كيف تفوّق الغرامافون على الآيبود؟

تصاميم متنوعة تجتذب عشاق الموسيقى

كيف تفوّق الغرامافون على الآيبود؟
TT

كيف تفوّق الغرامافون على الآيبود؟

كيف تفوّق الغرامافون على الآيبود؟

إذا كانت هناك من مسابقة؛ فلا شكّ في أنّ الغرامافون سيكون بطلاً بين الأجهزة الصوتية، فبينما ظهرت أجهزة أخرى؛ أبرزها جهاز تسجيل الشرائط، ومشغلات الأقراص الممغنطة، والـ«آيبود»، التي أفل نجمها مع الزمن، فلا يزال الغرامافون؛ الذي ظهر للمرّة الأولى قبل 165 عاماً، صامداً في وجه مدّ التقدّم التقني. يتناول كتابٌ جديد من إعداد غيديون شوارتز، مدير شركة «أوديو آرتس» المختصة في المعدّات والتجهيزات الصوتية المتطوّرة بمدينة نيويورك، هذه الحياة الطويلة والمستمرّة، ويبحث كيف تساهم الآليات والأسواق والمواد في صياغة تصميم آلات تشغيل الأسطوانات من القرن التّاسع عشر حتّى يومنا هذا.

- تاريخ تقني
يقدّم كتاب شوارتز المعنون «ثورة: تاريخ تصميم الغرامافون» بحثاً غنيّاً بالصور الفوتوغرافية عن الغرامافون الذي لم يتوقّف يوماً عن التطوّر، وجدولاً زمنياً تاريخياً يتابع أشكال تغيّر الجهاز وتحسّنه.
شهد الغرامافون بصفته جهازاً تطوّراً ملحوظاً رغم أنّ التقنية الأساسية التي يستند إليها لم تتغيّر منذ عقود. يقول شوارتز إنّ «الغرامافون شهد تعديلات واضحة طبعاً في ذراع الضبط وتصميم الخراطيش، ولكنّ المبدأ الذي يقوم عليه بقي نفسه، أي إنّ الجوهر التقني لا يزال قائماً».
يملك شوارتز كتاباً آخر عن تاريخ المعدّات الصوتية ذات النوعية المتميّزة اسمه «هاي - فاي: تاريخ التصميم الصوتي المتطوّر». بدأ هوس الكاتب بالمعدّات الصوتية في طفولته، بحفظ مكوّنات صوتية وأرقام موديلات أجهزة غرامافون استثنائية، حتّى إنّه قال: «أنا أوّل من يعترف بأنّني عالمٌ مهووسٌ».
يوضح سرد الكتاب لتاريخ هذا الاختراع أنّ تصميم أجهزة الغرامافون ينسجم مع تصاميم كلّ عصر، من «غرامافون إديسون» المجهّز بذراع دوّارة من أواخر القرن التاسع عشر، إلى الآلات المغطّاة التي اشتهرت في السبعينات.
ويقول شوارتز: «إذا نظرتم إلى الثلاثينات والأربعينات، فستلحظون تأثيراً كبيراً للفنّ الزخرفي أو ما يُعرف بالـ(آرت ديكو) على تصميم الغرامافون. في تلك الأيّام، لم تكن هذه الأجهزة أنظمة صوتية فحسب؛ بل استخدمت بوصفها قطع أثاث جميلة أيضاً». يستعرض الكتاب صوراً لمشغّلات أسطوانات متنوّعة؛ أحدها يضمّ رفّاً ومرآة متّصلة بحجرة للزجاجيات.
ويعدّ شوارتز أنّ الغرامافون تألّق فعلاً في الخمسينات، عندما حوّلت الخطوط الأنيقة والرفيعة هذا الجهاز من حشوٍ كبيرٍ يملأ الغرفة إلى مكوّن صوتي. في ذلك الوقت، تحوّلت أجهزة الغرامافون ذات الأحجام المضغوطة والمواد المتنوّعة إلى قطعٍ عصرية تزيّن المنازل.
تُعدّ تصاميم «SK4» البسيطة والمغطّاة بزجاج الـ«بلكسي لدييتير رامس» لصالح شركة «براون» في منتصف الخمسينات من الأكثر شهرة، حتّى إنّها عُرفت باسم «تابوت بياض الثلج». يقول شوارتز إنّ «تصاميم (رامس) لم يكن لها شبيه في ذلك العصر»، منوّهاً بأنّها أثّرت على أجهزة الغرامافون التي صُنعت في العقود التالية. ويضيف: «لا تزال الخطوط الأنيقة والوظائف المبسّطة التي ابتدعها بارزة في تصاميم كثيرة اليوم».
عرفت الستينات موجةً من مشغلات الموسيقى (45 دورة في الدقيقة) المحمولة غير المكلفة، بينما شهدت السبعينات والثمانينات اختراع غرامافونات عالية الجودة الصوتية، بالإضافة إلى نظام تشغيل «تكنيكس إس إل - 1200» الخاص بالنوادي الليلية والذي لا يزال الخيار المفضّل لمنسّقي الموسيقى في جميع أنحاء العالم، ولم يتوقّف المصمّمون حتّى اليوم عن التطوير والابتكار في تصميم هذا الجهاز.

