فيليب لام: الثقافة الأوروبية تهيمن على كأس العالم... لكن الأرجنتين تقدم درساً تكتيكياً جديداً

قائد منتخب ألمانيا السابق يرى أن سيطرة «القارة العجوز» على ألقاب البطولة ستنتهي مستقبلاً

لاعبو الأرجنتين في حصة تدريبية قبل مواجهة كرواتيا في قبل النهائي (رويترز)
لاعبو الأرجنتين في حصة تدريبية قبل مواجهة كرواتيا في قبل النهائي (رويترز)
TT

فيليب لام: الثقافة الأوروبية تهيمن على كأس العالم... لكن الأرجنتين تقدم درساً تكتيكياً جديداً

لاعبو الأرجنتين في حصة تدريبية قبل مواجهة كرواتيا في قبل النهائي (رويترز)
لاعبو الأرجنتين في حصة تدريبية قبل مواجهة كرواتيا في قبل النهائي (رويترز)

في هذا المقال يرى فيليب لام قائد المنتخب الألماني السابق أن معظم اللاعبين المستمرين في مونديال قطر في دور الثمانية يلعبون في أوروبا، لكنه يؤكد أن منتخب الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي لديه عقلية فريدة تجمع بين الثقافة الأوروبية وتقاليد أميركا الجنوبية.
خرجت إسبانيا وألمانيا، ولم تتأهل إيطاليا حتى للبطولة، وهو ما يعني أن ثلاثة منتخبات أوروبية سبق لها الفوز بكأس العالم تشاهد الآن مباريات البطولة من بعيد. ومع ذلك، حققت المنتخبات الأوروبية نجاحاً كبيراً في قطر، كما أن معظم لاعبي المنتخبات التي تأهلت لدور الثمانية يلعبون في أندية أوروبية ويشاركون في الدوريات والمسابقات القوية هناك. وكانت الترشيحات تصب أيضاً في مصلحة عملاقي أميركا الجنوبية الأرجنتين والبرازيل، اللذين لم يفوزا باللقب منذ فترة طويلة، لكن البرازيل ودعت المونديال بعد الخسارة أمام كرواتيا بركلات الترجيح، بينما نجح ميسي ورفاقه في العبور للدور نصف النهائي بعد تجاوز عقبة هولندا الصعبة بركلات الترجيح أيضاً. وبالتالي، لم يتغير عالم كرة القدم كثيراً.
ومن وجهة نظري، فإن الأرجنتين هي أفضل فريق في نهائيات كأس العالم الحالية، نظراً لأن لاعبيه يجيدون القيام بالمهام الأساسية لكرة القدم: التفوق في المواقف الفردية، والقيام بالواجبات الدفاعية والهجومية بشكل جيد، واللعب بشراسة لكن من دون تهور أو إيذاء. إن هذه المهارات الفردية، التي ربما لم يتحدث عنها كثيرون في خضم المناقشات حول الخطط التكتيكية وطرق اللعب، هي الأهم بالنسبة لأي فريق يسعى لتحقيق الفوز. وعلاوة على ذلك، يُظهر اللاعبون الأرجنتينيون شراسة كبيرة والتزاماً شديداً، ويلعبون كوحدة واحدة ويشكلون رابطاً قوياً للغاية مع الجمهور الذي يرى أن الفريق يقوم بواجبه على أكمل وجه داخل المستطيل الأخضر.
ومن الواضح للجميع أن المدير الفني ليونيل سكالوني يسيطر على كل شيء. غالباً ما تكون المنتخبات أقل تنظيماً من الأندية، نظراً لأنه لا يكون لديها الوقت الكافي لاستيعاب خطط وأفكار المدير الفني، كما أن اللاعبين لا يتدربون مع بعضهم بعضاً كثيراً، لكن الأرجنتين تلعب بشكل متناغم وكأنها نادٍ يلعب في دوري أبطال أوروبا. وتتمثل الخطة التي تعتمد عليها الأرجنتين في استخلاص الكرة بأقصى سرعة ممكنة والدفاع المتقدم. ربما تكون هذه الطريقة دفاعية إلى حدٍ ما، لكن المنتخب الأرجنتيني قادر أيضاً على الاستحواذ على الكرة وتشكيل خطورة كبيرة على مرمى المنافسين.
بالإضافة إلى ذلك، فكر سكالوني في كيفية مساعدة ليونيل ميسي، البالغ من العمر 35 عاماً، على تقديم أفضل ما لديه. وفي مقابلة صحافية، قال سكالوني إنه تعمد في بداية عمله مع المنتخب الأرجنتيني ألا يعتمد على ميسي كثيراً حتى يتمكن الفريق من إيجاد طريقة لتحقيق الفوز دون نجمه الأبرز، ثم دمجه في صفوف الفريق بشكل رائع بعد ذلك. لقد وجدت الأرجنتين وميسي أخيراً طريقة للعمل تساعد على تحقيق النتائج المرجوة. في عام 2014. عندما خسرت الأرجنتين أمام ألمانيا في المباراة النهائية لكأس العالم على ملعب ماراكانا الشهير، كان الأمر يبدو وكأن لاعبي الأرجنتين ينتظرون ميسي لكي يقوم بكل شيء بمفرده. لكن في عام 2022. يلعب هؤلاء اللاعبون بحماس شديد من أجل أن يحصل ميسي على لقب كأس العالم قبل اعتزاله، ومن المؤكد أن مثل هذه القصص تعطي قيمة مضافة كبيرة تتجاوز مجرد الجوانب الرياضية.
ويُظهر سكالوني ما تعنيه القيادة والخبرة الكبيرة، ومن المتوقع أن يتولى هذا المدير الفني الشاب تدريب نادٍ أوروبي كبير في مرحلة ما. في الحقيقة، يجمع المنتخب الأرجنتيني الحالي بين الثقافة الأوروبية في الاستحواذ على الكرة وثقافة أميركا الجنوبية التي تعتمد على اللعب الحماسي والمهارات الكبيرة. من المؤكد أنه يمكن لأوروبا أن تتعلم شيئاً من الأرجنتين وأميركا الجنوبية. فألمانيا على سبيل المثال لديها الكثير من اللاعبين الموهوبين، لكنها تفتقر إلى النظام والخطة المناسبة، على عكس إيطاليا التي لديها نظام واضح لكنها تفتقر إلى الجرأة والعمل الجيد في النواحي الهجومية.
وتلعب إسبانيا بأسلوب رائع، لكنها تواجه مشكلات في المواجهات الفردية والنواحي الدفاعية. وفي مونديال قطر، كانت إسبانيا تركز تركيزاً شديداً على الاستحواذ على الكرة، بالشكل الذي جعل هذا الاستحواذ سلبياً دون القدرة على تسجيل الأهداف. يقولون في ألمانيا إن كرة القدم هي لعبة أطفال، لأن كل ما تحتاجه هو كرة وحقيبتان مدرسيتان تصنع بهما مرمى، لكن في إسبانيا فإنك قد لا تحتاج إلى هذه الحقائب المدرسية لأنك لست بحاجة إلى المرمى وتسعى للاستحواذ على الكرة دائماً! لكن من الرائع أن تضغط على المنافس وتسعى لاستخلاص الكرة منه، ولا تتركه يمر منك.
لن تقام كأس العالم 2026 في دولة أوروبية، لكنها ستقام في ثلاث دول ناشئة في كرة القدم هي المكسيك والولايات المتحدة وكندا. وتسعى المكسيك، التي سبق لها استضافة المونديال عامي 1970 و1986. للحصول على قوة دفع جديدة، في الوقت الذي تكتسب فيه كرة القدم الأميركية جذوراً أعمق بسبب التطورات الديموغرافية المتعلقة بزيادة السكان من أصل إسباني، كما تتطور كرة القدم بشكل ملحوظ في كندا. من المؤكد أن هذه الأمور ستتحسن بشكل أكبر بسبب إقامة كأس العالم هناك، مع السماح لأوروبا بنقل ثقافتها الكروية إلى العالم. وتضم كرة القدم لاعبين أكثر من التنس أو الكرة الطائرة، كما أن اللاعبين أقل عرضة للإصابات من كرة القدم الأميركية، وتقدم ببساطة متعة كبيرة للغاية للجمهور. ويمكن أن تظهر سوق كبيرة ثانية لكرة القدم في أميركا الشمالية، وهو ما قد يؤثر بدوره على أميركا الجنوبية، ويكون منافساً جديداً لأوروبا!


