غياب أكثرية تفرض مرشحها يمنع مجدداً انتخاب رئيس لبناني

وزير مقرب من فرنجية لا يستبعد توافقاً مع «القوات»

نبيه بري افتتح جلسة البرلمان التي فشلت في انتخاب رئيس أمس (إ.ب.أ)
نبيه بري افتتح جلسة البرلمان التي فشلت في انتخاب رئيس أمس (إ.ب.أ)
TT

غياب أكثرية تفرض مرشحها يمنع مجدداً انتخاب رئيس لبناني

نبيه بري افتتح جلسة البرلمان التي فشلت في انتخاب رئيس أمس (إ.ب.أ)
نبيه بري افتتح جلسة البرلمان التي فشلت في انتخاب رئيس أمس (إ.ب.أ)

يراوح الاستحقاق الرئاسي مكانه منذ أكثر من شهرين، رغم مرور شهر على الشغور في سدة الرئاسة اللبنانية؛ حيث فشل البرلمان، أمس (الخميس)، للمرة الثامنة، بانتخاب رئيس في ظل تشظي الخيارات، وغياب توافق على اسم، تتقاطع حوله أغلبية نيابية توصله إلى الرئاسة.
ويحتاج المرشّح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين، أي 86 صوتاً للفوز. وتصبح الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتاً من 128 هو عدد أعضاء البرلمان. وعلى غرار كل أسبوع، انعقدت الدورة الأولى بحضور أكثرية الثلثين، قبل أن ينسحب نواب ليطيحوا بالنصاب في الدورة الثانية، وهو تكتيك يتبعه «حزب الله» وحلفاؤه، فيما لا يملك أي فريق سياسي أكثرية برلمانية تخوّله فرض مرشحه.
واقترع 52 نائباً بورقة بيضاء، فيما حصل النائب ميشال معوض، المدعوم من «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، على 37 صوتاً. وحدّد رئيس البرلمان موعداً لجلسة جديدة، الخميس المقبل.
وانتقد النائب عن حزب «القوات اللبنانية» أنطوان حبشي في مستهل الجلسة تكرار السيناريو ذاته في كل جلسة انتخاب، قائلاً إنّ «التعطيل ليس حقاً مكتسباً والممارسات التي تحصل تضع مجلس النواب خارج إطار دوره». وتوجّه لرئيس مجلس النواب نبيه بري قائلاً: «القصة عندك لتطبيق الدستور، وخصوصاً أن جزءاً من المعطلين هم أقرب المقربين إليك، ونتمنى عليك دعوة النواب إلى البقاء في المجلس لتطبيق الديمقراطية». لكن بري ردّ على مداخلة حبشي بالقول: «أنا أكثر الناس حرصاً على انتخاب رئيس للجمهورية (أمس قبل اليوم)، وهذا الكلام لا يُوجه لي».
وأعاد معوض تراجع أصواته عن الدورة الماضية إلى خسارة صوتين، كانا يؤيدانه بعد قرار المجلس الدستوري بإبطال نيابة نائبين، وتعيين اثنين مكانهما في الأسبوع الماضي، إضافة إلى خسارة 3 أصوات أخرى، مشيراً إلى أن «الصراع بالمجلس واضح بغضّ النظر عن رقم الأصوات، والنتيجة ليست كافية لخلق ميزان قوة حقيقي».
وقال معوض، في تصريح من مجلس النواب، بعد فقدان نصاب الدورة الثانية، إنه «في الجلسات يحصل طلاق مع الدستور ومع الشعب اللبناني، فهناك انفصام كامل بين جزء من المجلس النيابي وما يعيشه اللبنانيّون، ولا نستطيع الاستمرار بهذه الطريقة». واعتبر أن «المؤسسات الدستورية لا تعبّر عن متطلبات الشعب اللبناني»، لافتاً إلى أنه «في المجلس هناك حالة من الانفصام؛ مسرحيات، تطيير نصاب، أوراق بيضاء، حالة هزلية».
وأضاف: «إذا هناك حل وطريقة بديلة نحن مستعدون، ولكن بالشعارات لا نصل إلى رئيس إصلاحي وسيادي، وإذا طُرح أي رئيس سيادي إصلاحي يُشكّل إمكانية لجمع المعارضة أو لتأمين النصاب، فأنا مستعدّ، شرط ألا يكون رئيساً غير قادر على التغيير، فالمعيار الأساسي هو المواطن اللبناني». كما كشف عن «أننا نقوم بحوار جدّي مع تكتل (لبنان الجديد) الذي (يضم 7 نواب) للتوصّل إلى اتفاق على خريطة طريق بشأن الاستحقاق الرئاسي، وأؤكّد أنّنا أصبحنا في مرحلة متقدّمة».
