يستعيد الفنان المصري حسين فهمي ذكريات فيلمه «خلي بالك من زوزو» خلال عرض نسخته الجديدة التي قام مهرجان البحر الأحمر السعودي، بترميمها في دورته الثانية، ويقيم عرضاً خاصاً له ضمن برنامج «كلاسيكيات مرممة» يحضره فهمي مع الجمهور السعودي يوم الأحد 4 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ويقام في اليوم التالي للعرض جلسة حوارية معه يحاوره فيها أنطوان خليفة، مدير البرنامج العربي بالمهرجان، الذي يحتفي بمرور نصف قرن على إنتاج الفيلم (1972)، وأدت بطولته سعاد حسني، وحسين فهمي، وتحية كاريوكا، وسمير غانم، وشفيق جلال.
الفيلم الذي ألَّفه صلاح جاهين وأخرجه حسن الإمام، يعد من كلاسيكيات السينما المصرية، حيث تم اختياره ضمن قائمة أفضل مائة فيلم مصري، وتدور أحداثه حول الفتاة الجامعية «زينب عبد الكريم» التي تحصل على لقب الفتاة المثالية وتطمح لاستكمال تعليمها لتشق طريقها بعيداً عن مهنة والدتها الراقصة في شارع محمد علي. ترتبط «زوزو» بقصة حب مع «المخرج سعيد خالد»، الذي ينتمي لطبقة راقية، وتعيش صراعاً نفسياً بين شخصيتي «زينب» الطالبة الجامعية، و«زوزو» ابنة شارع محمد علي.
وأعرب الفنان حسين فهمي عن سعادته بعرض النسخة المرممة من الفيلم بمهرجان البحر الأحمر، وعدّ ذلك «تجربة ملهمة»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «فوجئت بهذا الاختيار الذي لا شك أنه أسعدني كثيراً لفيلم أعتز به للغاية، فقد استمر عرضه بالسينمات على مدى 53 أسبوعاً أي أكثر من عام، وهو ما لم يحدث لأي فيلم آخر على مدى تاريخ السينما المصرية، محققاً صدى كبيراً لدى الجمهور في كل الأماكن التي عُرض بها».
وعن كواليس ترشحه لدور البطولة بالفيلم يقول فهمي: «كنت خارج مصر، وفي طريق عودتي من مطار القاهرة إلى المنزل لفت انتباهي أفيش يحمل عنوان الفيلم فقط (خلي بالك من زوزو) واسم المخرج حسن الإمام، فتمنيت أن أكون بطله، وحدثت المفاجأة، فبمجرد وصولي إلى المنزل تلقيت اتصالاً هاتفياً من المنتج تاكفور أنطونيان وترشيحي للبطولة، وقد كان منتجاً كبيراً يختار أفلامه بدقة، وكانت بيننا ثقة متبادلة، وقد عملنا معاً في أفلام كثيرة».
ورغم مرور خمسين عاماً على إنتاج الفيلم فإن تفاصيل تصويره، لا تزال حية في ذاكرة بطله الذي يقول: «الفيلم مليء بالمواقف الجميلة والذكريات الرائعة، أتذكر أجواء التصوير كلها، وأغنية (يا واد يا تقيل) والنجاح الذي حققته، والعمل مع فريق عمل مميز ضم المخرج حسن الإمام، والشاعر والفنان صلاح جاهين، والنجمة سعاد حسني، فقد انعكست الروح الإيجابية بيننا على ما شاهده الجمهور عبر الشاشة».
ويفسر فهمي أسباب النجاح الجماهيري الكبير للفيلم بقوله: «لأن الجمهور كان يرى نفسه فيه، فهو فيلم تتعدد به الرؤى، فالبعض يراه فيلماً غنائياً استعراضياً، وهناك من يراه فيلماً سياسياً، ومن يراه فيلماً اجتماعياً، فهو فيلم تتعدد فيه القراءات ويحمل أبعاداً كثيرة بأسلوب محبب ويخاطب الجمهور بمختلف طبقاته وتوجهاته».
