متابعة مباريات كأس العالم تطيل العمر!

علاوي عبد الكريم يشجع فريقه المغرب المشارك في مونديال كأس العالم (أ.ب)
علاوي عبد الكريم يشجع فريقه المغرب المشارك في مونديال كأس العالم (أ.ب)
TT

متابعة مباريات كأس العالم تطيل العمر!

علاوي عبد الكريم يشجع فريقه المغرب المشارك في مونديال كأس العالم (أ.ب)
علاوي عبد الكريم يشجع فريقه المغرب المشارك في مونديال كأس العالم (أ.ب)

لا شك في أن بطولة كأس العالم هذا العام في قطر تزخر بالإثارة والمتعة، وسواء كنت من مشجعي كرة القدم أم لا، فأنت تشعر بالقطع بالحماسة وأنت ترى منتخب بلادك يتقدم في التصفيات وصولاً إلى الأدوار النهائية، أو ينتابك شعور بالحسرة عندما ترى فريقك المفضل يخرج من المونديال إثر هزيمة مفاجئة في اللحظات الأخيرة من المباراة أو حتى بفارق الأهداف بفعل حسابات المكسب والخسارة في ختام أدوار المجموعات.
ورغم أن السفر آلاف الأميال لمشاهدة مباريات المونديال من المدرجات مسألة بالغة الصعوبة بالنسبة للغالبية العظمى من البشر، يؤكد خبراء طب النفس أن هناك أسباباً علمية جيدة تدعوك إلى مشاهدة مباريات كأس العالم على شاشات التلفزيون، بل يسردون الكثير من الفوائد الصحية التي تنجم عن تشجيع فريقك المفضل في البطولة.
وتقول كاري ويلاند، أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة «تولان» في ولاية نيو أورليانز الأميركية، إن البشر بطبعهم كائنات اجتماعية، وبطولة كأس العالم هي فرصة رائعة للتواصل مع الآخرين وإيجاد أرضية اجتماعية مشتركة. وتوضح، في تصريحات للموقع الإلكتروني «بوبيولار ساينس» الأميركي المتخصص في الأبحاث العلمية أن تشجيع منتخب كرة قدم يجعلك تشعر بالارتباط بشيء أكبر منك، كما يخلق لدى الإنسان شعوراً بالهوية.
وتشير خبيرة طب النفس إلى أهمية الفرح الجماعي الذي يشعر به الإنسان في أثناء مشاهدة مباريات كأس العالم سواء مع أفراد العائلة أو حتى برفقة أشخاص غرباء في مكان عام مثل المقهى أو غيره، لا سيما إذا ما سجل الفريق الذي تشجعه هدفاً أو أكثر خلال المباراة، وتقول: «عندما تتشارك في هذه الانفعالات الإيجابية مع آخرين، فإن ذلك يؤدي إلى تعزيز هذه المشاعر الجماعية وخوض تجربة انفعالية أفضل».
بل إن مشاهدة لحظات الهزيمة تعد أيضاً تجربة جماعية تعزز الروابط الاجتماعية مع الآخرين، على حد قول ويلاند، التي ترى أن الصلات الاجتماعية تتوطد كذلك في أثناء التعليق على المباراة بعد انتهائها على مواقع التواصل الاجتماعي وتحليل الأسباب التي أدت إلى الهزيمة.
وخلصت دراسة نشرتها الدورية العلمية «كوميونيكشن آند سبورت» المتخصصة في طب النفس الرياضي عام 2019 إلى أن تشجيع الفرق الرياضية الفائزة يرفع من درجة احترام أو تقدير الذات للمشجعين لمدة يومين بعد المباراة، ورغم أن هذه المعلومة تحتاج إلى مزيد من التوثيق العلمي، تؤكد ويلاند وجود مفهوم في طب النفس يسمى «الانغماس في المجد الناجم عن إنجازات الآخرين»، ويُقصَد به أن «يرتبط شخص ما بانتصار غيره على اعتبار أنهما ينتميان إلى نفس المجموعة»، وتقول إن الاستغراق في التشجيع يجعل الجمهور يشعر كما لو كان جزءاً من الفريق ومشاركاً في الفوز. وتسري هذه القاعدة -على حد قولها- على جماهير الفرق الموسيقية أو أنصار الأحزاب السياسية أو مشجعي الفرق الرياضية، حيث يشعرون بأن تشجيعهم ساعد في انتصار الفريق الذي يناصرونه.
وتقول ويلاند إن تشجيع الفرق في مباريات كأس العالم يطيل العمر، ولكنَّ ذلك يتوقف على طريقتك في التشجيع سواء كنت تجلس على الأريكة طوال المباراة وأنت تحدق في الشاشة أمامك، أو أنك تتقافز وتتفاعل حركياً مع كل فرصة أو هجوم خلال المباراة، وتوضح أنه رغم أن هذا النوع من التشجيع الحماسي لا يرقى إلى حد ممارسة التدريبات البدنية، فإن هذه الحركات الصغيرة تجعل الجسم في حالة حركة مستمرة وتجدد نشاطه.
كما أن التواصل الاجتماعي في حد ذاته له تأثير إيجابي على إطالة عمر الإنسان، فالعلاقات الاجتماعية والشعور بالانتماء في أثناء مشاهدة الفعاليات الرياضية يقترن بتحسن الصحة البدنية والنفسية، وترتبط مشاهدة المباريات الرياضية بتخفيف أعراض الاكتئاب التي أثبت بعض الدراسات أنها تقلل عمر الإنسان بواقع 10 إلى 12 عاماً في المتوسط. وبالتالي فعندما تحصل على الدعم الاجتماعي النابع من تشجيع مباريات المونديال، فهناك دلائل علمية على أنك تقلل مخاطر الوفاة المبكرة.
ويرى باحثون أن الانغماس في متابعة مباريات كأس العالم يساعد في تخفيف التوتر وصرف الذهن مؤقتاً عن متاعب الحياة اليومية. ويقول إيريك زيلمر، إخصائي طب النفس العصبي بجامعة «دريكسل» بولاية فيلادلفيا الأميركية، إن «مشاهدة الفرق التي تحتفل بالفوز في كأس العالم قد تكون ملاذاً مؤقتاً من الواقع»، مشيراً إلى أن لعبة رياضية مثل كرة القدم لها قواعد وقوانين منظمة قد يكون لها تأثير علاجي لمن يشكون من تقلبات الحياة ومتغيراتها.
ويقول زيملر في تصريحات لموقع «بوبيولار ساينس» إن «الرياضة تجعلنا نشعر بأننا على قيد الحياة، وهي أيضاً عنصر محفِّز كي نجد في أنفسنا صفات لا نراها»، بمعنى أن الرياضة تتعلق أساساً بالتغلب على العقبات، وإذا كان ذلك ممكناً في عالم الرياضة، فمن الممكن أن يتحقق في الواقع.
وترى ويلاند أن مباريات كأس العالم قد تكون أيضاً حافزاً لدى البعض لممارسة الرياضة، وقد تلهم الأطفال الصغار من أجل الاشتراك في رياضات معينة من منطلق الإعجاب ببعض نجوم كرة القدم مثل ليونيل ميسي أو كيليان مبابي. وينصح زيلمر بالاستفادة من مباريات المونديال كعامل محفز أو كمكافأة للقيام ببعض الأنشطة الثقيلة على النفس، فإذا لم تكن تحب ممارسة التريض على سبيل المثال رغم أهميته للصحة، فيمكنك أن ترى في قرارة نفسك أن مشاهدة المباراة المقبلة لفريقك المفضل في المونديال هي مكافأة لنفسك في حالة إذا ما خرجت للتريض.