وتعارض كتل رئيسية، بينها «حزب الله»، القوة السياسية والعسكرية الأبرز، معوّض المعروف بقربه من الأميركيين، وتصفه بأنه مرشح «تحدٍّ»، داعية إلى التوافق سلفاً على مرشح قبل التوجه إلى البرلمان لانتخابه.
وينقسم البرلمان اللبناني بين 3 توجهات رئيسية، أولها دفع حزبي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» وحلفائهما باتجاه انتخاب النائب ميشال معوض رئيساً، فيما يدفع «حزب الله» و«حركة أمل» باتجاه انتخاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، بينما يرفض «التيار الوطني الحر» الخيارين السابقين، وأقفل الباب حول طروحات حليفه «حزب الله» لانتخاب فرنجية؛ حيث لم تصل المحادثات بين رئيس التيار النائب جبران باسيل وفرنجية إلى مستوى مطالبة باسيل بالاستحواذ على مراكز مسيحية في الدولة، مقابل السير بفرنجية رئيساً، حسب ما قال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، المقرب من فرنجية.
وقال مكاري، في حديث لتلفزيون لبنان الرسمي، إن فرنجية «أقوى مرشح رئاسي، كونه يحظى بإجماع على المستوى الوطني»، واتّهم النائب باسيل بتعطيل الانتخابات الرئاسية، من خلال موقفه من فرنجية. وقال: «على باسيل أن يعرف ماذا يريد من الرئاسة، ونحن نريد أن نعرف منه في المقابل إذا كان مرشحاً رئاسياً أم لا»، معتبراً أنّ حركته الخارجية توحي بطموح رئاسي، فيما اسمه غير مطروح.
ورأى مكاري أن الجبهة «رايقة» بين «المردة» و«القوات»، واعتبر رداً على سؤال حول احتمالات تصويت «القوات» لفرنجية، أنّه لا شيء مستبعد رئاسياً، مذكّراً بدعم الأخيرة للعماد ميشال عون في العام 2016 رغم استبعاد ذلك في وقت سابق، واعتبر أنّ أي توافق رئاسي بين «المردة» و«القوات» لن يكون في حال حصل شبيهاً بـ«اتفاق معراب» الذي قسّم الحصص مناصفة بين «القوات» و«التيار»، وقال إن «سليمان فرنجية ليس من جماعة الاتفاقات المكتوبة لأنّ كلمته كلمة». كما اعتبر أن مواقف رئيس «الاشتراكي» وليد جنبلاط الرئاسية «أقرب إلى الفريق المؤيّد لفرنجية، منها إلى الفريق الآخر»، وقال إن صوته لا يزال عند معوّض لأنّ الصورة لا تزال ضبابية.
على ضفة «التيار الوطني الحر»، اعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب جيمي جبور أن «الاسم لن يكون وليد قرار من التيار وحده، بل اتفاق بين السلطة السياسية»، لافتاً إلى أن «خيارنا حالياً الورقة البيضاء إلى حين وجود اسم جدي، فخيار طرح بارود أو غيره لم نلجأ إليه، لأن الحرق واللعب بالأسماء غير مطلوب في هذه المرحلة»، مطالباً بـ«التباحث على اسم لرئيس جمهورية، له صفة تمثيلية معطاة له وصلاحيات دستورية»، مشيراً إلى أن «التنسيق والتواصل مع (حزب الله) موجود، ولو كان هناك اختلاف بوجهات النظر».
في المقابل، أوضح عضو كتلة «الكتائب» النائب إلياس حنكش أن «الفريق الآخر يُخبّئ خلافاته الداخليّة بورقة بيضاء»، مشيراً إلى أن «انتخاب الرئيس لا يكون بالتوافق، بل بالانتخاب والتفاهم المبني على باطل، أوصل البلاد إلى ما هي عليه».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».