«إف بي آي»: «داعش» يركز على التشفير

كومي يطلب اعتمادات مالية جديدة

«إف بي آي»: «داعش» يركز على التشفير
TT

«إف بي آي»: «داعش» يركز على التشفير

«إف بي آي»: «داعش» يركز على التشفير

رغم أن المسؤولين الأميركيين توقعوا، خلال احتفالات عيد الاستقلال الأميركي الأسبوع الماضي، هجمات من منظمة «داعش»، ولم تحدث هذه الهجمات، قال جيمس كومي، مدير مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي)، إن الحرب ضد «داعش» مستمرة، وإنها يجب أن تواجه في جبهتين: داخلية وخارجية.
وقال، في استجواب في الكونغرس أول من أمس: «دخل (داعش) مجال التشفير، ويجيده، مما يزيد التحدي الذي نواجهه للقضاء عليه. هذا بالإضافة إلى تزايد التحاق مواطنين أوروبيين وأميركيين بهذا التنظيم». وأضاف: «صارت الجماعات المتشددة تركز على اتصالات مشفرة على نطاق واسع، وذلك بهدف تجنيد مزيد من الأعضاء، ونشر تعليمات صنع القنابل والمفخخات».
وطلب كومي من الكونغرس سن قانون لمواجهة تحدي تشفير «داعش». وأيضا، زيادة اعتمادات «إف بي آي»، وأجهزة أمنية أخرى. وأضاف كومي، أمام اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، أن التنظيم «يحض أنصاره عبر (تويتر)، وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، على تنفيذ هجمات معينة في أماكن معينة. في حالات كثيرة، تتم هذه الاتصالات عبر خطوط آمنة، وبالتليفون الجوال، ولا تقدر الجهات الأمنية على اختراقها».
في جلسة الاستماع نفسها، قالت نائبة وزيرة العدل، سالي بيتس، إن بعض شركات التكنولوجيا تقدر على الوصول إلى المعلومات المشفرة لمستخدميها من أجل بيع الإعلانات. لهذا، يجب ألا يكون صعبا على الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الوصول إلى هذه المعلومات المشفرة. لكن، لا بد من الحصول على تفويض قانوني. لهذا، دعت بيتس الكونغرس لإصدار قانون يسمح بذلك.
واعترفت بيتس بأن شركات الإنترنت تقاوم ذلك. وتقول إن السماح باختراق التشفير سيقوض التشفير. وقالت: «إن في الإمكان حظر خدمات التواصل التي تشفر رسائلها، وتمنع الحكومة من الوصول إليها. وإنه لا بد، في نهاية المطاف، من الوصول إلى صيغة تحمي خصوصية كل مواطن، وفي الوقت نفسه، فتح خدمات هذه الشركات الإلكترونية أمام المسؤولين عن الأمن». وأشارت بيتس إلى شركات تواصل اجتماعي سريعة ومشفرة، مثل «واتس آب» و«سناب شات». وقالت إن «سناب شات» تلغي رسائل المستخدمين من خوادمها بمجرد تسليمها للطرف الآخر.
خلال مرحلة الأسئلة والأجوبة في جلسة الكونغرس، قال كومي عن «داعش»، وعن خبراته في المجالات الإلكترونية: «لم نعد أمام تنظيم يشبه زمن الأجداد، مثل تنظيم القاعدة». وقال كومي إن صفحة «داعش» الرئيسية في موقع «تويتر» يتابعها أكثر من 21 ألف متابع يتحدثون الإنجليزية، وإن هذا يوفر فرصة كبيرة للتنظيم لاجتذابهم. وأضاف كومي: «عبر وسائل التواصل الجديدة يتحول التنظيم إلى شيطان يرافق كل الناس يوميا ويوسوس لهم بضرورة القتل».
والأسبوع الماضي، انتقدت شركات إلكترونية، مثل «فيسبوك» و«غوغل» و«تويتر»، أعضاء في الكونغرس يعملون لإصدار قانون يسمح باختراق أجهزة الأمن لمواقع التواصل الاجتماعي. وجاءت الانتقادات بعد أن أجازت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، في جلسة سرية، مشروع القانون. ثم حولته إلى مجلس الشيوخ، كجزء من ميزانية وكالات الاستخبارات لعام 2016. وصدر مشروع القانون على غرار قانون أصدره الكونغرس عام 2008 لحماية الأطفال. ويطلب من شركات الإنترنت إبلاغ المسؤولين عن أي صورة إباحية للأطفال. وتقديم معلومات عن الذي حمل الصورة. وتجميد حسابه. وحسب القانون، تبلغ شركات الإنترنت المركز الوطني للأطفال المفقودين والأطفال المستغلين. ويحقق هذا في الصور، ويرسل المعلومات إلى المسؤولين في الشرطة المحلية أو الفيدرالية.
في ذلك الوقت، قال تلفزيون «سي إن إن» إن أعضاء لجنة الاستخبارات رفضوا الحديث للصحافيين عن تفاصيل الموضوع. غير أن مسؤولين في اللجنة سربوا معلومات فحواها أن مشروع القانون يطلب من شركات التواصل الاجتماعي «مراقبة مواقعها بهدف حماية الأمن الوطني». وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قالت إن شركة «تويتر» تطوعت بنفسها، وحذفت حسابات تعتقد أنها إرهابية، أو تساعد على الإرهاب. وإنها، خلال يومين في شهر واحد، حذفت عشرة آلاف حساب.
وقال مسؤول للصحيفة، أيضا طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته: «يطلب مشروع القانون من شركات الإنترنت رصدا استباقيا للمشاركات، والرسائل، والصور، والفيديوهات. هذا مثل طلب شركات التليفونات مراقبة وتسجيل جميع الاتصالات الصوتية، والرسائل النصية». وأضاف: «لأن الأغلبية العظمى من الناس في هذه المواقع لا تفعل أي شيء خطأ، يرى كثير من المراقبين أن هذا النوع من الرصد ليس إلا غزوا للخصوصية. وسيكون تنفيذه صعبا من الناحية الفنية».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.