مقالات ذات صلة

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

علوم سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

أشاد الأطباء بنتائج التجارب «المذهلة» التي أظهرت أن تركيبة دوائية جديدة أوقفت تقدم سرطان الرئة لوقت أطول بـ40 في المائة من العلاج التقليدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لا مانع من بعض العزلة للأطفال والحديث معهم عندما يكونون مستعدين لذلك (أرشيفية - وسائل إعلام أميركية)

طفلي لا يريد التحدث معي... ماذا أفعل؟

تنصح طبيبة نفسية بإعطاء الأطفال مساحتهم الخاصة عندما لا يريدون التحدث.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفريق أجرى جراحة كهربائية لعلاج انسداد القنوات الصفراوية بواسطة روبوتات مصغرة (المركز الألماني لأبحاث السرطان)

روبوتات بحجم المليمتر تنفذ عمليات جراحية دقيقة

حقّق باحثون في المركز الألماني لأبحاث السرطان إنجازاً جديداً في مجال الجراحة بالمنظار، حيث طوّروا روبوتات مصغرة بحجم المليمتر قادرة على تنفيذ جراحات دقيقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

تجدد النقاش الطبي في جامعة «بريستول» حول إمكانية حماية الأطفال الخدج (المبتسرين) من المضاعفات الخطيرة للولادة المبكرة، أهمها على الإطلاق الشلل الدماغي (CP)

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

«تيتا زوزو» يثير استياء «الموسيقيين» في مصر

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
TT

«تيتا زوزو» يثير استياء «الموسيقيين» في مصر

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)

أثار مسلسل «تيتا زوزو» استياء «الموسيقيين» في مصر، الذين اعترضوا على مشهد تضمّن حواراً بين الفنانة إسعاد يونس بطلة العمل وأحد الفنانين المشاركين يتحدث عن التحاقه بكلية «التربية الموسيقية»، وخلال المشهد يتم وصم منسوبيها بـ«الفشل»، ووصفهم بـ«الآلاتية».

