ودع نسور قرطاج منافسات مونديال قطر 2022 لكنهم سطروا تاريخاً جديداً للكرة التونسية بعد الفوز المثير على فرنسا «حاملة اللقب» 1 - 0 في مباراة لا تنسى قاتل خلالها ممثل الكرة العربية للتمسك بآخر آمال التأهل إلى الدور الثاني عن المجموعة الرابعة، لكنه اصطدم بفوز أسترالي مفاجئ على الدنمارك 1 - 0 ليصعد الأخير برفقة فرنسا إلى منافسات دور الـ16 من البطولة.
وسجل النجم المخضرم وقائد الفريق وهبي الخزري الهدف التاريخي بعد مجهود فردي عجزت الدفاعات الزرقاء عن التصدي له، ليهدي الكرة التونسية واحداً من أغلى الانتصارات في مسيرتها عبر التاريخ.
وبهذا الهدف التاريخي، تقاسم الخزري صدارة قائمة هدافي اللاعبين العرب التاريخيين في كأس العالم مع النجم السعودي المعتزل سامي الجابر، برصيد 3 أهداف لكل منهما.
وكان الخزري سجل هدفين في النسخة الماضية بكأس العالم التي أقيمت بروسيا عام 2018، وذلك في مرمى كل من بلجيكا وبنما.
وفي لقائه الـ18 في كأس العالم، حقق منتخب تونس، الذي شارك في كأس العالم للمرة السادسة في تاريخه، انتصاره الثالث في المونديال، مقابل 5 تعادلات و10 هزائم.
وكانت فرنسا تصدرت المجموعة برصيد 6 نقاط وبفارق الأهداف عن أستراليا «6 نقاط» وحلت تونس ثالثاً بأربع نقاط وأخيراً الدنمارك بنقطة وحيدة.
وكان المنتخب التونسي مطالباً بالفوز على فرنسا في انتظار نتيجة اللقاء الآخر بين أستراليا والدنمارك، من أجل الصعود للأدوار الإقصائية في المونديال للمرة الأولى في تاريخه.
وأحرز منتخب فرنسا هدفاً في الدقيقة الأخيرة من الوقت المحتسب بدلاً من الضائع عن طريق أنطوان غريزمان، لكن ألغاه حكم المباراة بداعي التسلل.
وأوقف منتخب تونس سلسلة عدم الخسارة لمنتخب فرنسا في كأس العالم، بعدما حافظ منتخب (الديوك) على سجله خالياً من الهزائم في مبارياته التسع الماضية بالمونديال. وتعود آخر خسارة لمنتخب فرنسا في كأس العالم قبل لقاء أمس إلى نسخة عام 2014 بالبرازيل، حينما خسر بالنتيجة ذاتها في دور الثمانية أمام منتخب ألمانيا، الذي شق طريقه بنجاح نحو التتويج باللقب آنذاك.
وأجرى ديدييه ديشان، المدير الفني لمنتخب فرنسا، العديد من التغييرات في القائمة الأساسية لفريقه، حيث أراح عدداً من النجوم قبل خوض غمار دور الـ16، بعدما حجز مقعداً في الأدوار الإقصائية منذ الجولة الماضية.
وسار جلال القادري، المدير الفني لمنتخب تونس، على النهج نفسه، حيث استعان بعدد من النجوم الذين لم يتواجدوا في القائمة الأساسية للفريق في الجولتين الماضيتين.
ودخل المنتخب التونسي بتشكيل مكون من: أيمن دحمان في حراسة المرمى، وياسين مرياح ونادر الغندري ومنتصر الطالبي ووجدي كشريدة وإلياس السخيري وعيسى العيدوني وعلي معلول وأنيس بن سليمان ومحمد علي بن رمضان ووهبي الخزري.
في المقابل، تواجد في قائمة فرنسا الأساسية كل من: ستيف مانداندا وأكسيل ديساسي ورافاييل فاران وإبراهيما كوناتي وادواردو كامافينجا وأوريلين تشواميني ويوسف فوفانا وجوردان فيرتو وكينجسلي كومان وراندال كولو مواني وماثيو جندوزي.
