الاشتباكات العنيفة تخلف 16 قتيلاً في بنغازي واغتيال مسؤول أمني في مصراتة

أبو سهمين: الانتقال للمرحلة المقبلة يجب أن يكون على أساس احترام الإعلان الدستوري

الاشتباكات العنيفة تخلف 16 قتيلاً في بنغازي واغتيال مسؤول أمني في مصراتة
TT

الاشتباكات العنيفة تخلف 16 قتيلاً في بنغازي واغتيال مسؤول أمني في مصراتة

الاشتباكات العنيفة تخلف 16 قتيلاً في بنغازي واغتيال مسؤول أمني في مصراتة

ارتفع عدد قتلى وجرحى الجيش الليبي إلى 16 قتيلا وأكثر من 62 جريحا جراء الاشتباكات العنيفة ضد الجماعات المتطرفة بمنطقة الليثي في مدينة بنغازي بشرق البلاد. واستطاعت قوات الجيش صد هجوم شنته عناصر من ميلشيات ما يسمى بمجلس شورى ثوار بنغازي، حيث دارت اشتباكات عنيفة ودامية، أدت إلى خسائر بشرية هي الأكبر من نوعها في صفوف قوات الجيش.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن مصدر بمركز بنغازي الطبي أن معظم القتلى والجرحى من جراء الاشتباكات العنيفة نتيجة محاولة الجماعات المتطرفة اقتحام شارع الحجاز الذي يسيطر عليه الجيش الليبي. لكن مصادر عسكرية قالت في المقابل إن قوات الجيش كبدت أنصار الشريعة خسائر كبيرة في العتاد والأفراد، لافتة إلى أن الاشتباكات ما زالت مستمرة.
من جهة أخرى، اغتال مجهولون مساء أول من أمس العقيد الطاهر الوش وهو ضابط في الاستخبارات العسكرية الليبية، بتفجير سيارته بعبوة ناسفة في مدينة مصراتة شرق العاصمة طرابلس. وحث المجلس البلدي لمصراتة أبناء المدينة التكاتف لكشف وملاحقة الأيدي الآثمة، وأن تقف مؤسسات الدولة موقفها المنوط بها في حماية أرواح المواطنين.
ويعد هذا هو أحدث عمل إرهابي تشهده مصراتة المتحالفة مع ميلشيات فجر ليبيا المتطرفة، علما بأن تنظيم داعش تبنى مسؤولية التفجير الانتحاري الذي وقع في شهر يونيو (حزيران) الماضي ببوابة الدافنية غرب المدينة، ما أدى إلى سقوط 5 قتلى وإصابة 6 بجروح.
في غضون ذلك، اعتبر نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في ليبيا، أن الصراع السياسي الدائر حاليا هو بين الثورة والانقلاب، وشدد على أن أي انتقال لمرحلة قادمة يجب أن يكون على أساس احترام الإعلان الدستوري والمحكمة الدستورية الذي يقضي بحل مجلس النواب المعترف به دوليا.
وزعم أبو سهمين في كلمة ألقاها مساء أمس بمناسبة الذكرى الرابعة لتحرير طرابلس أنه لا أحد من خارج العاصمة سيتمكن من دخولها، في إشارة إلى قوات الجيش الموالي للسلطات الشرعية، التي تتخذ من المنطقة الشرقية مقرا لها. وبعدما رأى أن الاستعراض العسكري الذي نفذته تشكيلات من القوات الموالية للبرلمان السابق ليس من أجل تجدد الحرب والقتال، أضاف موضحا «لنعلن بقوة وبأنفة وكبرياء من باب الدفاع عن الوطن أن من يفكر في الدخول إلى العاصمة فليعد حساباته.. فالعاصمة عاصمة كل الليبيين».
وأضاف أبو سهمين أن الانقلاب بدأ مبكرا في شهر فبراير (شباط) عام 2014، وذلك عندما خرج الانقلابيون، وأعلنوا تجميد الإعلان الدستوري واعتقال أعضاء ورئاسة المؤتمر، ورئيس الأركان، واعتبروا الجسم التشريعي الذي انتخبه الليبيون هدفا أينما انعقد، وحشدوا الحشود للمناداة بـلا للتمديد لمؤتمر الوطني العام، لافتا إلى أن كل ذلك حدث أمام مرأى ومشهد من سفراء الدول الأوروبية، وبعثة الأمم المتحدة المعتمدة في طرابلس، وأضاف أن «الذي حدث هو أن الانقلابيين أرادوها أن تكون فتنة وأن تكون حربا وامتدادا لنظام سابق استبدادي»، مشيرا إلى أن بعض أركان النظام السابق تمكنوا من بعض المدن والبلدات، وأصبح الثوار هم المطلوبين وليس أركان النظام السابق والمجرمين الذين قدمت بشأنهم طلبات من محاكم ومن هيئات قضائية وأمنية.
من جهته، اعتبر رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني خليفة الغويل، أن هذا الاستعراض يبرهن للعالم أن ليبيا تسير نحو بناء دولة المؤسسات، لافتا إلى أن الجيش الذي يستعرض هو من أبناء ليبيا الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، وممن وصفهم بالثوار البواسل، وقال إن ليبيا لن يسيّرها أحد «لا من داخلها ولا من خارجها ولن يستبد بها ديكتاتور، ولن يستهتر أحد بمقدراتها، ولن ينقلب على دستورها المنتظر مغامر أو مقامر».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.