الرحّالة الأردني عبد الرحيم العرجان: «درب البدو» بسيناء ملهم

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يسعى لنشر ثقافة المسير وسياحة المغامرة

فريق الرحلة مع أصدقاء مصريين التقوا بهم في الطريق (الشرق الأوسط)
فريق الرحلة مع أصدقاء مصريين التقوا بهم في الطريق (الشرق الأوسط)
TT

الرحّالة الأردني عبد الرحيم العرجان: «درب البدو» بسيناء ملهم

فريق الرحلة مع أصدقاء مصريين التقوا بهم في الطريق (الشرق الأوسط)
فريق الرحلة مع أصدقاء مصريين التقوا بهم في الطريق (الشرق الأوسط)

لم يكن الرحّالة الأردني عبد الرحيم العرجان مصمِّماً فقط على خوض مغامرة سفر مثيرة، حين قرر قطع مسار «درب البدو» (مسافة 200 كم) في سيناء بمصر سيراً على الأقدام، بل كان مُصراً أيضاً على خوض رحلة سياحية توثيقية، وترْك مخزون من الذكريات والمعلومات والصور التي سيضيفها لأرشيفه، وكتابه الذي سيصدره قريباً.

وبعد تدريب وإعداد خاص لقطع مسافات طويلة كهذه، اجتاز العرجان سيناء ضمن «الدرب النبطي التاريخي»، المتقاطع مع طريق المحمل المصري البري، وذلك عبر الطريق المعروف بـاسم «درب البدو»، انطلاقاً من نويبع وصولاً إلى منطقة «الطور» على خليج السويس، ومروراً بثلاث محميات طبيعية تحت إدارة الحكومة المصرية، وهي طابا، ونبق، وسانت كاترين.

مسار «درب البدو» يقع خارج حدود المدنية ويتمتع بالعزلة التامة (الشرق الأوسط)

وشملت الرحلة المرور بعدد من الأودية، وعبور شقوق وممرات، واجتياز كثبان رملية، مع التخييم الذاتي، والحصول في بعض الأحيان على دعم لوجيستي من أبناء العشائر البدوية على طول الطريق. وتأتي المغامرة في إطار اهتمام الرحالة الأردني بالسفر، وقطع مسافات طويلة سيراً على الأقدام، حيث يعد السفر بحسب قوله «تجربة يتعرف خلالها على الإرث التاريخي، والتراث بشقيه المادي والمعنوي، فضلاً عن تنمية العلاقات بين البلدان، واكتساب الجديد من المعرفة».

يُشار إلى أن العرجان فنان فوتوغرافي، أقام معارض محلية ودولية، ويسعى لنشر ثقافة المسير وسياحة المغامرة، ويهتم بالتاريخ والتراث والأصالة، وأنجز كتاباً منذ عام حول «مسارات المسير والترحال في الأردن» باللغة العربية، وهو قيد الترجمة للإنجليزية، كما كتب 132 مقالاً عن سياحة المغامرة في صحف عربية وأجنبية، وعبر سيراً على الأقدام دولاً عدة، وبلغ قمماً، كان آخرها «ميرا بيك» في جبال الهيمالايا. وقدم 5 أبحاث علمية في مؤتمرات متخصصة، ولا ينقطع عن الترحال. يقول الرحالة، إن «كل محطة هي استعداد للتي تليها».

التخييم كان جزءاً من الرحلة (الشرق الأوسط)

واختار المغامر الأردني «درب البدو» لكونه «مساراً مخصصاً لعشاق المسير والترحال ومحبي الطبيعة ومغرمي الاستكشاف»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «يتميز هذا المسار بأنه خارج حدود المدنية، ومعزول تماماً عن شبكات الاتصال والضوضاء».

ويرى العرجان أن هذا الطريق ملهم للغاية، بسبب قيمته التاريخية الكبيرة؛ إذ يتقاطع مع الطريق النبطي التاريخي الذي كان يربط ما بين الحميمة والبترا في المملكة الأردنية الهاشمية، ومصر وشمال أفريقيا»، وتابع قائلاً: «هذا الدرب له قيمة حضارية، حيث يتقاطع مع (درب محمل الحج المصري البري) العابر إلى الديار المقدسة في المملكة العربية السعودية، وهي من الدروب التي هُجرت بعد اختراع السيارات، وتعبيد الطرق».

الرحالة الأردني يسعى لنشر ثقافة المسير وسياحة المغامرة (الشرق الأوسط)

وأردف: «يبدأ الدرب من (محمية طابا) مروراً بمحمية (نبق)، ووصولاً لمحمية (سانت كاترين) قرب خليج السويس بطول 200 كم، واستغرق المسير 9 أيام بمعدل مشي يومي 7 ساعات خلال فترة النهار».

وعَدَّ الرحالة الأردني الدرب واحداً من أجمل المناطق التي سافر إليها، وأكثرها إثارة، وعن ذلك يقول: «هذا الطريق متنوع بالمشاهد الطبيعية والتاريخية؛ ويمر بكثير من الأودية، والصدوع الصخرية التي لا تتجاوز ممراتها المتر الواحد، وهي عوائق مثيرة للمغامرة، وتتطلب تعاون الفريق لاجتيازها؛ الأمر الذي يعطي متعة فريدة أثناء المسير».

