باحثون يكتشفون آلية مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية

باحثون يكتشفون آلية مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية
TT

باحثون يكتشفون آلية مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية

باحثون يكتشفون آلية مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية

اكتشف باحثون للتو الآلية التي تمكن البكتيريا من تجنب المضادات الحيوية؛ حيث ان موهبة البكتيريا المزعجة في تطوير المقاومة ضد المضادات الحيوية تشكل تهديدًا صحيًا سريع النمو. وهذه القدرة لها أصول قديمة وتسمح للعدوى البكتيرية المقاومة للأدوية مثل MRSA (نوع من البكتيريا يقاوم العديد من المضادات الحيوية المستخدمة على نطاق واسع) والسيلان بقتل 1.3 مليون شخص على مستوى العالم كل عام؛ حتى أن هذه الجراثيم الخارقة تجد طريقها إلى الحيوانات كالدلافين والدببة.
ويمكن للميكروبات الخادعة سرقة الجينات من بعضها البعض وتمرير تكتيكات مقاومة المضادات الحيوية بسرعة؛ إذ تشمل استراتيجياتها تعطيل المضادات الحيوية مباشرة ومنع المضادات الحيوية من التراكم في أنظمتها أو تغيير أهداف المضادات الحيوية بحيث لا تعود الأدوية فعالة.
وبفضل الإفراط باستخدام المضادات الحيوية جزئيًا، تراكمت تكتيكات مقاومة متعددة للجراثيم ما جعل علاجها صعبًا للغاية.
من أجل ذلك، يوضح الباحث تيموثي بارنيت بمعهد «تيليثون كيدز» للأمراض المعدية «هذا الشكل الجديد من المقاومة لا يمكن اكتشافه في ظل الظروف المستخدمة بشكل روتيني في مختبرات علم الأمراض، ما يجعل من الصعب جدًا على الأطباء وصف المضادات الحيوية التي تعالج العدوى بشكل فعال، ما قد يؤدي إلى نتائج سيئة للغاية وحتى الموت المبكر».
وفي هذا الاطار، اكتشف عالم الأحياء الدقيقة بالمعهد كاليندو رودريغو وزملاؤه هذه الآلية الجديدة أثناء التحقيق في كيفية استجابة المجموعة A Streptococcus للمضادات الحيوية؛ إذ عادة ما تسبب هذه البكتيريا التهاب الحلق والتهابات الجلد. كما أنها يمكن أن تؤدي إلى التهابات جهازية مثل الحمى القرمزية ومتلازمة الصدمة السامة، وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي، نقلا عن بحث نشرته مجلة Nature Communications العلمية.
ويوضح بارنيت «تحتاج البكتيريا إلى إنتاج حمض الفوليك الخاص بها لتنمو، وبالتالي تسبب المرض. تعمل بعض المضادات الحيوية عن طريق منع إنتاج حمض الفوليك لوقف نمو البكتيريا وعلاج العدوى. وعند النظر إلى مضاد حيوي يوصف بشكل شائع لعلاج عدوى البكتيريا العقدية من المجموعة أ، وجدنا آلية للمقاومة حيث أظهرت البكتيريا، لأول مرة على الإطلاق، قدرتها على أخذ الفولات مباشرة من مضيفها البشري عند منعها من إنتاجها. لذا فإن العقدية تكتسب حمض الفوليك المعالج بالفعل من خارج خلاياه. وهذه الجزيئات وفيرة في أجسامنا. وتتجاوز هذه العملية تمامًا عمل سلفاميثوكسازول، وهو مضاد حيوي يثبط تخليق الفولات داخل البكتيريا، ما يجعل الدواء غير فعال». لذلك حدد رودريغو والفريق جينًا واحدًا على الأقل متورطًا هو «thfT»؛ حيث يقوم بتشفير جزء من نظام حصاد الفولات (لا يختلف عن نظامنا، كما لا يمكننا أيضًا إنتاج حمض الفوليك ويجب أن نحصل عليه من طعامنا). فقد وجدت بكتيريا Streptococcus مع هذا الجين طريقة لامتصاص حمض الفوليك وتخريب سلفاميثوكسازول.
وفي المختبر، تستسلم المجموعة A Streptococcus للمضادات الحيوية سلفاميثوكسازول لأنها لا تحتوي على مصدر آخر يمكن الوصول إليه من حمض الفوليك.
في هذه الحالة، تكون البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية فقط عندما تسبب عدوى فعلية داخل أجسامنا. وهذا يعني أنه لا توجد طريقة سهلة لاكتشاف مقاومة المضادات الحيوية في مختبرات علم الأمراض حتى الآن.
وتشير الآلية الجديدة إلى أن مقاومة المضادات الحيوية أكثر تنوعًا بكثير مما أدركه الباحثون سابقًا. مؤكدة على الحاجة لإنشاء علاجات أكثر تنوعًا ضد البكتيريا.
وفي ذلك يقول بارنيت «لسوء الحظ، نشك في أن هذا مجرد غيض من فيض؛ لقد حددنا هذه الآلية في المجموعة A Strep، ولكن من المحتمل أن تكون مشكلة أوسع عبر مسببات الأمراض البكتيرية الأخرى. إن فهم هذه الآليات هو الخطوة الأولى نحو القدرة على اختبارها ومكافحتها من خلال وصف فئات أخرى من المضادات الحيوية بدلاً من ذلك».
ويشدد رودريغو «من المهم أن نبقى متقدمين بخطوة واحدة على تحديات مقاومة مضادات الميكروبات. وكباحثين، يجب أن نستمر في استكشاف كيفية تطور المقاومة في مسببات الأمراض وتصميم طرق تشخيص وعلاجات دقيقة وسريعة».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».