قيس سعيد للترشح لرئاسيات تونس المقبلة

بهدف مواصلة مشروعه السياسي الذي بدأه منذ إعلان التدابير الاستثنائية

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

قيس سعيد للترشح لرئاسيات تونس المقبلة

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

كشفت مصادر سياسية مقربة من رئاسة الجمهورية التونسية أن الرئيس قيس سعيد، يستعد للترشح لدورة جديدة في الانتخابات الرئاسية التي ستنتظم سنة 2024. نافية اعتزامه تأجيل هذه الانتخابات، رغم أنه لم يتطرق لهذا الموضوع في مداخلاته الكثيرة، التي انتقد فيها معارضيه السياسيين، وخاصةً قيادات حركة النهضة.
ويسعى الرئيس سعيد من خلال إعادة ترشحه إلى مواصلة تطبيق مشروعه السياسي، الذي بدأه منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 من يوليو (تموز) سنة 2021، والتي تسببت في اندلاع جدل حاد، وغضب الأطراف المعارضة لمشروع سعيد، ووصفته بـ«الانقلاب على الدستور والمسار الديمقراطي».
وخلال الشهور الماضية ضغطت عدة أطراف سياسية تونسية بقوة من أجل استجلاء خريطة المشهد السياسي المقبل، والتأكد من البرنامج السياسي للرئيس سعيد، ومعرفة إن كان ينوي الإبقاء على موعد الانتخابات الرئاسية، وفق رزنامة دستور 2014، الذي يمنح حدا أقصى بدورتين متتاليتين، تنتهي الأولى حسابيا في سنة 2024، أم أن الترشح لكرسي الرئاسة سيتم وفق نص دستور 2022، وبالتالي الانطلاق بخريطة سياسية جديدة، وعدم احتساب الفترة الماضية. لكن الرئيس سعيد لم يتطرق إلى هذا الموعد الانتخابي الحاسم، ولو لمرة واحدة، رغم إجراء استفتاء على دستور 2022 في الصيف الماضي، كما أنه لم يشر إليه بمناسبة الانتخابات البرلمانية، التي سيتم إجراؤها السبت المقبل، ضمن خريطة الطريق التي أعلن عنها.
وكانت قيادات حركة النهضة، وفي مقدمتها نور الدين البحيري، وزير العدل السابق، قد دعا خلال مسيرة احتجاجية نظمت في العاشر من هذا الشهر إلى «تنظيم انتخابات تشريعية نزيهة، وانتخابات رئاسية سابقة لأوانها». كما طالبت الأحزاب المعارضة والمقاطعة للمسار السياسي، الذي أقره سعيد، قبل أكثر من سنة إلى «عودة الرئيس إلى الشعب من جديد»، بعد فترة رئاسية أولى تذبذبت نتائجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولم يستطع فيها رئيس الجمهورية، وفق عدد من المراقبين، توحيد صفوف التونسيين نحو أهداف واحدة.
على صعيد آخر، أكد صلاح الدين الراشدي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بولاية (محافظة) القصرين (وسط غرب) اليوم أن ملف «الاعتداء على أمن الدولة الداخلي»، الذي شمل 6 متهمين يسير بخطى «متقدمة جدا». وتوقع إحالة نتائج التحريات التي أجرتها الوحدات المختصة على أنظار قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في القصرين. وتعود أطوار القضية إلى شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما شهدت منطقة القصرين حالة من الاحتقان الاجتماعي، وعرفت سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية، وتوقيف أربعة أشخاص بتهمة «تكوين وفاق قصد الاعتداء على أمن الدولة الداخلي، المقصود منه تبديل هيئة الدولة، وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض، وإثارة الهرج والسلب». وأصدر قاضي التحقيق أمرا بسجن ثلاثة منهم، فيما أبقى على المتهمة الرابعة بحال سراح. كما شملت القضية ستة متهمين.
في سياق متصل، طالبت قيادات حركة النهضة بالكشف عن كل المعطيات السرية في «ملف الـ25»، المتعلق بشبهات حول «التآمر والتخابر ضد مصالح الدولة»، والذي أعلن عنه نهاية الشهر الماضي، كما دعت إلى الإسراع في كشف الحقيقة أمام الرأي العام، خاصةً بعد مرور عدة أسابيع دون تقديم مستجدات هذا الملف الخطير، الذي اتهم فيه سياسيون ووزراء سابقون وإعلاميون، من بينهم الفاضل عبد الكافي رئيس حزب «آفاق تونس» المعارض، ونادية عكاشة المديرة السابقة لديوان الرئيس قيس سعيد، وحكيم بن حمودة وزير المالية السابق، وعدد من منشطي البرامج التلفزية المعروفين.
وأبدت حركة النهضة إثر اجتماع مكتبها التنفيذي الأخير بالغ انشغالها إزاء تعتيم السلطة القائمة عن تفاصيل هذه الاتهامات الخطيرة، وجددت إدانتها لتواصل مسلسل استهداف قيادات حركة النهضة. في إشارة إلى التحقيق مع كل من رئيسها راشد الغنوشي، وعلي العريض ونور الدين البحيري «عبر تلفيق تهم كيدية بخلفيات سياسية»، مستنكرة «تجند بعض الإعلاميين للافتراء على الحركة، وإثارة أكاذيب مقابل تجاهلهم المتعمد لقضية التآمر على أمن الدولة، رغم ما ظهر عنها من معطيات أولية خطيرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».