ومضات من تدرج «الكاب» على ساحة الموضة

كل القطع زادتها الألوان المعدنية والتطريزات فخامة - نوع آخر من «الكاب» كان من بين التصاميم
كل القطع زادتها الألوان المعدنية والتطريزات فخامة - نوع آخر من «الكاب» كان من بين التصاميم
TT

ومضات من تدرج «الكاب» على ساحة الموضة

كل القطع زادتها الألوان المعدنية والتطريزات فخامة - نوع آخر من «الكاب» كان من بين التصاميم
كل القطع زادتها الألوان المعدنية والتطريزات فخامة - نوع آخر من «الكاب» كان من بين التصاميم

> «الكاب» قطعة سجلت حضورها بقوة خلال عروض الأزياء الأخيرة في باريس وحفلات السجاد الأحمر، مثل حفل الميتروبوليتان في شهر مايو (أيار) الماضي بعد ظهور عدد من المشاهير والنجوم بها. كان واضحاً أنهم كانوا يريدون التميز، ومنحتهم هذه القطعة ما أرادوا. فقد تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صورهم أكثر من صور من اعتمدوا على بدلات كلاسيكية أنيقة. صحيح أن هذه القطعة تظهر في عروض الأزياء العالمية بين الفينة والأخرى. كل مرة بلون وشكل إلا أنها أخذت بُعداً أكبر ومثيراً في أرض الواقع، لا سيما أن كل واحد تبناها بأسلوبه وحسب أهوائه. منهم من استعملها للفت الأنظار ومنهم لخضِ التابوهات.
في بداية الألفية وخلال عهده في دار «ديور» كمصمم فني لقسمها الرجالي، أعادها هادي سليمان للواجهة من دون أن يعطيها دور البطولة. فقد اقتصر استعمالها على تكميل القطع الأكثر رواجاً ومبيعاً مثل المعاطف والقمصان إلى جانب الإكسسوارات. وعندما التحق بدار «سيلين» اعتمدها مرة أخرى للغرض نفسه. فهي هنا لتُضفي على تشكيلة تجارية بعض الإبهار لا أقل ولا أكثر. هادي سليمان ليس المصمم الوحيد الذي يحاول إنعاشها في عروضه، فقد ظهرت أيضاً في عروض «سان لوران» و«راف سيمونز» و«إيرديم». كل من طرحها من المصممين يؤكدون أن جاذبيتها تكمن في «حركتها» وليس في قوتها التجارية، مُستسلمين أن تقبلها لا يزال صعباً على الرجل العادي والمحافظ، ربما لارتباطها في ذهنه بقصص قديمة وأفلام مثل «سوبرمان» و«حرب النجوم» كما بالحفلات التنكرية.
- لم يُحدد إلى الآن تاريخ ولادة هذه القطعة، لكن الصور التاريخية تُشير إلى أنها تعود إلى عدة قرون مضت نظراً لسهولة تفصيلها ولفها حول الجسم لتدفئته. في القرون الوسطى ظهرت كقطعة رجالية أساسية تعتمدها الطبقات الأرستقراطية بخامات مترفة وتطريزات غنية فرقتها عن تلك التي اعتمدتها الطبقات العادية بخاماتها الخشنة وافتقادها لأي زخرفات وزينة.
لكن «الكاب» بدأ يفقد وهجه تدريجياً بعد الثورة الفرنسية لارتباطه بالطبقات الأرستقراطية أكثر وإن لم يختفِ تماماً. فقد ظهر به نابليون بونابارت في القرن الـ19 كما اعتمده العديد من الرجال والنساء على حدٍ سواء في عشرينات القرن الماضي، خصوصاً في المناسبات الكبيرة والحفلات التنكرية. في الثلاثينات فقط تراجعت شعبيته وبدأ يتوارى عن الأنظار قبل أن يتسلل إلى عروض الأزياء على يد هادي سليمان وأنطوني فاكاريللو، مصمم دار «سان لوران» وإيرديم موراغليو وأخيرا وليس آخرا على يد إيلي صعب.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
TT

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

بوصفها أول مديرة إبداعية يجري تعيينها لقسم الأكسسوارات والسلع الجلدية في «بولغاري» للجواهر، لم يكن أمام المصمِّمة اليونانية الأصل، ماري كاترانتزو أي خيار سوى العودة إلى جذور الدار لتستوحي من تاريخها ما يزيد من وهجها وبريقها. لم تكن المهمة صعبة؛ نظراً لتاريخ يمتد على مدى قرون، ويحوي ما لا ينضب من الأفكار والأحجار الكريمة. بعد تفكير، وجدت أن حمامات كاراكالا، واحدة من عجائب روما السبع في العصور القديمة، وزهرة الكالا بشكلها العجيب، تُشَكِّلان نَبْعَيْنِ يمكن أن تنهل منهما، ومن هنا جاءت التسمية التي أطلقتها على المجموعة «كالا».

