غانا تصطدم بأوروغواي بعد 12 عاماً من لقائهما المثير للجدل في كأس العالم

كوريا الجنوبية تتمسك بالأمل الأخير في الصعود لدور الـ16 بمهمة صعبة أمام البرتغال

غانا تواجه أوروغواي في مباراة الفرصة الأخيرة والثأر (أ.ف.ب)
غانا تواجه أوروغواي في مباراة الفرصة الأخيرة والثأر (أ.ف.ب)
TT

غانا تصطدم بأوروغواي بعد 12 عاماً من لقائهما المثير للجدل في كأس العالم

غانا تواجه أوروغواي في مباراة الفرصة الأخيرة والثأر (أ.ف.ب)
غانا تواجه أوروغواي في مباراة الفرصة الأخيرة والثأر (أ.ف.ب)

بعد مرور 12 عاماً على مواجهتهما التاريخية، يتجدد الموعد بين منتخبي غانا وأوروغواي مرة أخرى في بطولة كأس العالم لكرة القدم، وذلك حينما يلتقيان في نسخة مونديال قطر 2022. ويلعب منتخبا غانا وأوروغواي اليوم في الجولة الثالثة الأخيرة لمباريات المجموعة الثامنة من مرحلة المجموعات في المونديال القطري على ملعب الجنوب. ويلتقي في المجموعة نفسها المنتخب البرتغالي مع نظيره الكوري الجنوبي. وبينما حجز منتخب البرتغال المقعد الأول لدور الـ16 عن تلك المجموعة منذ الجولة الماضية، في ظل تربعه على الصدارة برصيد 6 نقاط، محققاً العلامة الكاملة حتى الآن، فإنه يدور صراع آخر لنيل المقعد الآخر بين منتخبات غانا وأوروغواي وكوريا الجنوبية.
ويحتل منتخب غانا المركز الثاني في المجموعة برصيد 3 نقاط، في حين يحتل منتخبا كوريا الجنوبية وأوروغواي المركزين الثالث والرابع على الترتيب برصيد نقطة واحدة. ويأمل منتخب غانا، الذي يشارك في كأس العالم للمرة الرابعة في تاريخه، في اغتنام الفرصة التي أصبحت مواتية أمامه في الصعود للأدوار الإقصائية للمونديال للمرة الثالثة في تاريخه، بعدما حقق الإنجاز ذاته في نسختي 2006 و2010.
ويضمن الفوز لمنتخب غانا على أوروغواي الصعود للدور المقبل، بينما سيتعين عليه النظر لنتيجة المباراة الأخرى التي تجرى في التوقيت نفسه بالمجموعة بين منتخبي كوريا الجنوبية والبرتغال، حال سقوطه في فخ التعادل. وفي حال تعادل المنتخب الغاني وفوز كوريا الجنوبية، سوف يتساوى الفريقان في رصيد 4 نقاط، ليصبح فارق الأهداف، هو الذي سيحدد المنتخب الصاعد منهما للدور المقبل. وأحرز منتخب غانا 5 أهداف وتلقت شباكه مثلها بعد أول جولتين في المجموعة، بينما سجل منتخب كوريا الجنوبية هدفين واستقبل 3 أهداف.
من جانبه، يتعين على منتخب أوروغواي، المتوج باللقب عامي 1930 و1950، الفوز على نظيره الغاني، للصعود لدور الـ16 في المونديال للمرة الـ11 من إجمالي 14 مشاركة في كأس العالم، في انتظار نتيجة اللقاء الآخر بين البرتغال وكوريا الجنوبية. وفي حال فوز منتخب أوروغواي وتعثر منتخب كوريا الجنوبية أمام البرتغال، سواء بالتعادل أو الخسارة، سيصل حينها المنتخب اللاتيني إلى رصيد 4 نقاط، محتلاً المركز الثاني في ترتيب المجموعة، ومن ثم يصعد للدور المقبل.

