هل ينعكس استهداف قيادات «داعش» على تحركات التنظيم؟

بعد مقتل ثلاثة منذ 2019

عائلات أشخاص متهمين بالانتماء إلى «داعش» لدى الخروج من مخيم «الهول» شرق سوريا (الشرق الأوسط)
عائلات أشخاص متهمين بالانتماء إلى «داعش» لدى الخروج من مخيم «الهول» شرق سوريا (الشرق الأوسط)
TT

هل ينعكس استهداف قيادات «داعش» على تحركات التنظيم؟

عائلات أشخاص متهمين بالانتماء إلى «داعش» لدى الخروج من مخيم «الهول» شرق سوريا (الشرق الأوسط)
عائلات أشخاص متهمين بالانتماء إلى «داعش» لدى الخروج من مخيم «الهول» شرق سوريا (الشرق الأوسط)

أثار الإعلان عن مقتل زعيم «داعش» أبو «الحسن الهاشمي القرشي»، تساؤلات بشأن تحركات التنظيم المقبلة بعد استهداف قياداته، ودلالة مقتل ثلاثة من قيادات التنظيم خلال 3 سنوات منذ 2019، وموقف الأفرع الخارجية من مبايعة الزعيم الجديد.
وأُعلن (مساء الأربعاء) مقتل «أبو الحسن الهاشمي» في عملية نفّذها الجيش السوري الحر بمحافظة درعا جنوب سوريا. وفي فبراير (شباط) الماضي أعلنت الولايات المتحدة مقتل زعيم «داعش» الأسبق «أبو إبراهيم القرشي» خلال غارة ‏جوية على شمال إدلب غرب سوريا. كما قُتل الزعيم الأسبق «أبو بكر البغدادي» خلال ضربة أميركية في إدلب شمال غربي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019.
ووفق الباحث المصري في الحركات الإسلامية والإرهاب أحمد سلطان، فإن «تنظيم (داعش) تعرض لأكبر حملة لاستهداف قيادته على مدار السنوات الماضية، وخسر تقريباً قادة الصف الأول بالكامل، وحتى الصف الثاني تعرض لخلخلة كبيرة، فحالة الفراغ القيادي التي حدثت في التنظيم بعمليات استهداف قادته أدت إلى ضعفه، وتحوله إلى مجموعات تعمل بشكل لا مركزي بصورة أكبر».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيم نجح سابقاً وما زال ينجح في البقاء والتكيف مع الضربات التي يتلقاها، سواء هذه الضربات كانت في مقتل قادته، أو في الهزائم والخسائر التي تلقاها وطرده من مناطق ومعاقل نشاطه، لذا فإن (داعش) يبقى تهديداً للأمن العالمي والإقليمي، رغم أنه يتعرض لانكسارات وهزائم وتراجعات على مدار الفترة الماضية»، موضحاً أن «التنظيم سيبقى ينشط بصورة تجمع ما بين النمط المركزي واللامركزي في القيادة، وسيحاول تعويض خسائره، وسوف يحاول زعيمه الجديد أن يُثبت أنه هو الأكفأ للقيادة، عن طريق توجيه مفارز التنظيم بشن هجمات، ومهاجمته مقرات الاحتجاز التي يوجد داخلها عناصر (داعش) لتعويض النقص في صفوفه».
ومني «داعش» الذي سيطر في 2014 على مناطق واسعة في سوريا والعراق، بهزيمة أولى في العراق في 2017 ثم في سوريا 2019، وخسر كامل مناطق سيطرته، إلا أن «بعض عناصره المتوارين لا يزالون يشنون هجمات محدودة في البلدين»، حسب مراقبين.
وقال سلطان إن «مقتل زعيم (داعش) بمثابة (نكسة معنوية) كبيرة للتنظيم، خصوصاً أن الزعيم السابق كان صاحب المدة الأقصر في (زعامة التنظيم)، وهذا يعني أن التنظيم غير قادر على تأمين قياداته، وأن قياداته يُقتلون بشكل سريع، فضلاً عن أن مقتل زعيم (داعش) له دلالة تتعلق بأن التنظيم يخالف الأسس التقليدية للفكر الجهادي الذي يتبناه، بمعنى أن الفكر الجهادي يرى أن (الزعيم) لا يكون مجهولاً، ولا بد من إعلان شخصيته حتى تصح ولايته أو إمارته، و(داعش) بدعوى الضرورات الأمنية، يقوم بإخفاء شخصيات القادة، حتى إن (أبو الحسن القرشي) لم يكن يُعرف أنه قُتل، رغم أنه قُتل قبل شهر ونصف».