وأصدرت كلية «التربية الموسيقية» بجامعة «حلوان» بياناً استنكر «الحوار»، كما عدّت الكلية أن ما قِيل على لسان صُنّاع العمل يُعدّ إساءة بالغة للموسيقيين، كأنه يشير إلى أن من يتقدّم للالتحاق بكلية «التربية الموسيقية» شخص «فاشل».

وأكد بيان الكلية أن «الوصف يمسّ كرامة العاملين والطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ويقلّل من شأن مؤسسة عريقة أسهمت في تطوير الموسيقى المصرية على مدار عقود».

وأوضح البيان أن كلية «التربية الموسيقية» من القلاع الفنية في مصر، مثل: المعاهد المتخصصة الأخرى كـ«المعهد العالي للموسيقى العربية» و«الكونسرفتوار».

من جانبه قال وكيل ثانٍ «نقابة الموسيقيين»، أستاذ بكلية «التربية الموسيقية» بجامعة «حلوان» الدكتور محمد عبد الله، إن «خريجي الكلية يلعبون دوراً مهماً في مجالات التدريس الموسيقي، وتأليف الموسيقى التصويرية والتوزيع، وغيرها من أدوات العمل الفني».

الملصق الدعائي لمسلسل «تيتا زوزو» (الشركة المنتجة)

وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أكد عبد الله أن «الكاتب هو المسؤول الأول عن هذه الإساءة، وكان يتعيّن عليه الإشارة إلى الموسيقى وعدم أهميتها، ما دام أنه يرى ذلك أو يريد توصيل هذا المعنى، ولكن بوجه عام دون تحديد اسم الكلية».

ووصف عبد الله الحوار الدرامي بأنه «فخ وقع به المؤلف، الذي لم يتدارك الموقف خلال الحلقة ويصلح ما أفسده»، ويتابع: «كلمة (مشخصاتي) التي كانت تُطلق على الممثل قديماً طُمست ولم تعد تُقال، فلماذا تتم الإساءة للموسيقي ووصفه بـ(الآلاتي) إذن؟ وهي الكلمة التي كانت تُقال للشخص الذي يتقن العزف على آلة بعينها، في ثلاثينات القرن الماضي قبل إنشاء الكليات المتخصصة».

وقال وكيل ثانٍ «نقابة الموسيقيين» إنه «غير عاتب على الفنانة إسعاد يونس ولا غيرها من الممثلين، فهم أدوات في يد صناع العمل»، وفق قوله، ولكنه «عاتب على المخرج والكاتب والرقابة على المصنفات الفنية في مصر التي مررت المشهد دون حذفه أو تعديله، والسماح بالإساءة إلى صرح أكاديمي عريق يضم قيادات وطلبة وأساتذة جامعيين».

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)

وطالب عبد الله باعتذار رسمي من صُنّاع العمل ومحاولة حذف المشهد، مؤكداً أن «الفن لغة للجمال وليس للإساءة، وأن كتابة النص تحتاج إلى الدقة والحرص البالغ، حتى لا يقع الكاتب في فخ الإهانة والسخرية من أي مهنة أو شخص».

وذكر عبد الله أن صُنّاع العمل لم يتواصلوا مع إدارة الكلية، ولم يقدم أحد اعتذاره عما قيل.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع بعض صنّاع العمل، لمعرفة موقفهم من بيان الكلية والرد عليه، ومن بينهم المخرجة شيرين عادل والكاتب محمد عبد العزيز، دون أن نتلقى رداً أو تعليقاً.

وترى الناقدة الفنية المصرية خيرية البشلاوي أنه «لا بد من التدقيق في جوهر العمل بكامله، وهل السياق العام يُهين خريجي الكلية أم مجرد مشهد عابر يمهد لتوضيح أهمية الموسيقيين خلال الحلقات المقبلة».

وتضيف البشلاوي لـ«الشرق الأوسط»: «إسعاد يونس فنانة وإعلامية تعي جيداً ما تقدّم، ولن تقبل الإساءة إلى أي مهنة»، كما ترفض البشلاوي حذف المشهد من السياق؛ لكنها تطالب بمتابعة الأحداث للنهاية، لتكوين تصور عام يوضح ما دار بالمشهد.

لم تكن واقعة اتهام مسلسل «تيتا زوزو» بالإساءة إلى إحدى المهن هي الأولى، وإنما وُجهت اتهامات مماثلة إلى أعمال أخرى، من بينها اتهام صُنّاع مسلسل «البيت بيتي 2» بالإساءة لمزارعي مصر، وكذلك اتهام صناع مسلسل «أشغال شقة» الذي عُرض في رمضان الماضي بالإساءة إلى مهنة الطب الشرعي، وكذلك اتهام مسلسل «الكبير أوي»، بالإساءة إلى مهنة التمريض، واتُّهم صناع مسلسل «مع سبق الإصرار» بالإساءة إلى مهنة المحاماة، وواجه صناع فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» في وقت سابق اتهامات بالإساءة إلى مهنة التدريس.