الفيلم المصري «كاملة» يثير تبايناً بعد عرضه بـ«البحر الأحمر»

تناول قضايا التحرش والعنوسة وختان الإناث

الفيلم المصري "كاملة" على السجادة الحمراء لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
الفيلم المصري "كاملة" على السجادة الحمراء لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
TT

الفيلم المصري «كاملة» يثير تبايناً بعد عرضه بـ«البحر الأحمر»

الفيلم المصري "كاملة" على السجادة الحمراء لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
الفيلم المصري "كاملة" على السجادة الحمراء لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي

احتفل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بعرض الفيلم المصري «كاملة» مساء (الثلاثاء) ضمن برنامج «روائع عربية»، وتم استقبال فريق الفيلم على السجادة الحمراء بحضور أبطاله، إنجي المقدم، مي الغيطي، فراس سعيد، برفقة المخرج جون إكرام ساويرس، والمنتج رأفت بطرس، والفيلم من تأليف محمد عبد القادر، ويشارك في بطولته لطفي لبيب وسلوى عثمان، وقال أنطوان خليفة مدير القسم العربي بالمهرجان خلال تقديمه للفيلم إن «السينما المصرية لها مكانة خاصة لدينا، سواء بأفلامها أو بنجومها، وفي العام الماضي تم تكريم الفنانة ليلى علوي وهذا العام شهد تكريم يسرا، وحين بدأنا العمل على برنامج الأفلام لم نكن نعلم بوجود فيلم مصري، واتصلت بي زميلتي «سيزا زايد» وأكدت على رغبة المخرج جون إكرام في التواصل معنا من أجل فيلمه الذي كان بمثابة مفاجأة لنا كمبرمجين لنقرر ضمه لبرنامجنا ويشهد عرضه العالمي الأول بمهرجان البحر الأحمر».
من جانبه، عبر المخرج جون إكرام عن امتنانه لهذه الفرصة قائلا: أنني ممتن للغاية بأن العرض الأول للفيلم يكون هنا بين الجمهور السعودي الذي أتطلع بشغف لمعرفة انطباعاته ورأيه بعد العرض خاصةً أن الفيلم لا يمس المرأة المصرية فقط بل المرأة العربية بشكل عام، وقد حظينا منذ اللحظة الأولى باستقبال رائع.
يعرض «كاملة» لدراما إنسانية حول وضع المرأة والأزمات التي تحاصرها من خلال بطلته «كاملة» الطبيبة النفسية التي تعاني من نظرة المجتمع لها لتجاوزها سن الأربعين دون زواج وتستقبل الطبيبة حالات مرضية مختلفة تعرض لمشاكل التحرش والعذرية وختان الإناث، وما يسببه الأخير من أزمات في حياة إحدى مريضاتها «أسماء» الأمر الذي يدفع بها لنهاية مأساوية.
تتلامس أزمة كاملة الشخصية مع مريضتها، وتتفاقم بعد وفاة والدها حيث تتدخل أسرة الأب في حياتها بشكل سافر لعدم زواجها وتطاردها العمة بدعوى الخوف عليها، كما تتعرض لأزمة عاطفية تجعلها تفقد الثقة في كل شيء.
وشهد الفيلم تباينات عدة، حيث رأى نقاد أنه خلا من لغة سينمائية مميزة، واتسم ببطء الإيقاع، بينما رأى مشاهدون أنه يطرح قضايا حقيقية تواجه المرأة في كثير من المجتمعات الشرقية.
وبحسب الناقد الكويتي عبد الستار ناجي فإن الفيلم المصري الوحيد في هذه الدورة يعاني من إشكالية كبرى، مثلما يؤكد في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»: «قصة الطبيبة النفسية التي يتمحور حولها الفيلم تسير في خطوط متقاطعة مع حكاية كاتب روائي وفتاة شابة تعاني من تبعيات الحالة النفسية لختانها، هي مسارات البناء الدرامي الذي جاء هشا مستعيداً مشاهد سابقة عبر تاريخ السينما المصرية، فالأحداث نعرف نتائجها قبل أن تبدأ، مما يعكس غياب البحث والتحليل والعمق، وقد طرح الفيلم عدداً من القضايا تجاوزتها السينما المصرية منذ عقود طويلة، وجاءت الحلول الإخراجية لتحيلها إلى سهرة درامية تلفزيونية، أما عن الأداء التمثيلي فلا يوجد شيء لافت، ولا شيء يمتاز بالكشف عن قدرات جميع الممثلين بلا استثناء».
ويضيف ناجي: «هذا الخلل الصريح في كتابة الشخصيات والمسارات الدرامية أدى إلى أن المشاهد لم يكن بحاجة إلى فك الرموز والشفرات، فشخصية الروائي الذي ينصب شباكه من أجل رواية جديدة لطالما شاهدناها».
ويتفق معه الناقد المصري خالد محمود، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم يشعر بتعاطف مع الفيلم لأن الدراما غير متماسكة سينمائيا»، موضحا: «الفيلم يقدم قصصاً مستهلكة بلا أي طرح فني جديد، كما أن القضايا التي يعرض لها ليست جديدة كالتحرش وختان البنات والتي يقدمها في شكل حكايات متشابكة تدين تناقض المجتمع في الإيمان بالحرية وعكسها، ومنها قضية فتاة تعاني بسبب الختان، وتدخل في علاقات غير مشروعة لكي تشعر بنفسها، ورغم سعادتنا بوجود فيلم مصري بالبحر الأحمر السينمائي لكن أتمنى أن تكون المشاركة بأفلام أقوى لأنها تمنح المهرجان بريقاً، وتكون قادرة على المنافسة بقوة وسط مشاركات عالمية».
بينما رأت مشاهدات من بينهن زينب، وهي مواطنة عربية تقيم بالمملكة أن «الفيلم يلامس واقعاً نعيشه، فأنا شخصيا عشت هذه التفاصيل التي عاشتها البطلة (كاملة) فيما يتعلق بنظرة المجتمع للفتاة التي لم تتزوج ففي هذه الأزمة تحديداً تصبح الفتاة مسؤولة عن هذا الموقف وتطاردها نظرات الاتهام من الأقارب والمحيطين».


مقالات ذات صلة

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».