتعاون مع القوى السياسية لاستعادة التحول الديمقراطي

انشقاق جديد في المعارضة السودانية... و«البعث» يغادر ويلحق بـ«الشيوعي»

الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
TT

البرهان: سنتعاون مع القوى السياسية لاستعادة التحول الديمقراطي

الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)

قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، إن القوات المسلحة ستتعاون مع القوى السياسية، لاستعادة التحول الديمقراطي، بشرط ألا تحاول أي جهة اختطاف المشهد السياسي وحدها، مؤكداً أنها لن تمانع في العمل تحت إمرة حكومة شرعية ومنتخبة.
وأشار البرهان، القائد العام للقوات المسلحة، لدى مخاطبته مناورات للجيش السوداني بقاعدة «المعاقيل» العسكرية جنوب مدينة شندي، بولاية نهر النيل، شمالي البلاد، إلى أنه ليس هنالك تسوية سياسية بالمعنى الذي فهمه البعض، وإنما هي نقاط تم طرحها، نرى أنها يمكن أن تساعد على حل التعقيدات السياسية الراهنة في البلاد. وأضاف: «وافقنا على هذه النقاط ضمن اتفاق سياسي إطاري، يصب في مصلحة كل السودانيين دون إقصاء لأحد، وينبغي ألا تحاول أي جهة أن تختطف هذا الاتفاق لمصلحتها الذاتية دون الآخرين، أو أن تسعى لاختطاف السلطة من جديد».
وذكر البرهان -حسب بيان صادر من مكتب المتحدث الرسمي للجيش أمس- أن القوات المسلحة لن توافق في مرحلة الاتفاق النهائي للعملية السياسية الجارية على أي بنود يمكن أن تنال من ثوابت البلاد.
وقال: «نريد أن تقود العملية السياسية الجارية إلى حكومة مستقلين، تستطيع أن تنقل البلاد نقلة حقيقية إلى الأمام». وأكد أن القوات المسلحة لن تمانع مستقبلاً في العمل تحت إمرة حكومة شرعية ومنتخبة، يختارها الشعب وفقاً لانتخابات حرة وشفافة، وأنها ستتعاون حالياً مع القوى السياسية لاستعادة التحول الديمقراطي، بشرط ألا تحاول أي منها اختطاف المشهد السياسي وحدها.
وأوضح البرهان أن الإصلاح الحقيقي للقوات المسلحة يشمل التعديلات والإصلاحات في النظم واللوائح المنظمة للعمل، وهي قادرة ومستمرة فيه بما يضمن مصلحة البلاد وقواتها المسلحة، وفي الوقت ذاته ستواصل توفير الإمكانات المطلوبة لتدريب القوات، ورفع كفاءتها القتالية.
وقال إن القوات المسلحة تطمئن المواطنين، وستظل في خدمتهم وحمايتهم والحفاظ على تماسك.
وفي 5 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقَّع قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي) مع القوى المدنية في تحالف «قوى الحرية والتغيير» وقوى سياسية أخرى «اتفاقاً إطارياً»، نص على تكوين حكومة انتقالية بقيادة مدنية، وإنهاء تولي الجيش مقاليد الحكم في البلاد، وعودته إلى ثكناته.
وأُرجئ النظر في عدد من القضايا لمزيد من التشاور بين المدنيين، قبل التوقيع على الاتفاق النهائي، وتتضمن قضايا العدالة الانتقالية، والمحاسبة على الجرائم التي ارتُكبت قبل وبعد 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وتقييم ومراجعة اتفاقية «سلام جوبا»، بالإضافة إلى المواصلة في تصفية نظام الرئيس المعزول عمر البشير الذي حكم البلاد لمدة 30 عاماً، بجانب عملية الإصلاح الأمني والعسكري.
من جهة ثانية، التحق حزب «البعث» برصيفه الحزب «الشيوعي»، وأعلن خروجه من تحالف المعارضة (الحرية والتغيير)، رفضاً لما سماه «التسوية السياسية بين التحالف والعسكريين الحاكمين» المعروفة بـ«الاتفاق الإطاري».
واعتبر «البعث» الاتفاق الإطاري «شرعنة» للانقلاب العسكري، يسهم في إطالة عمره، ويضعف «وحدة قوى ثورة ديسمبر»، راسماً بذلك اصطفافاً جديداً بين القوى السياسية السودانية، يقع على طرفيه اليسار الأممي والعروبي، والوسط واليمين التقليدي من الجهة الأخرى.
ويعد انسحاب «البعث» شبيهاً بانسحاب الحزب «الشيوعي» في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 من التحالف، وإعلانه الشروع في إسقاط حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، واتهم وقتها عناصر من «الحرية والتغيير» بعقد «اتفاقات سرية ومشبوهة»، وأنها وافقت على «سياسات مخالفة للمواثيق والإعلانات المتفق عليها»، متبنياً ما سمَّاه العمل مع قوى الثورة، ولاحقاً كوَّن تحالفاً موالياً له أطلق عليه «تحالف قوى التغيير الجذري».
وقال حزب «البعث العربي الاشتراكي - الأصل» في بيان، إن: «مشاركة أغلبية (قوى الحرية والتغيير) في التوقيع على (الاتفاق الإطاري) مع الانقلابيين؛ يتناقض مع الأهداف والمبادئ الأساسية التي من أجلها نشأ هذا التحالف الواسع».
وتبعاً لهذه الرؤية، قطع البعث بأن «الحرية والتغيير» لم تعد إطاراً مناسباً لحشد الجماهير وتنظيمها فيما أطلق عليه «النضال ضد قوى الاستبداد والفساد»، وتابع: «توقيع غالب مكونات (الحرية والتغيير) على الاتفاق الإطاري، أفرغ التحالف من محتواه الثوري، بعد اصطفافه إلى جانب الانقلابيين».
وتنشط في السودان 4 أحزاب تحمل اسم «البعث»: «البعث العربي الاشتراكي– الأصل»، و«البعث العربي الاشتراكي»، و«البعث القومي»، و«البعث السوداني»، ثلاثة منها انشطارات عن «البعث» الموالي للعراق، والرابع «البعث» الموالي لسوريا.
وتكون «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير» إبان الثورة ضد نظام البشير، من مجموعة تحالفات معارضة، هي: «تحالف قوى الإجماع الوطني» وهو تحالف ذو طابع يساري، أبرز أحزابه: «الشيوعي» و«البعث». و«تحالف قوى نداء السودان» وهو أقرب إلى الوسط واليمين التقليدي، وأبرز أحزابه: «الأمة القومي»، و«المؤتمر السوداني»، إضافة إلى تجمع المهنيين السودانيين، ولجان المقاومة.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
TT

