إقليم كردستان العراق يتطلع لعقد اتفاقية جديدة مع بغداد لحل المشكلات

نيجيرفان بارزاني: بيع النفط بشكل مستقل لا يعني الاستقلال الاقتصادي

إقليم كردستان العراق يتطلع لعقد اتفاقية جديدة مع بغداد لحل المشكلات
TT

إقليم كردستان العراق يتطلع لعقد اتفاقية جديدة مع بغداد لحل المشكلات

إقليم كردستان العراق يتطلع لعقد اتفاقية جديدة مع بغداد لحل المشكلات

أعلن رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، أمس، أن الإقليم يسعى إلى عقد اتفاقية جديدة مع الحكومة الاتحادية في بغداد، لتأمين رواتب الموظفين واحتياجات الإقليم مقابل نفطه، مؤكدا في الوقت ذاته على أن الأكراد سيبقون مشاركين في الحكومة العراقية.
وقال رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني في مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس مع الأمين العام للحركة الديمقراطية الآشورية يونادم كنا، في أربيل، عقب اللقاء الذي جمعهما لبحث التوافق حول مسألة الدستور ورئاسة الإقليم: «بيع النفط بشكل مستقل لا يعني الاستقلال الاقتصادي، فالاستقلال الاقتصادي يعني إنتاج كل ما نحتاج إليه في بلدنا، وهدفنا هو الوصول إلى هذا الاستقلال».
وتابع بارزاني: «كانت لنا مع بغداد اتفاقية من قبل، ونؤكد دائما أن مصلحة الإقليم في التوصل إلى حل مع بغداد، نحن اليوم مستمرون مع بغداد، قد تكون كمية النفط التي نسلمها للحكومة الاتحادية الآن أقل مما كانت عليه من قبل، لكن هذا لا يعني أننا نقاطع بغداد، بل نحن نريد أن نستمر معها، ومستعدون لإعادة النظر من جديد بالاتفاقية المبرمة بيننا، وأكدنا على ضرورة إيجاد حل للمشكلة، ونحاول عقد اتفاقية جديدة تصب في مصلحة الإقليم والعراق».
وأضاف بارزاني: «رغم تسليم الإقليم كميات كبيرة من نفطه للحكومة الاتحادية، فإن بغداد، ومع الأسف، تعطينا نصف مستحقاتنا المالية مقابل ذلك، ومن الناحية الاقتصادية لا يمكن أن يستمر هذا، لأن الموضوع اقتصادي وليس سياسيا، فنحن جزء من العراق، ومشاركون في البرلمان والحكومة العراقية، وسنبقى مشاركين فيهما، ومستعدون لحديث أكثر عن هذه المسألة مع بغداد للتوصل إلى نتيجة تخدم الجانبين».
بدوره، قال عضو لجنة الطاقة والثروات الطبيعية في برلمان الإقليم، بيار طاهر سعيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حكومة الإقليم أوفت بكل التزاماتها في الاتفاقية المبرمة مع بغداد، لكن الحكومة الاتحادية لم تفِ بالتزاماتها اتجاه الإقليم، ولم ترسل مستحقات كردستان المالية بشكل كامل، لذا على حكومة إقليم كردستان إيجاد حل للأزمة المالية التي يمر بها الإقليم، وقد أعطت الأطراف السياسية وبرلمان الإقليم هذا الحق لها، وهذا الحل يكمن في عقد اتفاقية جديدة مع بغداد، يحدد من خلالها الحق المالي للإقليم بشكل واضح، ليخرج الإقليم من هذه الأزمة المالية، فكردستان له الحق القانوني والدستوري في بيع جميع ثرواته الطبيعية بشكل مستقل، وتسليمه نسبة من هذه العائدات لبغداد، ويجب على حكومة الإقليم الدفاع عن حقها هذا».
من جهته، قال فائق مصطفى النائب عن حركة التغيير في برلمان كردستان، لـ«الشرق الأوسط»: «لن يكون مصير أي اتفاقية بين الإقليم والحكومة الاتحادية أحسن من الاتفاقية المبرمة بين الجانبين أخيرًا، إذا لم يتم حل كل المشكلات الماضية بين الجانبين بشكل جذري، ومن الأفضل أن تتوجه حكومة الإقليم إلى الاستقلال الاقتصادي مع الإبقاء على اتفاقيتها مع بغداد، وهذا من حقها، فبغداد مدينة للإقليم بميزانية عام 2014 الماضي بالكامل، ورواتب موظفي الإقليم تأخرت لشهرين مع توقف كل المشاريع، لذا على الإقليم أن يصدر حصته بشكل مستقل من النفط خارج شركة التسويق العراقية (سومو)، مع الإبقاء على تصدير نسبة من النفط عن طريق سومو، وهي المتمثلة بالنفط المصدر من آبار كركوك».
وفي السياق ذاته، شدد النائب الكردي في مجلس النواب العراقي عرفات كريم، لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «لقد توصلت كل الأطراف العراقية إلى قناعة بأن بغداد هي السبب في تعثر الاتفاقية النفطية المبرمة بين الجانبين، فالحكومة العراقية تقول إنها ترسل الميزانية للإقليم حسب النفط المصدر، وهذا مخالف للدستور، وحكومة الإقليم هي المتضررة الأولى من تلك الاتفاقية، لذا يجب عقد اتفاقية أخرى أو التوجه إلى خيارات أخرى، منها أن نبيع نفطنا بشكل مستقل، أو أن تتوجه لجنة وزارية من الإقليم إلى بغداد لعقد اتفاقية أخرى لحل المشكلات بين الجانبين، لكن برأيي الاتفاق الجديد أيضا لن ينجح، لأن هناك بعض الأطراف داخل التحالف الشيعي خاصة كتلة دولة القانون لن تسمح أبدًا بنجاح أي اتفاقية بين أربيل وبغداد، والحل الوحيد هو تطبيق الفيدرالية بشكل عملي في العراق من خلال تأسيس فيدراليات أخرى تتمثل في الإقليم السني وإقليم الفرات الأوسط وإقليم البصرة بالإضافة إلى إقليم كردستان، حيث تقوم هذه الفيدراليات ببيع نفطها بشكل مستقل، مع الاتفاق على الميزانية السيادية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.