أوروغواي تتطلع لتجنب الخروج المبكر المهين من كأس العالم (رويترز)

أما في حال انتصار منتخبي أوروغواي وكوريا، فسوف يتساويان في رصيد 4 نقاط، ليحسم فارق الأهداف المنتخب المتأهل من بينهما، علماً بأن المنتخب اللاتيني لم يسجل حتى الآن وتلقت شباكه هدفين. وفي حال تعادل أو خسارة منتخب أوروغواي أمام غانا، فيعني ذلك وداعه البطولة مبكراً رسمياً دون انتظار نتيجة المباراة الأخرى. ويعيد هذا اللقاء إلى الأذهان مواجهة المنتخبين في دور الثمانية بنسخة البطولة عام 2010 بجنوب أفريقيا، حينما حقق منتخب أوروغواي فوزاً مثيراً للجدل بركلات الترجيح على حساب المنتخب الغاني. وشهدت المواجهة الوحيدة بين المنتخبين في المونديال واقعة ما زالت ماثلة في أذهان جماهير كرة القدم، حيث انتهى الوقت الأصلي بالتعادل 1 – 1، ليلعب الفريقان وقتاً إضافياً مدته نصف ساعة مقسمة بالتساوي على شوطين. وفي الدقيقة الأخيرة من الشوط الرابع، منع لويس سواريز نجم منتخب أوروغواي هدفاً لغانا، بعدما أبعد بيده ضربة رأس من دومينيك أدييا، من على خط المرمى، ليقرر حكم المباراة طرد مهاجم المنتخب اللاتيني واحتساب ركلة جزاء للمنتخب الغاني.
وأهدر أسامواه جيان، نجم منتخب غانا في ذلك الوقت، ركلة الجزاء وسط احتفالات صاخبة من سواريز، ليستمر التعادل في الوقت الإضافي ويحتكم المنتخبان لركلات الترجيح، التي ابتسمت في النهاية لمنتخب أوروغواي، الذي حرم المنتخب الغاني من أن يصبح أول منتخب أفريقي يبلغ الدور قبل النهائي في كأس العالم. ورغم ذلك، أكد أوتو أدو، مدرب منتخب غانا، أن فريقه لن يسعى للانتقام من أوروغواي، حيث شدد على أن تلك الذكرى المؤلمة لن تقدم حافزاً إضافياً لفريقه. وأكد أدو أنه «رجل لا يفكر كثيراً في الماضي ولا يريد تذكر تلك الواقعة. لدي إيمان كامل بأنني سوف أحصل على المزيد من النعم إذا كنت لا أسعى للانتقام».
واستعاد منتخب غانا الكثير من بريقه في المونديال خلال النسخة الحالية، فرغم خسارته 2 - 3 أمام منتخب البرتغال في الجولة الافتتاحية بالمجموعة، لكنه كان نداً حقيقياً لرفاق النجم كريستيانو رونالدو، وكان قريباً من خطف نقطة التعادل على أقل تقدير، لولا سوء الحظ الذي لازم لاعبيه في الكثير من الفرص التي سنحت لهم. وواصل المنتخب الغاني تألقه في المونديال، بعدما اقتنص انتصاراً مثيراً 2 - 3 من بين أنياب منتخب كوريا الجنوبية في الجولة الثانية، ليحيي آماله بشدة في الصعود للدور المقبل. وكان الفوز على كوريا الجنوبية هو الرابع في تاريخ منتخب غانا بالمونديال، مقابل 3 تعادلات و5 هزائم، علماً بأنه أول انتصار للمنتخب الملقب بالنجوم السوداء على أحد المنتخبات الآسيوية. من جانبه، بدا منتخب أوروغواي بعيداً تماماً عن مستواه في تلك البطولة، رغم امتلاكه العديد من النجوم الكبار المحترفين بأندية الصفوة في أوروبا مثل فيديريكو فالفيردي، نجم ريال مدريد الإسباني، وداروين نونيز، جناح ليفربول الإنجليزي، والمخضرم إدينسون كافاني، مهاجم فالنسيت الإسباني. وافتتح منتخب أوروغواي مشواره بالتعادل بدون أهداف في مباراته الأولى بالبطولة أمام كوريا الجنوبية، قبل أن يخسر صفر - 2 أمام منتخب البرتغال في الجولة الثانية. وطالب دييغو ألونسو، المدير الفني لأوروغواي، لاعبيه بضرورة تحسن الأداء أمام غانا، حيث قال: «سنغير خطة اللعب تماماً في اللقاء المقبل، لأنه لا يوجد أمامنا سوى الفوز للتأهل». وأضاف ألونسو: «يتعين علينا أن نلعب بشكل أسرع من أجل هز الشباك في لقاء غانا، وأن نحاول صنع الفرص بصورة أكبر».