- تصاميم متنوعة
تنتج الشركة الدانماركية «بيرغمان» مجموعة متنوعة من أجهزة الموسيقى الدوّارة وكبيرة الحجم بإضافات من المعادن الثمينة، بينما تطوّر شركة «كرونوس» الكندية مشغّلات أشبه بالروبوتات تبدو جاهزة للنهوض والسير وحدها. وتوجد أيضاً غرامافونات «ريفرنس» المزوّدة بقواعد فردية مخصصة لطبق الأسطوانة، بالإضافة إلى المحرّك والضوابط وأذرع تحكّم مختلفة. تُباع هذه الغرامافونات المتنوّعة بمئات الباوندات.
يفضل شوارتز غرامافونات «ريفرنس» بسبب تصميمها ونوعية الصوت التي تنتجها. وتوجد خيارات أخرى متفوقة أيضاً؛ أبرزها تصاميم ما بعد الحرب لـ«غارّاد»، والصانع الألماني «إي إم تي»، و«لين إل بي - 12»، ذات الأناقة اللافتة، التي يملك شوارتز واحداً منها.
ولكن هل توجد جوهرة نادرة واستثنائية لا يملكها ولا يزال يبحث عنها؟ يجيب شوارتز بأنّ «السؤال في غير مكانه؛ لأنّه يملك كثيراً من أجهزة الغرامافون. لقد حان الوقت لكي أتخلّص من بعضها. لذا؛ السؤال الأمثل هنا هو عن أيّ من أجهزة الغرامافون يجب أن أتخلّى؟».
لا يُقصي شوارتز أيّ جهاز غرامافون، ويقول إن «تصاميم الأجهزة تلعب دوراً كبيراً في جذبه. يتميّز كلّ واحد من هذه الأجهزة بلمسة خاصة في طريقة صنعه، وتصميمه، وأدائه وظائفه... مثلاً؛ إذا وضعت جهاز (إل بي) على كلّ واحدة من هذه الطاولات، فستُصدر الأجهزة الصوت نفسه، وهذا ما أحبّه فيها».
* «فاست كومباني»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

فيديوهات «شورتس» من «يوتيوب» ستصل إلى 3 دقائق في 15 أكتوبر

تكنولوجيا تعكس هذه التحسينات التزام «يوتيوب» بالتطور مع مستخدميه وتقديم أدوات تلهم عملياتهم الإبداعية (أدوبي)

فيديوهات «شورتس» من «يوتيوب» ستصل إلى 3 دقائق في 15 أكتوبر

«يوتيوب» يوسّع نطاق «شورتس» بميزات جديدة مثيرة للمبدعين والمشاهدين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تطرح «أوبن أيه آي» برنامج «كانفاس» كمساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل (شاترستوك)

