فيينا... مدينة العظمة والبهاء

فيها يمتزج الماضي بالحاضر

مدينة الموسيقى والفن الرفيع (شاتر ستوك)
مدينة الموسيقى والفن الرفيع (شاتر ستوك)
TT

فيينا... مدينة العظمة والبهاء

مدينة الموسيقى والفن الرفيع (شاتر ستوك)
مدينة الموسيقى والفن الرفيع (شاتر ستوك)

كانت هذه المدينة عاصمة الإمبراطورية النمساوية - المجرية، وهو ما يفسر وجود العديد من القلاع والقصور. فيينا مدينة زاخرة بالتاريخ بقدر ما يصل إليه خيالك. من الدلائل على ذلك ظهور عربة يقودها رجل أنيق يرتدي قبعة، ويوجه حصانين أسودين ضخمين، لينقلني فورًا إلى الماضي.
يستطيع زوار المدينة من خلال وسيلة النقل هذه مشاهدة قصور ودور أوبرا تمثل جزءا من صورة راقية تتمتع بها فيينا. يوجد في المدينة متحف عامر بالعربات الإمبراطورية، التي يتجاوز عدد أنواعها المائة نوع، ويقع داخل قصر شونبرون.
مع ذلك لا يقتصر كل ما في المدينة على التاريخ، فهي بلا شك واحدة من أجمل المدن في أوروبا، وفي الوقت ذاته مدينة عصرية يتعايش فيها التصميم العصري مع التاريخ. يمكنك اكتشاف التصميم في شوارعها من خلال المتاحف العديدة، وقاعات العرض الفنية، وأيضًا اللافتات، وبطبيعة الحال من خلال المباني ذاتها.
إضافة إلى ذلك، يعدّ مستوى المعيشة في فيينا من أعلى مستويات المعيشة في أوروبا. ويشعر المرء هنا باحترام الآخرين والمدينة بطبيعة الحال، فلن ترى أي شخص، حتى إذا كان من السائحين، يعبر الشوارع عندما تكون الإشارة باللون الأحمر. يعطي هذا انطباعا بأنها مدينة مثالية ذات نظام منضبط.


رحلات على متن عربات تجرها الأحصنة في وسط فيينا

دور الأوبرا
تشتهر فيينا عالميًا بوجود دار الأوبرا بها. وقد تم افتتاح دار أوبرا فيينا عام 1869 بأوبرا من تأليف فولفغانغ أماديوس موتسارت، المؤلف الموسيقي الشهير. لقد صمد هذا المبنى، الذي يكتسي ديكوره الداخلي باللونين الأحمر والذهبي بشكل معتدل، أمام القصف خلال الحرب العالمية الثانية وظل باقيًا إلى اليوم. وتعدّ الأوبرا شاهدًا حيًا آخر على تاريخ النمسا وما قدمته إلى الإنسانية من إسهامات. يتم تقديم عروض الأوبرا اليوم بلغاتها الأصلية، وتتسع لـ2280 مقعدا. الأسعار منخفضة جدًا بالنظر إلى العروض التي يتم تقديمها والطبيعة البديعة للأماكن. يبلغ أعلى ثمن تذكرة في أفضل المسارح نحو 200 يورو، ويتم تقديم أرقى وأشهر عروض الأوبرا. كذلك يحظى فن الباليه بانتشار واسع، ولا يزال يحظى بشعبية كبيرة، حيث يتم تقديم العديد من العروض أسبوعيًا.
يمكنك القيام بجولة داخل أوبرا الدولة بست لغات، وتستطيع زيارة المستويات المنخفضة من خشبة المسرح والتي تشغل عدة طوابق تحت الأرض، حيث يتم إعداد المشاهد المتعددة. يمكن تغيير كل خلفية في وقت قياسي يبلغ 20 دقيقة. سواء كنت ممن يستمتعون بالموسيقى الكلاسيكية أم لا، يمثل الاستمتاع بالأوبرا في فيينا جزءا أساسيا من أي زيارة.

