الروبوت «برسيفرنس» يرصد صوت ظاهرة مناخية أساسية على المريخ

مركبة «برسيفرنس» الجوالة (أ.ب)
مركبة «برسيفرنس» الجوالة (أ.ب)
TT

الروبوت «برسيفرنس» يرصد صوت ظاهرة مناخية أساسية على المريخ

مركبة «برسيفرنس» الجوالة (أ.ب)
مركبة «برسيفرنس» الجوالة (أ.ب)

في نبأ سار على صعيد درس مناخ كوكب المريخ، تمكنت مركبة «برسيفرنس» الجوالة من تسجيل صوت ظاهرة «شيطان الغبار»، في سابقة بالغة الأهمية ستساعد على فهم مناخ الكوكب الأحمر بشكل أفضل، وفق دراسة نُشرت نتائجها، أمس الثلاثاء.
وتشكل زوابع الغبار هذه المسماة «دوامات الحمل الحراري»، والشبيهة بزوابع الرمال التي تضرب بعض الصحاري على الأرض، إحدى الظواهر الجوية الأساسية في المريخ، وهو كوكب جاف ذو غلاف جوي قليل الكثافة. وهي تتشكل عندما يكون هناك اختلاف كبير في درجة الحرارة بين التربة والهواء، وغالباً ما تعترض طريق مهامّ الاستكشاف الروبوتية التي يرسلها البشر. كما أن فوهة جيزيرو، حيث يعمل روبوت «برسيفرنس» الجوال منذ فبراير (شباط) 2021، تشهد الكثير من هذه الظواهر، لكن هذه المركبة المصنَّعة من وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» لم تتمكن قبل الآن من رصد صوتها بصورة مباشرة.
ولحسن الحظ، في 27 سبتمبر (أيلول)، مرّت زوبعة بارتفاع 118 متراً فوق رأس الروبوت وأداة «سوبركام» الخاصة به المجهزة بميكروفون سجل أول صوت من المريخ بعد هبوطه مباشرة. ووصلت البيانات إلى الأرض بعد بضعة أيام.
وقالت المُعِدة الرئيسة للدراسة التي نشرت نتائجها مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز» ناومي موردوك، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما أدركنا أننا حصلنا على الصور من الكاميرا، وأيضاً على بيانات أجهزة استشعار الطقس وقياس الصوت في الموقع، شعرنا كما لو أننا فزنا بالجائزة الكبرى!».
وأضافت الاختصاصية بعلم الكواكب في معهد إيساي- سوبيرو بمدينة تولوز الفرنسية، حيث صُمّم الميكروفون: «نسمع الريح المرتبطة بالزوبعة، لحظة وصولها، ثم يختفي كل شيء؛ لأننا في عين الدوامة، ثم يعود الصوت مجدداً عندما يمر الميكروفون من خلال الجدار الثاني».
وقد نقل الميكروفون صوت نقر دقيق يتيح «احتساب عدد الجسيمات» من أجل التمكن من درس بنية الغبار وسلوكه.
وأكدت موردوك أن «دورة الغبار على سطح المريخ وفي السماء تؤدي دوراً مهماً جداً بالنسبة للمناخ، مثل دورة المياه على الأرض».
وأشار المسؤول العلمي عن أداة «سوبركام» سيلفستر موريس، المشارك في الدراسة، إلى أن تحليل الغبار يجعل من الممكن «استكشاف التفاعلات» بين الأرض وهذا الغلاف الجوي الناعم جداً، والذي كان أكثر كثافة قبل مليارات السنين، مما سمح بوجود الماء السائل على السطح.
ومن شأن هذه البيانات الجديدة أن تشرح كيف يُرفع الغبار عن سطح المريخ، وهو أمر لا يعرفه العلماء حتى الآن.
وقالت موردوك: «في بعض المناطق تمر زوابع وتسحب الغبار وتنظف الألواح الشمسية للروبوتات في طريقها. وفي مناطق أخرى تمر الزوابع من دون رفع الغبار؛ لسبب غير معروف، وتكون مجرد هواء متحرك»، كما هي الحال في الموقع الذي يعمل فيه مسبار «إنسايت» الأميركي الذي «يغطب الغبار ألواحه الشمسية» لعدم استفادتها من أجهزة الشفط الطبيعية هذه.
وقد يساعد توضيح هذه الآلية في وضع نماذج بيانية عن «شياطين الغبار» لتَوَقّعها بشكل أفضل. وعلى نطاق أوسع، يمكن لذلك أن يتيح توقع العواصف الترابية الضخمة التي يمكن أن تغطي الكوكب بأسره، بما يشبه سيناريو فيلم الخيال العلمي «ذي مارشيان» الذي عُرض عام 2015 ووصفته العالِمة بأنه «غير واقعي».
واعتبر سيلفستر موريس «أننا في صدد تحسين نموذج الطقس الخاص بنا. هذا الأمر مهم لصيانة مركباتنا ولمهامّ الاستكشاف البشرية المستقبلية».
أما عن مساهمة هذه النتائج في البحوث عن آثار حياة خارج كوكب الأرض، فلفت عالم الفيزياء إلى أن «المرء قد يعتقد أن درس مناخ المريخ، اليوم، لا علاقة له بالبحث عن آثار للحياة قبل مليارات السنوات، لكن الأمر تكامليّ لأن تاريخ المريخ شهد تغيراً مناخياً شديداً جعله ينتقل من مناخ رطب وحار (ومن ثم مناسب لظهور الحياة) إلى كوكب جاف تماماً وبارد».


