السودانيون يترقبون قرارات «تهيئة المناخ للاتفاق السياسي»

تشمل إطلاق المعتقلين السياسيين ووقف العنف ضد المتظاهرين

من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في الخرطوم (أ.ف.ب)
من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

السودانيون يترقبون قرارات «تهيئة المناخ للاتفاق السياسي»

من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في الخرطوم (أ.ف.ب)
من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في الخرطوم (أ.ف.ب)

يترقب السودانيون هذه الأيام، أن يعلن رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، قرارات لتهيئة المناخ تمهيداً لتوقيع اتفاق سياسي بين الجيش والمعارضة، لنقل السلطة إلى المدنيين خلال فترة انتقالية تقدر بنحو عامين وتنتهي بإجراء انتخابات «حرة ونزيهة»، لإكمال الانتقال إلى نظام ديمقراطي برلماني.
وتشمل إجراءات تهيئة المناخ إطلاق المعتقلين السياسيين ووقف العنف ضد المتظاهرين. وفي المقابل، وافقت غالبية الأطراف المشاركة في تحالف «الحرية والتغيير» على معظم مقترحات العسكريين على مشروع الدستور الانتقالي المقدم من نقابة المحامين، فيما تحفظ عدد محدود من مكونات التحالف على تلك التعديلات.
ووسط هذه الخطوات المتسارعة، من المنتظر أن يوقع الطرفان، العسكري والمدني، على «اتفاق إطاري» في غضون اليومين المقبلين، بعد أن وافق البرهان على اتخاذ قرارات لتهيئة المناخ السياسي لتوقيع الاتفاق الذي سيخرج السودان من أزمة الحكم التي يواجهها منذ أن تولى الجيش السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وقال قيادي بارز في «الحرية والتغيير» إن اجتماع المجلس القيادي للتحالف الذي عقد في الخرطوم مساء الخميس، بحث المقترحات المقدمة من المكون العسكري على مشروع الدستور الانتقالي وأجازها بموافقة الغالبية العظمي من مكوناته، ما عدا «حزب البعث العربي الاشتراكي»، الذي أبدى تحفظه على تلك المقترحات.

من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في الخرطوم (أ.ف.ب)