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

أكدت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على لسان سفارتها في هولندا، أنها تتابع ملف قضية خالد الهيشري، الذي مثل أمام «المحكمة الجنائية الدولية»، بعد أن تسلمته من السلطات الألمانية مطلع الشهر الحالي.

ويعد الهيشري، الذي تسلمته المحكمة من السلطات الألمانية، أبرز قيادي في «جهاز الردع» المناوئ للدبيبة راهناً. وأوضحت المحكمة أنه «كان أحد أرفع المسؤولين في سجن معيتيقة بطرابلس، حيث احتجز الآلاف لفترات طويلة، بينهم نساء وأطفال».

الدبيبة مستقبلاً في لقاء سابق كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر 2024 (مكتب الدبيبة)

وأضافت المحكمة أن الهيشري يُشتبه في ارتكابه «جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب؛ منها القتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي»، خلال الفترة الممتدة من فبراير (شباط) 2015 إلى أوائل عام 2020.

وقالت بعثة ليبيا في هولندا إنها أجرت، الخميس، زيارة «لمواطن ليبي محتجز لدى المحكمة الجنائية الدولية»، مشيرة إلى أن الزيارة «تمَّت في إطار متابعة ملفه، ومباشرة الإجراءات القانونية المرتبطة بمختلف المسارات المعمول بها، وفق نظام المحكمة ومبدأ التكامل القضائي».

وأوضحت البعثة أن الزيارة «جاءت للتواصل المباشر، والاطلاع على تطورات وضعه القانوني، والتأكد من توفر الضمانات والحقوق القانونية المكفولة له»، مضيفة أنها «تحقَّقت من تمكين المحتجز من حقوقه القانونية كاملة، ومن توافر ظروف إقامة ومعاملة ذات جودة عالية، وفق المعايير المعتمدة داخل مرافق الاحتجاز، إضافة للرعاية الصحية والتواصل مع محاميه وذويه، وحقه في الزيارات وتلقي المستلزمات الضرورية».