وكشفت القيادة المركزية للجيش الأميركي أن «(أبو الحسن القرشي) قُتل في منتصف أكتوبر الماضي». وقال المتحدث باسم القيادة المركزية (سنتكوم) جو بوتشينو، في بيان، إن «العملية نفّذها الجيش السوري الحر بمحافظة درعا جنوب سوريا». ووفق تقارير فإن «أبو الحسن» فجّر نفسه بعد أن حاصره مقاتلون محليون مع مساعديه بمدينة جاسم السورية. وترددت أنباء في مايو (أيار) الماضي، بإلقاء القبض على زعيم التنظيم زيد العراقي المكنى «أبو الحسن القرشي» بعملية أمنية نُفِّذت في إسطنبول.
وكان المتحدث باسم «داعش»، أبو عمر المهاجر، قد أعلن تنصيب (أبو الحسين الحسيني القرشي) زعيماً للتنظيم. ويشير مصدر مطلع على تحركات «داعش» لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «(أبو الحسين الحسيني القرشي) من مجلس شورى أبو الحسن الهاشمي، وحضر أكثر من معركة مع التنظيم في العراق وسوريا».
ولفت الباحث المصري في الحركات الإسلامية والإرهاب، إلى أن «سبب تعجيل التنظيم بإعلان اسم زعيمه الجديد أن منشقين عن التنظيم أشاعوا مقتل (أبو الحسن)، وظهرت حالة من البلبلة داخل التنظيم، حتى إنه أطلق في وقت سابق عبر منصاته بيعة لـ(أبو الحسن) رغم أنه كان مقتولاً، وعندما زادت الأنباء حول مقتله اضطر إلى للإعلان، من أجل الحفاظ على تماسكه الداخلي، وعدم حدوث انشقاقات أو انقسامات، وحشد الأفرع الخارجية خلف الزعيم الجديد، خوفاً من تشظي وانقسام أفرعه، لذا عجل بإعلان زعيمه الجديد، حتى يحشد الجميع خلفه ويدعو لبيعته، ويردد أنه من قدامي (الجهاديين) ومن أبناء (داعش)». وذكر أن «مقتل ثلاثة قيادات لـ(داعش) خلال ثلاث سنوات، يؤشر إلى عدد من المشكلات الهيكلية التي يعاني منها التنظيم، منها اختراق واضح للقيادة، وضعف الجانب الأمني في التنظيم لتأمين قياداته، بدليل أنه في 8 أشهر قُتل (أبو الحسن) و(أبو إبراهيم)».
وفقد «داعش» الكثير من قيادات الصف الأول خلال الأشهر الماضية. ويقول المصدر المطلع إنه «في أكتوبر الماضي قُتل أبو علاء الأموي في ضربة نفّذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة شمال سوريا وهو من أبرز خمسة قادة في التنظيم، كما قُتل في نفس الضربة أبو معاذ القحطاني وكان مسؤولاً عن شؤون السجناء، كما قُتل أبو عبد الرحمن العراقي المعروف بـ(سيف بغداد) في نفس الشهر، وقد شغل مواقع قيادية في التنظيم».
ولم يستبعد أحمد سلطان أن تكون هناك خلافات حول الزعيم الجديد، قائلاً إن «هناك خلافات بالفعل؛ لكن التنظيم يحاول تجاهلها وإخفاءها، وربما بعض الأفرع لا تبايع الزعيم الجديد». لكنه عاد وأكد أنه «في الأغلب سوف تسارع الأفرع إلى إعلان البيعة، لأن التنظيم يربط البيعة بالدعم؛ إلا أن هذا لا ينفي أن تحدث بعض الانشقاقات».


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.