الكوري تشو غو سونغ قدماه تعرفان طريق الشباك (أ.ف.ب)  -  فيرنانديز ورونالدو لتحقيق أحلام البرتغال (إ.ب.أ)

كوريا الجنوبية - البرتغال
يسعى منتخب كوريا الجنوبية لاقتناص بطاقة الصعود لدور الـ16 في نهائيات كأس العالم في قطر، حينما يلتقي مع منتخب البرتغال اليوم. ويخوض منتخب البرتغال المباراة بأعصاب هادئة، بعدما حسم التأهل للأدوار الإقصائية منذ الجولة الماضية، حيث يتربع على الصدارة برصيد 6 نقاط، إثر فوزه في أول جولتين، لينحصر الصراع على بطاقة الصعود الثانية بتلك المجموعة بين منتخبات كوريا الجنوبية وغانا وأوروغواي.
ويأمل منتخب كوريا الجنوبية، الذي يشارك في المونديال للمرة الـ11 في تاريخه، في الحصول على تذكرة التأهل الثانية عن تلك المجموعة، رغم صعوبة المهمة التي تنتظره، حيث يحتل المركز الثالث برصيد نقطة واحدة، بفارق الأهداف أمام منتخب أوروغواي، متذيل الترتيب، الذي يمتلك الرصيد نفسه من النقاط، في حين يوجد منتخب غانا في المركز الثالث برصيد 3 نقاط. وربما يلعب فارق الأهداف العام، التي يتم اللجوء إليه حال تساوي منتخبين أو أكثر في رصيد النقاط وفقاً للائحة البطولة، دوراً مهماً في تحديد المنتخب الثاني الصاعد من المجموعة لدور الـ16 برفقة منتخب البرتغال.
وأحرز منتخب غانا 5 أهداف وتلقت شباكه مثلها، بينما سجلت كوريا الجنوبية هدفين واستقبلت 3 أهداف، وعجز منتخب أوروغواي عن هز الشباك في أول جولتين، ومني مرماه بهدفين. ويتعين على المنتخب الكوري الفوز على نظيره البرتغالي، في انتظار نتيجة المباراة الأخرى التي تقام في التوقيت نفسه بالجولة ذاتها بين منتخبي غانا وأوروغواي. وفي حال فوز كوريا الجنوبية وانتهاء المباراة الأخرى بالتعادل، سوف يتعادل المنتخب الآسيوي مع غانا في رصيد 4 نقاط، ليحتكم المنتخبان إلى فارق الأهداف وفقاً للائحة البطولة، لتحديد الفريق المتأهل.
أما في حال انتصار المنتخب الكوري ومنتخب أوروغواي، فسوف يتساوى المنتخبان في رصيد 4 نقاط أيضاً، ليتم اللجوء أيضاً إلى فارق الأهداف، للتعرف على صاحب المركز الثاني في المجموعة. أما في حال اجتياز كوريا الجنوبية عقبة المنتخب البرتغالي، وانتصار غانا على أوروغواي، فسوف يعني خروج الشمشون الكوري من المسابقة، في ظل تأخره في رصيد النقاط عن منتخب النجوم السوداء. وبطبيعة الحال، فإن تعادل أو خسارة كوريا الجنوبية أمام البرتغال، سوف يتسبب في خروج الفريق رسمياً من البطولة، دون النظر للقاء الآخر.
وكان منتخب كوريا الجنوبية بدأ مشواره في المجموعة بالتعادل بدون أهداف مع منتخب أوروغواي، قبل أن يخسر 2 - 3 أمام نظيره الغاني في الجولة الماضية.
وسيتعين على البرتغالي باولو بينتو، المدير الفني لمنتخب كوريا الجنوبية، مشاهدة مباراة فريقه الحاسمة ضد منتخب بلاده من المدرجات، بعدما تلقى بطاقة حمراء عقب انتهاء مباراة الفريق ضد غانا، لاقتحامه أرض الملعب واحتجاجه بشكل عنيف ضد الحكم الإنجليزي أنتوني تايلور، الذي أدار المباراة، لإطلاقه صافرة النهاية قبل تنفيذ ركلة ركنية للمنتخب الكوري. ورغم ذلك، رفع بينتو راية التحدي قبل مواجهة البرتغال، حيث قال: «سنحاول التحضير للقاء بأفضل طريقة ممكنة، بالتأكيد لن تكون مباراة سهلة، ضد فريق جيد للغاية، لكنني آمل أن يسير كل شيء على ما يرام». وشدد بينتو: «سنبذل قصارى جهدنا، لقد أدركنا أنها مجموعة صعبة حقاً، بالطبع ليس الأمر سهلاً الآن بالنسبة لنا، لكننا سنحاول حتى النهاية».
أما المنتخب البرتغالي، فمن المرجح ألا يدفع فرناندو سانتوس، مدرب الفريق بجميع أوراقه الرابحة في المباراة، من أجل إراحة نجومه قبل خوض غمار الأدوار الإقصائية، التي يتطلع المنتخب الملقب ببرازيل أوروبا في المضي قدماً بها. ويكفي منتخب البرتغال، الذي يعد أحد 3 منتخبات حصلت على العلامة الكاملة في أول جولتين بمرحلة المجموعات برفقة منتخبي فرنسا والبرازيل، الحصول على نقطة التعادل لإنهاء مشواره في المجموعة وهو متربعاً على الصدارة، وملاقاة وصيف بطل المجموعة السابعة في دور الـ16، وظهر المنتخب البرتغالي بمستوى متوسط خلال فوزه 2 - 3 على نظيره الغاني، في الجولة الافتتاحية، قبل أن يتحسن الأداء نسبياً في المباراة الأخرى، خلال انتصاره 2 - صفر على منتخب أوروغواي.