وأكدت البعثة أن القسم القنصلي «سينظم زيارات دورية للمحتجز، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

وزيرة العدل بحكومة الدبيبة حليمة إبراهيم (المكتب الإعلامي للوزارة)

وبدا أن وقوع الهيشري في قبضة المحكمة الدولية قد قلب الطاولة على الدبيبة، بالنظر إلى موافقته سابقاً على «قبول ليبيا لاختصاص المحكمة الجنائية»، بموجب المادة الـ12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي.

وأعلنت حكومة «الوحدة» في 20 يونيو (حزيران) 2024، عبر مراسلة رسمية من وزارة العدل إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قبولها لاختصاص المحكمة الجنائية، بموجب المادة الـ12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي، وهي الفقرة التي تتيح للدول غير الأعضاء إحالة، أو قبول، نظر المحكمة في جرائم تقع على أراضيها.

ورغم الاتهامات التي يواجهها الهيشري، فقد عدّت بعض الأطراف السياسية المناوئة للدبيبة مثول الأول أمام «الجنائية الدولية» أمراً مرفوضاً، متهمةً حكومة «الوحدة» بـ«التفريط في سيادة البلاد القضائية».

وعدّ المجلس الاجتماعي «لسوق الجمعة - النواحي الأربع»، القبض على الهيشري «اعتداءً سافراً على سيادة الدولة الليبية، وتصفية للقضاء الوطني»، ووجَّه اتهامات لاذعة لـ«الوحدة».

وكانت البعثة الأممية قد عدّت أول ظهور للهيشري أمام «المحكمة الجنائية» بأنه «خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة، والمساءلة لكثير من الضحايا الأبرياء، جراء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا».

و«معيتيقة»، سجن كبير سيئ السمعة، كانت تديره بشكل كامل ميليشيا «جهاز الردع»، بقيادة عبد الرؤوف كارة، وكان أسامة نجيم - الذي تطلب المحكمة تسليمه إليها - أحد المسؤولين عن السجن لكونه آمر جهاز الشرطة القضائية في ليبيا، قبل أن يقيله الدبيبة من منصبه بعد المطاردة الدولية له.

سيف الإسلام القذافي (متداولة)

وسبق أن أعلن كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قائمةً تضم كثيراً من المطلوبين للمحكمة، بتهم «التعذيب والقتل»، بينما لا تزال 8 أوامر قبض سارية المفعول بانتظار تنفيذها ضد كلّ من: نجيم، وسيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، وعبد الرحيم الشقاقي، ومخلوف أرحومة دومة، وناصر مفتاح ضو، ومحمد الصالحين سالمي، وعبد الباري عياد الشقاقي، وفتحي الزنكال.


تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
TT

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

اتهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في هذا البلد بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية، وفي مقدمتها تنفيذ أولويات «خريطة الطريق»، التي تواجه «تحدياً كبيراً» لجهة إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، والنظر في التعديلات المقترحة على الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات.

تيتيه اتهمت أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية (غيتي)

وكانت رئيسة «أنسميل» تقدم إحاطة، الجمعة، أمام أعضاء مجلس الأمن، أشارت فيها إلى مرور 4 أشهر على خريطة الطريق التي قدمتها في أغسطس (آب) الماضي. وأوضحت أن الجهود مع الجهات الليبية المعنية بخصوص تنفيذها يمثل «تحدياً كبيراً»، لا سيما لجهة إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، والنظر في التعديلات المقترحة على الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات. كما أكدت أن الجهود المتواصلة مع لجنتَي المناصب السيادية في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة «لم تفض حتى الآن إلى إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات»، علماً بأن المجلس الأعلى للدولة قدَّم أسماء إلى مجلس النواب لاختيار رئيس للجنة التنفيذية العليا.

