المصريون 160 مليوناً في 2050... ما تبعات الزيادة المرتقبة؟

تقرير رسمي يعدّد التحديات

الزيادة السكانية هاجس يواجه المصريين (رويترز)
الزيادة السكانية هاجس يواجه المصريين (رويترز)
TT

المصريون 160 مليوناً في 2050... ما تبعات الزيادة المرتقبة؟

الزيادة السكانية هاجس يواجه المصريين (رويترز)
الزيادة السكانية هاجس يواجه المصريين (رويترز)

لم يجد المزارع عبده بركات من قرية تلبنت (إحدى قرى محافظة المنوفية) المصرية، أفضل من القيود التي وضعتها الحكومة لتنظيم زراعات الأرز، لمحاولة إقناع نجلته الراغبة في مزيد من الإنجاب بالعدول عن هذا الاتجاه.
وترغب نجلة بركات التي لها ثلاثة من الأبناء، الاستمرار في الإنجاب، متأثرةً بأفكار لا تزال متجذرة في الريف المصري تعدّ «كثرة الأبناء عزوة»، غير أن الأب الذي تحررت له مؤخراً مخالفة «زراعة الأرز» خارج التنظيم المحدد من الحكومة، قال لنجلته: «كنت أنفق عليكم من أرباح بيع الأرز، ولكن الآن أصبحت زراعته مخالفة».
وأجبر الفقر المائي الحكومة المصرية على تقنين زراعة الأرز والمحاصيل ذات الاحتياجات المائية العالية، حيث يتم تحديد المساحات والمناطق المسموح لها بزراعة تلك المحاصيل بقرار من وزير الري والموارد المائية، بالاتفاق مع الوزير المختص بشؤون الزراعة واستصلاح الأراضي.
ويقول بركات لـ«الشرق الأوسط»: «كان الربح الذي يأتي من بعض المحاصيل المهمة، مثل الأرز، يساعدنا كثيراً على تربية الأبناء، ولكن الآن أصبحت الأمور صعبة ومقيدة في كل شيء، حتى في المحصول الذي ستختاره لزراعة أرضك».
ولا تبدو هذه الضوابط التي استخدمها بركات لإقناع نجلته بالعدول عن أفكار تغري بالزيادة السكانية، مرشحة للكسر، بل قد تزيد شدتها وحدتها بسبب استمرار معدلات الزيادة السكانية في الارتفاع، في وقت لا تزال حصة مصر من مياه النيل ثابتة.
وتوقع تقرير أصدره «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» بمجلس الوزراء ارتفاع عدد سكان مصر إلى 160 مليون نسمة بحلول عام 2050، في الوقت الذي لم تزد فيه حصة مصر من مياه النيل على 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.
ومنذ ذلك الحين، يتقاسم المواليد الجدد نفس الحصة المائية، وهو ما يعني دخول مصر عصر الشح المائي، لا سيما أن تغيرات المناخ ستزيد المشكلة صعوبة، وذلك وفق تقرير التنمية البشرية في مصر الذي أصدرته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية عام 2021.
ووفق التقرير، فقد بلغ نصيب الفرد المصري من المياه عام 2018 نحو 585 متراً مكعباً سنوياً، ومن المتوقع انخفاضه إلى 444 متراً مكعباً سنوياً بحلول 2030، و303 أمتار مكعبة بحلول 2050.
ويقول نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة المصرية اختارت طريقاً لا بديل عنه للتعامل مع تلك المشكلة، وهو تقليل إهدار المياه وتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الزراعي وإعادة استغلالها، غير أن هذه الخطوات يجب أن تسير جنباً إلى جنب معها محاولات ضبط الزيادة السكانية».
ووفق نور الدين، فقد رفعت مصر إنتاجها من مياه البحر المحلاة من 100 مليون إلى مليار متر مكعب، وتستهدف بعد عامين الوصول إلى ثلاثة مليارات، كما تم إنتاج 5 مليارات متر من المياه المعالجة من مصارف بحر البقر ومصارف شرق الدلتا ومصارف غرب الدلتا، كما أن مشروعات تبطين الترع من المتوقع أن توفر نحو سبعة مليارات متر أخرى من المياه».