مقالات ذات صلة

«آر دبليو. إن آر إكس» يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

رياضة سعودية الفريق التركي تألق بشكل واضح في البطولة (الشرق الأوسط)

«آر دبليو. إن آر إكس» يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

لفت الفريق التركي «آر دبليو. إن آر إكس» الأنظار في مرحلة «سوڤايڤر ستيج» ضمن منافسات «ببجي موبايل».

لولوة العنقري (الرياض)
رياضة سعودية النجم البرازيلي لنادي الهلال السعودي استمتع بوقته وآزر الفرق البرازيلية المنافسة في كأس العالم (الشرق الأوسط)

نيمار يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

تواجد النجم البرازيلي ولاعب نادي الهلال السعودي نيمار، السبت، في سيف أرينا ببوليفارد رياض سيتي، وحضر منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية ملعب سانتياغو بيرنابيو مرشح لاستضافة مونديال 2030 (إ.ب.أ)

ملعبا ريال مدريد وبرشلونة مرشحان لاستضافة مونديال 2030

اقترح الاتحاد الإسباني لكرة القدم 11 ملعبا لاستضافة مباريات كأس العالم 2030... بينها ملاعب أندية ريال مدريد وبرشلونة وأتليتيكو مدريد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية غراهام بوتر (د.ب.أ)

بوتر يرفض الحديث عن ترشيحه لتدريب إنجلترا

تفادى غراهام بوتر، مدرب سابق لفريقي تشيلسي وبرايتون، التحدث عن التكهنات التي تربط اسمه بتولي تدريب المنتخب الإنجليزي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية لُعبت الأربعاء 7 مواجهات بنظام الإقصاء (الشرق الأوسط)

«كونتر سترايك» تشعل منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية

انطلقت، الأربعاء، منافسات بطولة «كونتر سترايك 2» ضمن فعاليات كأس العالم للرياضات الإلكترونية والتي يتنافس فيها 15 من نخبة فرق العالم على لقب البطولة.

