الحكم بإعدام 24 متهمًا في «مجزرة سبايكر».. وتبرئة 4

ذوو الضحايا طالبوا بمحاكمة المالكي وكبار ضباطه

أب عراقي يبكي وهو يحمل صورة ابنه أحد ضحايا مجزرة سبايكر في قاعة محكمة الجنايات ببغداد أمس (أ.ب)
أب عراقي يبكي وهو يحمل صورة ابنه أحد ضحايا مجزرة سبايكر في قاعة محكمة الجنايات ببغداد أمس (أ.ب)
TT

الحكم بإعدام 24 متهمًا في «مجزرة سبايكر».. وتبرئة 4

أب عراقي يبكي وهو يحمل صورة ابنه أحد ضحايا مجزرة سبايكر في قاعة محكمة الجنايات ببغداد أمس (أ.ب)
أب عراقي يبكي وهو يحمل صورة ابنه أحد ضحايا مجزرة سبايكر في قاعة محكمة الجنايات ببغداد أمس (أ.ب)

بعد مرور سنة على ما عرف بـ«مجزرة سبايكر» التي راح ضحيتها أكثر من 1700 جندي ومتطوع من طلبة القوة الجوية في قاعدة «سبايكر» في محافظة صلاح الدين والتي نفذها تنظيم داعش في الثاني عشر من يونيو «حزيران» عام 2014 صبيحة سيطرته على مدينة تكريت (180 كلم شمال بغداد) أصدرت المحكمة الجنائية المركزية، أمس، حكما بإعدام 24 متهما شنقا لإدانتهم بحادثة سبايكر، فيما أفرجت عن أربعة آخرين لعدم ثبوت إدانتهم، بطلب من الادعاء العام.
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية عبد الستار بيرقدار في بيان له إن «المحكمة الجنائية أصدرت قرارا بإعدام 24 متهما شنقا لإدانتهم بحادثة سبايكر، بعد طلب من الادعاء العام». وأضاف أن «المحكمة أفرجت عن أربعة آخرين لعدم ثبوت إدانتهم». وكانت السلطة القضائية الاتحادية أعلنت أول من أمس عن إحالة 28 متهمًا بارتكاب جريمة «سبايكر» على محكمة الجنايات المركزية.
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين مشعان الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «من بين الذين تم الحكم عليهم بالإعدام هم ممن حضر الاجتماع الذي عقدته عائلة صدام حسين وقسم من أقربائهم من عشيرة البيجات بإعلان مبايعة (داعش) قبل دخولها محافظة صلاح الدين، وبالتالي فإن تنفيذ المجزرة من قبلهم حتى قبل يوم من دخول (داعش) مدينة تكريت كان جزء من هذا الولاء المسبق للتنظيم». ونفى الجبوري الذي كان قد كشف في تصريحات تلفازية مدعمة بأفلام فيديو عن أسماء المنفذين الحقيقيين لتلك المجزرة وفي مقدمتهم إبراهيم سبعاوي إبراهيم الحسن، ابن شقيق رئيس النظام السابق صدام حسين - نفى ما أشير عن إشراف رغد صدام حسين طبقا لما قاله أحد المتهمين ممن عرضت اعترافاتهم أول من أمس الاثنين قائلا إن «المعلومات الدقيقة التي أمتلكها تؤكد عدم حضور رغد صدام حسين إلى مكان العملية في القصور الرئاسية، حيث جرت عمليات الإعدام الجماعي وقد وثقناها في وقتها عن طريق مكتب قناة الشعب التي أملكها والتي لا يبعد مقرها أكثر من 100 متر من موقع الحادثة وأثبتت بالوقائع والأدلة أسماء المنفذين وصورهم يتقدمهم إبراهيم سبعاوي الحسن وبالتالي فإني في الوقت الذي أثق فيه بالقضاء أخشى أن تكون بعض الاعترافات قد انتزعت بالقوة لأسباب تتعلق بمساعي البعض بيع بطولات وهمية لكي يعطي للقصة أبعادا رمزية ليس أكثر».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن التحالف المدني الديمقراطي فائق الشيخ علي الذي شكل هيئة شعبية لمتابعة قضية سبايكر بالتعاون مع ذوي الضحايا في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مجريات المحكمة توفرت فيها كل عناصر الإدانة من عمليات التحقيق الجارية منذ شهور، حيث شهدت نوعين من التحقيقات إحداها أمام ضباط تحقيق والأخرى أمام قضاة التحقيق وحصل نوع من التطابق».
وحول ما إذا كان هؤلاء هم أبرز المتهمين قال الشيخ علي إن «هؤلاء الـ28 والذين أفرج عن أربعة منهم لكونهم أبرياء هم من مجموع 604 متهمين لكن قسمًا منهم قتلوا أثناء المواجهات مع الحشد الشعبي والقوات الأمنية في تكريت أو من قبل الأجهزة المختصة أثناء عمليات المطاردة وفي مقدمتهم إبراهيم سبعاوي، عادًا مقتلهم «كان خطأ كبيرًا» حيث كان يتوجب اعتقالهم وتسليمهم إلى القضاء لكي ينالوا جزاءهم.
وردًا على سؤال فيما إذا كان أهالي الضحايا قد شعروا أن العدالة أخذت مجراها بالاقتصاص من قاتلي أبنائهم قال الشيخ علي إن «ذوي الضحايا أكدوا خلال وجودهم في قاعة المحكمة أنهم ولكي يشفى غليلهم تمامًا، فإنهم يطالبون بإحالة من تسبب بمجزرة سبايكر من السياسيين والعسكريين وفي مقدمة من طالبوا بمحاكمته رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وقائد العمليات في صلاح الدين علي الفريجي، فضلاً عن علي غيدان وعبود كنبر ومهدي الغراوي».
في سياق ذلك، أكد الخبير القانوني طارق المعموري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المحكمة الجنائية المركزية تعتمد في إصدار أحكامها سواء بالإدانة والإفراج بناء على أدلة دامغة تتضمن اعترافات مفصلة وتطابق في أقوال المتهمين خلال مراحل التحقيق». وحول ما إذا كان الحكم على المتهمين المباشرين كافيًا قال المعموري إن «هذا لا يكفي، بل يتطلب الأمر محاكمة السياسيين الذين سهلوا دخول (داعش) لكي يتحقق بالفعل مفهوم العدالة».
وحصلت «الشرق الأوسط» على قائمة بأسماء المدانين بالإعدام وعددهم 24 شخصًا والأربعة الذين أفرج عنهم وهم «أحمد حميد، وحيدر نعمة، وأحمد حسن محمود، ويونس علي حمد». أما المدانون بالإعدام فهم قحطان مشعل، وماهر هادي، وإبراهيم بدري إبراهيم، وصادق صالح قصير، وياسر رافد، وسيف سعد الجبوري، وعلي عبد الله الجبوري، ومحمود باسل محمد الجبوري، وسلطان محمد سليمان الجبوري، ونسيم علي عبده الجبوري، وحمزة علي مزبان الناصري، وعبد الكريم سلطان الجبوري. وسلطان مزهر، وباسل علي سلطان الجبوري، وجبير رشيد جبير الدليمي، وسنان صبري حسن الدليمي، وأحمد خالد لطيف الكبيسي، وحميد عبد الله حسين العجيلي، وبشار صبار محمود الدوري، ومحمد حمادي رحيم البازي، وحسين محمود حسين صالح، وأحمد إبراهيم صالح الدوري، وطالع خليل أحمد، ومروان إبراهيم المشهداني.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.