وأوضح المصدر أن المشاورات جارية بين التحالف وحزب البعث لإقناعه بتوقيع الإعلان السياسي والمشاركة في توقيع الاتفاق الإطاري، متوقعاً التحاقه بالتوقيع في غضون الأيام المقبلة. وأضاف: «كان من المقرر توقيع الاتفاق الإطاري اليوم (السبت)، لكن المشاورات الجارية مع (البعث)، أدت لتأخير التوقيع لوقت لا يتجاوز الاثنين المقبل».
وعقد في الليلة ذاتها اجتماع مشترك بين التحالف المعارض، والمكون العسكري، لبحث ترتيبات توقيع الاتفاق الإطاري، كما أن الطرفين اتفقا على إصدار قرارات تهيئ المناخ المواتي لتوقيع الاتفاق الإطاري، وعلى رأسها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ووقف العنف ضد المحتجين السلميين.
ونقلت فضائية «الشرق» عن مصادر عسكرية أمس، أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، سيصدر في غضون الساعات المقبلة، قرارات لتهيئة المناخ لتوقيع الاتفاق الإطاري، عقب اجتماع عقده القادة العسكريون مع «الحرية والتغيير».
وقال إنه من المتوقع أن يشهد يوم الاثنين المقبل، توقيع تحالفه وقوى مدنية وسياسية أخرى مع القادة العسكريين وثيقة اتفاق إطاري، يمهد الطريق لإنهاء الحكم العسكري، وتكوين مؤسسات حكم مدني كاملة، وإن بعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا وأحزاب وكتل أخرى، تعرف باسم «الكتلة الديمقراطية» رفضت الاتفاق، وقالت إنها لن تكون جزءاً من الاتفاق.
وتحت ضغوط شعبية ومحلية ودولية وإقليمية، توصل تحالف الحرية والتغيير إلى اتفاق مع القادة العسكريين، يستند على مشروع دستور انتقالي أعدته نقابة المحامين، وينص على تشكيل حكومة مدنية برئيس دولة مدني ورئيس وزراء مدني، ويذهب العسكريون إلى مجلس للأمن والدفاع يترأسه رئيس الوزراء، دون تدخل منهم في مستويات السلطة كافة.
وتوقع المصدر أن يثمر الاتفاق حكومة مدنية كاملة السلطات والصلاحيات، تمهد الطريق لانتقال ديمقراطي وانتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية المقررة بنحو عامين تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاق الإطاري. ويحظى الاتفاق المرتقب بتأييد دولي واسع، وقالت أطرافه إنها حصلت على تعهدات من المجتمع الدولي والوسطاء، بتقديم مساعدات اقتصادية عاجلة، تسهم في معالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد، واستعادة السودان لدوره ووجوده الدولي والإقليمي بمجرد تشكيل الحكومة الجديدة.
ونفى «الحرية والتغيير» تقارير صحافية تداولت ترشيحات أسماء لشغل منصبي رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء، أبرزها عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي لرأس الدولة، وأيضاً القيادي بالتحالف وعضو تجمع المهنيين طه عثمان، وكذلك وزير المالية السابق إبراهيم البدوي، ووزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري.
وقال المتحدث باسم التحالف، جعفر حسن، في تصريحات صحافية، إن «الحرية والتغيير» لم يتقدم، ولم يطرح فكرة شخص بعينه، وما يدور إشاعات تملأ وسائط التواصل. وأضاف: «الحرية والتغيير لم يتحدث مطلقاً عن شخصية بعينها في هذا الملف، لكنه اكتفى بتحديد مواصفات من يتولى منصب رئيس الوزراء، بأن تكون له مواقف واضحة وإسهامات واضحة في الثورة، وكفاءته السياسية والأكاديمية». وتابع: «لكن الشرط الأساسي هو الالتزام تجاه الثورة وقضاياها».
من جهة أخرى، تبرأ المجلس الأعلى لـ«نظارات البجا» - تنظيم أهلي في شرق السودان - من ناظر قبائل البجا محمد الأمين ترك ورئيس التنظيم، على خلفية الإعلان عن تسميته نائباً لرئيس «الكتلة الديمقراطية» المؤيدة للعسكريين، والمكونة من حركات مسلحة وأحزاب مساندة للعسكريين، واعتبره ممثلاً لنفسه و«خائناً» لقضية شرق السودان الذي يطالب أهله بإلغاء «مسار الشرق» ضمن اتفاقية سلام جوبا، فيما يتمسك بها حلفاؤه الجدد ويرفضون أي تعديلات عليها.
وأعلن المجلس في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» أمس، عدم مشاركته في أي تحالف، وقال إن المشاركين في تحالف «الكتلة الديمقراطية يمثلون أنفسهم ويبحثون عن مناصب سياسية أو تنفيذية»، مؤكداً تمسكه بعدم اعترافه بأي وثيقة أو إعلان لا يلغي مسار شرق السودان وإعلان منبر تفاوضي خاص به. وتوعد بالشروع في تصعيد شامل متدرج في كل مناطق شرق البلاد، دون أن يكون ذلك التصعيد منصة لإفشال المشروع الوطني، ويتضمن ذلك المسيرات السلمية والاحتجاجات ابتداء من العاشر من الشهر الحالي في كل أنحاء الإقليم.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الجزائر: المعارضة الإسلامية تدعو لـ «مصالحة شجاعة» وتحذر من «الانتقام»

اجتماع لقيادات «حمس» الإسلامية (إعلام حزبي)
اجتماع لقيادات «حمس» الإسلامية (إعلام حزبي)
TT

الجزائر: المعارضة الإسلامية تدعو لـ «مصالحة شجاعة» وتحذر من «الانتقام»

اجتماع لقيادات «حمس» الإسلامية (إعلام حزبي)
اجتماع لقيادات «حمس» الإسلامية (إعلام حزبي)

دعا حزب «حركة مجتمع السلم» الإسلامي الجزائري المعارض الرئيس عبد المجيد تبون إلى إطلاق «حوار شامل يفضي إلى مصالحة»، مشدداً على أن الجزائريين «تجاوزوا الحدود في رفض بعضهم البعض، كما بلغنا الذروة في تصنيف وإطلاق الأحكام العدائية»، في إشارة إلى وضع بعض الأفراد أو الجماعات في خانات جاهزة، ومغلقة، بناءً على مواقفهم السياسية، أو آرائهم، أو انتماءاتهم، ثم التعامل معهم على هذا الأساس دون نقاش، أو فهم للسياق.