الدرب متنوع بالمشاهد البيئية والطبيعية والتاريخية (الشرق الأوسط)

وأضاف: «تطلبت الرحلة اجتياز كثبان رملية ساحرة تسرق الألباب، وكان لكل مرحلة جمال يميزها، خصوصاً بين الجبال متعددة الألوان؛ بسبب خامات المعادن والأملاح التي تتكون منها، وقمنا بتوثيق كل ذلك بأجمل الصور».

شارك العرجان تأملاته حول مغامرة المشي في الطريق المصري، وتجربته في توثيق رحلته فريق مكون من 9 أفراد، من تنظيم وإدارة «آي كامب»، خضعوا لتدريب خاص للسير في البادية، والتكيف مع الظروف الصحراوية، في جنوب المملكة الأردنية؛ لتشابه البيئة مع مسارهم في سيناء، ويقول: «كنا فريقاً متجانساً في القدرة والإعداد، وتبادلنا الخبرات والمعرفة».

استكشاف المسار والتوثيق له بتدوين المعلومات والتصوير الفوتوغرافي (الشرق الأوسط)

الفريق مر في طريقه على مناطق يسكنها أبناء العشائر البدوية، وعن تلك المرحلة يقول العرجان: «رحب بنا أبناء هذه العشائر بحفاوة، وقد جمعتنا بهم محبة الطبيعة، وحس الاكتشاف، وعيش التجربة»، وتابع: «كانوا عنصراً أساسياً لنجاح الرحلة، وهم العارفون بغياهب البادية، وقصص المكان، وما فيه من طبيعة وكيفية استغلالها». وأوضح: «عرفت منهم كثيراً عن فوائد النباتات البرية، والتعامل مع العزلة، وحياة الخلاء، وطريقة التكيف معها».

الرحّالة الأردني حرص على التقاط صور في مختلف أنحاء الدرب ( الشرق الأوسط)

وعن مشاعره خلال الرحلة يقول: «لمست عمق الروابط بين الأردن ومصر: اللغة، العروبة، والعلاقة الأخوية المتينة بين الدولتين الشقيقتين»، وأضاف: «في الطريق، كنت أرفع العلم الأردني بفخر في كل موقع أصل إليه، وكان مثبتاً أيضاً على حقيبة ملابسي»، وتابع: «في رحلاتي، أحرص على حمل رسالة وطنية تعريفية، ودعوة لزيارة الأردن، والتعرف على مساراته الطبيعية والتاريخية، وهذه المرة، اخترت الترويج لمنطقة (الحميمة)، ذات الخصوصية المشتركة مع هذا المسار؛ فقد كانت ملتقًى لطرق القوافل عبر التاريخ، أثناء مرورها بين مصر وشمال أفريقيا والعاصمة النبطية البترا).

الرحلة توثق جمال المكان (الشرق الأوسط)

تجدر الإشارة إلى أن العرجان يعكف الآن على تدوين كتابه التالي في الترحال الدولي، وسيتضمن تفاصيل رحلته في «درب البدو»، مشفوعاً بصور التقطها بعدسته، فضلاً عن تضمينه مشروعه الثقافي المستمر، وهو إعداد موسوعة عربية للترحال.


مقالات ذات صلة

فنادق «ماينور» ترسم ملامح مستقبل الضيافة بالمنطقة

عالم الاعمال فنادق «ماينور» ترسم ملامح مستقبل الضيافة بالمنطقة

فنادق «ماينور» ترسم ملامح مستقبل الضيافة بالمنطقة

تشهد صناعة الضيافة في المنطقة تحوّلاً نوعياً تقوده مجموعة «ماينور» للفنادق عبر علامتها «أنانتارا» التي تتبنى استراتيجية جديدة تُعيد تعريف مفاهيم التوسع.

سفر وسياحة بسكنتا من المصايف الجميلة في لبنان (فيسبوك)

دليلك إلى وجهات سياحية سكنها أهم أدباء لبنان

يزخر لبنان بمواقع سياحية مشهورة ، من بينها منطقة الروشة وقلعة بعلبك سيدة لبنان (حريصا) والبترون وجبيل وغيرها

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة المفاصلة بالسعر خلال السفر مهم جدا خاصة في الاسواق الشعبية (نيويورك تايمز)

كيف تساوم حين لا يكون هناك سعر محدد؟

عندما تشتري شيئاً من السوبرماركت، عادة ما تدفع السعر المكتوب على البطاقة ـ وهذا أمر سهل.