لولوة العنقري (الرياض) هيثم الزاحم (الرياض)

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
TT

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)

حققت الأفغانية مانيزها تالاش حلمها بالأداء خلال مسابقات «أولمبياد باريس 2024» المقامة في العاصمة الفرنسية، ضمن فريق اللاجئين، بعد هروبها من قبضة «طالبان».

وترقص تالاش (21 عاماً) «بريك دانس»، وكانت أول راقصة معروفة في موطنها الأصلي (أفغانستان)، لكنها فرَّت من البلاد بعد عودة «طالبان» إلى السلطة في عام 2021. ومع ظهور رقص «البريك دانس» لأول مرة في الألعاب الأولمبية في باريس، ستصعد تالاش إلى المسرح العالمي لتؤدي ما هي شغوفة به.

وتقول تالاش في مقابلة أُجريت معها باللغة الإسبانية: «أنا أفعل ذلك من أجلي، من أجل حياتي. أفعل ذلك للتعبير عن نفسي، ولأنسى كل ما يحدث إذا كنت بحاجة إلى ذلك»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

ترقص تالاش «بريك دانس» وهي في عمر السابعة عشرة (حسابها الشخصي - إنستغرام)

شبح «طالبان»

يرفض العديد من الأفغان المحافظين الرقص، وفكرة مشاركة النساء محظورة بشكل خاص. وفي ظل حكم «طالبان»، مُنعت النساء الأفغانيات فعلياً من ممارسة العديد من الأنشطة الرياضية. منذ عودة الجماعة إلى السلطة قبل 3 سنوات، أغلقت الحكومة مدارس البنات، وقمعت التعبير الثقافي والفني، وفرضت قيوداً على السفر على النساء، وحدَّت من وصولهن إلى المتنزهات وصالات الألعاب الرياضية.

مقاتل من «طالبان» يحرس نساء خلال تلقي الحصص الغذائية التي توزعها مجموعة مساعدات إنسانية في كابل (أ.ب)

وقال تقرير للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان هذا العام إن «عدم احترام (طالبان) للحقوق الأساسية للنساء والفتيات لا مثيل له في العالم». منذ اليوم الذي بدأت فيه تالاش الرقص، قبل 4 سنوات، واجهت العديد من الانتقادات والتهديدات من أفراد المجتمع والجيران وبعض أفراد الأسرة. وقالت إنها علمت بأنها إذا أرادت الاستمرار في الرقص، فليس لديها خيار إلا الهروب، وقالت: «كنت بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة».

فريق اللاجئين

سيضم الفريق الذي ظهر لأول مرة في ألعاب «ريو دي جانيرو 2016»، هذا العام، 36 رياضياً من 11 دولة مختلفة، 5 منهم في الأصل من أفغانستان. وسيتنافسون تحت عَلَم خاص يحتوي على شعار بقلب محاط بأسهم، للإشارة إلى «التجربة المشتركة لرحلاتهم»، وستبدأ الأولمبياد من 26 يوليو (تموز) الحالي إلى 11 أغسطس (آب). بالنسبة لتالاش، التي هاجرت إلى إسبانيا، تمثل هذه الألعاب الأولمبية فرصة للرقص بحرية، لتكون بمثابة رمز الأمل للفتيات والنساء في أفغانستان، ولإرسال رسالة أوسع إلى بقية العالم.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

وفي فبراير (شباط) الماضي، تدخلت صديقة أميركية لتالاش، تُدعي جواركو، بالتقديم إلى عناوين البريد الإلكتروني الأولمبي لمشاركة الفتاة الأفغانية، وفي اليوم التالي، تلقت رداً واحداً من مدير فريق اللاجئين الأولمبي، غونزالو باريو. وكان قد تم إعداد فريق اللاجئين المتوجّه إلى باريس، لكن المسؤولين الأولمبيين تأثروا بقصة تالاش وسارعوا إلى تنسيق الموارد. وافقت اللجنة الأولمبية الإسبانية على الإشراف على تدريبها، وكان المدربون في مدريد حريصين على التطوع بوقتهم.