وأكد نائب رئيس الحزب، المعروف اختصاراً بـ«حمس»، أحمد صادوق، في منشور طويل عبر الإعلام الاجتماعي، نشره الثلاثاء وتناول فيه الحاجة إلى «مصالحة وطنية شاملة وشجاعة»، أن «بعض المسؤولين، في مستويات مختلفة، ساهموا في إذكاء هذا الوضع (السيئ)، من خلال إجراءات، ومواقف تتطلّب المراجعة، والتصحيح»، من دون توضيح من يقصد، لكن يفهم من كلامه أنه يقصد تصريحات وتعليقات وزارية مرتبطة بالشأن العام، لم تلقَ التفاعل الإيجابي المرجو، وأثارت نقاشاً، وانتقادات واسعة على المنصات الرقمية. وينطبق الأمر هذا بشكل خاص على وزير التجارة الخارجية والداخلية.

أحمد صادوق (يمين) نائب رئيس «حركة مجتمع السلم» (إعلام حزبي)

ولفت صادوق إلى أن الرئيس أعلن في وقت سابق عن تنظيم «حوار وطني لمناقشة مختلف الملفات الوطنية»، حيث تعهد بتنفيذ المسعى نهاية سنة 2025، أو بداية 2026. وقال قيادي الحزب الإسلامي بهذا الخصوص: «مع اقتراب نهاية السنة، يبدو أن السياق الوطني والإقليمي بات مناسباً لإطلاق هذا الحوار الجامع، في ظل تحديات متسارعة تفرض المناقشة، والتشاور، وتبادل وجهات النظر، بما يخدم الوطن، والمواطن، ويُفضي إلى إجراءات تعزّز الأمن القومي، والوحدة الوطنية، والسيادة، والسكينة المجتمعية».

وبحسب صادوق: «ينبغي أن يكون للحوار رؤية واضحة، وثمرة مرجوة. وأعتقد أن أهم ما نحتاجه في هذه المرحلة تعميق التقارب بين الجزائريين، والتصالح فيما بينهم، وإعلان التوبة التامة عن خطاب الكراهية، ومنطق الانتقام... نحن بحاجة إلى آلية حوار معلنة، تهدف إلى استيعاب النقد الفوضوي المنتشر في الفضاءات العامة، والإلكترونية، بدل أن يتحوّل إلى قطيعة، أو عزوف جماعي يؤثر سلباً على الحياة السياسية».

«ارتفاع منسوب التذمر»

وفق المسؤول الثاني في «حمس»، فقد لوحظ في الفترة الأخيرة «ارتفاع منسوب التعبير عن الاستياء، وعدم الرضا الذي يتغذّى في الغالب من خطاب الكراهية، والتحريض، والتنمر، خاصة حين يترافق مع ضعف الاتصال المؤسساتي للسلطات، وعجزها عن التجاوب المسؤول مع القضايا المستجدّة المثيرة للجدل في الرأي العام». ولحل هذا الإشكال قال صادوق: «بالحوار نستعيد ثقة الجزائريين، الذين لا تزال آمالهم معلّقة على توجّهات وقرارات المسؤولين، الذين انتخبوهم، أو سلّموهم زمام أمورهم، منتظرين تحسّن أوضاعهم الاجتماعية، وتحقيق حقوقهم المشروعة في العيش الكريم، والخدمات المناسبة، والسكن اللائق، والعمل، والتداوي، والتربية الإيجابية لأبنائهم، والتمتع بالحريات، والمشاركة السياسية، والمجتمعية في بناء وطنهم، ونهضته، والعيش الآمن بعيداً عن الخوف من الحاضر، والمستقبل».