ورأت تيتيه أن «التأخيرات دليل على انعدام الثقة بين المؤسستين، وتفاقم الانقسامات الداخلية بينهما، وعدم القدرة على تجاوز خلافاتهما، والاتفاق على سبيل لحل المأزق الحالي». وتحدَّثت في هذا السياق عن العراقيل التي تواجه تعديل الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات، ومنها أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حلّت وفدها إلى لجنة «6 + 6» عام 2023، ولم تعد تشكيل وفدها إلا أخيراً. وعبَّرت عن اعتقادها بأنه «من الضروري إنجاز هاتين المهمتين؛ لضمان إجراء انتخابات نزيهة».

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وبخصوص الانتخابات المرتقبة، عرضت تيتيه للمواقف المتضاربة حول هذه القضية بين الزعماء الليبيين، وبينهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، مطالِبةً الأطراف السياسية الرئيسية بتيسير التوصُّل إلى اتفاق بشأن الإطار القانوني للانتخابات، «حتى تتمكَّن اللجنة الوطنية العليا للانتخابات من المضي في تحضيراتها اللازمة. وسنعمل أيضاً على تطوير آلية لمعالجة التغييرات في قوانين الانتخابات».

وفي معرض حديثها عن الحوار بين أفرقاء الأزمة الليبية، لفتت المبعوثة الأممية إلى أن «أنسميل» افتتحت أخيراً الحوار المنظم، وأوضحت أنه «أحد المكونات الأساسية الـ3 لخريطة الطريق»، داعية إلى «تقديم ترشيحات من مؤسسات سيادية رئيسية، ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، والأوساط الأكاديمية والمكونات الثقافية واللغوية»، مشيرة إلى هذا أن الحوار «يجمع طيفاً تمثيلياً من المجتمع الليبي مع 124 شخصية ليبية، تمثل المؤسسات المختلفة، ومجموعات أصحاب المصلحة». وهو «يهدف إلى تحديد المبادئ التوجيهية لبناء الدولة، وصياغة توصيات سياسية وتشريعية في مجالات الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية».

وبخصوص الوضع الاقتصادي في ليبيا، تطرَّقت تيتيه إلى ما سمَّته «التشرذم المالي المستمر»؛ مما يؤدي إلى «تقويض الاستقرار الاقتصادي والدينار الليبي، وإضعاف تقديم الخدمات، وتآكل ثقة الجمهور في مؤسسات الدولة». وأبدت استعداد «أنسميل» لدعم المؤسسات الليبية في «تنسيق وتعزيز هيكل الرقابة والتنظيم المتشرذم في البلاد».

أما بخصوص الوضع الأمني، فقد لاحظت تيتيه أنه «بعد الاتفاق على الترتيبات الأمنية الجديدة في طرابلس، استقر الوضع الأمني ​​في العاصمة إلى حدٍ ما». وأشارت إلى أن «الهدنة لا تزال سارية»، مؤكدة أن «الوضع في طرابلس وغرب ليبيا لا يزال هشاً مع اندلاع اشتباكات مسلحة متفرقة في مناطق جنوب طرابلس وغيرها». وحضّت الجهات الفاعلة المعنية على «العمل معاً لتنفيذ الترتيبات الأمنية المتفق عليها، والمضي في الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار».

من جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المجلس)

وفيما يتعلق بتنفيذ قرارات مجلس الأمن حول تمديد ولاية البعثة، طبقاً للقرار 2796، لفتت تيتيه إلى أن البعثة «شكَّلت فريق عمل داخلياً لتنفيذ القرارات والتوصيات، لكن بشكل تدريجي نظراً لمحدودية الموارد». وقالت بهذا الخصوص إن التوصيات التي يمكن تنفيذها تشمل زيادة وجود البعثة في شرق ليبيا، وإنشاء قسم اقتصادي متخصص في «أنسميل»، التي تعتزم توسيع وجودها في سبها عام 2027 إذا سمحت الموارد بذلك.

وشدَّدت على أنه «لا ينبغي أن تُعرقَل العملية السياسية بسبب تقاعس أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين، الذين يحافظون على الوضع الراهن، سواء عن قصد أو غير قصد».


