سؤدد كعدان: تركت نهاية «نزوح» مفتوحة لاستمرار معاناة السوريين

استقبل «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، مساء أول من أمس (الأربعاء)، الفيلم السوري «نزوح» في عرضه العربي الأول، وحظي الفيلم بحضور جماهيري لافت، حيث امتلأت «سينما البحر الأحمر» في فندق «ريتز كارلتون» بالحضور، واستُقبل فريق عمل الفيلم ونجومه على السجادة الحمراء مع المخرجة السورية سؤدد كعدان، والممثلين كندة علوش، وسامر المصري، ونزار العاني.
وكان الفيلم؛ الذي يشارك في مسابقة «البحر الأحمر»، قد شهد عرضه الأول في «مهرجان فينيسيا» في دورته الأخيرة، وفاز بـ«جائزة الجمهور»، بعد فوزه بـ«جائزة باومي» لتطوير السيناريو في «مهرجان برلين» قبل عامين.
تدور أحداث الفيلم في أثناء الحرب بسوريا بعد سقوط القنابل على دمشق واقتراب الخطر، حيث يرفض «معتز» الهروب والنزوح عن بيته، ويصبح على زوجته «هالة» وابنته «زينة» الاختيار بين البقاء والنزوح.

فريق عمل الفيلم السوري «نزوح» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر)

اللقطات الأولى للفيلم تكشف عن هجرة سكان المكان، وتحول البيوت إلى أطلال، بينما تواصل أسرة «معتز» البقاء وسط معاناة قطع الكهرباء والمياه، في ظل تحايل الزوج على الموقف بشتى السبل، لكن تتفاقم الأزمة حينما يدمر صاروخ سقف منزل الأسرة، لتنام الابنة (هالة زين) لأول مرة تحت النجوم، وبينما ترى الأم (كندة علوش) ضرورة النزوح بعيداً، يرفض الزوج «سامر المصري» الأمر بشكل قاطع، كما يقول لها في أحد المشاهد: «أنا ابن الشام، (هل نسيتي)؟ أم إن الحرب أنستك؟»، ويصر على البقاء، ساعياً لإصلاح ما تهدم من الشقة، وتدخل الأم في صراع مع زوجها وتضطر للنزوح مع ابنتها في رحلة إجبارية من أجل النجاة.
وأهدت المخرجة السورية سؤدد كعدان فيلمها لكل السوريين؛ سواء الذين هُجّروا خارج بلادهم والذين بقوا فيها، فهي ترى أن الفئتين دفعتا ثمناً باهظاً لهذه الحرب، وقالت إنها اختارت «نهاية مفتوحة للفيلم؛ لأن المعاناة لم تنتهِ بعد، وما زالت مستمرة، حيث تنزح الأم وابنتها من المنطقة، من دون تحديد هل حققتا هدفهما أم انتهت حياتهما قبل محطة الوصول»، مؤكدة أن «السوري يلاقي الموت في بقائه أو نزوحه»؛ وفق وصفها.
وأشارت كعدان إلى أنها صوّرت مشاهد الفيلم في تركيا، وكان عليها أن تتواصل مع الممثلين الذين باتوا يقيمون في بلاد متفرقة، فبينما تقيم كندة علوش في القاهرة، يقيم سامر المصري في دبي، والوجه الجديد نزار العاني في صوفيا، كاشفة عن أن «أبطال الفيلم خضعوا على مدى شهر للبروفات، وكان هناك تعاون مثمر بين الممثلين المحترفين والوجوه الجديدة».
وتحدثت المخرجة السورية عن مساحة الارتجال في الفيلم، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «عادة أكتب السيناريو بالكامل، ومن ثم أشتغل على الارتجال مع الممثل خلال البروفات، وأحياناً أعيد كتابة النص أثناء التصوير، واشتغلت كثيراً مع ممثلين في هذا الاتجاه عبر أعمال أخرى؛ منهم عبد المنعم عمايري».
وأضافت المخرجة السورية أنها واجهت «صعوبات شديدة في تمويل الفيلم لعدم وجود منح تمويل»، مشيرة إلى أن «كل بلد يدعم أفلامه» الأمر الذي اضطرها للبحث عن تمويل في كل أنحاء العالم؛ من بريطانيا وسوريا وقطر، كما حصلت على منح إنتاجية للفيلم الذي أُنتج بميزانية متوسطة.
وأعربت الفنانة السورية كندة علوش خلال المؤتمر الصحافي الذي أقيم عقب عرض الفيلم، عن سعادتها بأن يكون العرض العربي الأول له في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، واصفة دورها بأنه يمثل حياة كاملة عاشت تفاصيلها في الواقع، مشيدة بالمخرجة التي حققت «تمكيناً للمرأة» عبر الفيلم، «حيث جعلت البطلة تقرر النزوح، بعد أن تحول البيت الذي يؤويهم إلى قبو»، مشيرة إلى أن السيناريو ينطوي على «خفة دم ومشاهد ضاحكة، ولحظات حياة بكل ما فيها، وعلى الرغم من أن الفيلم يبدو بسيطاً، فإنه في الحقيقة كان صعباً للغاية في تنفيذه»؛ على حد تعبيرها.
ورغم مرارة الواقع؛ فإن الفنان سامر المصري أضاف خفة ظل كبيرة على مشاهد الفيلم، ويبدو في صورة الزوج أو الأب شديد التعلق ببناته رغم زواج اثنتين منهن، وقد وصف المصري الفيلم بأنه «تجربة قاسية رصدت كثيراً من المعاناة التي عاشها الشعب السوري على مدى سنوات»، قائلاً: «لقد تشرفت بأداء شخصية (معتز) الذي يمثل نماذج عديدة من شباب بلدي».