ماريا كاترانتزو وحقيبة مرصعة بالأحجار تجسد فسيفساء حمامات كاراكالا (بولغاري)

عندما أعلنت «بولغاري» في شهر أبريل (نيسان) الماضي التحاق ماري كاترانتزو، بها مديرةً فنيةً للمنتجات الجلدية والأكسسوارات، باركت أوساط الموضة والجواهر على حد سواء هذا القرار؛ فهذه خطوة ذكية من شأنها أن تَضُخَّ دماءً شابة بدار يبلغ عمرها أكثر من قرن. كان اسم ماري كاترانتزو وحده يكفي كي يثير فضول عشاق الجمال والإبداع؛ لأنهم يتوقعون منها إبداعات مهمة؛ كونها تتمتع بصيت طيب منذ تخرجها في معهد سانترال سانت مارتنز في عام 2008، لتصبح من بين أهم المصمِّمين الشباب المشاركين في أسبوع لندن. ومنذ سنوات قليلة، انتقلت للاستقرار في بلدها الأصلي، وتحديداً أثينا، لكن اسمها ظل محفوراً في أوساط الموضة، ومنقوشاً بطبعاتها الفنية الجريئة وتصاميمها الهندسية المثيرة.

المصممة ماري كاترانتزو مع المؤثرة الإيطالية أناديلا روسو (بولغاري)

بعد استقرارها في أثينا، بدأت سلسلة من الشراكات كانت دائماً تحقق النجاحِ؛ ففي عام 2019 قدمت عرضاً فخماً من خط الـ«هوت كوتور» في أثينا على خلفية معبد بوسيدون. في هذا العرض، تزيَّنت العارضات بجواهر من «بولغاري» عزَّزت فخامة الصورة من جهة، ودشَّنت علاقتها بالدار الرومانية من جهة ثانية. ربما يتساءل البعض عن كيف لدار متجذرة في التاريخ الروماني أن تتعاون مع مصممة يونانية، خصوصاً أن إيطاليا لا تفتقر إلى المواهب الشابة والمحترفة، ليأتي الجواب بسيطاً، وهو أن مؤسس الدار في الأصل يوناني، اسمه سوتيريو بولغاريس، كان ذلك منذ أكثر من قرنين من الزمن، لكن تغيَّرت فيه الأماكن وكذلك الاسم من «بولغاريس» إلى «بولغاري».

بالنسبة لدار تخصصت في الجواهر أولاً وأخيراً، فإن قرار تعيين مصمِّمة أزياء في منصب إبداعي، أمرٌ تكتيكي وذكي يستهدف ضخ دماء جديدة على قسم الأكسسوارات، وفي الوقت نفسه يريد استقطاب عميلات يعشقن أسلوب كاترانتزو، ولا يزال بداخلهن حنين للمساتها الفنية. تشير المصمِّمة إلى أن القرار لم يُتَّخذ بشكل سريع؛ فعلاقتها بالدار والمجموعة المالكة لها «إل في إم إتش» عمرها سنوات، بدأت بشكل تدريجي وعضوي بشراكات كثيرة، منها مشاركتها في عام 2021، في سلسلة الشراكات التي أطلقتها «بولغاري» تحت عنوان «سيربنتي بعيون...» وهي فعالية تستضيف فيها كل مرة مصمِّماً يضع بصماته الفنية على منتجها الأيقوني.

تقول ماري كاترانتزو إنها استلهمت من أرضية الحمامات وفسيفسائها المتعددة الألوان، شكل مروحة رصَّعتها في ورشات الدار بفلورنسا، باللؤلؤ والجمشت والزمرد والذهب؛ حيث أرادتها أن تحاكي قطعة جواهر بكل المقاييس، وهو ما كان. أمَّا من زهرة الكالا فاستلهمت شكلها النحتي المتعرج الذي يرمز للقوة والمرونة. وتشمل المجموعة حقائب «مينوديير» للسهرة، وأخرى جلدية لكل المناسبات، إلى جانب أوشحة حريرية. كانت التجربة ناجحة على المستويين التجاري والفني على حد سواء؛ فماريا تُدرك تماماً أن الاثنين وجهان لعملة واحدة، وهو ما أكده المصمِّم السعودي زياد البوعينين الذي تدرَّب في بداياته على يدها قائلاً في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» إن العمل معها عن قُرب كان فرصة ذهبية بالنسبة له، حيث «تعلمت منها الكثير من الأمور التي ساعدتني على فهم كيف تُدار أي دار أزياء أو شركة صغيرة من الداخل»، وتابع: «لم يكن العمل مع ماريا كاترانتزو ممتعاً من الناحية الفنية فحسب، بل فتح عيني على أمور كثيرة كانت غائبة عني بوصفي مصمماً شاباً يعتقد أن الابتكار في التصميم وحده يكفي».