لبنان: فرنجية يطيح بـ«فيدرالية» عون وخيار الشارع ومحاولة كسر رئاسة الحكومة

ريفي لـ {الشرق الأوسط} : من يؤمن الغطاء للمشروع الفارسي لن يكون رئيسًا للجمهورية

سليمان فرنجية  و النائب ميشال عون
سليمان فرنجية و النائب ميشال عون
TT

لبنان: فرنجية يطيح بـ«فيدرالية» عون وخيار الشارع ومحاولة كسر رئاسة الحكومة

سليمان فرنجية  و النائب ميشال عون
سليمان فرنجية و النائب ميشال عون

تلقى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، ضربة من حليفه المسيحي الأول والأقوى رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، الذي أعلن في الظاهر وقوفه مع عون سياسيا، غير أنه نسف في المضمون كل طروحات الأخير وجعل نفسه في حلّ منها، بدءًا من قرار التحرك في الشارع إلى التعرض لرئيس الحكومة داخل مجلس الوزراء وخارجه، وصولاً إلى الخيار العوني الأخطر عبر طرح الفيدرالية في لبنان بديلاً من الدستور الحالي ووثيقة «اتفاق الطائف».
وإذا كانت مواقف عون شكّلت إحراجا كبيرًا لحلفائه قبل خصومه، وساهمت في تصدّع بنيان فريق الثامن من آذار، فإنها زادت من حدّة الشرخ بينه وبين فريق «14 آذار» الذي أكد أن قرار رفضه وصول عون إلى سدّة الرئاسة يثبت جدواه يومًا بعد يوم، وهذا ما عبّر عنه وزير العدل اللواء أشرف ريفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط».
ريفي قال: إن «ميشال عون يثبت للمرة الألف أنه ليس مرشحًا توافقيًا، وكما قلت له في السابق أقول له اليوم، إن من يؤمّن الغطاء المسيحي للمشروع الصفوي الفارسي لن يكون رئيسًا للجمهورية اللبنانية». وتابع وزير العدل أن «هناك من يعمل على شيطنة السنة في لبنان ورفع منسوب الاحتقان لدى الشباب السنّي انطلاقًا من تسريب أفلام الفيديو عن تعذيب السجناء في سجن رومية، وما تبعه من أفلام أخرى سرّبت من قبل حزب الله». ولفت إلى «تسريب أفلام خلال اليومين الأخيرين لميشال عون يشتم فيها أهل السنة ويصفهم بأبشع الأوصاف، وهذا ما استكمله حليفه حزب الله عندما فضح نفسه من خلال بيان كتلته النيابية التي تحمّل تيار المستقبل مسؤولية الأزمة اللبنانية، وهو أخطر ما يمكن أن يقود البلد إليه».
وحذّر ريفي مما وصفه بـ«محاولات نقل الصراع من صراع عربي - فارسي إلى صراع سنّي - ماروني أو سنّي - مسيحي»، قائلا: «نحن واعون لهذا الأمر ونأسف أن ينحدر ميشال عون وفريقه إلى هذا الدرك، ونحن نرى اليوم أن عون أنهى نفسه ومشروعه السياسي». وعن مقولة عون أنهم يريدون إلغاء المسيحيين بإلغاء ممثلهم الأول، سأل ريفي «هل نسي ميشال عون يوم أسقط مع حليفه حزب الله حكومة الرئيس سعد الحريري؟ ألم يكن الحريري هو الممثل الوحيد والأقوى للطائفة السنية؟ هل نسي عون المثل القائل: طابخ السمّ آكله؟ هذه اللعبة يدفع عون ثمنها اليوم عندما يحاول أن يبرّر أنه أقوى شخصية مارونية، له الحق في أن يتبوأ رئاسة الجمهورية، في حين يحرم غيره من موقعه الطبيعي».
وختم ريفي «لقد حُرم ميشال عون رئاسة الجمهورية إلى الأبد».
أما النائب الحالي والوزير السابق سليمان فرنجية فلقد أكد في مؤتمر صحافي عقده أمس خصصه للتعليق على ما حصل أول من أمس، وقوفه إلى جانب العماد عون سياسيا، لكنّه عبّر عن امتعاضه الشديد من التفرّد العوني في قرار النزول إلى الشارع واتخاذ قرارات مصيرية بمعزل عن آراء الحلفاء وباقي الشركاء في الوطن. وقال: «نحن مع الجنرال عون، ولكن لم نبلغ بالمواقف ولم يجر التنسيق معنا، فعندما نتبلغ قرارات معينة لنا الحق في تنفيذها أو عدم تنفيذها، لكن أن نبلغ قرار النزول إلى الشارع قبل 24 ساعة، أقول لهم (الله معكم)، نحن لم نرَ أن التحرّك مناسب بهذا الشكل وسنبقى أسياد موقفنا». وسأل فرنجية «مَن من المسيحيين ليس مع حقوق المسيحيين؟ حلفاء العماد عون مع حقوق المسيحيين، حتى حلفاء رئيس حزب القوات سمير جعجع (تيار المستقبل) ليسوا ضد هذه الحقوق، وإن كان هناك اختلاف على الطريقة».
لكن كلّ الطروحات المتعلقة بحقوق المسيحيين وصلاحيات رئيس الجمهورية والتوازن في التعيينات، كانت في كفّة وطرح عون للفيدرالية في كفّة أخرى، وهو أكثر ما أثار غضب فرنجية، الذي سأل «هل الفيدرالية تعيد حقوق المسيحيين، نحن لسنا مع الفيدرالية أو الإلغاء، بل مع وحدة لبنان ولا يمكن أن نعيش إلا بوحدة لبنان، نحن ضد الفيدرالية ودفعنا ثمنًا في رفضه لأنها تخلق المشاكل أكثر من الحقوق. فهل نحصل حقوق المسيحيين من خلالها؟ ماذا نفعل بمسيحيي الأطراف؟ ما هي الضمانات بالحفاظ على مواقع المسيحيين؟».
وإذ عبر فرنجية عن عدم اقتناعه ببعض الأمور، أمل في أن «يكون طرح الجنرال للفيدرالية زلة لسان». وتعبيرًا عن انزعاجه من الأسلوب الذي خاطب فيه الوزير جبران باسيل رئيس الحكومة تمام سلام في مستهل مجلس الوزراء أول من أمس، اعتبر فرنجية أن «الدعوة إلى المحافظة على حقوق المسيحيين وصلاحيات رئيس الجمهورية، تفرض في الوقت نفسه تعزيز كرامة وصلاحيات رئاسة الحكومة وكل الرئاسات، وعندما أطالب بصلاحيات رئاسة الجمهورية يجب أن لا أطالب بكسر صلاحيات رئاسة الحكومة».
من جهته، اعتبر وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر صحافي، أن «القضية هي قضية استغياب رئيس الجمهورية للنيل مما تبقى له من صلاحيات وبوجودنا». وأضاف: «نحن الوكلاء الذين نمثل رئيس الجمهورية داخل مجلس الوزراء، ولن نقبل أن تنزع هذه الصلاحيات من أمامنا ونسكت، نحن لا نقول إن رئيس الحكومة لا دور له، ولا نقبل أبدا أن يصبح رئيس الجمهورية لا دور له».
وتوجّه باسيل إلى المسيحيين قائلا: «إننا نخوض معركتكم جميعًا لأن الدستور والقوانين والدولة تخص كل اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، وإذا كان داعش السيف خطر على لبنان وعلى الاعتدال فيه، فإن داعش السياسي خطر على كل اللبنانيين بكل طوائفهم، وسنواجه داعش السياسي من دون شك».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.