انقلابيو اليمن يقرّون بتردي الصحة في مناطق سيطرتهم

فساد الميليشيات يتسبب في تفشي الأوبئة ونقص الأدوية

عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم ضد أمراض وأوبئة في مناطق تحت سيطرة الميليشيات الحوثية (الأمم المتحدة)
عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم ضد أمراض وأوبئة في مناطق تحت سيطرة الميليشيات الحوثية (الأمم المتحدة)
TT

انقلابيو اليمن يقرّون بتردي الصحة في مناطق سيطرتهم

عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم ضد أمراض وأوبئة في مناطق تحت سيطرة الميليشيات الحوثية (الأمم المتحدة)
عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم ضد أمراض وأوبئة في مناطق تحت سيطرة الميليشيات الحوثية (الأمم المتحدة)

أقرت الميليشيات الحوثية أخيراً بتردي الأوضاع الصحية وتفشي عدد من الأوبئة والأمراض في المناطق تحت سيطرتها، في وقت أرجعت فيه مصادر طبية الأسباب إلى فساد قادة الجماعة واستمرارهم في استهداف القطاعات الحيوية، بما فيها القطاع الصحي الذي ارتبط ارتباطاً مباشراً بصحة وحياة اليمنيين، وذلك من خلال أعمال الدهْم والإغلاق والابتزاز والنهب وفرض الجبايات.
وكان قادة الميليشيات المسيطرون على القطاع الصحي عقدوا قبل أيام مؤتمرات صحافية كشفوا فيها عن تصاعد أعداد المصابين بأمراض مزمنة، إضافة إلى عودة انتشار أمراض وأوبئة، منها أمراض الملاريا وحمى الضنك، والشيكونجونيا، وهو داء فيروسي ينقله البعوض، إضافة إلى الكوليرا، والدفتيريا، وغيرها.
واعترف قادة الميليشيات بأن حياة 1500 مصاب بمرض «الثلاسيميا» و40 ألف مصاب بـ«الأنيميا المنجلية» بمناطق تحت سيطرتهم مهددة بالخطر بسبب نقص الأدوية، وفق زعمهم.
وكشفت الجماعة، التي لا تزال تحكم كامل قبضتها على كافة مقدرات وإمكانات الصحة اليمنية في صنعاء، عن تسجيل 463 حالة وفاة بتلك الأمراض، حتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتوثيق 700 حالة إصابة جديدة العام المنصرم. يأتي ذلك بالتزامن مع اتهام مصادر في صنعاء للانقلابيين بالاستمرار في وضع العراقيل أمام وصول أدوية المصابين بأمراض مزمنة، تقدمها لهم منظمات دولية، وبيعها في السوق السوداء للتربح من ورائها، إلى جانب اتهامات أخرى وجّهتها منظمات حقوقية محلية لـ71 قيادياً حوثياً بالمتاجرة بالأدوية المهربة وغير الصالحة للاستخدام الآدمي.
وفي مؤتمر صحافي عقده قادة الميليشيات في محافظة الحديدة (226 كيلومتراً غرب صنعاء) أبدى القيادي الحوثي محمد المنصور اعترافه بتعثر كافة أنشطة وبرامج مكافحة مرض «الملاريا» وأوبئة أخرى، مؤكداً أن تلك الأمراض لا تزال تنتشر في أوساط سكان تلك المحافظة القابعة تحت سيطرتهم.
وذكر القيادي الانقلابي أن ذلك التعثر قاد إلى ارتفاع حالات الإصابة بـ«الملاريا» من 513 ألف إصابة عام 2015 إلى مليون و100 ألف إصابة في 2019، مع وجود تفشٍ جديد له بين المواطنين بعدد من مديريات الحديدة وحجة الخاضعتين للانقلاب، في حين عدّت مصادر أخرى أن ذلك التدهور ناتج عن فساد وعبث الميليشيات واستهدافاتها المتكررة للقطاع الصحي والعاملين فيه.