وتابع صادوق موضحاً أن الشعوب «تُقاد بالتحفيز، والعدالة، والكرامة، والنزاهة، أما الإكراه، والقمع، واستعمال منطق القوة فلا يُنتج إلا نفاقاً، وتملّقاً، وحقداً، سرعان ما ينفجر عند أول اضطراب»، لافتاً إلى أن الرئيس «فتح قنوات تواصل مع الأحزاب، واستقبل أغلبهم، ونظّم جلسة حوار وطني، لكنها لم تُفضِ إلى مخرجات عملية ملموسة».

جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

ونظم تبون «جلسات حوار وتشاور» مع الأحزاب السياسية بداية عام 2025، واستقبل قادة بعض الأحزاب مثل «التجمع الوطني الديمقراطي» و«حمس» و«جبهة المستقبل»، واستمع إلى انشغالاتهم. كما ترأس في مايو (أيار) 2024 اجتماعاً مع رؤساء الأحزاب السياسية الممثّلة في المجالس المنتخبة الوطنية، والمحلية، بهدف «تعزيز الحوار، والمشاركة في الشأن السياسي في إطار تنفيذ تعهداته الانتخابية بخصوص التشاور، والتواصل المنتظم مع الطبقة السياسية»، حسبما أوردته الصحافة.

وأوضح صادوق أن «الفرصة تبدو اليوم مواتية للرئيس عبد المجيد تبون لتتويج مسار العمل السياسي، بإطلاق مصالحة وطنية شاملة، وجامعة، حيث وجب على الجميع امتلاك الشجاعة لتقديم التنازلات اللازمة لنجاحها... مصالحة لا تستثني أحداً من أبناء الوطن في الداخل، والخارج، إلا من ثبت تورّطه في الخيانة العظمى، والعمالة، والفساد الكبير». في إشارة إلى معارضين في الخارج تتهمهم السلطات بـ«العمالة، والتبعية للأعداء»، خصوصاً انفصاليي «حركة الحكم الذاتي في القبائل» الذين يقيم معظمهم في فرنسا. كما يعني هذا الكلام بعض الناشطين السياسيين الذين تطالب الجزائر من دول غربية بتسليمهم، من بينهم ضابط الجيش سابقاً هشام عبود، واليوتيوبر أمير بوخرص.

اليوتيوبر المعارض أمير بوخرص (متداولة)

وشدد صادوق على إطلاق «مصالحة شجاعة تُعيد الاعتبار لفكرة التنازل المتبادل من أجل الوطن، وتؤسس لرؤية وطنية طويلة المدى، تستنهض الكفاءات، وتُعيد الأمل للشباب، وتُصلح البيئة الداخلية حتى تصبح جاذبة، وآمنة، ومستقرة»، مؤكداً أنه «كلما تأخرنا في ذلك، ازدادت تكلفة الاستدراك، وربما ضاعت فرص ثمينة قد لا يعيدها التاريخ».


محنة المهاجرين في موريتانيا تتفاقم بعد اتفاق «الأوروبي» لضبط الحدود

يضطر المهاجرون الوافدون إلى موريتانيا للاشتغال في وظائف صعبة بأجور هزيلة لتأمين رحلتهم السرية نحو أوروبا (رويترز)
يضطر المهاجرون الوافدون إلى موريتانيا للاشتغال في وظائف صعبة بأجور هزيلة لتأمين رحلتهم السرية نحو أوروبا (رويترز)
TT

محنة المهاجرين في موريتانيا تتفاقم بعد اتفاق «الأوروبي» لضبط الحدود

يضطر المهاجرون الوافدون إلى موريتانيا للاشتغال في وظائف صعبة بأجور هزيلة لتأمين رحلتهم السرية نحو أوروبا (رويترز)
يضطر المهاجرون الوافدون إلى موريتانيا للاشتغال في وظائف صعبة بأجور هزيلة لتأمين رحلتهم السرية نحو أوروبا (رويترز)

غادر مختار ديالو بلده مالي في عام 2015، وهو يحلم بالوصول إلى أوروبا بقارب من موريتانيا إلى جزر الكناري الإسبانية. لكن بعد مرور عقد من الزمن، وجد نفسه عالقاً في نواكشوط، يعمل لساعات طويلة في صناعة الطوب، محاولاً تفادي حملة الشرطة التي قلَّصت تدفق الزوارق الصغيرة غير النظامية، التي تقطع مسافة 970 كيلومتراً تقريباً خلال نحو ثمانية أيام.