وقال ديفيد فينتو، المدير الفني للمنتخب الإسباني: «شعرت بأنه يتعين علينا بذل كل ما في وسعنا. في شهر مارس (آذار)، حصلت تالاش على منحة دراسية، مما سمح لها بالانتقال إلى مدريد والتركيز على الاستراحة. وبعد بضعة أسابيع فقط، وصلت الأخبار بأنها ستتنافس في الألعاب الأولمبية». يتذكر جواركو: «لقد انفجرت في البكاء، وكانت تبتسم».

وقالت تالاش: "كنت أبكي بدموع الفرح والخوف".وجزء من مهمة الألعاب الأولمبية المعلنة هو "دعم تعزيز المرأة في الرياضة على جميع المستويات" وتشجيع "مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة". ولهذا السبب، كانت العلاقة بين الحركة الأولمبية وأفغانستان مشحونة منذ فترة طويلة. وقامت اللجنة الأولمبية الدولية بتعليق عمل اللجنة الأولمبية في البلاد في عام 1999، وتم منع أفغانستان من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني.

شغفها حقق هدفها

لم يغِب عن تالاش أن موسيقى «البريك» و«الهيب هوب»، المحظورة في موطنها، أعطتها هدفاً لحياتها، وساعدت أيضاً في إنقاذ عائلتها. وقالت: «هذا أكبر بكثير من أي حلم حلمت به من قبل أو حتى يمكن أن أفكر فيه»، مضيفة: «إذا قالت (طالبان) إنها ستغادر في الصباح، فسوف أعود إلى منزلي بعد الظهر».

ويحكي جواد سيزداه، صديق تالاش وزعيم مجتمع «الهيب هوب» في كابل: «إذا سألت الأجانب عن أفغانستان، فإن الشيء الوحيد الذي يتخيلونه هو الحرب والبنادق والمباني القديمة. لكن لا، أفغانستان ليست كذلك». وأضاف: «أفغانستان هي تالاش التي لا تنكسر. أفغانستان هي التي أقدم فيها بموسيقى الراب، ليست الحرب في أفغانستان وحدها».

وعندما كانت تالاش في السابعة عشرة من عمرها، عثرت على مقطع فيديو على «فيسبوك» لشاب يرقص «بريك دانس» ويدور على رأسه، في مشهد لم يسبق لها أن رأت شيئاً مثله. وقالت: «في البداية، اعتقدت أنه من غير القانوني القيام بهذا النوع من الأشياء». ثم بدأت تالاش بمشاهدة المزيد من مقاطع الفيديو، وأصابها الذهول من قلة الراقصات. وأوضحت: «قلتُ على الفور: سأفعل ذلك. أنا سوف أتعلم».

وقامت بالتواصل مع الشاب الموجود في الفيديو (صديقها سيزداه) الذي شجعها على زيارة النادي المحلي الذي تدرب فيه، والذي كانت لديه محاولة لتنمية مجتمع «الهيب هوب» في كابل، ولجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة جميع الأعمار والأجناس للرقص وموسيقى الراب. كان هناك 55 فتى يتدربون هناك. كانت تالاش الفتاة الأولى.

وقال سيزداه (25 عاماً): «إذا رقص صبي، فهذا أمر سيئ في أفغانستان وكابل. وعندما ترقص فتاة، يكون الأمر أسوأ. إنه أمر خطير جداً. رقص الفتاة أمر غير مقبول في هذا المجتمع. لا توجد إمكانية لذلك.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

كنا نحاول أن نجعل الأمر طبيعياً، لكنه كان صعباً للغاية. لا يمكننا أن نفعل ذلك في الشارع. لا يمكننا أن نفعل ذلك، كما تعلمون، في مكان عام»، وفقا لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

كانت تالاش أول فتاة تنضم إلى نادي الرقص «Superiors Crew» في كابل.