مقالات ذات صلة

«آر دبليو. إن آر إكس» يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

رياضة سعودية الفريق التركي تألق بشكل واضح في البطولة (الشرق الأوسط)

«آر دبليو. إن آر إكس» يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

لفت الفريق التركي «آر دبليو. إن آر إكس» الأنظار في مرحلة «سوڤايڤر ستيج» ضمن منافسات «ببجي موبايل».

لولوة العنقري (الرياض)
رياضة سعودية النجم البرازيلي لنادي الهلال السعودي استمتع بوقته وآزر الفرق البرازيلية المنافسة في كأس العالم (الشرق الأوسط)

نيمار يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

تواجد النجم البرازيلي ولاعب نادي الهلال السعودي نيمار، السبت، في سيف أرينا ببوليفارد رياض سيتي، وحضر منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية ملعب سانتياغو بيرنابيو مرشح لاستضافة مونديال 2030 (إ.ب.أ)

ملعبا ريال مدريد وبرشلونة مرشحان لاستضافة مونديال 2030

اقترح الاتحاد الإسباني لكرة القدم 11 ملعبا لاستضافة مباريات كأس العالم 2030... بينها ملاعب أندية ريال مدريد وبرشلونة وأتليتيكو مدريد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية غراهام بوتر (د.ب.أ)

