حملات خطف وممارسات قمعية حوثية تخوفاً من انتفاضة شعبية

الميليشيات تمنع إقامة أية فعاليات أو تجمعات قبل الرجوع إليها

جانب من الاحتفالات الشعبية بذكرى «ثورة سبتمبر» في ميدان السبعين بصنعاء (فيسبوك)
جانب من الاحتفالات الشعبية بذكرى «ثورة سبتمبر» في ميدان السبعين بصنعاء (فيسبوك)
TT

حملات خطف وممارسات قمعية حوثية تخوفاً من انتفاضة شعبية

جانب من الاحتفالات الشعبية بذكرى «ثورة سبتمبر» في ميدان السبعين بصنعاء (فيسبوك)
جانب من الاحتفالات الشعبية بذكرى «ثورة سبتمبر» في ميدان السبعين بصنعاء (فيسبوك)

بينما أفرجت الميليشيات الحوثية عن صحافي مكث لديها في الاختطاف أكثر من حوالي 16 شهراً، واصلت الجماعة المدعومة من إيران أعمال الاختطاف والإخفاء بحق صحافيين وناشطين وشخصيات اجتماعية بحجج مختلفة، حيث تشير مصادر ومعلومات إلى مخاوف الميليشيات من حدوث انتفاضة شعبية بسبب تردي الأوضاع المعيشية وممارسات الفساد، وأسوة بما يحدث في إيران؛ الداعم الرئيسي للحوثيين.
واستدعت أقسام الشرطة التي تديرها جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء، أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عدداً من الشباب الذين كانت قد اختطفتهم إثر مشاركتهم في الاحتفالات الشعبية بذكرى ثورتيْ سبتمبر (أيلول)، وأكتوبر (تشرين الأول)، لتحذيرهم من المشاركة في أي احتفال بذكرى الاستقلال موجه من الخارج، كما زعمت، وطلبت منهم الاكتفاء بالاحتفالات التي تنظمها هي فقط. وجرى الإفراج قبل أيام عن الصحافي يونس عبد السلام الذي اختُطف من إحدى نقاط التفتيش التي نصبتها الميليشيات الحوثية داخل العاصمة صنعاء، وظل محتجَزاً لديها منذ منتصف العام الماضي، إلا أنها اختطفت، قبل أيام، صحافياً آخر بسبب نشره معلومات عن وقائع فساد ونهب مارسها قادة حوثيون في محافظة تعز.

- تنافس على موارد الفساد
تحدثت مصادر محلية في ضاحية الحوبان، شرق مدينة تعز، عن اختطاف الصحافي عادل الكمالي بسبب كتابات له على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد الفساد الذي يمارسه القيادي في الميليشيات صلاح بجاش، والمعيَّن محافظاً لتعز في حكومة الميليشيات غير المعترَف بها، ويأتي هذا الإجراء ضمن تنافس بين قيادات الميليشيات على غنائم الفساد، وفقاً للمصادر.
واختطفت ميليشيات الحوثي عشرات من أعيان ومواطني مديرية بني مطر غرب العاصمة صنعاء، بعد رفضهم تقسيم مشروع المديرية الذي تنوي الجماعة تنفيذه، وتنظيم فعاليات احتجاجية ضد ممارسات الميليشيات.
ويرى أبناء وأعيان بني مطر أن مشروع تقسيم مديريتهم إلى مديريتين يهدف إلى تفكيك قبائلها وتفريقهم؛ لتسهيل عمليات نهب الأراضي، التي تمارسها قيادات في الميليشيات منذ أشهر.
ويقود رئيس ما يُعرف بـ«اللجنة العسكرية» أبو حيدر جحاف أعمال السطو المسلَّح على الأراضي، وتزوير الوثائق الخاصة بملكيتها، إضافة إلى اختطاف مواطني المديرية والضغط عليهم لإجبارهم على التنازل عن ممتلكاتهم.
وفي مديرية بني سعد، التابعة لمحافظة المحويت شمال غربي العاصمة صنعاء؛ تظاهر عشرات المواطنين للمطالبة بالإفراج عن الشيخ خالد المزلمي الذي اختطفته الميليشيات بتهمة التخطيط للانقلاب عليها، وهو ما نفته مصادر محلية في المحافظة، مشيرة إلى ارتباط الاختطاف بالتنافس على موارد الفساد والجبابات، ورفض الشيخ المزلمي هذه الممارسات.