بدأت المباراة بهجوم من جانب المنتخب التونسي، الذي فرض سيطرته مبكراً على اللقاء، وحصل على أكثر من ركلة ركنية، قبل أن يحرز هدفاً عن طريق الغندري في الدقيقة الثامنة، لكن سرعان ما ألغاه حكم المباراة بداعي وقوعه في مصيدة التسلل. واصل منتخب تونس هجومه، وطالب الخزري بالحصول على ركلة جزاء في الدقيقة 13 بعد سقوطه داخل منطقة الجزاء، لكن الحكم أشار لاستمرار اللعب، فيما نفذ علي معلول ركلة حرة من الناحية اليمنى في الدقيقة التالية، ذهبت سهلة لأحضان مانداندا.
هدأ إيقاع المنتخب التونسي نسبياً، ليمنح الفرصة لنظيره الفرنسي لتهديد مرمى دحمان للمرة الأولى في الدقيقة 25 عبر تسديدة من داخل المنطقة لكينجسلي كومان، لكن الكرة مرت بجوار القائم الأيمن.
ورد منتخب تونس بهجمة في الدقيقة 29، انتهت بضربة رأس من العيدوني، ذهبت سهلة في يد مانداندا، أعقبها ركنيتان لم تسفرا عن أي جديد.
وأطلق الخزري قذيفة مدوية من خارج المنطقة في الدقيقة 34، لكن مانداندا تصدى للكرة بصعوبة بالغة، قبل أن يبعدها الدفاع لركنية لم تستغل.
وسدد الخزري كرة أخرى من خارج المنطقة في الدقيقة الثانية الأخيرة من الوقت المحتسب بدلاً من الضائع، لكنه ذهبت فوق العارضة، لينتهي الشوط الأول بالتعادل بدون أهداف.
حافظ منتخب تونس على نشاطه الهجومي مع بداية الشوط الثاني، وطلب الخزري بركلة جزاء في الدقيقة 47، لكن الحكم أشار لاستمرار اللعب، فيما سدد العيدوني من داخل المنطقة في الدقيقة 51، لكن الكرة علت العارضة بقليل.
وحملت الدقيقة 58 البشرى لمنتخب تونس بعدما أحرز الخزري هدفاً لمنتخب (نسور قرطاج).
واستخلص إلياس السخيري الكرة من يوسف فوفانا، لتصل الكرة إلى العيدوني الذي مرر الكرة للخزري، لينطلق بالكرة حتى وصل بها لمنطقة الجزاء، قبل أن يسدد بقدمه اليسرى، واضعاً الكرة على يسار مانداندا، الذي خرج من مرماه لملاقاته، وتعانق الشباك.
دفع القادري بعصام الجبالي بدلاً من الخزري في الدقيقة 60، ليرد ديشان بإجراء 3 تبديلات دفعة واحدة في الدقيقة 63 بنزول كيليان مبابي وأدريان رابيو وويليام ساليبا، بدلاً من فيرتو وكومان وفاران.
لم يبد منتخب فرنسا أي ردة فعل رغم التبديلات الثلاثة، حيث انحصر اللعب في منتصف الملعب وسط استحواذ متبادل على الكرة، ليجري ديشان تبديله الرابع في الدقيقة 73 بنزول أنطوان غريزمان بدلاً من فوفانا، ليرد المنتخب التونسي بتبديل في الدقيقة التالية بنزول غيلان الشعلالي بدلاً من بن رمضان.
وأجرى منتخب فرنسا تبديله الأخير بنزول عثمان ديمبلي بدلاً من جندوزي في الدقيقة 79. أسرع منتخب فرنسا من إيقاعه وحاصر منتخب تونس في وسط ملعبه، وسدد ديمبلي من خارج المنطقة في الدقيقة 81، غير أن الكرة ذهبت في منتصف المرمى، ليمسكها دحمان بسهولة.