وبالإضافة إلى التحدي المائي، الذي كان بركات مشغولاً به، وترك أثراً سلبياً على دخله، هناك تحديات أخرى تفرضها الزيادة السكانية، ومنها الخدمة التعليمية التي تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة عن تأثرها بالزيادة السكانية.
وقال الرئيس المصري خلال مداخلة مع برنامج «التاسعة» بالتلفزيون المصري في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «التعليم يحتاج إلى 60 ألف فصل في السنة، حتى نستوعب الزيادة الجديدة من المواليد، ونحتاج بعد ذلك إلى زيادة أعداد المدرسين، وتقديم رواتب مناسبة».
وأضاف: «عندما يصل دخل الدولة إلى تريليون دولار سنوياً نستطيع تحسين التعليم، وفي هذا الوقت نُخرج تريليون جنيه للتعليم، وليس 250 ملياراً، ونستطيع إعطاء المدرس أجراً جيداً، ونقدم للطلاب وجبة مدرسية جيدة وننظم أنشطة رياضية وفنية وغيرها».
وكان تقرير «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء» عن الزيادة السكانية، قد كشف عن حلول عالمية يتم اللجوء إليها في هذا الإطار، ومنها التعليم المنزلي المعتمد على الإنترنت، غير أن هذا الحل قد يصطدم بمعوقات مصرية، ومنها ضعف البنية التحتية في مجال الاتصالات، وارتفاع نسبة الأمية.
ويقول خالد عرفة، أستاذ هندسة الاتصالات بجامعة الزقازيق (شمال شرقي القاهرة): «التعليم عن بُعد يحتاج إلى بنية قوية في مجال الاتصالات، تسمح بتوفير خدمة إنترنت لا تنقطع، ومساعدة من جانب الأم والأب، وهو وضع على ما يبدو صعباً في ظل خدمة إنترنت لا تزال تحتاج للتقوية، ومعدلات أمية لا تزال مرتفعة».
وما ينطبق على التعليم من تداعيات سلبية تسببها الزيادة السكانية، ينطبق على خدمات أخرى منها الصحة، حيث سيرتفع عدد المستشفيات المطلوب توفيرها من ألفَي مستشفى عام 2017 إلى 3 آلاف مستشفى عام 2052، إذا استمرت مستويات الإنجاب الحالية عند معدل 3.4 طفل لكل سيدة، وذلك وفق دراسة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أكتوبر الماضي.
ورغم هذه التحديات لا يزال هناك الكثيرون مثل نجلة المزارع عبده بركات، ممن يرون أن «زيادة الإنجاب عزوة». ويتفق معهم ماجد عثمان، الرئيس التنفيذي لمركز «بصيرة» لبحوث الرأي العام، على أن الزيادة السكانية يمكن أن تكون منحة، لكنه وضع شروطاً لذلك، في مقال نشره في فبراير (شباط) من العام الجاري على موقع «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري».
وقال عثمان في مقاله: «الزيادة السكانية تصبح منحة إذا ترتَّب عليها زيادة مقابِلة في الإنتاج الحقيقي للدولة، والذي يتحقق بزيادة في أعداد المنتجين والمبدعين وليس في أعداد المتعطلين، وأن يترتَّب على الزيادة السكانية خفض في معدلات الفقر وزيادة في متوسط الدخل بحيث تصاحب الزيادة في حجم السوق زيادة مماثلة في القوة الشرائية، وتصبح دافعاً لتنشيط التصنيع المحلي، وبالتالي يصبح المجتمع قادراً على خلق فرص عمل منتجة».
وأوضح أن «الصين عند مرحلة معينة وضعت إجراءات لتخفيض معدلات الإنجاب، ساعدتها على الاستفادة من المنحة الديموغرافية، والتي بمقتضاها يتم الاستثمار بشكل أكبر في الطفل، ومن ثمَّ زيادة متوسط الإنتاجية، ودفع عجلة الاقتصاد».



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.