- حظر الاحتفالات الوطنية
مخاوف الميليشيات من حدوث انتفاضة شعبية؛ أسوة بما يجري في إيران منذ حوالي 3 أشهر باتت تخيِّم على الجماعة. تلك المخاوف تصاعدت مع تصاعد حدة الغضب الشعبي بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة وازدياد أعمال القمع والتنكيل من جهة، واستغلال المواطنين ذكرى ثورتي سبتمبر وأكتوبر للاحتفال والتعبير عن رفضها هيمنة الميليشيات.
وقال بعض الشباب الذين شاركوا في الاحتفال الشعبي بذكرى الثورتين في العاصمة صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات استدعتهم عبر الاتصال الهاتفي إلى أقسام الشرطة القريبة من ميدان السبعين، حيث جرت الاحتفالات بذكرى الثورتين، وحذرتهم من تنظيم أية احتفالات بذكرى الـ30 من نوفمبر (عيد الاستقلال) دون العودة إليها وأخذ الإذن منها.
إلا أنه لم تحدث احتفالات تُذكَر بمناسبة ذكرى الاستقلال، خصوصاً بعد أن أجبرت الميليشيات عشرات المحتفلين بذكرى ثورتي سبتمبر وأكتوبر على التعهد بعدم المشاركة في تنظيم أي احتفالات غير مرخَّصة، كما سمّتها؛ وحثّتهم على دعم الاحتفالات التي تنظمها جهات تابعة لها. والشباب الذين استدعتهم الميليشيات للحضور والتعهد بعدم الاحتفال هم الذين اختطفتهم ليلتي الاحتفال الشعبي بذكرى الثورتين في ميدان السبعين، واقتادتهم إلى أقسام الشرطة القريبة من الميدان، ولم تفرج عنهم إلا بعد إجراء تحقيقات معهم حول شكوكها بدوافعهم ومن يقف خلفهم لتنظيم الاحتفالات والمشاركة فيها، وأجبرتهم على التعهد بعدم تكرار التجمعات غير المرخصة منها.
واحتفل مئات الشباب في ميدان السبعين وسط العاصمة صنعاء، بذكرى الثورتين؛ كل على حِدة، ليلتي الـ26 من سبتمبر (أيلول)، والـ14 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين في فعاليتين منفصلتين بشكل تلقائي ودون تنظيم مسبق، إلا أن أغلب أولئك المحتفلين فقدوا حماسهم في ذكرى الاستقلال بعد شهر ونصف الشهر من ذكرى ثورة أكتوبر.

- حصر الفعاليات
يقول أحد الشبان إنه حاول توجيه الدعوة إلى عدد من أصدقائه وزملائه لمباغتة الميليشيات الحوثية، وإقامة احتفال شعبي في مكان مختلف، بدلاً عن ميدان السبعين، لتكون فرصة جديدة لرفع شعارات الجمهورية والثورة، إلا أنه لم يلقَ تجاوباً كبيراً، خصوصاً أن أغلبهم يخشى من رد فعل الميليشيات بعد التعهدات التي التزموا بها؛ إضافة إلى انشغالهم بمتابعة كأس العالم. وساعد انشغال الشباب اليمني بمتابعة مباريات كأس العالم المقامة حالياً في قطر، على منع وقوع فعاليات شعبية احتفالية بذكرى الاستقلال في الشوارع والميادين العامة، خصوصاً أن أغلب المباريات تُقام في الليل؛ وهو التوقيت المفضل للاحتفالات الشعبية بهذه المناسبات. ونقلاً عن مصادر تربوية، فإن الميليشيات وجّهت المدارس بعدم إقامة أي احتفال دون العودة إليها وأخذ الإذن والموافقة على إقامة هذه الاحتفالات، وألزمتها بأخذ الإذن المسبق لإقامة أية فعالية احتفالية بأية مناسبة، وإشراك مكاتب التربية التي يديرها قياديون حوثيون في اختيار مضمون ومحتوى أي احتفال، مع تحذير من أية مخالفة لهذا التعميم.
وبينما بالغت الميليشيات في الاحتفال بذكرى انقلابها في الـ21 سبتمبر، فإنها ألغت الاحتفالات الرسمية بذكرى ثورة 26 سبتمبر التي قامت ضد نظام حكم الأئمة الثيوقراطي الذي يتهم اليمنيون الميليشيات الحوثية بمحاولة استعادته، وإعادة اليمن إلى عهود الاستبداد والاضطهاد اللذين عاشت في ظلهما خلال مئات السنين من سيادة ذلك النظام.
وحاولت الميليشيات قصر احتفالات المدارس على ذكرى انقلابها فقط، ومنع الاحتفال بذكرى ثورتي سبتمبر وأكتوبر، هذا العام؛ إلا أنها فوجئت بتنظيم عدد من المدارس احتفالات بذكرى الثورتين في غفلة منها، ليكون رد فعلها إيقاع العقوبات على مديري المدارس. وإثر احتفالات مدارس محافظة إب بذكرى الثورتين، أحالت الميليشيات الحوثية إلى التحقيق التربوية فائزة البعداني مديرة مجمع السعيد التربوي، والتربوية فاطمة حاتم مديرة مجمع حميد دراس التربوي، بعد إيقافهما، وأجبرت مديري ومديرات المدارس على كتابة تعهدات بعدم الاحتفالات بأية مناسبة دون العودة إليها.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.