وبشأن مدى تأثير الفيلم على مسيرته كممثل، يقول فهمي: «كعمل ناجح لا بد أن يكون له تأثير على مسيرتي، لكنني منذ البداية لم تتغير اختياراتي ورفضت أن أحصر نفسي في قالب واحد، وذلك بحكم دراستي للسينما ودراستي المتخصصة في الإخراج، وأدرك ما أختاره، وقد كانت الشخصية جديدة عليَّ ودخلت قلوب الناس، وأعتز كثيراً به».
ويمثل فيلم «خلي بالك من زوزو» اللقاء الثاني الذي جمع بين فهمي وكل من المخرج حسن الإمام والفنانة سعاد حسني، وعن ذلك يقول: «التقيت المخرج حسن الإمام في فيلم (دلال المصرية)، ثم في (خلي بالك من زوزو)، والحقيقة أن حسن الإمام كان مخرجاً جماهيرياً جداً ويميل إلى الميلودرما في كل أعماله، وحظيت أفلامه بإقبال جماهيري لافت، أما سعاد حسني فقد قدمت معها فيلم (غرباء) للمخرج سعد عرفة، وكنا أصدقاء جداً، وهي ممثلة كبيرة، مثابرة جداً في عملها، لن تتكرر، وهذا شأن كل فنان ناجح لأن له سماته الخاصة على الشاشة، فلن يتكرر رشدي أباظة وكذلك هند رستم، وغيرهم من نجوم حققوا نجاحاً استثنائياً وضعهم في مكانة خاصة»، على حد تعبيره.
وامتد نجاح «خلي بالك من زوزو» إلى خارج مصر وشارك في مهرجانات كثيرة من بينها أنطاليا بتركيا، وطهران في إيران، حسب فهمي.
ويؤكد الناقد السينمائي المصري أشرف غريب، أن فيلم «خلي بالك من زوزو» يعد الأكثر نجاحاً في تاريخ السينما المصرية، فهو الفيلم الوحيد الذي تجاوز حاجز الخمسين أسبوعاً في عرضه، في وقت كانت أكثر الأفلام نجاحاً لا تتجاوز مدة عرضها 12 أسبوعاً، ولولا أجواء حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 التي تزامنت مع عرضه لامتد لفترة أطول»، مشيراً إلى «تعرض الفيلم لهجوم من بعض النقاد الذين استقبلوه استقبالا فاتراً، غير أن الجمهور لم يلتفت لذلك وراح يشاهد عملاً مكتمل الأركان ليصبح الفيلم أحد كلاسيكيات السينما المصرية وأكثر الأفلام جماهيرية على مدى مشوارها الطويل».
ويضيف غريب لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «توج هذا الفيلم حسين فهمي نجماً سينمائياً، إذ جاء بعد ثلاث سنوات تقريباً من ظهوره الأول على شاشة السينما في فيلم (دلال المصرية)، من إخراج حسن الإمام الذي رأى فيه وجهاً سينمائياً جديداً يدفع به لأدوار الفتى الأول على غرار نور الشريف ومحمود ياسين، الذين سبقاه بسنوات، وكان الإمام من المخرجين الذين يدفعون باكتشافاتهم، حيث كان دور ابن الطبقة الراقية ينادي حسين فهمي، فهو سيكون مقنعاً لكي تقع في حبه سعاد حسني، كما أن الشخصية التي يؤديها لا ترتبط بوسامته فقط، بل يقدم شخصية مخرج مسرحي، لديه كل أسباب الجاذبية للبطلة السندريلا، وقد تأكدت نجوميته بعد ذلك عندما اختاره الإمام بطلاً لفيلم (أميرة حبي أنا) عام 1974 أمام سعاد حسني».