تعرف على «كانفاس»... الواجهة التعاونية الجديدة لـ«تشات جي بي تي»

يوفر «كانفاس» أدوات لصقل القواعد النحوية، وتعزيز الوضوح، وضمان الاتساق.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا على غرار الميزات المتوفرة عبر منصات مثل «زووم» يقدم «واتساب» خياري «اللمسات الأخيرة» و«الإضاءة المنخفضة» (واتساب)

ميزات جديدة من «واتساب» لتحسين جودة الاتصال عبر الفيديو

يكثف «واتساب»، الذي يُعد أكبر تطبيق مراسلة في العالم، مع أكثر من ملياري مستخدم عبر 180 دولة، جهوده لإثراء تجربة المستخدم في مجال مؤتمرات الفيديو.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يتشارك المستخدمون محادثات عميقة وتأملية مع نسخة من أنفسهم تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في سن الستين (MIT)

نظام ذكاء اصطناعي يجعلك تتكلم مع «ذاتك المستقبلية»!

يجري ذلك عبر محادثات عميقة وتأملية مع نفسك وأنت في عمر الستين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تقدم الميزة عشرة خيارات صوتية مختلفة حصرياً للمستخدمين الذين يدفعون اشتراكاً في الخدمة (شاترستوك)

​«جيمناي لايف» من «غوغل» متاح مجاناً لمستخدمي «آندرويد» بالإنجليزية

كانت الميزة حصرية لمشتركي «جيمناي أدفانسد» (Gemini Advanced) بتكلفة 20 دولاراً شهرياً

نسيم رمضان (لندن)

نظام ذكاء اصطناعي يجعلك تتكلم مع «ذاتك المستقبلية»!

يتشارك المستخدمون محادثات عميقة وتأملية مع نسخة من أنفسهم تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في سن الستين (MIT)
يتشارك المستخدمون محادثات عميقة وتأملية مع نسخة من أنفسهم تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في سن الستين (MIT)
TT

نظام ذكاء اصطناعي يجعلك تتكلم مع «ذاتك المستقبلية»!

يتشارك المستخدمون محادثات عميقة وتأملية مع نسخة من أنفسهم تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في سن الستين (MIT)
يتشارك المستخدمون محادثات عميقة وتأملية مع نسخة من أنفسهم تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في سن الستين (MIT)

تخيَّل أنك تُجري محادثة مع ذاتك المستقبلية، وتستكشف مسارات الحياة المحتملة، وتتلقّى التوجيه بشأن القرارات طويلة الأجل. لم يعد هذا مجرد خيال، بل حقيقة بفضل تقنية «Future You». إنه نظام ذكاء اصطناعي مبتكر؛ طوره باحثون من معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا والمؤسسات المتعاونة معهم. صُممت هذه الأداة الذكية لسدّ الفجوة بين الذات الحالية والمستقبلية، التي تساعد المستخدمين على التواصل مع ذواتهم المستقبلية، وتعزيز عملية اتخاذ القرار، والحد من القلق بشأن ما ينتظرهم، كما يقول الباحثون.

يوفر هذا المشروع لمحة عن كيفية تعزيز التكنولوجيا لفهمنا لأنفسنا وتشكيل قراراتنا لمستقبل أفضل (MIT)

ربط الحاضر بالغد

يدعم مفهوم «استمرارية الذات المستقبلية» هذه التكنولوجيا؛ إنه إطار نفسي يعكس مدى ارتباط الناس بهوياتهم المستقبلية.

تشير الدراسات إلى أن الارتباط القوي بالذات المستقبلية يمكن أن يؤثر على مجموعة من القرارات، من المدخرات المالية إلى المساعي الأكاديمية. ويهدف نظام الذكاء الاصطناعي «Future You» إلى تعزيز هذه الرابطة. ومن خلال توفير تلك المنصة، يمكن للمستخدمين المشاركة في محادثات عميقة وتأملية مع نسخة من أنفسهم جرى إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في سن الستين.