ومرر ديمبلي كرة عرضية من الناحية اليمنى، قابلها رابيو بتسديدة مباشرة من داخل المنطقة في الدقيقة 84، لكن الكرة مرت إلى ركلة مرمى.
وأطلق مبابي قذيفة من داخل المنطقة في الدقيقة 88، كان لها دحمان بالمرصاد، قبل أن يسدد ديمبلي تصويبة أخرى من خارج المنطقة في الدقيقة 90، في يد دحمان.
وحصل منتخب فرنسا على ركلة حرة مباشرة في الدقيقة الثانية من الوقت المحتسب بدلاً من الضائع، لينفذ مبابي الركلة ويسددها في الحائط البشري.
وحملت الدقيقة الثامنة (الأخيرة) من الوقت الضائع كل شموع الإثارة، بعدما أحرز غريزمان هدفاً لفرنسا، لكن حكم المباراة قرر إلغاءه بداعي التسلل عقب لجوئه لتقنية حكم الفيديو المساعد (فار) لتنتهي المباراة بفوز تونس بهدف نظيف.
وفي ملعب الجنوب، وضع ماثيو ليكي المنتخب الأسترالي في الدور ثمن النهائي للمرة الثانية في تاريخه، وذلك بتسجيله هدف الفوز على الدنمارك 1 - صفر.
وسجل مهاجم ملبورن سيتي هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 60، ليمنح أبطال آسيا لعام 2015 بطاقة التأهل إلى ثمن النهائي للمرة الثانية بعد 2006 حين انتهى مشوارهم على يد إيطاليا (صفر - 1).
وتلعب أستراليا في ثمن النهائي ضد متصدر المجموعة الثالثة، فيما تلعب فرنسا مع ثاني هذه المجموعة التي تضم الأرجنتين وبولندا والسعودية والمكسيك.
وأجرى مدرب أستراليا غراهام آرنولد تعديلاً واحداً على التشكيلة التي فازت على تونس 1 - صفر في الجولة الثانية حيث أشرك ميلوش ديغينيك بدلاً من فران كاراتشيتش في مركز الظهير الأيمن.
وبعدما بدأ بكاسبر دولبرغ ضد تونس (سلبياً) ثم أندرياس كورنيليوس أمام فرنسا (1 - 2)، قرر المدرب الدنماركي كاسبر هيولماند التعديل مجدداً في الخط الأمامي بإشراك مارتن برايثوايت أساسياً.
ومع استمرار غياب سايمون كاير بسبب إصابة في الفخذ، حمل كريستيان إريكسن شارة القائد في تشكيلة شهدت ثلاثة تعديلات بالمجمل مقارنة مع المباراة ضد فرنسا.
وكانت نية الدنماركيين واضحة منذ البداية وهددوا مرمى الحارس ماثيو راين في أكثر من مناسبة إن كان عبر ماتياس ينسن أو أندرياس سكوف أولسن ويواكيم مايهلي لكن من دون نجاعة، ليبقى التعادل السلبي سيد الموقف حتى نهاية الشوط الأول.
وبدأت أستراليا الشوط الثاني بتسديدة لجاكسون إيرفاين علت مرمى كاسبر شمايكل بقليل (48)، ثم نجح أبطال آسيا لعام 2015 في هز الشباك الدنماركية من هجمة مرتدة وتمريرة من رايلي ماكغري إلى ماثيو ليكي الذي تلاعب بيواكيم مايهلي يساراً ويميناً قبل أن يسدد في الزاوية اليسرى الأرضية لمرمى شمايكل (60).
وحاول إريكسن ورفاقه العودة إلى اللقاء، فحاصروا الأستراليين في منطقتهم وحصلوا على بعض الفرص لكن من دون أن ينجحوا في ترجمتها، لتنتهي المواجهة بفوز أسترالي في ثاني مواجهة بين المنتخبين في النهائيات العالمية بعد مونديال روسيا 2018 حين تعادلا 1 - 1 في دور المجموعات أيضاً.