حملة مكثفة ضد المهاجرين

يقول مهاجرون وجماعات حقوقية إن نشاط الشرطة في موريتانيا تصاعد بشكل كبير ومكثف، منذ توقيع البلاد اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي، مطلع العام الماضي، للحد من الهجرة غير النظامية. وقالت وزارة الداخلية الإسبانية إن قوات الأمن الموريتانية اعترضت نحو 13500 زورق في الطريق إلى جزر الكناري منذ بداية عام 2024، موضحة أن عدد الوافدين إلى الأرخبيل انخفض بنسبة 59 في المائة في عام 2025 حتى أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالعام السابق. وقد كشفت معلومات قدمتها الحكومة الموريتانية إلى منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن عدد مَن جرى ترحيلهم من موريتانيا زاد إلى المثلين... إلى نحو 28125 شخصاً في الأشهر الستة الأولى من عام 2025، مقارنةً بإجمالي عددهم العام الماضي.

المهاجر مختار ديالو مع أسرته الصغيرة (رويترز)

يقول ديالو (42 عاماً) في تصريحات لوكالة «رويترز» إن حملة الشرطة بدأت بعد شهر رمضان، في أواخر مارس (آذار) من العام الحالي. وأوضح أنه لا توجد زوارق تغادر الآن، وأن الشرطة ألقت القبض على العديد ممن عرفهم ورحَّلتهم، مضيفاً: «منذ أن بدأت الشرطة إعادة الناس إلى بلدانهم، أصبح كل شيء على غير ما يرام».

بدورها، تقول جماعات حقوق الإنسان إن كثيراً من المهاجرين يُرحَّلون دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ولم تردّ السلطات الموريتانية على طلب للتعليق. تأتي هذه الحملة عقب ثلاث زيارات من رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانتشيز، إلى نواكشوط خلال العامين الماضيين لبحث سبل وقف تدفقات المهاجرين السريين إلى جزر الكناري الإسبانية.

من زيارة سابقة لوفد إسباني إلى نواكشوط لبحث تدفقات الهجرة السرية إلى جزر الكناري (الشرق الأوسط)

ووفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر، انخفض عدد القوارب المقبلة من موريتانيا خلال العام وحتى 16 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي إلى 61 في المائة ليصل إلى 133 قارباً، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ويُعد الاتفاق مع موريتانيا نموذجاً آخر لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي في مراقبة الحدود مع دول العبور، إلى جانب اتفاقات مماثلة مع تونس ومصر.

في المقابل، كشفت المفوضية الأوروبية أن موريتانيا حصلت على 210 ملايين يورو (247 مليون دولار) لدعم إدارة الهجرة وتقديم مساعدات إنسانية للاجئين، إضافة إلى تعزيز فرص العمل وريادة الأعمال. وتُعد هذه أكبر مساهمة مالية، منذ بدء التعاون بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا قبل عقدين في ملف الهجرة.

معاناة المهاجرين في موريتانيا

يعمل ديالو ليلاً لمدة 15 يوماً في كل مرة بأحد المواقع على مشارف نواكشوط، وينام خلال النهار مع ثلاثة رجال آخرين في كوخ خشبي بسقف من الحديد المموّج على أسرَّة من الطوب يعدونها ليلاً لتجنب ارتفاع درجات الحرارة.

حملة مكثفة للشرطة الموريتانية لضبط المهاجرين السريين (رويترز)

يقول ديالو إنه مع استمرار حملات الشرطة، لا يزور زوجته وأطفاله الثلاثة في وسط العاصمة باستمرار، مؤكداً أنه لا يزال يحلم بأوروبا، لكن ضمان مكان على متن قارب صغير إلى جزر الكناري يكلف نحو 2700 دولار، في حين أن دخله اليومي لا يتعدى سبعة دولارات فقط. ورغم ذلك يؤكد أن العودة إلى مالي ليست خياراً مطروحاً «لأنه يمكننا هنا تدبير القليل من المال. أما هناك، فهناك حروب ولا توجد وظائف». (الدولار يساوي 0.8504 يورو). وتخوض الحكومة المالية التي يقودها الجيش حرباً ضد جماعة متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، تُعرف باسم «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين».

