الأردن: احتجاجات تربك قطاع النقل ومخاوف من تكدس في ميناء العقبة

جانب من تكدس الشاحنات الأردنية
جانب من تكدس الشاحنات الأردنية
TT

الأردن: احتجاجات تربك قطاع النقل ومخاوف من تكدس في ميناء العقبة

جانب من تكدس الشاحنات الأردنية
جانب من تكدس الشاحنات الأردنية

ككرة ثلج تتدحرج بدأت تتفاقم أزمة إضراب قطاع الشاحنات والنقل، رفضاً لقرار الحكومة الأردنية رفع أسعار مادة الديزل نظراً لعدم قدرة السائقين على الإيفاء بمتطلبات عملهم مضافاً إليها تأمين حاجاتهم الأساسية لقطاع يعمل به نحو 14 ألف سائق.
الإضراب الذي بدأ منذ أسبوع بشكل سلمي ودخلت معه أطراف من الحكومة بمفاوضات «غير جادة» بحسب وصف أحد السائقين إلى «الشرق الأوسط»، بدأ يضغط على عصب حركة الطرق الخارجية بعد تنفيذ احتجاجات واسعة انطلقت من محافظة معان (300 كم) جنوب البلاد، وامتدت إلى مناطق الوسط والشمال.
فيديوهات وصور نقلها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي كشفت عن توتر في مناطق الجنوب الأردني بعد بث مشاهد لإغلاق طرق وحرق إطارات واعتصامات تطالب بتحسين الظروف المعيشية، ما لبثت تلك المطالب أن توسعت نحو مطالب سياسية واقتصادية ومعالجات جذرية.
مصادر سياسية مطلعة تحدثت إلى «الشرق الأوسط» عبّرت عن مخاوفها من استمرار الإضراب الذي لا يهدد بتكدس البضائع بميناء العقبة فقط، بل بانقطاع الإمدادات من الطاقة والمواد التموينية والسلع الغذائية والأدوية نحو الأسواق على طول الخط الصحراوي وهو الشريان الحيوي الواصل جنوب البلاد بشمالها.
الموقف كان قد تفجر عبر جلسة نيابية تشريعية تحولت إلى جلسة مناقشة عامة ساخطة على الحكومة التي تجاهلت مطالب فئات شعبية بعدم رفع أسعار مادتي الديزل والمازوت خلال فصل الشتاء، بعد خمس زيادات متتالية لأسعار المحروقات استهدفت أصحاب الدخل المحدود في المملكة.
ضاعف من حدة الأزمة خلال الساعات الأخيرة تناقض الحلول المقدمة لفك إضراب سائقي الشاحنات من قبل مراكز القرار، وسط صمت حكومي انسحب على صمت إعلامي لوسائل الإعلام الرسمية والتقليدية. في حين تابع الأردنيون على مدى الساعات الماضية تطورات أزمة إضراب الشاحنات وسائقي باصات النقل العام على مواقع التواصل الاجتماعي، واستثمرت قوى حزبية المشهد لتعلن عن مواقف معارضة للحكومة.
في الأثناء ابتعد وزراء الحكومة الأردنية عن الإدلاء بأي تصريحات تتعلق بالأزمة، وتحدثت مصادر مطلعة عن اجتماع على مستوى رفيع انعقد لبحث الأزمة وتداعياتها وطبيعة الحلول المطروحة لتجاوزها، وذلك تجنباً لسيناريوهات التصعيد التي من شأنها فتح باب المطالب الشعبية وسط أزمة اقتصادية خانقة حافظت على نسبة العجز المقدر بمشروع قانون الموازنة العامة بنحو مليارين ونصف المليار دينار، واستمرار ارتفاع أرقام البطالة والفقر في البلاد.
من مؤشرات حجم الأزمة ما نُصِحَ به رئيسا مجلسي الأعيان فيصل الفايز والنواب أحمد الصفدي صباح الجمعة الماضية بإلغاء سفرهما إلى الدوحة لحضور مباراة كأس العالم بين المغرب والبرتغال، وهو ما انتقده مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب استمرار أزمة سائقي الشاحنات.
وقدمت كتلة الوحدة العمالية المحسوبة على حزب «حشد» اليساري مبادرة إلغاء الضريبة الثابتة على المحروقات واعتماد نهج واضح وعادل في معادلة تسعير المشتقات النفطية وإعادة النظر في المنظومة الضريبية وما تتطلبه بمغادرة النهج الحكومي المعتمد منذ عقود والقائم على المعالجات الحالية للأزمات.
وأشارت في بيان صحافي إلى ما تفرضه الحكومة من ضريبة ثابتة على المحروقات مقدارها 37 قرشاً عن كل لتر لتصل الإيرادات الضريبية المتحصلة من الضرائب والرسوم على المشتقات النفطية 3.1 مليار دينار سنوياً تزيد من ارتفاع المستوردات النفطية التي ارتفعت ما نسبته 62 في المائة لتبلغ 1.679 مليار دينار في عام 2021 وما ترتب على هذه السياسات من انعكاسات على كافة القطاعات وبشكل مباشر على أصحاب الشاحنات وتصاعد الأزمة باللجوء للإضرابات.
جاء ذلك بعد مطالبة الكتلة الحكومة الاستجابة لإضراب سائقي الشاحنات بعد اتساع نطاق الإضراب احتجاجاً على رفع أسعار المحروقات، وبعد أن رفعت سعر لتر الديزل بنسبة 46 في المائة ولتر المازوت المستخدم في التدفئة بنسبة 40 في المائة.
وعلى اليمين الحزبي طالب حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة بضرورة رحيل هذه الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تكون قادرة على إعادة إنتاج المشهد الوطني والسياسي وإطلاق الحريات العامة ومعالجة حالة الاحتقان الشعبي وتفاقم الأزمات التي تسبب بها فشل النهج القائم في إدارة مؤسسات الدولة.
وحذر الحزب من خطورة استمرار النهج الحكومي القائم على ترحيل الأزمات أو تجاهلها، وسياسة التعنت الرسمي تجاه المطالب الشعبية المشروعة بالتراجع عن سياسة رفع الأسعار التي تمادت فيها الحكومة، مؤكداً الحزب دعمه لمطالب السائقين المشروعة بعدم رفع أسعار المحروقات والتي تعبر عن مطالب أبناء الشعب الأردني، ودعم أي حراك لهم ضمن ما كفله لهم القانون والدستور، والتوقف عن سياسة تجاهل الأزمة أو اللجوء للعقلية الأمنية في التعامل مع مطالبهم التي يعبرون عنها بالطرق المشروعة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.