ماذا تعني الخطوط الحمراء المصرية لحرب السودان؟

محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

ماذا تعني الخطوط الحمراء المصرية لحرب السودان؟

محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

بلغة واضحة لا تخلو من حدة، وعقب زيارة رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، إلى القاهرة، أصدرت الرئاسة المصرية بياناً حول الحرب السودانية، تضمن 3 نقاط وصفتها بالخطوط الحمراء، وقالت إنها لن تسمح بتجاوزها أو التهاون بشأنها، لأنها تمس الأمن القومي المصري المرتبط بالأمن القومي السوداني مباشرةً. وجاءت الإشارة إلى تفعيل «اتفاقية الدفاع المشترك» بين البلدين تلويحاً بإمكانية إلقاء مصر بثقلها العسكري والسياسي والدبلوماسي لصالح الجيش السوداني.

اتفاقية الدفاع المشترك

في مارس (آذار) من عام 2021، وقّعت مصر «اتفاقية للتعاون العسكري مع السودان»، تغطي «مجالات التدريب، وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه البلدان في عام 1976 في عهد حكم الرئيسين السوداني جعفر نميري، والمصري أنور السادات، ونصت المادتان الأولى والثانية على أن أي اعتداء على طرف يعد اعتداء على الآخر، وعلى التشاور الفوري الذي يتضمن استخدام القوة المسلحة لرد العدوان، وعلى التزام الطرفين بتنسيق سياساتهما الدفاعية والعسكرية في المسائل المتعلقة بأمن البلدين القومي.

النميري ضابطاً في القاهرة قبل توليه الرئاسة بـ15 عاماً (أ.ف.ب)

وبعد سقوط نظام جعفر النميري بالثورة الشعبية في 1985، أبلغ رئيس الوزراء وقتها الصادق المهدي القيادة المصرية رغبته في إلغاء «اتفاقية الدفاع المشترك» بين البلدين، وبدلاً عنها تم توقيع ما عُرف بـ«ميثاق الإخاء» في 1987، لم ينص صراحة على إلغاء اتفاقية 1976، لكن لم يتم الحديث عنها أو تحريك «آلياتها» منذ ذلك الوقت.

رسائل إقليمية ودولية

اعتبر الكاتب الصحافي السوداني، رئيس تحرير صحيفة «التيار»، عثمان ميرغني، التصريحات المصرية، رسائل إقليمية ودولية في سياق التطورات الأخيرة المرتبطة بمهددات أمنية خطيرة على السودان، مشيراً إلى «تمدد (قوات الدعم السريع) في إقليمي دارفور وكردفان بصورة تهدد الأمن القومي السوداني المصري المشترك، مع وجود مخاطر انقسام جغرافي يهدد وحدة السودان».

ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مصر لأول مرة تستخدم لغةً مباشرةً وخشنةً، وتلوح بإمكانية تدخلها وفق القانون الدولي في أحداث السودان، وأضاف: «هذا يعبر عن مستوى القلق المصري من الوضع في السودان». وأشار ميرغني إلى إمكانية «التدخل المباشر» تحت ذريعة القانون الدولي وفقاً لما جاء في بيان الرئاسة المصرية، وقال إن «الخطوط الحمراء رسالة موجهة للجميع، فاللاعبون المؤثرون في المشهد السوداني كثر».

الخطوط الحمراء

أول الخطوط الحمراء التي ذكرتها القاهرة، هي الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم العبث بمقدراته ومقدرات الشعب السوداني، وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان، وجددت رفضها القاطع إنشاء أي كيانات موازية أو الاعتراف بها باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه.

وشددت مصر وفقاً للبيان على الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بها، مؤكدةً على حقها الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي، من بينها تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين الشقيقين لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها.

وزير الخارجية السوداني السابق على يوسف أشار إلى توقيت زيارة البرهان إلى القاهرة، وقال إنه جاءت عقب زيارته الاثنين الماضي إلى المملكة العربية السعودية، وزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، وتأتي في إطار جهود إنهاء الحرب في السودان عبر الآلية الرباعية التي تضم السعودية والإمارات ومصر وأميركا، وأوضح يوسف لـ«الشرق الأوسط»، أن البرهان أطلع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على مخرجات زيارته إلى السعودية، وآخر التطورات في السودان.