بوتر يرفض الحديث عن ترشيحه لتدريب إنجلترا

تفادى غراهام بوتر، مدرب سابق لفريقي تشيلسي وبرايتون، التحدث عن التكهنات التي تربط اسمه بتولي تدريب المنتخب الإنجليزي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية لُعبت الأربعاء 7 مواجهات بنظام الإقصاء (الشرق الأوسط)

«كونتر سترايك» تشعل منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية

انطلقت، الأربعاء، منافسات بطولة «كونتر سترايك 2» ضمن فعاليات كأس العالم للرياضات الإلكترونية والتي يتنافس فيها 15 من نخبة فرق العالم على لقب البطولة.

لولوة العنقري (الرياض) هيثم الزاحم (الرياض)

أولمبياد باريس: تحذير من انهيار الرياضيين بسبب الحرارة الشديدة

الحلقات الأولمبية على برج «إيفل» التاريخي خلال بروفة حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس على نهر السين يوم 17 يونيو 2024 (إ.ب.أ)
الحلقات الأولمبية على برج «إيفل» التاريخي خلال بروفة حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس على نهر السين يوم 17 يونيو 2024 (إ.ب.أ)
TT

أولمبياد باريس: تحذير من انهيار الرياضيين بسبب الحرارة الشديدة

الحلقات الأولمبية على برج «إيفل» التاريخي خلال بروفة حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس على نهر السين يوم 17 يونيو 2024 (إ.ب.أ)
الحلقات الأولمبية على برج «إيفل» التاريخي خلال بروفة حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس على نهر السين يوم 17 يونيو 2024 (إ.ب.أ)

حذّر تقريرٌ جديدٌ مدعومٌ من علماء مناخ ورياضيين، الثلاثاء، من مخاطر درجات الحرارة المرتفعة للغاية في أولمبياد باريس هذا العام، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأفاد تقرير «حلقات النار» (رينغز أوف فاير) وهو تعاون بين منظمة غير ربحية تُدعى «كلايمت سنترال» وأكاديميين من جامعة بورتسموث البريطانية، و11 رياضياً أولمبياً، بأن الظروف المناخية في باريس قد تكون أسوأ من الألعاب الأخيرة في طوكيو عام 2021.

وحذّر التقرير من أن «الحرارة الشديدة في أولمبياد باريس في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) 2024 قد تؤدي إلى انهيار المتسابقين، وفي أسوأ السيناريوهات الوفاة خلال الألعاب».

ويُضاف هذا التقرير إلى عددٍ كبيرٍ من الدعوات من رياضيين لضبط الجداول الزمنية ومواعيد الأحداث، لمراعاة الإجهاد البدني الناجم عن المنافسة في درجات حرارة أعلى بسبب الاحتباس الحراري.

ومن المقرّر أن يُقام أولمبياد باريس في الفترة التي عادة ما تكون الأشدّ حرارة في العاصمة الفرنسية، التي تعرّضت لسلسلة من موجات الحر القياسية في السنوات الأخيرة.

وتوفي أكثر من 5 آلاف شخص في فرنسا نتيجة للحرارة الشديدة في الصيف الماضي، عندما سُجّلت درجات حرارة محلية جديدة تجاوزت 40 درجة مئوية في جميع أنحاء البلاد، وفقاً لبيانات الصحة العامة.

وتُشكّل الأمطار حالياً مصدر قلقٍ أكبر للمنظّمين؛ حيث تؤدي الأمطار في يوليو وأغسطس إلى تيارات قوية غير عادية في نهر السين، وتلوّث المياه.

ومن المقرّر أن يحتضن نهر السين عرضاً بالقوارب خلال حفل الافتتاح في 26 يوليو، بالإضافة إلى سباق الترايثلون في السباحة والماراثون، في حال سمحت نوعية المياه بذلك.

يقول المنظّمون إن لديهم مرونة في الجداول الزمنية، ما يمكّنهم من نقل بعض الأحداث، مثل الماراثون أو الترايثلون لتجنّب ذروة الحرارة في منتصف النهار.

لكن كثيراً من الألعاب ستُقام في مدرجات موقتة تفتقر إلى الظل، في حين بُنيت قرية الرياضيين من دون تكييف، لضمان الحد الأدنى من التأثير البيئي السلبي.

وأشار التقرير إلى قلق الرياضيين من اضطرابات النوم بسبب الحرارة؛ خصوصاً بالنظر إلى عدم وجود تكييف في القرية الأولمبية.

وعُرِضت فكرة إمكانية تركيب وحدات تكييف الهواء المحمولة في أماكن إقامة الرياضيين على الفرق الأولمبية، وهي فكرة وافقت فرق كثيرة عليها.