قصر «شونبرون»
قد يبدو هذا المبنى، الذي تمت إعادة تصميمه في القرن الثامن عشر، متواضعًا بالنظر إلى التاريخ الذي شهده. ما يجذب الانتباه حقًا هو حجمه، فعليك أن تسير لمدة تزيد على عشر دقائق من البوابات حتى تدخل القصر الذي يضم أكثر من ألف غرفة.
بمجرد دخولك إلى القصر، تبدأ اكتشاف ثراء وأهمية عائلة هابسبورغ المالكة في تاريخ أوروبا وقلب الإمبراطورية النمساوية - المجرية التي امتدت عبر بولندا ورومانيا والمجر وإيطاليا. هناك اعتقاد أن هذا القصر كان القصر المفضل للملكة ماريا تيريزا، التي يتم رواية قصة حبها خلال الجولة، والتي أنجبت 16 طفلا.
لم يكن هذا القصر جزءا من الحياة اليومية لعائلة هابسبورغ، بل كان يتم استخدامه فقط عند إقامة مآدب رسمية خلال فصل الصيف. حالة الغرف جيدة إلى حد كبير رغم أنه قد تم ترميم أو استبدال بعض قطع الأثاث والمفروشات. يستقبل هذا القصر، بما فيه من غرف باهرة رسمية الطابع وأجزاء أكثر تواضعًا من المبنى أيضًا، 4 ملايين زائر سنويًا.
إلى جانب المبنى الباهر، الحدائق جميلة وتكتسب في الصيف ألوانًا تغذي الحس والشعور، إلى جانب ما تحتويه من زهور عطرة فوّاحة.
سوف تندهش إذا ما عرفت أنك تستطيع الإقامة هنا إن أردت ذلك، وكان لديك ما يكفي من المال، حيث يحتوي هذا القصر على 400 شقة للإيجار.

الاستمتاع بالأعمال الفنية لغوستاف كليمت في صالة عرض «بيلفيدير»

ربما لا تكون هذه المجموعة من أعمال كليمت هي الأكبر، لكنها دون أدنى شك مجموعة من أهم أعماله وأكثرها تميزًا، حيث تضم عملا له بعنوان «ذا كيس» «القبلة». قبل بدء الجولة لمشاهدة لوحات الفنان النمساوي الغنية بالألوان والمشاعر والتفاصيل، يوجد صندوق للملصقات يعلن عن وجود كنز، وهو لوحة «القبلة» التي تم رسمها عام 1908، وهي صورة جميلة مليئة بالأمور المجهولة غير المحددة، ويظهر فيها زوجان وسط خلفية ذهبية اللون.
الأمر المثير للانتباه في هذا المعرض هو أنه يسمح بالتعرف على موهبة كليمت ورحلته الفنية الزاخرة بالألوان من خلال ستة أعمال كبيرة على الأقل. تعبر اللوحات هنا عن جمال الطبيعة وغنية بالألوان. إذا ما اقترب المرء فلن تبدو تفاصيل اللوحات مثالية، لكنها تبدو جميلة عن بعد.
هذا المتحف مميز للغاية بفضل حجمه الهائل. توجد الأعمال في قصر «آبر بيلفيدير»، والذي كان أيضًا من مقرّات إقامة العائلة المالكة.

كاتدرائية القديس ستيفن
أو ستيفانسدوم

إن حجمها هائل مثل كل شيء في فيينا تقريبًا لدرجة أنه يمكن رؤيتها من أي مكان في المدينة. يبلغ طول الكاتدرائية 137 مترا وهي عبارة عن مبنى على الطراز القوطي ولها برج مدبب الشكل. لون المبنى استثنائي ومميز، خاصة السطح الذي تم بناؤه باستخدام 250 ألف بلاطة من القرميد تتلألأ في ضوء الشمس من مسافة بعيدة، مما يظهر درجات لونية مختلفة في الصور الملتقطة لها.
جزء كبير من تاريخ فيينا محفوظ هنا نظرًا لوجود رفات أفراد العائلة المالكة بها، ولأنها كانت أيضًا المكان الذي شهد زفاف موتسارت.
الطعام المألوف في فيينا غير معروف عالميًا، لكن يوجد أمام الزائرين مئات الخيارات من صنوف الطعام سواء كانت من المطبخ النمساوي أو العالمي. كذلك يظهر تأثير إيطاليا، الدولة التي تحد البلاد من الجهة الجنوبية، في كثير من المطاعم الموجودة في المدينة.
إضافة إلى ذلك تنتشر الأزقة الضيقة في أنحاء المدينة والتي يمكن للمرء أن يكتشف فيها دومًا متجرا مريحا للنفس يجد فيه هدية رائعة أو قطعة فنية قديمة. لا تنس أيضًا زيارة ساعة فيينا والتي تعد هي الأخرى من أهم المعالم التاريخية لمدينة من أجمل وأروع مدن العالم.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.