السودان: تحسين العلاقات مع دولة الجنوب رهن بوقف دعمها للمتمردين

وزير الخارجية يشدد على أن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد للوصول إلى تفاهمات حول هيكلية الحكم

السودان: تحسين العلاقات مع دولة الجنوب رهن بوقف دعمها للمتمردين
TT

السودان: تحسين العلاقات مع دولة الجنوب رهن بوقف دعمها للمتمردين

السودان: تحسين العلاقات مع دولة الجنوب رهن بوقف دعمها للمتمردين

أكد إبراهيم غندور، وزير الخارجية السوداني، أمس أن بناء علاقات طبيعية مع دولة جنوب السودان يتطلب إرادة من الطرف الآخر، مشيرًا إلى أن هناك كثيرًا من الملفات العالقة التي يجب مناقشتها بكل صراحة ووضوح.
وقال وزير الخارجية في حوار مع وكالة الأنباء السودانية (سونا) إن في مقدمة القضايا العالقة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين رئيسي البلدين، والمتعلقة بالخط الصفري والحدود الفاصلة، وفقًا لحدود 1956-1-1. والمنطقة المنزوعة السلاح، والأمر الثاني دعم الجنوب للحركات المتمردة السودانية بالسلاح، وآخرها الاختراق الذي تم في منطقة قوز دنقو بجنوب دارفور، مشددًا على أهمية أن يتوقف هذا الدعم.
وحول دور السودان في إيجاد تسوية سلمية للأحداث في جنوب السودان، قال وزير الخارجية إن السودان جزء من ترويكا هيئة الحكومة لتنمية دول شرق أفريقيا (الإيقاد)، التي تقود الوساطة، كما يدعم كل الجهود، مشيرًا إلى زيارة الرئيس ألفا عمر كوناري مؤخرًا للبلاد، إضافة إلى الدور الثنائي الذي يلعبه السودان من خلال اتصالاته بطرفي النزاع.
وأكد غندور أن الدور المحوري للسودان سيستمر، لكنه استدرك موضحا أنه «لكي يحقق هذا الدور الفائدة المرجوة منه لا بد أن تتحسن العلاقة بين السودان وجنوب السودان، وأن ذلك يأتي من خلال تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين الطرفين، وإيقاف دعم الجنوب للحركات السودانية المتمردة».
وبشأن التفاوض مع قطاع الشمال، قال وزير الخارجية إنه من المؤسف أن تعنت الطرف الآخر، ومطالبه التي لا تعتبر واقعية، جعل من الوصول إلى اتفاق أمرًا غير ممكن، وأضاف موضحا «نتمنى أن تكون الفترة الماضية قدمت دروسًا مفيدة للطرف الآخر، وتأكيد أن السلاح مهما بلغ من قوته والدعم الخارجي مهما بلغ ذروته، لن يؤديا إلى تحقيق «أحلام سياسية» للبعض.
وأوضح غندور أن «الطريق الوحيد هو الحوار وستظل دعوتنا هي أن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد للوصول إلى تفاهمات حول هيكلية الحكم والممارسة السياسية الراشدة، وخدمة قضايا الناس ومعاشهم والخدمات المقدمة إليهم، وذلك لن يحدث إلا إذا انفصم البعض من الأجندات الخارجية»، مشددا على أن الذين يتحدثون عن التهميش هم الذين يعرقلون مشاريع التنمية ويدمرون المشروعات والبنى التحتية، ويقتلون نفس الأشخاص الذين يتحدثون عن تهميشهم بدم بارد.
وتابع غندور موضحا «لعل آخر ما تم في جنوب كردفان من قتل للمصلين وهم يؤدون صلاة الصبح جريمة ضد الإنسانية يجب أن تدان من كل العالم، ولذلك لا زلنا نتطلع إلى أن يعود البعض إلى صوت العقل».
يذكر أن الرئيس السوداني عمر البشير كان قد أطلق في يناير (كانون الثاني) الماضي دعوة لحوار شامل يضم كل القوى السياسية والحركات المسلحة في البلاد، غير أنه لم يبدأ بعد.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.