وقال إن الزيارة لا تشبه مراسم الزيارات العادية، وجاءت نتيجةً لتطورات الحرب السودانية، لأن أمن مصر مرتبطٌ ارتباطاً عضوياً بأمن السودان، ونبه إلى أن مصر جزءٌ من الآلية الرباعية التي تسعي لإنهاء الحرب التي اقتربت من عامها الثالث.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

الخبير العسكري السوداني، المعتصم عبد القادر، قال إن تفعيل الاتفاقية المشتركة بين السودان ومصر يعني أن يكون هناك تدخل مصري، بأشكال مختلفة، يمكن أن يشمل توفير الأسلحة والذخائر أو التدخل المباشر، وحسب بنود الاتفاقية التي تنص على أن على جيشي الدولتين الدفاع عن الأخرى، وأضاف: «الخطوط التي جاءت في بيان الرئاسة المصرية خطوة متقدمة، وتعني الكثير للدولة السودانية». ووصف عبد القادر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، حماية البلدين لبعضها البعض، بأنها «مسألة تاريخية ممتدة منذ الحروب التي حدثت في مصر في القرن الماضي، وشاركت فيها القوات المسلحة السودانية».

رأي «الدعم السريع»

قال مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، في تصريحات على صفحته بمنصة «إكس»، إن موقف مصر الوارد في البيان «يُعد تدخلاً سافراً، وانحيازاً لطرف معين، وتعاملاً استعمارياً، ينظر إلى السودان بوصفه حديقة خلفية لها». مصدر آخر موال لـ«الدعم السريع» قال إن الاتهامات لمصر بدعم الجيش لم تتوقف يوماً منذ بدايات الحرب، وأشار إلى وجود قوات مصرية في قاعدة مروي الجوية بشمال البلاد في بدايات الحرب، حين تم أسر بعض الجنود والضباط المصريين، ثم تسليمهم إلى القاهرة لاحقاً.

وأشار المصدر أيضاً إلى اتهام قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، الجيش المصري، بـ«شن ضربات جوية على قواته»، وإمداد الجيش السوداني بطائرات مسيرة وتدريبه. وأن حميدتي جدد اتهاماته في يونيو (حزيران) الماضي بدعم القاهرة للجيش السوداني وتزويده بطائرات يقودها طيارون مصريون قصفت مناطق سيطرة قواته، وتزويد الجيش بأسلحة ووقود طائرات، معتبراً ذلك «عدواناً سافراً على الشعب السوداني». ويقول المصدر، الذي طلب حجب هويته، إن مصر تتدخل في الحرب في السودان من الأساس، وتفعيل اتفاقية «الدفاع المشترك» ما هو إلا تحصيل حاصل.

ترف الوقت

السفير السوداني الصادق المقلي قال إن مصر تعمل مع السعودية والمجموعة الرباعية الدولية، بإيعاز وتنسيق مع الولايات المتحدة، لإعطاء دفعة قوية لموضوع السودان، وأضاف: «أميركا تستخدم الآن القوة الناعمة بدلاً عن العصا، التي هي خيار مؤجل لحين استنفاد المساعي المكوكية التي يقوم بها كبير مستشاري الرئيس الأميركي مسعد بولس في المنطقة».

وأوضح المقلي في إفادته لـ«الشرق الأوسط»، أن واشنطن تعلم تماماً تأثير كل من السعودية ومصر، وقدرتهما على إقناع وتليين موقف الحكومة السودانية الرافض للمبادرة الأميركية الأخيرة.

وقال إن البرهان لا يملك في الوقت الحالي «ترف الوقت»، فما يجري في السودان هو أسوأ كارثة إنسانية بحسب وصف المجتمع الدولي لها، وأضاف: «الملاحظ أن مصر في شخص وزير خارجيتها بدر عبد العاطي شبه تفرغ لإنجاح (الرباعية)، باعتبار أن استمرار الوضع الراهن في السودان يهدد أمنها القومي».

ووصف السفير المقلي زيارتي البرهان لكل من الرياض والقاهرة بـ«الأمتار القصيرة» التي على البرهان قطعها للاقتناع بمبادرة «الرباعية»، وتابع: «زيارة السعودية أحدثت نقلة نوعية في الموقف الرسمي للحكومة السودانية، وأعربت بعدها الخارجية عن حرص بورتسودان على التعاون مع الرئيس دونالد ترمب ووزير خارجيته ومستشاره بولس، وجهودهم لتحقيق السلام في السودان»، وتوقع مستجدات وشيكة لحل الأزمة السودانية قد تحدث اختراقاً كبيراً.