باستخدام نموذج لُغوي متطور، يقوم «Future You» بصياغة ردود بناءً على معلومات شخصية مفصلة يقدمها المستخدم، ما يخلق شخصية مستقبلية يمكن التواصل معها وتفاعلها. ويمكن لهذه الشخصية مناقشة سيناريوهات الحياة المحتملة، وتقديم المشورة، ومشاركة الأفكار بناءً على تطلعات المستخدم وخياراته الحياتية.

كيف يعمل هذا النظام؟

تبدأ الرحلة بإجابة المستخدمين عن أسئلة حول حياتهم الحالية، وقيمهم وطموحاتهم المستقبلية. تُشكل هذه البيانات العمود الفقري لما يُطلق عليه الباحثون «ذكريات الذات المستقبلية»، التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي لبناء حوار هادف ومناسب للسياق. سواء كان الأمر يتعلق بمناقشة الإنجازات المهنية أو المعالم الشخصية، يستفيد الذكاء الاصطناعي من مجموعة بيانات ضخمة مدربة على تجارب حياتية متنوعة لجعل التفاعل واقعياً وغنياً بالمعلومات قدر الإمكان.

عملياً، يتفاعل المستخدمون مع «Future You» من خلال مزيج من التأمل الذاتي لتقييم أهداف حياتهم الحالية والمستقبلية، وأيضاً عبر التأمل في الماضي من أجل تقييم ما إذا كانت شخصية الذكاء الاصطناعي تتوافق مع مستقبلهم المتصور. يتيح هذا النهج المزدوج للمستخدمين ليس تصور مستقبلهم فقط، ولكن أيضاً تقييم الاتجاه الذي تأخذهم إليه اختياراتهم بشكل نقدي.

ينشئ النظام صورة للمستخدم متقدمة العمر ما يجعل المحادثة الرقمية تبدو أكثر شخصية ومباشرة (MIT)

محاكاة واقعية ومشاركة عاطفية

لتعزيز الواقعية، يقوم النظام أيضاً بإنشاء صورة للمستخدم متقدمة العمر، ما يجعل المحادثة الرقمية تبدو أكثر شخصية ومباشرة. يستخدم الذكاء الاصطناعي علامات المحادثة، مثل «عندما كنت في عمرك»، ما يضيف طبقة من الأصالة والعمق العاطفي إلى التفاعل.

يمكن أن تؤثر هذه النصيحة الشخصية من الذات الأكبر سناً بشكل عميق على المستخدمين، ما يوفر منظوراً فريداً يختلف بشكل كبير عن تفاعلات الذكاء الاصطناعي العامة.

ومع الواقعية الكبيرة تأتي مسؤولية إدارة توقعات المستخدم؛ حيث يؤكد مبتكرو «Future You» أن السيناريوهات التي تمت مناقشتها ليست ثابتة، ولكنها مجرد احتمالات، وهذا أمر بالغ الأهمية لضمان فهم المستخدمين أن لديهم الوكالة لتغيير مساراتهم، وأن الذكاء الاصطناعي يوفر ببساطة نتيجة محتملة واحدة بناءً على المسارات الحالية.

النتائج الأولية والاتجاهات المستقبلية

أظهرت التقييمات المبكرة لـ«Future You» نتائج واعدة. في دراسة شملت 344 مشاركاً، أفاد أولئك الذين تفاعلوا مع الذكاء الاصطناعي بانخفاض كبير في القلق بشأن المستقبل واتصال أقوى بذواتهم المستقبلية مقارنة بأولئك الذين استخدموا روبوت محادثة عامّاً، أو لم يشاركوا على الإطلاق.

في المستقبل، يركز فريق البحث على تحسين فهم الذكاء الاصطناعي للسياق، وضمان أن المحادثات ليست عاكسة فحسب بل قابلة للتنفيذ أيضاً. إنهم يستكشفون الضمانات لمنع إساءة استخدام التكنولوجيا والنظر في تطبيقات «أنت المستقبلي» في مجالات محددة، مثل التخطيط المهني أو الوعي البيئي.