مقالات ذات صلة

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)
عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)
TT

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)
عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أفاد بحث جديد بأن الأنشطة المنزلية الروتينية قد تعرّض الناس لسحابة من جزيئات البلاستيك الصغيرة جداً، بحيث يمكن استنشاقها عميقاً في الرئتين.

ووجدت الدراسة التي أجريت في جامعة «بورتسموث» أن التمرين الرياضي على سجادة صناعية قد يؤدي إلى استنشاق ما يصل إلى 110 ألياف أو شظايا بلاستيكية كل دقيقة، وفق شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

وأظهرت الدراسة أن طي الملابس المصنوعة من أقمشة مثل البوليستر، وحتى مجرد الجلوس على أريكة، ينتج عموداً من الجزيئات المجهرية في الهواء المحيط.

ويقول الباحثون إن النتائج تؤكد على أهمية المحادثات التي تجريها الأمم المتحدة هذا الأسبوع للاتفاق على معاهدة عالمية للحد من التلوث البلاستيكي.

وفي هذا السياق، قالت فاي كوسيرو، أستاذة التلوث البيئي في الجامعة، التي قادت الدراسة، إن العواقب الصحية للجسيمات البلاستيكية الدقيقة في الجسم لا تزال غير معروفة، لكنها تتخذ بالفعل خطوات للحد من تعرضها، بما في ذلك التحول حيثما أمكن إلى الأرضيات الخشبية والأقمشة المصنوعة من الألياف الطبيعية.

وقالت كوسيرو: «لا أعتقد بأنك بحاجة إلى الذهاب وتمزيق كل قطعة من البلاستيك في منزلك. هذا غير قابل للتطبيق، ولكنني أعتقد بأنه أمر مثير للقلق. إذا تعرضنا كل يوم طوال حياتنا وعشنا حتى سن 80 أو 90 عاماً، فماذا يعني ذلك؟».

وتابعت أنه «ليس مجرد حدث واحد، حيث نتعرض لمدة يوم أو يومين. هذه هي حياتنا بأكملها التي نستنشقها. إذن ماذا يحدث عندما تتراكم؟».

واستخدم الباحثون آلات لتصفية الهواء في غرفة بينما كان المتطوعون يقومون بأنشطة منزلية عادية. ثم حسبوا تركيز البلاستيك الدقيق في الهواء وعدد القطع التي من المحتمل استنشاقها.

أظهرت النتائج أن طي الملابس المصنوعة من الأقمشة الاصطناعية يمكن أن يؤدي إلى استنشاق سبع قطع من البلاستيك الدقيق في الدقيقة. والجلوس على الأريكة يمكن أن يؤدي إلى استنشاق 10 جزيئات كل دقيقة.

ولكن من المرجح أن يكون الحمل البلاستيكي الناتج عن التمرين أعلى بأكثر من 10 مرات، ويرجع ذلك جزئياً إلى التأثير على السجادة، وأيضاً بسبب معدل التنفس الأعلى.

وقالت كوسيرو إن بعض البلاستيك الدقيق سيتم إزالته من الرئتين عن طريق المخاط والسعال. لكن دراسات متعددة أكدت الآن وجود بلاستيك دقيق داخل الجسم، بما في ذلك الأوعية الدموية والمفاصل والأعضاء والدماغ.

ووفق الشبكة البريطانية، فإنه حتى الآن لا يوجد دليل مباشر على أن البلاستيك يسبب اعتلال الصحة، ولكن ثبت أنه يتلف الخلايا ويؤدي إلى الالتهابات، وتقول كوسيرو: «لا أستطيع أن أتخيل أي سيناريو نكتشف فيه أن استنشاق البلاستيك مفيد لنا. نحن نعلم أنه يمكن أن تكون له آثار سلبية عند تركيزات عالية جداً. ما لا نعرفه هو التركيز الذي سيكون عليه في بيئة منزلية، وإذا أردنا أن نتقدم على هذا المنحنى، ونتأكد من بقائنا تحت عتبات (المخاطر)، فنحن بحاجة إلى معرفة ماهيتها في أقرب وقت ممكن».

والبلاستيك الدقيق هو إما ألياف أو شظايا انكسرت من أجسام أكبر. ويقدر العلماء أن هناك ما بين 12.5 تريليون و125 تريليون جسيم أقل من 5 ملم في الحجم تم غسلها في محيطات العالم، حيث تستهلكها الكائنات البحرية وتنتقل إلى سلسلة الغذاء.

وتظهر أحدث الأرقام أن 400 مليون طن من البلاستيك يتم إنتاجها كل عام. ومن المقرر أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بحلول عام 2050، ومع ذلك يتم استخدام نصف البلاستيك مرة واحدة ثم يتم التخلص منه.

ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن الاستخدام الحالي للبلاستيك غير مستدام. وتريد الأمم المتحدة التوصل إلى اتفاق دولي بشأن معاهدة للحد من تلوث البلاستيك. وقد بدأت الجولة الأخيرة من خمس جولات من المحادثات بين البلدان في بوسان بكوريا الجنوبية.

ومن المرجح أن تتضمن المعاهدة خطوات لتشجيع الاستخدام الأكثر حكمة للبلاستيك، والجهود المبذولة لإعادة استخدامه أو إعادة تدويره. لكن المملكة المتحدة من بين أكثر من 40 دولة تريد أيضاً فرض قيود على الإنتاج.