رافين بريفوست (نيويورك)
الاقتصاد وزير السياحة السعودي متحدثاً في «منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي» (الشرق الأوسط)

الخطيب: بحلول 2030 ستصبح السياحة بأهمية النفط لاقتصاد السعودية

أكد وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، أن القطاع سيكون مساوياً للنفط في مساهمته بالناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق يُشكّل قلب بوينس آيرس (أ.ف.ب)

مصعد داخل مسلّة يفتح أفقاً بانورامياً في سماء بوينس آيرس

أصبحت ممكنة زيارة المسلّة الشهيرة في بوينس آيرس بواسطة مصعد يوفر إطلالة بانورامية على المدينة من هذا المَعْلم الذي يُشكِّل مكاناً للتجمّعات...

«الشرق الأوسط» (بوينوس آيرس)

«أسبوع هوليوود»... أبرز وجوه السينما العالمية على «الشرق الوثائقية»

تأخذ الأفلام المشاهدين في رحلة عميقة إلى الجانب الإنساني لشخصيات «هوليوود» بعيداً عن الأضواء (الشرق الوثائقية)
تأخذ الأفلام المشاهدين في رحلة عميقة إلى الجانب الإنساني لشخصيات «هوليوود» بعيداً عن الأضواء (الشرق الوثائقية)
TT

«أسبوع هوليوود»... أبرز وجوه السينما العالمية على «الشرق الوثائقية»

تأخذ الأفلام المشاهدين في رحلة عميقة إلى الجانب الإنساني لشخصيات «هوليوود» بعيداً عن الأضواء (الشرق الوثائقية)
تأخذ الأفلام المشاهدين في رحلة عميقة إلى الجانب الإنساني لشخصيات «هوليوود» بعيداً عن الأضواء (الشرق الوثائقية)

تطلق قناة «الشرق الوثائقية»، الاثنين المقبل، «أسبوع هوليوود»، بالتزامن مع مهرجان كان السينمائي، مُقدمة سلسلة أفلام تروي قصص نخبة من أبرز الشخصيات السينمائية العالمية، عبر بورتريهات تكشف عن تفاصيل حياتهم، بين محطات الانكسار والانتصار.

من مارلون براندو وروبرت دي نيرو إلى شارون ستون وكيت وينسلت، تأخذ الأفلام المشاهدين في رحلة عميقة إلى الجانب الإنساني لشخصيات «هوليوود» بعيداً عن الأضواء، حيث تُعرض هذه الأعمال لأول مرة مع ترجمة باللغة العربية، ابتداء من 19 مايو (أيار) الحالي.

ويتناول وثائقي «مارلون براندو» تجربة النجم في جزر تاهيتي في أثناء تصوير فيلم «ميوتني أون ذا باونتي» عام 1962، حيث قرر أن يجعل من جزيرة تيتياروا البولينيزية الفرنسية موطناً له ولعائلته، ويأخذ العمل المشاهدين في جولة عبرها، كاشفاً إرثه غير المعروف بصفته ناشطاً بيئياً.

ومن النجومية العالمية إلى تجارب الموت المفاجئة، يتتبع فيلم «شارون ستون» معاركها مع النظام الهوليوودي وصورتها العامة، مروراً بتجربتها مع السكتة الدماغية، مستعرضاً قصة صمود وسيطرة وإعادة تعريف الذات.

ويستعرض وثائقي «روبرت دي نيرو» أدواره الشهيرة وتعاونه مع كبار المخرجين مثل مارتن سكورسيزي وفرنسيس فورد كوبولا، مسلطاً الضوء على قدرته الفريدة في إظهار القوة من خلال الصمت والمراقبة.

«أسبوع هوليوود» يكشف عن تفاصيل حياة نخبة من أبرز الشخصيات السينمائية العالمية (الشرق الوثائقية)

ويكشف عمل «جاك ونيكولسون» جانبين من شخصية الأسطورة السينمائية – السحر الظاهر على الشاشة والجانب الغامض في الكواليس، من خلال أدواره المميزة وقصصه غير المروية، حيث يجمع نيكولسون بين الفوضى والجاذبية بحضور لا يُنسى.

ويُمثِّل وثائقي «كلينت إيستوود» رحلة استرجاعية لمسيرة الممثل والمخرج، وتأثيره على السينما من خلال مقابلات ومواد أرشيفية، ويستعرض مسيرته بوصفه رمزاً ثقافياً وأحد آخر الأسماء الكبيرة في هوليوود.

ويتتبع فيلم «كيت وينسلت» رحلة الأيقونة العصرية التي صنعت اسمها من «تيتانيك» إلى أدوارها التي حفرت في الذاكرة وحازت جوائز، مع تسليط الضوء على رؤيتها الفنية وشغفها بالقضايا الإنسانية.

ويستعرض عمل «ليوناردو دي كابريو» رحلته المهنية من نجم مراهق إلى ناشط بيئي ملتزم بقضايا المناخ، كاشفاً الوجه الآخر للشهرة والالتزام الاجتماعي.

وتفتح هذه الأفلام نافذة نادرة على حياة النجوم من أساطير السينما إلى رموز الثقافة بعيداً عن الأضواء، حيث تتقاطع الشهرة مع التحديات والتحوّلات الشخصية، ويُمكن مشاهدتها عبر منصة «الشرق NOW»، في أي وقت ومن أي مكان.