تهديدات بالقتل

بعد استيلاء «طالبان» على السلطة، فرَّ أعضاء النادي إلى باكستان. وفي أحد الأحداث الجماعية الأولى للفريق في النادي الصغير، انفجرت سيارة مفخخة في مكان قريب. ووقعت إصابات في الشارع، لكن الراقصين بالداخل لم يُصابوا بأذى. ومع انتشار أخبار بأن تالاش كانت ترقص، بدأت تتلقى تهديدات بالقتل.

مقاتل من «طالبان» يقف في الحراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل يوم 26 ديسمبر 2022... وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المزدادة على حقوق المرأة بأفغانستان (أ.ب)

كان من المفترض أن يكون النادي مكاناً آمناً، ولكن في أحد الأيام دخل رجل مدعياً أنه راقص يريد التعلم. وبدا مريباً لباقي الأعضاء، ووفقاً لتالاش وسيزداه، سرعان ما داهمت قوات إنفاذ القانون النادي، وألقت القبض على الرجل الذي كان يحمل قنبلة. قال سيزده: «إنهم قالوا إنه عضو في (داعش). لقد أراد فقط أن يفجِّر نفسه».

رحلة الهروب للنجاة!

وبعد بضعة أشهر من الواقعة، غادرت قوات «حلف شمال الأطلسي» والجيش الأميركي أفغانستان، وعادت «طالبان» إلى السلطة في 2021، وقال سيزداه إن مالك العقار اتصل به وحذره من العودة، وإن الناس كانوا يبحثون عن أعضاء الفريق، وقال سيزداه: «هناك أسباب كثيرة» للمغادرة. «الأول هو إنقاذ حياتك».

وقام العشرات من أعضاء نادي «الهيب هوب» بتجميع ما في وسعهم وتحميلهم في 3 سيارات متجهة إلى باكستان. أخذت تالاش شقيقها البالغ من العمر 12 عاماً، وودعت والدتها وأختها الصغرى وأخاً آخر.

وقالت تالاش: «لم أكن خائفة، لكنني أدركت أنني بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة. كان هذا مهماً بالنسبة لي. لم أغادر قط لأنني كنت خائفة من (طالبان)، أو لأنني لم أتمكن من العيش في أفغانستان، بل لأفعل شيئاً، لأظهر للنساء أننا قادرون على القيام بذلك؛ أنه ممكن». اضطرت تالاش إلى ترك والدتها في أفغانستان، وتحقق الحلم الأولمبي ولم شمل الأسرة.

لمدة عام تقريباً، عاشوا بشكل غير قانوني في باكستان دون جوازات سفر وأمل متضائل. لم يشعروا بالأمان في الأماكن العامة، لذلك قضى 22 شخصاً معظم اليوم محشورين معاً في شقة. لم يكن هناك تدريب أو رقص. تلقت تالاش كلمة مفادها أن مسؤولي «طالبان» اتصلوا بوالدتها في كابل للاستفسار عن مكان وجود الفتاة الصغيرة. وقالت: «أحياناً أتمنى أن أنسى كل ذلك»، ثم تواصل أعضاء نادي «الهيب هوب» مع السفارات ومجموعات المناصرة والمنظمات غير الحكومية للحصول على المساعدة. وأخيراً، وبمساعدة منظمة إسبانية للاجئين تدعى People HELP، تم منحهم حق اللجوء في إسبانيا.

انقسم الفريق، وتم نقل تالاش وشقيقها إلى هويسكا، وهي بلدة صغيرة في شمال شرقي إسبانيا. كانت لديها وظيفة تنظيف في صالون محلي، ورغم عدم وجود استوديو أو نادٍ مخصص للاستراحة، فقد وجدت صالة ألعاب رياضية تسمح لها بالرقص بعد ساعات العمل. بعد سنوات من الانفصال، تم لم شمل تالاش وعائلتها أخيراً حيث يعيشون الآن في نزل للاجئين بمدريد.