لاجئون فروا من بلدهم مالي نحو موريتانيا بعد تصاعد هجمات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المتشددة (أ.ب)

وعبَّر مراقبون عن مخاوفهم من أن تفرض هذه الجماعة سيطرتها على البلاد؛ فيما أوضح محمد لمين خطاري، مدير مرصد أطلس الساحل للهجرة، أن موريتانيا باتت تستضيف نحو 500 ألف مهاجر من مالي، يشكلون الآن أكبر مجموعة من المهاجرين بسبب الصراع.

تمويل أوروبي لوقف تدفقات المهاجرين

تقول لورين سايبرت، الباحثة في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، إن كثيراً من تمويل الاتحاد الأوروبي ذهب إلى تعزيز الحملة ضد المهاجرين، مضيفة: «عندما تغض الطرف، وتتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها تلك القوات، فهذا يعني في الأساس دفع الأموال لهذه الدول للقيام بأعمال قذرة». وسجل تقرير أعدته المنظمة في أغسطس (آب) عن المهاجرين أكثر من 70 حالة انتهاك لحقوق الإنسان، منها الضرب والتعذيب والاغتصاب من قبل قوات موريتانية. ولم ترد السلطات الموريتانية على طلب «رويترز» للتعليق على هذه الاتهامات، ولم يتسن للوكالة التحقق مما ورد في هذا التقرير بشكل مستقل.

جل الوافدين إلى موريتانيا يتخدون شواطئها طريقاً للعبور إلى أوروبا (أ.ف.ب)

ورداً على سؤال حول هذه التهم، قالت المفوضية الأوروبية إن حماية حقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء «محور تركيز جميع برامج الاتحاد الأوروبي الخاصة بالهجرة»، مؤكدة أنها تراقب برامجها من خلال التقارير الواردة من الشركاء وبعثات التحقق الميداني.

من جانبها، قالت وزارة الداخلية الإسبانية، في بيان، إن مدريد نشرت 40 من قوات الشرطة والحرس المدني في موريتانيا، مزودين بزوارق دورية بحرية وطائرة هليكوبتر ومركبات للطرق الوعرة، وطائرة مراقبة وسفينة عابرة للمحيط، مؤكدة أن قوات الأمن الإسبانية تمارس عملها دوماً «مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان».

مسألة وقت

يقول المالي موسى كولونجو إنه بالكاد تمكن من العمل سائقاً لمركبة أجرة، منذ أن بدأت الشرطة في اتخاذ إجراءات صارمة ضد المهاجرين. وكان موسى يأمل أن يكسب المال في موريتانيا ليدفع مقابل حجز مكان على متن قارب متجه إلى أوروبا، لكنه يجد نفسه الآن عالقاً هناك، وغير قادر على تحمل تكاليف مواصلة رحلته أو العودة إلى بلده، وأيضاً بسبب حملات الشرطة المكثفة. وبهذا الخصوص يقول كولونجو (38 عاماً): «إنهم في الشوارع كل يوم، يوقفون الجميع، حتى اللاجئين».

المهاجر المالي مختار ديالو بعد يوم طويل من العمل في مصنع لإنتاج الطوب (رويترز)

ومع توقُّف العبور من موريتانيا تقريباً، قال حسن ولد المختار، المحاضر في أنثروبولوجيا الهجرة بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية التابعة لجامعة لندن، إنها مسألة وقت فقط قبل أن تظهر مسارات بحرية للهجرة أشد خطورة، مؤكداً أن هناك بالفعل تقارير عن قوارب تنطلق من مناطق بعيدة، مثل جامبيا وغينيا وجنوب موريتانيا والسنغال. ووفقاً لبيانات «الصليب الأحمر»، فقد وصلت سبعة قوارب فقط إلى جزر الكناري من موريتانيا خلال الأشهر الستة الماضية، بينما وصل 21 قارباً من جامبيا وغينيا.