وكشف القيادي الحوثي عن تسجيل العشرات من «الفاشيات» لحالات الإصابة بـ«حمى الضنك» و«الشيكونجونيا» التي بدأت من مديرية الجراحي بالحديدة، وامتدت إلى محافظة حجة، وتجاوز عدد الإصابة بها 100 ألف حالة مع نهاية 2019؛ حيث إن عدد الوفيات جراء «الملاريا» و«حمى الضنك» فقط بلغ أكثر من 260 حالة في ذات الفترة.
وسبق للقيادي الحوثي، المعين بمنصب وكيل وزارة الصحة في حكومة الميليشيات غير المعترف بها، أن أعلن في مؤتمر صحافي سابق بصنعاء عن وجود مليونين و500 ألف طفل يمني يعانون من سوء التغذية الحاد، منهم 400 ألف مهددون بالموت بمدن عدة أغلبها خاضعة تحت سيطرتهم.
وأوضح أن وباء «الكوليرا» تفشى بمختلف مناطق السيطرة الحوثية منذ الموجة الأولى في عام 2016، والموجة الثانية في عام 2017. مشيراً إلى أن كثيراً من مناطقهم سجلت أسوأ وباء للكوليرا في العصر الحديث. ولافتاً إلى أن عدد الحالات المسجلة تراكمياً وصل إلى أكثر من مليونين و500 ألف حالة، منها 4 آلاف وفاة.
وفيما يتعلق بمرض «الدفتيريا»، اعترفت الجماعة بأن ذلك الوباء عاد إلى اليمن في عام 2017 ووصل العدد التراكمي إلى 8 آلاف حالة، منها 500 وفاة.
وفي سياق متصل، عدّ ناشطون في صنعاء أن تدهور القطاع الصحي يعود للحرب التي أشعلتها الجماعة وما خلّفته من موجة نزوح كبيرة، إضافة إلى عبثها وتدميرها على مدى 8 أعوام بمقدرات القطاع الصحي بمناطق سيطرتها.
يأتي ذلك في وقت يطلق فيه السكان بأحياء متفرقة في صنعاء نداءات للمنظمات المحلية والدولية للتدخل لإنقاذهم من استمرار تراكم أطنان المخلفات وطفح مياه المجاري بسبب استمرار فساد وإهمال الميليشيات، وما خلّفه ذلك من تزايد بحالات الإصابة بكثير من الأمراض كالحميات والإسهالات وغيرها.
وعلى صعيد تواصل الاستهداف الحوثي المنظم لما تبقى من المنظومة الصحية، ما خلّف مزيداً من الظهور المفاجئ لكثير من الأمراض والأوبئة، وتحديداً في محافظة إب.
كشفت تقارير محلية عن وفاة 3 أشخاص خلال أقل من أسبوع، فيما أصيب العشرات في قرى بمديرية النادرة نتيجة تفشي وباء جديد، فشل القطاع الصحي في تشخيصه.
وأفادت مصادر طبية بأن مواطناً آخر توفي مطلع الشهر الحالي بأحد مشافي مدينة دمت القريبة، التي نقل إليها ليلاً، من ضواحي مديرية النادرة في إب، إثر تردي حالته الصحية جراء الإصابة بذات الوباء.
وبحسب التقارير، فإن أغلب المصابين الذين استقبلتهم تباعاً عدة مشافي يشكون من التهابات رئوية حادة وضيق في التنفس، وفقدان الشهية وغيرها، تصيب الجهاز المناعي بحالة انهيار شبه تام.
إلى ذلك، اتهم عاملون صحيون وسكان في محافظة إب الميليشيات الحوثية بمواصلة تجاهلها لحجم الكارثة التي باتت تلقي بمخاطرها الكبيرة على مئات من السكان في المديريات الشرقية والشمالية من المحافظة، وفي مديرية دمت وضواحي مديرية قعطبة بمحافظة الضالع المجاورة.


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.