الأمم المتحدة: أكثر من ألف قتيل في هجوم «الدعم السريع» على مخيم للاجئين في أبريل

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: أكثر من ألف قتيل في هجوم «الدعم السريع» على مخيم للاجئين في أبريل

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الخميس، أنّ أكثر من ألف مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» خلال أبريل (نيسان) الماضي في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور السودانية.

وأشارت المفوضية، في تقرير، إلى «مجازر وعمليات اغتصاب وأعمال عنف جنسي أخرى وتعذيب وخطف» ارتُكبت خلال الهجوم الذي نفذته «قوات الدعم السريع» من 11 إلى 13 أبريل. وبحسب المفوضية «قُتل ما لا يقل عن 1013 مدنياً»، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وانقطعت الكهرباء عن مدن رئيسية في السودان، بينها الخرطوم وبورتسودان، ليل الأربعاء الخميس، إثر قصف جوي بمسيّرات استهدف محطة توليد كهرباء رئيسية في جنوب البلاد، وفق ما أفاد شهود عيان «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مسؤول في محطة توليد الكهرباء إن اثنين من عناصر الدفاع المدني قُتلا في أثناء محاولتهما إخماد حريق اندلع عقب الغارة الأولى التي اتهم «قوات الدعم السريع» بتنفيذها.

عائلات سودانية نازحة من الفاشر تتواصل مع عمال الإغاثة خلال توزيعهم الإمدادات الغذائية بمخيم العفد الذي أُنشئ حديثاً في الضبعة بولاية شمال السودان (أ.ب)

كما أفاد شهود برؤية ألسنة اللهب والدخان تتصاعد من مدينة عطبرة بولاية نهر النيل في شرق السودان، الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، الذي يخوض معركة مستمرة ضد «قوات الدعم السريع».

وأمس، قُتل 8 أشخاص بضربة نفّذتها طائرة مسيّرة في قرية في جنوب السودان، وذلك خلال فرارهم من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ 18 شهراً، ووقع الهجوم في قرية الكوركل على بعد نحو 50 كيلومتراً إلى الشمال من كادوقلي.

وقال شاهد عيان فرَّ مع النازحين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قصفت مسيّرة نازحين من كادوقلي في أثناء محاولتهم مغادرة المدينة عند وصولهم لقرية الكوركل». بعدما أحكمت سيطرتها على إقليم دارفور في غرب البلاد، تتركّز عمليات «قوات الدعم السريع» على إقليم كردفان الذي يضم 3 ولايات غنية بالنفط والذهب والتربة الخصبة. ومن شأن توسُّع سيطرة «قوات الدعم السريع» في مناطق دارفور وكردفان تقسيم السودان فعلياً إلى محورين شرقي وغربي، إذ تسيطر هذه القوات على غرب السودان وقسم من الجنوب، بينما يحتفظ الجيش بسيطرته على شمال البلاد وشرقها.

وتعاني كادوقلي من توقف شبكة الاتصالات وضعف الإنترنت. وقال مصدر في برنامج الأغذية العالمي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الوضع «سيئ للغاية»، مشيراً إلى أن كثيراً من السكان يحاولون مغادرتها، إلا أن الأوضاع الأمنية تجعل ذلك محفوفاً بالمخاطر. بين يومي الاثنين والثلاثاء، غادر 460 شخصاً كادوقلي وفق المنظمة الدولية للهجرة. ووصل نحو 1850 نازحاً من جنوب كردفان، غالبيتهم نساء وأطفال، في الأيام الـ10 الأخيرة إلى ولاية النيل الأبيض المجاورة الخاضعة لسيطرة الجيش، بعدما «فرّوا من هجمات قوات الدعم السريع على مناطق مدنية»، وفق ما أفاد مسؤول محلي، الأربعاء. أدّت هذه الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 إلى سقوط عشرات آلاف القتلى ونزوح الملايين، وتسبّبت بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، وفق الأمم المتحدة.